السودانيون في مسقط .. منهم.. وإليهم (صور)

Quote: لم اعرف فى حياتى مدرساً عاش ميسور الحال ، اللهم إلا قلة قليلة أرهقتها حياة الكفاف فانصرفت إلى ما لا يرضى الله ولا الضمير الحي، رغم انه - حتى هذا الوحل - ليس متاحاً في عالم التدريس بقدر يشجع على الانحراف !! فالمعلم يكدّ و يجدّ و يبذل عمراً بأكمله ثم يتبين له في نهاية المطاف انه لم يخرج من هذه المهنة إلا بنصح رشيد يهديه لعياله:إياكم والتدريس فهو مجلبة للفقر و التعاسة. في أحد أيام الوييك إند في العام 1992، تحرك معلم شديد البؤس بسيارته الكركعوبة من إحدى مدن عمان إلى عاصمتها مسقط في زيارة لأحد أصدقائه هناك. وفي الطريق وجد أحد الأجانب (تبين لاحقاً أنه بريطاني)، وقد تعطلت سيارته فركنها على جانب لطريق و رفع غطاء محركها، ووقف في حيرة عظيمة يبحلق في وجوه سائقي السيارات العابرة لعله يجد من بينهم من يدله على من يستطيع التعرف على الخلل وإصلاحه. في هذه اللحظة تحديداً ، وصل صاحبنا المعلم (الله) إلى ذلك المكان وبدافع من حبنا الممزوج بالعتاب لإخوتنا البريطانيين، سأل الخواجة عن الحاصل فقال له كيت و كيت و كيت. حياة الفقر،عادةً، تعلمك العديد من ما يطلق عليه في التعليم الحديث (المهارات الحياتية) والتي لا يشغل بها ميسورو الحال أنفسهم بمقدار خردلة... إصلاح مواسير الماء، وأعطال الكهرباء، وتسليك مجارى المياه الكابسة...الخ. ألقى صاحبنا نظرة إلى منطقة محرك السيارة وراح يهبّش هنا و هناك، ثم ذهب إلى سيارته وعاد بصندوق العِدة، و بمهارة الميكانيكى الحاذق ، أصلح الخلل في دقائق معدودات و أدار المحرك فإذا بها تشتغل تَش!! وراح الخواجة يشكره على ما قام به والرجل يلملم مفكاته ومفاتيحة. وعندما فرغ من ذلك قال له الخواجة وهو يسحب من جيبه حافظة نقود أشبه بتلك التي قال فيها احد السودانيين المولعين بالرشوة(عامل جيبك الكبير دا)!!: أها داير كم؟ وهنا انتفض الرجل كمن لسعته كوبرا و قال للخواجة و عيناه تقدح شرراً من الغضب و بلغة انجليزية رصينة: You are insulting me !! و لا عجب ن فقد كان الرجل مدرس لغة انجليزية ومن ذلك الصنف الذي درس كل مواد المرحلة الثانوية بلغة الخواجات. سأله الخواجة: كيف انصلتلتك يا هذا؟ قال: ياخ انت زول مقطوع فى الشارع، وانا بعرف حبة ميكانيكا ساعدت في المسالة دي، ودا تعامل عادى بين الناس وما محتاجة لي انك تبوظا بالصورة دى. ساله الخواجة: ماذا تعمل؟ قال :مدرس. قال الخواجة: نحن شركة جديدة وبنفتش لي ناس يشتغلوا معانا، وانت لغتك جيدة و ممكن تساعدنا في حاجات كتيرة جداً. قال الغلبان: ياريت، لكن الجهة البشتغل فيها ما بتسمح لي انتقل لمكان آخر. قال ليه ياخي دي ممكن نلقى ليها طريقة، انت بس جيب أوراقك و تعال لي في المكان الفلاني أي وكت ويحصل خير. الذي حدث بعد ذلك هو أن صاحبنا أخذ أوراقه و ذهب للخواجة الذي استقبله بحفاوة واحتفاء فارهين، و بعد أسبوع واحد، كان أخونا قد تسلم رسالة نقل كفالة للشركة بصورة استثنائية وبدا عمله في الشركة، ليفاجا، فى نهاية الشهر، براتب يعادل راتبه البائس ذاك مضروباً في خمسة !! تقول لى شطارة ؟؟!!