مواضيع توثقية متميزة

التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 05:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2006, 05:55 AM

Abuelgassim Gor
<aAbuelgassim Gor
تاريخ التسجيل: 10-28-2006
مجموع المشاركات: 4630

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006

    التاريخ السياسى والثقافى لمعهد الموسيقى والمسرح
    مذكرات بقارى من التور الى الكمبيو تور
    1982-2006م


    url=http://www.sudaneseonline.com/][/url]
    الفصل الأول
    1982- 1988
    مقدمة الكاتب :
    بسم الله الرحمن الرحيم، الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، به بداية الأكوان واليه نهاية الأنسان. هذه مذكرات عبد فقير لربه، مسكين لا حول له ولا قوة فى هذه الدنيا الفانية، والحياة الزائلة ، تخامشته السنون ، غرب تارة وشرق تارة أخرى ، واعتورته من سوالف الزمان أمور كثيره، فكان ليس له هاديا غير نية سليمه ، وقلب أبيض ، وحب للسلام مع كافة أنواع الحياة من أكوان وعوالم و أقوام وحيوان . رأي من أشياء هذا الزمان وأموره حتى ظن فى قرارة نفسه أنه شخصية تريسياس فى مسرحية أوديب ملكا للكاتب اليونانى سوفوكل . ثم صمت عنها حتى كاد أن يصير بوذيا أو تحجرت عيناه
    ميدوزيا.ثم انه ولقد كثر الكلام حول هذا الموضوع ، وتناقلته الالسن بين أصقاع البسيطة، قلت لابد من جلي أمره شكلا و مضمونا وسبر غوره فكرا وتاريخا و نثر درره ، وسرد مايمكن أستدراكه منه واستذاكره وان تقادمت عليه السنون، مستدعيا صورا وأحداثا وخواطر يرجع بعضها لنحو ربع قرن من الزمان ونيف. فهى شهادتى لله والوطن أضعها كاملة أمامكم فى هذا الفضاء الاثيرى السبرنى online ، ولكم كل الحق ، والتمتع بكافة نواياكم فيما تكتبون عنها من نقد أوذم أوتبخيسس ، أوتصويب . ما أنا الا بشر مثل كافة أنواع الناس ونمط من أنماطهم ، وأمزجتهم ، أخطأ وأتوب عن أخطائى ،ثم أغالط وأنافح عن أفكارى فان كانت على رشد وصواب واصلت فى أمرها غير مغتر أو متباهيا بذلك،أمااذا ما جاءت خاطئة ، وظهر لى ناصح من الناصحين تبعته دون ذلل أو انكسسار فالحق أبلج والباطل لجلج. تقع مذكراتى السبرنبة هذه فى ثلاث فصول كاملات و مراحل ، المرحلة الأولى 1982-1988م والمرحلة الثانية 1991 -1995- والمرحلة الثالثة 1997م-2006م. وهى كلها مراحل هامة ومفصلية فى التاريخ السياسى والثقافى لمعهد الموسيقى والمسرح وعلاقته بالتطور السياسى والاقتصادى والاجتماعى لتاريخ السودان فى تلك الفترة. مذكراتى السبرنية هذه بهاأسقاط لتاريخى الشخصى وتداعى، وسيرتى الذاتية وتحولاتها وتطوراتها وانتكاساته أطلقت عليها التعبير ( مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور) والعنوان به رمزية لتطورى ونحولى من حياة ريفية بسيطة تنتمى الى حياة البقارة الى مرحلة من مراحل التمدن السبرنى .والعذر مقدما اذا ما تم ذكر أسماء بعض الاشخاص أو سقط اسم أحدهم سهوا، أو الاشارة لهم برموز أو أحرف ، فكما تعلمون - متعكم ألله بالصحة والعافية - ان التاريخ لا يمكن كتابته بدون ذكر الوقائع ، والأحداث ، أما الوقائع فهى شواهد على العصر وقد تبدو شواهد حسية أو معنوية .الحسى منها منقول وموضوع ، والمعنوى منها مستدرك ومستحدس به تحليل ونظر. هذا الأخير اذا ما عمل عليه عقلا وتدبرا واستشراف المستقبل وقع فى باب فلسفة التاريخ والله أعلم .....

    (1) .
    فى عام 1982تم قبولى عبر مكتب القبول الموحد بالسودان طالبا فى قسم المسرح بمعهد الموسيقى والمسرح بالعمارات شارع 57 وشارع 59 و ثم تم تسكينى بداخلية المعهد بمحطة سبعة شارع الصحافة الطابق الثانى الشقة 3. ليس فى جعبتى شيئا من تاريخ المسرح فى السودان ( غير التماثيل) وليالى السمر و شذرات من الأدب الأنجليزى والفلسفة و قليل من أمور دينى تعيننى على عبادة ربى. بالطبع لم يكن ذلك خبر سهل الوقوع على أسرتى التى كافحت من أجل ابنها ليكون دكتورا ( طبيبا) أو ( مهندسا) أو ظابطا اذا به ينتهى الى دراسة المسرح والفنون. لكل ذلك اسمح لى عزيزى القاريئ الكريم لأعطيك نبذة عن حياتى ونشاتى لما لها من دور هام فى رؤيتى ومذكراتى السبرنية هذه. أنا من أبناء غرب السودان ولدت فى العقد السادس من القرن الماضى فى عام 1961 بقرية صغيرة وادعة اسمها التبون، تغوص غطاطيها فى الرمال فتحسبها ودعة بيضاء. . محطة قطار تقع على طول خط السكك الحديدية التى تربط غرب السودان التليد بشرقه الشامخ. خط الخرطوم – نيالا أحد أطول خطوط السكك الحديدية فى أفريقيا. لكن للا سف الشديد لم تهتم الحكومات المتتالية بتطوير هذا الخط الهام حتى اذا جاءت الانقاذ تم تدميره دمارا شاملا فى اطار خصخصة السكة حديد فانقطع غرب السودان عن سرقه ( دار صباح) ففقد الغرب السلم بعد أن تباعدت بينهم أسباب الاتصال. لعبت سكك حديد السودان دورا كبيرا فى ربط أجزاء هذا الوطن الشاسع ذو البيئة المتنوعة، من وديان، وسهول وهضاب وتلال. أيضا كان لهذه السكك الحديدية دورا كبيرا فى نقل أسباب الحضارة والفكر ، فالناس يتثاقفون ويستأنسون بعضهم عبر وسائل اتصالاتهم.لقد كان لقطار الخرطوم- نيالا دورا كبيرا فى حياتى،ليس هناك مشهدا وقع فى خلائجى موقعا باهرا مثل روعة رؤيتى للقطار أول مرة. يشق القطار البخار قلب قريتنا كل يوم أحد قادما من الشرق – دار صباح- ثم يمكث بضع دقائق هن كافيات لنرى أسباب الحضارة ، والرقى من كهرباء وبشر من مختلف البقاع.كنت ساعى بريد والدى الذى عليه رحمة الله الذى ربطته علاقات وطيدة بعدد من الأصدقاء والاسر الكريمه بالخرطوم ، منهم أمثال العالم اسحاق الخليفة محمد شريف ، و السيد حكمدار عام بوليس السودان حينها هاشم عز العرب ، والسيد أبو سنينه (هذه تذكرة الى من تعرف على مذكراتى هذه من أبنائهم أو أحفادهم). كانت الرسائل تأتى بطريقة راتبة بالبوستة فى الدرجة الأخيرة. لقد حدثنا التاريخ بان شق الطرق وتعبيدها أحد عوامل التنمية والسلم فى هذا الوطن المترامى الأطراف الذى تبلغ مساحته مليون ميل مربع. والدى عليه رحمة الله اسمه ( رحمة) وهو اسم على جده والد أمه وتدعى (مكه) لكنه عرف حتى وفاته فى عام 1975 بكنيته (قور) ، ويرجع أصل الكنية الى المدح والمشكار لدى عرب البقاره المسيرية ، فالناس فى تلك البقاع من السودان يطلقون على الشخص الفارع الطول ذو البسطة فى الجسد لقب ( أبوقور) فصار هكذا حتى انتقل الى جوار ربه عام 1975م.لقد كان لفقدى والدى وأنا فى سن الخمشة عسر أثر كبير ... ورث والدى من أبيه حامد ولد أبو فاطمة خير كثير ومال وفير.أما جدنا حامد ولد أبوفاطمه 1875 -– م 1926 قد لقى حتفه شهيدا بعد تعذيب من قبل المستعمر الانجليزى اثر اتهامه بالاتجار فى الرقيق والعبيد. أما جدى الأكبر هو الفقير ( الفقيه) الشريف الفيرانى محمد أبوفاطمة 1803- 1878م من فقهاء الدين وعلمائه سليل هجرات عربية شأن كل عرب الغرب الذين يعرفون باسم العطاواة من مسيرية ورزيقات وتعايشة. جدى الفقيه محمد أبوفاطمه من الفقهاء الذين لم يصدقوا دعوة الامام المهدى ، عندما بدأت المهدية منشوراتها واستقطابها لعرب الغرب ، سار جدى محمد أبوفاطمه نحو جنوب السودان ( نحو الطين) حيث منطقة (عديره) جنوب غرب (أبيى) ، ويقول الرواة انه أعطى من العلم قدرا أستطاع أن يحمى ويحصن به ذريته من غزو الجهدية اتباع المهدى ، فظلوا يبحثون عنه بين الأدغال لقتله بلا طائل . كلما أقتربوا من دياره تحولت البيوت الى ( قناطير) جمع ( قنطور) وهو تل من التراب المتماسك الصلد. المهم فى الأمر قد ورث والدى عن ابيه مال وعتاد وسلاح ورجال لكنه لم يغفر للانجليز جريمتهم الشنعاء واعتيالهم لأبيه، فقرر التمرد بما معه من رجال وعتاد وسلاح حتى عرف عنه حبه للصيد، والحياة وسط الأدغال ، ثم صار مضربا للامثال فى دقة التصويب والنيشان فى ديار المسيريه كقولهم ( بذيك برصاصة قور أبو حامد تقالب فسوك).أخبرنى الأستاذ عبد الله الحريكة شطه وهو من جيل التربيويين النادرين بديار المسيرية ، أن الأنجليز كانوا قد أصيبوا بعقدة الذنب جراء جريمتهم باغتيال جدى فتوسلوا لوالدى مقدمين له خيارات كثيرة من نظارة أو مشيخة أو عمودية ، وشؤون حكم فى القبيلة لكنه رفض ذلك فقضوا البصر عن نشاطه.حدثنى والدى رحمة الله عليه انه ذات مرة أسستقبل أحد المفتشين الأنجليز فى معسكره فأكرمه ثم خرج معه للصيد لكن قد خاب ظن والدى عندما لم يستطع (الخواجه) اصابة هدف واحد.
    فى عام 1959 أستقر والدى بقرية التبون ، ثم أعتكف متصوفا على نهج الطريقة التجانية. فى هذه البيئة جئت الى الحياة ، وعند الخامسة من عمرى بدأت فى تلاوة أوراد الطريقة التجانية بدية بمتن الأخضرى والعشماوى ، وورد حزب السيف دعاء سيدنا على ابن أبى طالب كرم الله وجهه ، وما أن بلغت السادسة حتى وجدت نفسى أطالع كتاب ( مختصر خليل فى فقه الامام مالك) . كانت قريتنا صغيرة وحميمه ، دافئة كنت أحسها كل العالم. توجد شفخانة ، وبيطرى ، ومحطة قطار ، ومدرسة أولية للأولاد وأخرى للبنات. جمعت كافة الاجناس من عرب مسيرية ومعاليا وبرقو ، ودينكا ، وجلابة . تلقيت تعليمى الأولى بمدرسة التبون الأولية ( الابتدائية ) ، حيث برزت مواهبى ونشاطى وحظيت بعناية اساتذة أجلاء مثل أستاذى معالى مستور ، وأستاذى ابراهيم محمد ضحوى ، واستاذى التجانى محمد زين ، واستاذى أحمد فرح ، واستاذى عبد الرحمن الرهيد زرعوا فينا الأدب ، وشجعوا مواهبنا فى المسرح ، وغناء ورياضة ، وليالى سمر. فى عام 1974 تم قبولى بمدرسة الفولة المتوسطة فصل أبيى ، وكانت تسمى الفولة الأميرية ، كان العقل مثل الموس ، انصراف كامل للثقافة ، والجمعية الأدبية . . كنت نهما فى القراءه ، الشيئ الذى لفت نظر اساتذتى بالمدرسة المتوسطة ، لم أكن من المتفوقين أكاديميا ذلك لأننى لم أعتنى بهذا الجانب ، لكنى من المتفوقين ثقافيا، كنت أقرأ كتب الأدب الانجليزى ، والفلسفة ، وطه حسين . ثم مدرسة كادقلى الثانوية ( تلو) وبها زاد اطلاعى ، كانت هناك مكتبة نادرة أقضى بها أوقاتى ، فبانت ملامحى الحقيقية حيث كنت صريحا مع نفسى، فبرزت ميولى للآداب والفلسفة الغريب فى الأمر اننى كنت أكره الرياضيات وأميل للجانب الفلسفى فى علم الطبيعة ، فأعددت نفسى وهيئتها لدراسة الفلسفة والفنون والآداب. الحمدالله رب العالمين قد انعم الله على فدرست فن المسرح بمعهد الموسيقى والمسرح 1982 م والفلسفة بجامعة الخرطوم 1995-2000م فى مرحلة الدراسات العلي. ثم أكرمنى سبحانه وتعالى بزيارة جامعات عديده فى مشارق الأرض ومغاربها محاضرا تارة ومتتلمذا تارة أخرى . . . وكنت كل مرة ، أزداد جوعا للمعرفة حاملا معى دندناتى من أوردتى فقيرا تجانيا ، مسكينا ، باحثا فى فلسفة السلم والدارما ، ومنقبا عن مقاصد البشرية وسر عهنها وضغائنها الدفينه. . . فالانسان هو محور الفلسفة وهو كائن غريب ومجهول ، لقد كرمه الله بعقله فقط فدون عقله لا يسوى شيئا ، فالثور أكبر منه بطنا ، والفيل أضخم منه جسدا ، والحصان أشد منه قوة ، وأخس العصافير أقوى منه على المسافده . . . فعجبت لأمر الانسان وهو ينسى عقله ليصبح أدنى أنواع الحيوان !!!!. لكل ذلك عزيزى القاريئ رأيت أن اسطر هذه المذكرات عن أهم فترة فى حياتى
    (2)
    لقد خاب ظنى وتبخرت آمالى عندما شاهدت مبانى معهد الموسيقى والمسرح لأول مرة فى ذلك اليوم من ايام أبريل عام 1982 م . كان المبنى عبارة عن منزلين بالعمارارت ، أحدهما للمسرح بشارع 57 والثانى للموسيقى بشارع 59 . لم تكن هناك قاعات بالمعنى المتعارف عليه فى الجامعات أو قل كثيرا ما قارنت بين مدرسة كادوقلى الثانوية ( تلو ) وبين مبانى المعهد. هناك غرف صغيرة غير مهيئة، كما كانت هناك كفتيريا صغيرة جدا بسقف وأعمده يشرف عليها شخص يبدو انه هام للغاية أسمه الغالى رحمة الله عليه ، لقد دارت الايام فاصيب الغالى بمرض السكر فسعى أهل الخير لعلاجه لكن كان السكر عال فمات عليه رحمة الله عام2004م. يوجد مسرح خشبى على الهواء الحر بقسم الدراما، وبقالة بالجانب الشمالى لمبنى قسم المسرح أمامها كوم من الرمل. فى حقيقة الأمر وبكل صدق اننى لم أكن سعيدا بهذا المبنى. بل لم أكن سعيدا بمجتمع المعهد باديئ الأمر. لكل ذلك عندما أشاهد اليوم استاذنا عبد الحكيم الطاهر جالسا على مكتبه الوثير وأمامه أحدث أنواع الكمبيوترات، وأرى طلاب كلية الموسيقى والدراما ( معهد الموسيقى والدراما ) سابقا يجلسون على البنشات تحت الاشجار الوارفة ، على المسطحات الخضراء أحس بالقبطة وأقول الحمد الله ما العافية الا درجات متباعدات متفاوتات ان اصابنك فجأة لأختل أمرك. بالفعل لقد تغير الشكل الى الأفضل وانحدر المضمون الى الاسوء ، لكن لابد من معرفة الاسباب وراء ذلك ، واعمال المناهج العلمية والتعاون لمداركة الوضع حتى لا ينقلب الوضع راسا على عقب من مضمون بلا شكل الى شكل بلا مضمون. فما أكثر الاشكال الفارغه فى زماننا هذا الذى صار فيه الناس عبدة للبهرج والقشور وأشد بعدا عن اللباب. بالفعل قد تخلى فى الفترة 1989-2006 أهم اساتذة هذا الصرح عنه تحت ظروف ضاغطة متعددة مثل استاذ النقد المسرحى الدكتور عز الدين هلالى ، وأستاذ التمثيل والتكوين الدرامى السنى دفع الله ، ,استاذ التمثيل والدراسة والتحليل هاشم صديق ، و الدكتور الطاهر حسين أستاذ النقد والمتخصص فى الشاعر الالمانى برتولد بريشت ، والدكتور محمد فتحى متولى أستاذ النقد المسرحى هذا فى قسم المسرح أما قسم الموسيقى لقد فقد كوادر وعلماء مثل الدكتور الموصلى ، و الدكتور صلاح , وآخرين كثر ، كثر.
    لم أكن سعيدا بالنظام العام لداخلية معهد الموسيقى والمسرح التى كانت تعج بالحرية المطلقة حيث تصادمت مع بنيتى القروية ، الدينية المحافظة ، فأنطويت على نفسى فترة طويله، ابحث عن رفيق ، أو صديق مؤانسا فى تلك الوحده والوحشه. لقد كنت صادقا مع نفسى من حيث البقاء والمواصلة فى دراسة فن المسرح أم التولى والانقطاع . ثم علمت أن القبول بمعهد الموسيقى والمسرح يعنى الانقطاع التام الى فن المسرح وهو شيئ زادنى حزنا حيث مر عام كامل لم أتمكن فيه من العودة الى قريتى الدافئة ، وأسرتى وأكتاف أعمامى وأعمامى ، وخالتى و أخوالى نحن أسرة قروية متماسكه مترايطة ممتده، فأحسست أننى أشبه بشجرة قد تم بترها من بيئتها. كنت قد انصرفت الى القراءة والعزلة فى العام. توجد مكتبة عجيبة صغيرة لكنها ثرة تشمل على معظم مراجع أضرب الفنون والآداب ،والفلسفة وعلم النفس والنقد الأدبى والنقد المسرحى. لقد مكنتنى معرفتى باللغة الانجليزية من قراءة كافة المراجع بالعربية والانجليزية. ليس لدى نشاط أو أنيس غير تلك المراجع ، لدرجة اننى كثيرا ما أجد مرجعا نادرا لم يسبق أن فتحه قاريئ ، كنت أقارن بين ( أوديب ملكا ) باللغة العربية و النسخة الانجليزية. ثم أتساءل عن النقد المسرحى باللغة الانجليزية Drama /Theatre Criticism. لقد بدأت تساؤلاتى حول علاقة المسرح Theatre بالآداب العربية والأفريقية باكرا . هكذا نمت بذرة الشك المسرحى فى داخلى ، ولما كان الصمت مطبقا تجاه هذا السؤال سؤال دراسة المسرح الغربى باللغة العربية!!!، بدأت أحس أن عدم شفافية أكاديمية قد تم التواضع عليها بهذه المؤسسة . اذ لا يمكن تدريس كل شكسبير وسفكليس ، وابسن و صمويل بيكيت باللغة العربية ، بينما لا يتعرف على شيئ عن الجاحظ ، أو المعرى ، أو ابن قتيبة ، أو طه حسين .لا يوجد من هؤلاء فى منهج معهد الموسيقى والمسرح. تلك كانت نقطة اختلافى وشكى فى منهج معهدج الموسيقى والمسرح، وهو أختلاف ظل قائما الى يومنا هذا تسبب لى كثير مشاكل وخصومات ، نذرت نفسى لها ، اذ لابد أن يأتى يوم يحق فيه الحق .لا زلت كبير عشم فى يناقش هذا الأمر بين استذة المعهد سابق والكلية اليوم .... فالمسأله العلمية مثل الشوكه . . . والشوكة لا يمكن اخراجها الا من ذات الثقب أو كما قال المثل البقار الذى يقول ( الشوكه بسلوها بدربها).
    هناك نظام واحد وجدت فيه متنفسا وترويحا وهو الحرية الفكرية التى امتاز بها معهد الموسيقى والمسرح ، كان ذلك مناخ فريد ، ونادر فى تلك الفترة التى أحكمت فيها سلطة مايو يدها على عقول البشر. كانت حركة الفكر فى معهد الموسيقى والمسرح تحظى بحرية لدرجة كثير ما أصبح المعهد متنفسا لندوات السياسين والمفكرين. أما التيارات الغالبة فى الفترة 1982 – 1984 م بمعهد الموسيقى والمسرح هما تيار فوضوى ( الفن من أجل الفن ) وتيار ( الجبهة الديمقراطية ) .كان هناك من الطلاب من هم أعضاء فى الحزب الشيوعى السودانى لعبوا دورا كبيرا فى اثراء الحوار بعيدا عن العنف مثل الاستاذ عبد الجبار عبد الله والاستاذ خالد عبد الله و آخرين . أما تيار الاسلاميين لم يكن له وجود واضح . فكانت طبيعة الصراع غير متمايزة فتبدو الجبهة الديمقراطية فى كثير من الأحيان مثل الشخص الذى يدير حوارا مع ذاته...تلك حالة عير صحية. فمجموعة الفنانين فى تكتلاتهم مثل ( الكفنجيه) كانت تنظر الى أى نشاط شياسى كشيئ غريب على جبلة الفنان وسجيته.
    لعب معهد الموسيقى والمسرح دورا كبيرا فى الحراك الاجتماعى / الثقافى والخطاب السياسى بالسودان فى الفترة من عام 1982- 1988 وهى فترة هامة فى تاريخ الحركة السياسية بالسودان. فترة مفصلية جمعت بين مقاومة وأسقاط نظام مايو ثم قيام حكومة ديمقراطية بعد ستة عشر عام من الحكم العسكرى ثم انتهت بانقلاب 1989 م ، فانتقل مشكل الدولة السودانية كلها الى خانة جديده محليا ودولي.هذه الفترة 1982-1988 وهى فترة دراستى بمعهد الموسيقى والمسرح يمثل معهد الموسيقى نقطة فارقة فى تطور منظومة علاقة الفن بالايدلوجيا والمثقف والسلطة وهى ذات القضاياالتى لم تجد حظها لدى المؤسسة السياسية المقموعة مايويا حينها ، لكنها صارت مطية السلطة وقتها. لقد اتسم الحوار والحراك السياسى فى معهد الموسيقى و المسرح بالطبيعة السلمية والمطارحة الفكرية ،التى لم تشوبها شوائب العنق أوصفات التعصب والتشنجات التى اتسمت بها بقية المؤسسات التعليمية فى السودان مثل جامعة الخرطوم ، جامعة القاهرة - فرع الخرطوم (وقتئذ) وبقية معاهد التعليم العالى. فى عام 1983 بدأت كيميائى الجسدية القروية فى التأقلم والفسلجه ايجابيا على ذلك المناخ ثم سرت فى جسدى حالة التطبيع بصورة طبيعية غير مخلة. فبدأت أشق طريقى وسط مجتمع المعهد بتؤده، باحثا عن ذاتى . . . لقد كنت صادقا مع ذاتى. هذا أمر غير متوفر لدى بقية المؤسسات التعليمية المشابهة.فطالب معهد الموسيقى والمسرح ملزم كونه مبدع ومطالب بابراز شخصيته واكتشاف ذاته الابداعية.الحقيقة تقال هذا ما نجح فيه أساتذتنا الذين ظلوا يشجعون الطلاب على تكوين شخصياتهم الفنية وأن يعيشوها كيفما كانت.لعل ذلك يرجع الى منهج دراسة الفنون فهو ليس شبيه بمناهج الدراسات الامبريقية والتطبيقية فى العلوم البحته الأخرى كالكيمياء والعلوم والطب والهندسة والرياضيات كما تختلف كثيرا عن دراسة العلوم الاجتماعية والدراسات الانسانية الأخرى مثل علم الاجتماع ، والأنثروبلوجيا أو علم النفس والفلسفة ، فدراسة الفنون تعنى معرفة كل أضرب هذه العلوم فى اطار موضوعى ثم هضمها هضما غير معسرا ليستبين الذاتى منها وهو الفن ... شخصية الفنان شخصية استثنائية مركبه. ولما كان المسرح هو ابو الفنون كما هو متعارف عليه قولا تبدو المسألة أكثر تعقيدا. بدأت رحلة اكتشاف ذاتى ، فمررت (اسكانيا) بتكوينى ونشأتى الصوفية المتدينة الفكرية لأجد صيغة وملمح شخصية الفنان فى ذاتى تدريجيا ، فبدأت ميولى أمام أساتذتى مقنعة حيث تم تشعيبى طالبا للنقد والدراسات المسرحية. كنت سعيدا بذلك ، وحمدت الله اننى نجحت فى السنوات الأولى والثانية قبل التشعيب فى مواد كنت قد وجدت فيها عنتاوحرجا نفسيا. فرغم انفتاحى الواضح الذى يلحظه أصدقائى اليوم لكننى فى قرارة نفسى شخص خجول تجاه قضايا البنية الفوقية من أخلاق وقيم . . لم أكن اتمتع بثقافة اختلاط مع الجنس اللطيف ، وعندما تأكد لى من أول محاضرة لمادة التمثيل العملى أننى مطالب بالتعامل مع زميلتى الطالبة بصورة طبيعية فوجدت صعوبة فى ذلك الامر حرج فيزيقي وحرج نفسى. أنا ابن قرية أقض البصر حياءا عن بنات حلتنا وهن يحملن جرار الماء عائدات عند المساء ، أو واردات وأتنحى لهن عن الطريق ، واذا ما بادرتنى أحداهن السلام طار قلبى ا فأرد بايحاء وحياء ورمزيه. أما فى حالة الوغى أسد جسور ، (مقنع كاشفات)، بينما تستدعى مادة التمثيل ومناهجها أن أرقص ، وأقوم بتمارين فيزيقية مع زميلتى . . . كنت مكسوفا وحذرا . .فهى مسألة لم يجد فيها بقية زملائى من ابناء البندر غرابة. . كنت أنظر الى زميلى فيصل أحمد سعد وهو يقوم بأداء لعبة (الابرة والدبوس ) مع أحد الزميلات وأنا أرتجف وأرتعش خوفا تلك مسألة بالنسبة لى مختلفة تماما فخفت أن أرسب فى مادة التمثيل ، والرسوب فى تلك المادة يعنى الرفت دون أدنى نقاش. لكننى تقلبت على هذه المشكلة بفضل مساعدة أساتذتى منهم الأستاذ عادل حربى أستاذ مادة حرفية الأداء فى السنة الأولى، وفى الصف الثانى أستاذى المرحوم الشاعر عمر الطيب الدوش الذى ساعدنى فى تحليل شخصية عطيل لشكسبير حتى وجدت فيها شخية البقارى . . . ذلك البقارى الذى خانته زوجته أو محبوبته فقتلها ، وقتل الرجل الخائن ثم قتل نفسه. فن المسرح ثورة وعزلة وابتكار كما يرى الدارمى الايطالى الفيلسوف أجينو بربا. لذلك لم أقف مكتوف الايدى وأنا أرى كل هذا الضجيج الثقافى والفكرى أمامى . كل اناء بما فيه ينضح . أعود هنا الى موضوع الفن والايدلوجيا.كنت قد بحث فى الفلسفة و قرأت جزءا من فلسفة ماركس ، وهيقل ، ومن قبلهم الفلسفة النقدية لكانط.وكنت مهتمابالاخلاق فى الفلسفة الغربية ثم قرأت فى فلسفة السياسة مثل الفاشية Fascism وتاريخ الحركات والديمقراطية والليبرالية و الفوضوية Anarchist والماركسية الجديدة. لم أكن مقتنعا بالتيار الفوضوى للفن والذى كرس لنفسه بطريقة سودانية ، فهو تيار ذو نزعة رومنتيكية والفوضوية وفقا لتعريف Leen Goodman هى ( ان الفوضوية ِAnarchism مثل مذهب البيئة ، هى فى جزء منها فلسفة رومانتيكية .وهى فلسفة متفاعلة تعمل ضد التنظيم المدنى ، وتنادى بفانتازيا النفس البروميثيوسية Promethean ( خيال النفس المبدع) الذى يصوغ القانون الخاص به أو يشكله ).... كان هذا التيار سائدا بمعهد الموسيقى والمسرح وان لم يتحدث عنه اتباعه فكرا وفلسفة بوضوح لكنه سرى بين الفنانين ذلك لقربه من جبلتهم وسرائرهم وطبعتهم. بالطبع تلك هى الشفرة التى استعصت فى طلاسمها على الساسه من أقصى اليمين الى أقصى اليسار .( شفرة الفنان) . على سبيل المثال كنت أنظر الى مجموعة ( الكونفجية) حالة من حالات المذهب الفوضوى بمعهد الموسيقى، وهو تيار قد يبدو لمؤسسيه شيئا بريئا ، ومليحا لكنه فى أصله تيار فوضوى . قد يرى بعض الساسة أن عدم تنامى ظاهرة الفنان الملتزم سياسيا ترجع الى وجود تيارات سياسية أو فكرية أخرى بمعهد الموسيقى والمسرح ، ذلك كان وهم ، وليس من الحقيقة شيئا . لقد أنتج هذا التيار مبدعين مسرحيين بلغوا شأوا عظيما فى فن المسرح والشعر والنقد وهنا أشير الى مجموعة السديم المسرحية ومؤسسيها أمثال ( الاستاذ يحيى فضل الله ، الاستاذ قاسم أبوزيد ، الاستاذ أحمد البكرى ، الاستاذة شادية مغازى ، الاستاذ عبد الحميد حسن ، الاستاذ السر السيد ، الاستاذ جلال البلال والاستاذ عادل السعيد والاستاذ الرشيد أحمد عيسى وآخرين ) ، اذا اسثنينا من هذ المجموعة كل من الاستاذ عبد الحميد حسن (كان شيوعيا ملتزما) والاستاذ السر السيد ( أسلامى ملتزم) يمكننا القول لقد شكل هذا التجمع بؤرة الابداع وعقدة الايدلوجيا بمعهد الموسيقى والمسرح. هذا هو التيار الغالب ابداعيا فى تلك الفترة 1982- 1986 ، فهو تيار يعمل بعيدا عن السياسة موظفا مباضع الفن والابداع . بالفعل لقد كان هناك تيار المستقلين ، وهو تيار لم يكن مقنعا لى بأية حال من الأحوال . على رأسه الاستاذ محجوب محمد أحمد وهو اسلامى لم يعلن عن توجهه ابان وجوده بالمعهد والمرحوم حسبو محمد احمد رحمة الله عليه ، هذا الأخير حظى باحترام وقبول كافة الاطراف فظل رئيسا لأتحاد معهد الموسيقى والمسرح طيلة فترة دراسته .وعلمنا من قبلهم أن الاستاذ البشير سهل جمعه من من أسسوا فكرة المستقلين . تلك فترة هامة . . . عام 1984 حيث لمع نجم الفنان مصطفى سيد أحمد ، لم يكن مصطفى شيوعيا منظما كما هو واضخ لنا، لكنه كان رحمة الله عليه تقدميا، امتاز بالطبع الخلوق والأدب والتواضع . كان مصطفى كريما وعطوفا حتى على أعدائه قد شغل منصب رئيس جمعية الادب التابعة للاتحاد فالذى لا يعرفه الكثيرون من معجبى الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد انه كان أديبا ، وأستاذا شاعرا مفكرا . فى مطلع الثميننات ، وفى عام 1984 ذهبنا اليه بكل أطيافنا السياسية وشيعنا ليتولى رئاسة اتحاد المعهد فأعتذر لنا بحياء ، اذكر انه قد أخبرنى بمرضه. لم يكن مصطفى سيد أحمد عليه رحمة الله سعيدا فى ايامه الأخيره بالمعهد لقد عانى الحسد والمرض معا .
    عموما لم تكن فكرة المستقلين محببة لنفسى فهى فكرة مسطحة تعمل على فرملة السعرات الحرارية الفكرية التى ظلت تغلى فى عروقى .. . فهى مسطحة لأنها ترتكز على التكافؤ الأخلاقى لكل اصحاب المصالح وامكان النقل المتبادل لتحقيق رغباتهم . هذه فى رأى ميكافيلية خاصة ان النشاط السياسى بمعهد الموسيقى وقتئذ لم يبلغ مراحل التكتيكات السياسية. فالمسألة اشبه بخاينة الشارع السياسى العام الذى بدأ يغلى تحت أقدام نظام مايو . فالمستقلون بهذه الهيئة هم أكثر الفئات مواربة وحيادية وعدم تفاعل مع الشارع العام. بالفعل قد دعم تيار البعثيين تيار المستقلين ، وكان من هؤلاء الاستاذ الناقد عمر السنوسى والاستاذ صداح .الاستاذ عمر السنوسى ذو شخصية جاذبة ، وخلق نبيل واسع الاطلاع ، وطول بال لم أعرف مثله. كان عمر السنوسى ينظر لى بتأنى. قلت فى مطلع هذا البوست لم أكن مقتنعا فكريا بالماركسية فلسفة ولا بفكرة الصراع الطبقى التى ارتكزت عليها الشيوعية ولا بالمادية التاريخية . . ، لكن كان للشيوعيين نشاطا بائنا داخل معهد الموسيقى والمسرح فى اطار الجبهة الديمقراطية تعبر عنه صحيفتهم الحائطية ( فلق الصباح) التى كانت تصدر فى ثوب قشيب وموضوعات جادة وزخرغ وألوان. سأعود لا حقا لموضوع الصحف الحائطية هذا خاصة صحيفة الأصالة التى يصدرها الاستاذ السر السيد باسم الاتجاه الاسلامى بمعاونة بعض أعضاء الجبهة الديمقراطية !!!. كانت علاقتى وطيدة بالاستاذ خالد عبد الله فهو قد اتخذ من الشيوعية جانبا فلسفيا وهو جانب يهوينى فكثيرا ما ناقشنا قضايا المنطقية الوضعية Postivism، والمادية التاريخية ، والتفسير الطبقى للتاريخ ، وقضايا الطبقة العاملة م نتعجب لكتاب (نقد النقد النقدى أو العائله المقدسه) فهو كتاب معقد فى نقد الفكر المثالى لدى فيورباخ وغيره ، حتى سخر شراحه بقولهم ان مؤلفيه كارل ماركس وانجلز قد كتباه ليقرآه هما الاثنان فقط.كان خالد قارئا من الدرجة الأولى باللغتين العربية والانجليزية . بنهاية عام 1983م تأكد لى ان معهد الموسيقى والمسرح هو مكانى المناسب ، فبدأت ابحث عن المجموعات الفكرية بصورة أفضل وأكثر تركيزا تلك مرحلة هامة من حياتى وهى قصة انضمامى لحركة الاتجاه الاسلامى بقيادة الدكتور حسن عبد الله الترابى وهى قصة قد يدهش لها الكثيرون حينما يعلمون اننى لم أكن فى يوم من الايام عضوا منظما فى حركة الاتجاه الاسلامي أو أى حركة اسلامية أو سياسية أخرى.
    (3)
    فى عام 1982 فقدت الحركة الاسلامية أحد أهم كوادرها بمعهد الموسيقى والدراما ، وهو الاستاذ السر السيد. وعلاقة الاستاذ السر بالحركة الاسلامية اصيلة منذ ان كان طالبا بالمرحلة الثانوية بعطبرة وفقا لروايته هو شخصيا.لم يحدثنى الاستاذ السر السيد عن أسباب تجميده لنشاطه وما هى دوافعه ، وهو ناقد واسع الاطلاع ، يتمتع بعقل نقدى وتحدث لبق. لكن ربما كان السر السيد يعانى ازمة تواصل بينه وبين تنظيم الحركة الاسلامية، الذى لم يعط اهتماما لمعرفة طبيعة الدراسة بالمعهد والتطورات التى تحدثهامناهج معهد الموسيقى على طلابه جراء الانفتاح على فضاءات ثقافية وفكرية جديده . أيضا من الواضح لم يكن السر السيد صادقا مع نفسه بطبعه كانسان عاطفى لم يتغلب على نوازعه ومكينزمات كيمياء التحولات التى تعرض لها. لقد تركت الحركة الاسلامية الاستاذ السر السيد وحيدا مع جراحه.يلعقها دون تضميد فكادت أن تعصف به التجربة لولا قوة شخصيته لحدثت الكارثة.لا زلت قريبا من الاستاذ السر السيد فعلمت منه انه حت يومنا هذا لم تسأله مجموعات الحركة الاسلامية عن طبيعة الازمة ومحنته الفكرية.كنت أحس بضرورة ايجاد معادل لنشاط الجبهة الديمقراطية ، نشاط فكرى ، خاصة بعد أن بانت واتضحت لى كل الخطوط الكنتورية للحركة الفكرية بمعهد الموسيقى والمسرح. كونت مجموعة مرجعية ، تتفق معى فى رؤاى ، وهى مجموعة محايدة لكنها ليست على اتفاق مع الجبهة الديمقراطية. لها من الامكانيات الفكرية والأكاديمية التى تؤهلها للمنافحة عن مشروع بديل مهما كان نوعه ، يستفيد من حالة المستقلين ، لكنه يعمل على تطوير رؤى فكرية غير رؤى الجبهة الديمقراطية. ذلك فقط اننى كنت مقتنعا الى درجة كبيرة بهشاشة مشروع الجبهة الديمقراطية. الحقيقة هى على الرغم من حظى الجبهة الديمقراطية بكوادر نشطة ، عالية الثقافة ، لكنها مارست نفس التاكتيك السياسى تجاه المجموعات الأخرى حيث أجادت عملية الالتفاف حول الفنانين الوطنيين . 90% من هؤلاء لهم ولاء للاطروحات اليسارية . عموما وجدت فى كل من قسم الله محمد ادريس ، شمس الدين يونس ، فيصل أحمد سعد صداقة ، وعلاقة مرجعية . كان ايضا معنا الاستاذ عبد الرازق بشير لكنه قرر ترك المعهد فجأة وهاجر الى المملكة العربية السعودية عام 1984م. كنت أقوم بنشاط فردى ، مثل اصدار صحيفة حائطية ، ومنتدى بعنوان صالون الفن . ثم خطر فى بالى لابد من ايجاد جهة داعمة لهذا المشروع المناهض للجبهة الديمقراطية . . . لابد لى من الاشارة هنا ان دوافعى كانت فكرية بحته. لم أقتنع باطروحات علم الجمال الماركسى كنت أبحث عن بديل . . . بلاشك لم يخطر فى بالى مشروع الاتجاه الاسلامى لأننى كنت على علم تمام ان الحركة الاسلامية ليست لها رؤية تجاه الفنون، فكل زملائى فى المرحلة الثانوية كانوا يعرفون عنى توجهى الليبرالى . . من ذلك المنظور كنت انتقد الشيوعية فى أصولها الفلسفية وعلم الجمال الماركسى لدى ( تين) كمشروع هو الآخر دوغمائى ، لقد بدأ ت أفكارى تتبلور بعيدا عن أطروحات الجبهة الديمقراطية لكنها لم تكن ذات صلة بالحركة الاسلامية ، فوجدت نوعا من الخصومة التى لم أكن أتوقعها أو مستعدا لها. حدثنى الاستاذ السر السيد عن حركة الاتجاه الاسلامى ، من الواضح كان لحديثه ايحاء كبير وربما كان لآخرين اسلاميين منظمين تمكنوا من كتم سرهم مثل الاستاذ محجوب محمد أحمد دور وراء ذلك . فمن الواضح هناك بحث عن شخص بامكانياتى لاحداث تلك الفقاعة . وافقت أن التقى بمجموعة منهم بمسجد جامعة الخرطوم ، ثم وعدون بالوقوف معى حول مشروعى. ذلك هو اجتماعى الوحيد و الأول والأخير بمجموعة من الحركة الاسلامية الى يومنا هذا !!!! . ثم بدأت أكتب فى صحيفتى الاتجاه الاسلامى ، كما ظل الاسلاميون يتقاطرون على المعهد ، وسرعان ما نشأ الصراع الفكرى ، فارتفع ايقاع الجبهة الديمقراطية ، وأصبحت أنا ( الكوز) الوحيد بمعهد الموسيقى والمسرح بنهاية عام 1984 م . أنا شخصيا لم أكن أتوقع أن أنمو ( كوزيا) بتلك السرعة الفائقة ولم أكن مقتنعا ان تلك هى الطريقة التى يصير بها الناس كيزان. كنت وبطبعى الساخر أتأمل تلك الحالة العجيبة . . لم أكن مباليا المهم لقد نجحت المسرحية فى تطوير الصراع . فبدأت ترتيب خطواتى وهدفى كله البحث عن بديل موازى للجبهة الديمقراطية وليس نسفها لأننى كنت مقتنعا بضرورة وجود الجبهة الديمقراطية والتعدد الفكرى وتنوع المنابر . لكن وجود الجبهة الديمقراطية وحدها أبعد كثير من اللحمة الحية للثقافة السودانية من معهد الموسيقى لدرجة أن صارت صفة شيوعى هى الصفة اللازمة لكل شخص له علاقة بمعهد الموسيقى. كان نظام مايو يضرب حصارا على الشيوعيين اينما كانوا فصار معهد الموسيقى والمسرح مغضوبا عليه من قبل نظام مايو . بالاضافة الى كل ذلك لم تكن الجبهة الديمقراطية قادرة على تقديم أى خدمات لطالب المعهد وتعوزها الامكانيات
    أصدر الرئيس الاسبق جعفر النميرى قرار بأيلولة قصر الشباب والأطفال لمعهد الموسيقى والمسرح . كان ذلك قرارا مذهلا . . . . عدد طلاب معهد الموسيقى والمسرح لا يتجاوز بضع وتسعين طالب وطالبة داخل قصر كامل. فوصفت حالنا وسط ذلك الفضاء أشبه( سمسمة فى صقع جمل ) . الغريب فى الأمر لقد صدقت أسرة معهد الموسيقى والمسرح ذلك القرار الأجوف ، ثم تم نقل الداخلية من محطة 7 بشارع الصحافة شرق الى عمارة الجزولى ببانت أم درمان . عاد الاستاذالماحى اسماعيل من المانيا عميدا للمعهد . هكذا وبنهاية 1984 م كان هناك معهد موسيقى ومسرح بقصر الشباب والأطفال وداخلية ببانت ، وحبهة ديمقراطية وحركة اسلامية كانت الجبهة الديمقراطية تعمل تاكتيكها للاستيلاء على الفنانين الوطنيين ، أما الحركة الاسلامية تعمل تاكتيكها للاستيلاء على مجموعة المستقلين . صار قصر الشباب مطارا من مطارات مجموعات الحركة الاسلامية ، ثم تحول المعهد فى مقره الجديد الى ساحة سياسية جديرة بالتأمل ، كنت أقول لنفسى لا بد من مشاهدة هذه الحالة الى آخرها . وهناك طرائف وملح نجمت عن هذه الحالة المتسارعة حيث ظهر عدد كبير من الناشطين من الطرفين على اساس انهم طلاب بمعهد الموسيقى والمسرح ، لقد ظن اؤلئك ان عدد طلاب المعهد من الكثرة بمكان لدرجة تمكنهم من انتحال شخصية طالب المعهد بينما كان عدد طلاب المعهد محدود ويتعارفون بعضهم البعض ، فصرنا اقل عددا من ضيوفنا ، فصارت داخلية معهد الموسيقى والمسرح تستضيف أضعاف عدد الطلاب الرسميين . فى عام 1984 تم قبول وصال ناصر وهذه كانت حركة اسلامية جد . . . جد . . ومعها حرسها الخاص من بينهم أستاذنا الصحفى الكبير عادل الباز . للذين لا يعرفون عادل الباز عن قرب ، هو شخص مليح ، (أخو أخوان )، وكريم ، لقد تعرفت على الاستاذ عادل الباز أول مرة عن طريق الأستاذ ه وصال ناصر فوجدته فنان ضل طريقة الى الاقتصاد والسياسة . كانت الاستاذه وصال ناصر أفضل منى كثيرا فى العمل السيا سى ، فهى سياسية وابنة شرعية للحركة الاسلامية أما أنا كنت غريبا على الحركة الاسلامية .... شخصيا لم أكن سياسيا ، ولم أجرب هذه المسألة من قبل . تمتاز الاستاذ ه وصال بطول النفس ، والعمل المنظم ، فكانت طريقتى ( البقارية – الدرويشية ) تلك غير مناسبة مع اسلوبها الحزبى المنظم. عموما دار شيئ فى الخفاء ، لم أكن راغبا فى معرفته وقتها ، لكن عرفت بعد ذلك أن الحركة الاسلامية كانت لا ترغب فى شيئ أكثر من دورى فى احداث هذه الفقاعة وأنتهى دورى. أنا شخصيا لم أكن راغبا أن أذهب بعيدا فى أسرار تنظيمهم ولم أكن راغبا فى حركتهم. . . ظللت فى طريقتى وظلوا هم فى طريقتهم دون أى عدواة. . . وهى حالة أطلق عليها أستاذنا الدكتور عبد الله على ابراهيم وصف ( لا بندورك ولا بنقدر بلاك) أستمر الحال هكذا حتى الى نهاية عام عام 1984 . ثم برزت فكرة (أسراء للفكر والفن) . وهى مجموعة للموحدين كافة فقلت تلك طامة كبرى هبت على الجبهة الديمقراطية والشيوعيين أو كما يقول المثل البقارى ( لقد غطى درب الفيل درب الجمل ) ز تم ابعادى وتهميشى تماما داخل جماعة أسراء، أذكر انهم لم يرشحونى مرة واحدة للجنة التنفيذية . . . السبب واضح هو استيلاء تنظيم الحركة الاسلامية على زمام الأمور والعمل بسرعة على التخلص من الرموز الفاعلة ذات المبادرات والنشطة ، فأنا أكثر الشخصيات مبهمة للحركة الاسلامية حتى يومنا هذا ، لكنى ليست لدى عدواة معهم لأنى زاهد فى كل ما عندهم. لم أكن سعيدا بتكوين جماعة اسراء للفكر والفن فهى وان كسبت الساحة السياسية لكنها أكثر تسطيحا من المستقلين وليست خيارا فريا ناجحا ، لكنها حالة دعائية، وبقبول الاستاذ عوض الكريم المساعد طالبا منتدبا استولت الحركة الاسلامية على الاتحاد كتحالف بين اسراء للفكر والفن و الاتجاه الاسلامى الممثل فى شخصية عوض الكريم المساعد ووصال ناصر . لقد كنت مذهولا لهشاشة الجبهة الديمقراطية وذوبانها مثل فص الملح أو فص السكر.
    (4)
    لم يسعد اتحاد تحالف الاسلاميين و جماعة اسراء للفكر والفن بفترة طويلة ، حيث كان يفتقر للتنسيق والتدابير الازمة استراتيجيا وتكتيكيا لتقيه التقويض أو عمليات الالتفاف السياسى من طرف خصمه ( الجبهة الديمقراطية) تحالف الشيوعيين والفنانين الوطنيين كنت انظر اليهم عن كثب وتر يث مختبرا توقعاتى . . . . فى عام 1985 وقع اتحاد تحالف الاسلاميين وجماعة اسراء للفكر والفن فى خطا استراتيجى بذنب استضافته لاحدى ندوات الاتحاد الاسلامى العام بمقر المعهد بقصر الشباب والأطفال . تلك كانت فرصة سانحة للجبهة الديمقراطية حيث انقضت عليه انقضاضا صقريا حادا فاسقطت الاتحاد باجماع الجمعية العمومية . . . ثم توالت الأحداث بسرعة فائقة. الغريب فى الأمر لم يهتم الأسلاميون بترتيب بيت جماعة اسراء من الداخل بل فتحوا الابواب واشرعوا لها النوافذ وأشرعوا فخرجت جماعة اسراء الى الشارع باسم جماعة (نمارق للآداب والفنون) كمنشط اسلامى بحت . أكتفت الحركة الاسلامية بجماعة نمارق على نظرية ( لو دار أبوك خربت شيل ليك منها عود) ، بالفعل كان صيد الحركة الاسلامية هكذا ثمينا أما معهد الموسيقى والمسرح قد آل للجبهة الديمقراطية أو فاليذهب الى الجحيم . . كوميديا الكسب السياسى والفقد الابداعى . لم أكن مقتنعا بمنظمة نمارق للآداب والفنون والتى وجدت دعما مقدرا من رساميل الحركة الاسلامية ، لقد أغدق عليها رجل الاعمال على عبد الله يعقوب بالمال والرجال ، فبان الاستاذ السمؤال خلف الله وهو ناشط اسلامى مفوه درس الترجمة بمصر وتدرب على العمل السياسى ، ثم آلت نمارق الى السيد عادل الباز . . رويدا رويدا تبخرت وذابت الى الابد. لكن من بين رموزها الفاعله السيد ابراهيم حماد عازف الترومبه الشهير ، والأستاذ ناجى حسن عازف الجيتار أظنه قد هاجر الى استراليا .أيضا كان من ضمن أعضاء نمارق الاستاذ انور عبد الرحمن الذى صار فيما بعد عضوا مؤسسا لجماعة (عقد الجلاد ) وكذلك حمزه الماحى . تمايزت الصفوف آل المعهد الى الجبهة الديمقراطية والفنانين الوطنيين ، وأكتفت الحركة الاسلامية بمنظمة نمارق . أما شخصى كنت قد اتجهت الى تنظيم خطواتى أكاديميا وكتباة بعض المقالات على صفحات الجرايد .
    لكن لابد من الوقوف والعودة مرة أخرى الى ما يمكن تسميته أ و وصفه بالنشاط الثقافى بمعهد الموسيقى والمسرح. هذا محور هام واسا سى فى مبحث التاريخ السياسى والثقافى لمعهد الموسيقى والمسرح 1982- 1988 . ان طبيعة مناهج ومواد الدراسة بمعهد الموسيقى والمسرح كما ذكرت سابقا هى طبيعة تبحث وتحرض الطالب على تكوين شخصيته الابداعية والفكرية. ليصبح كل طالب عبارة عن مشروع لذاته تلك ديمقراطية أكاديمية نادرة قلما توفرت لطلاب الجامعات والمعاهد العليا فى هذا الزمان. حيث يبدا هذا المنهج بتصفية وتنقيح الطلاب الذين يتم قبولهم اما عبر مكتب القبول أو الانتداب أو الفرص النادرة للناضجين . ذلك شيئ به ثراء فكرى ، وانفتاح على فضاءات ثقافية وحوارات لم يعهدها الخطاب الثقافى فى تلك الفترة التى بدأ فيها نظام مايو يلفظ انفاسه الأخيرة . فبالاضافة الى نشاط جمعيات الاتحاد يمكننا الاشارة الى مجموعة السديم المسرحية التى أستطاعت أن تبرز تيارين متناقضين فى المسرح هما : تيار الواقعية الاشتراكية مسرحية مطر الليل نموذجا لكاتبها محمد محى الدين ، وتيار مسرح العبث ( مسرحية فى انتظار جودو ) لصمويل بيكت نموذجا آخر . هذان تياران سادا فترة الثمانينات ، أيضا كانت هناك حلقات الدراست النقدية التى يقدمها طلاب النقد والتى ظلت تتخذ من عروض مواسم المسرح القومى نماذجا لها. ومن النقاد لذين يمكن ذكرهم فى هذا المجال والذين تميزوا بمقدرات ومساهمات فكرية لكنها فردية ،و على سبيل المثال وليس الحصر تجربة الاستاذ مجذوب عيدروس ، وهو من دفعة النقاد المسرحيين . . وسلمى الشيخ سلامه . . كذلك الاستاذه نجاة محمود، ومنهم بالطبع الاستاذ السر السيد ، وعمر السنوسى ، والاستاذ أحمد طه أمفريب وهذا الأخير من ذوى المقدرات الفكرية والنقدية الفريدة . مشكلة الاستاذ أمفريب انه كان متجاوزا لزمانه الاكاديمى وهو شخص ليبرالى ، به تمرد على النمطية الفكرية . أما فى جانب الموسيقى ظل كورال معهد الموسيقى والمسرح يثرى الحركة الابداعية . فى عام 1986 كنت طالبا بشعبة النقد المسرحى ، لكنى لم أكن أمنى نفسى باضافات كثيرة . لقد زادت شكوكى حول النظرية النقدية المسرحية . واشكاليات تدريسها باللغة العربية . أكاديميا كل التجارب مثل نظرية التطهير للفيلسوف اليونانى( أرسطوطاليس ) ونظرية الايهام ( لصمويل تايلور كولردج) ، وتجارب ( كاستر فيترو ) فى الكلاسيكية العائدة تلك تجارب فى النقد المسرحى الكلاسيكى والرومانسى يتم تدريسها باللغة العربية ، كنت أجد غربة فى هذا الامر، لكن ببزوق تيار الواقعية فى المسرح وظهور كتاب مشاهير من أمثال ( ابسن ) و( برنارد شو ) و( انطوان شيخوف) و( لويجى براندلو ) يدرس طلاب النقد المسرحى النظرية المسرحية كأتجاه فكرى أدبي، مثل النقد الموضوعى لدى ( ماثيو أرنولد ) و( المعادل الموضوعى ) ت . س اليوت ، وهى شذرات باللغة العربية مثل كتاب ( النقد الأدبى ) لمحمد هلال غنيمى أما فى مطلع القرن العشرين ومنتصفه نجد تجارب كينث تينان ثم مارتن ايسسلن هذا الاخير هو من أطلق التعبير ( مسرح العبث ) على كتابات كل من صمويل بيكت و هارولد بنتر . . عموما كانت مادة النقد مبعثرة بدقوجيا ومنهجيا . . كنت معجبا بمادة دراسة وتحليل ، وهى مادة اساسية لطلاب الدراما ، وارى فيها الاصل فى دراسة النقد ، هكذا تعرفت على استاذى الشاعر هاشم صديق ، لقد لفت نظرى وهو يقوم بجهود فردية جبارة لتوفير منهج متكامل فى تحليل المسرحية عبر المذاهب المسرحية المعروفة ( الكلاسيكسة ) ، ( الرومانسية ) ، ( الواقعية ) و( التعبيرية) . كل هذه التجارب ليست متوفرة بالعربية سوى شذرات متباعدات ، لكن بتمكنه ومقدراته تمكن الاستاذ هاشم صديق من تبسيط هذه المواد لستذكرها الطلبة ، و يهضمونه هضما جيدا .
    بنهاية عام 1986 كنت قد انصرفت الى مشروع التخرج ، وهو بحث تكميلى لطلاب النقد ، فكان مشروعى بعنوان ( فى الشخصية المسرحية ومفهومها النفسى دراسة تطبيقية على مسرحيات الطيب المهدى محمد خير والكاتب الانجليزى هارولد بنتر ). فى اواخر عام 1986 تعرض المعهد لهذة عنيفة حينما حنثت مايو عن قرارها ، فخرج المعهد من قصر الشباب والاطفال الى عمارة ( المخدرات ) بشاراع الغابة . كان لهذا القرار اثره السيئ على طلبة المعهد ، فى عام 1987 تخرجت فى شعبة النقد والدراسات المسرحية بدرجة جيد جدا . فحملت حقيبتى ، ودندناتى وأوردتى التجانية موليا وجه شطر الشارع السودانى العريض . فى عام 1988 م تم تعينى موظفا ( رائد ثقافى ) بمصلحة الثقافة بوزارة الثقافة والاعلام ، و فى عام 1989م بعيد انقلاب 1989م تمت احالتى الى الصالح العام . . . الغريب فى الأمر اننى كنت قد حظيت بالتاشيرة الامريكية ومعى صديقى صداح سافر صداح وبقيت أنا هنا لأبدأ مرحلة جديدة . . . وهى ذات المرحلة التى سوف اسطرها عبر هذا البوست فى المرحلة الثانية من مذكراتى هذه التى أخترت لها عنوان ( التاريخ السياسى والثقافى لمعهد الموسيقى والمسرح 1982- 2006م مذكرات بقارى من التور الى الكمبوتور ) . . . معا الى الفصل الثانى انشاء الله . . تصبحون على خير الخرطوم الساعة 1:35 بعد منتصف ليلة السبت

    الفصل الثانى
    (1 ) 1991-1995 م

    كانت الفترة 1989 - 1991 م فترة عصيبة بها محنة تاريخية و بها خوف وبها تربص . أذكر اننى ذهبت الى المرحوم البروفسير على المك بمكتبه بجامعة الخرطوم ، كان عليه رحمة الله يجلس حزينا . داخل مكتبه الذى بانت شقوق الطلاء فوق سقفه . . أحسست بالرطوبة تنهشنى.تلك بيئة غير صحية
    قلت له مابك
    قال : (وهو ينظر الى قشور الطلاء متدلية من السقف مثل أظافر القدر ) منتظرنى أموت وبس قلت له: الحكومة أغلقت اتحاد الكتاب لكنها لم تصادره رايك شنوه نقوم نمشى ونستلم الدار. نظر لى ثم بسم بطريقته الساخره فقال بصوت رخيم : يا قور الحكاية دى لسع ساخنة خليها تبرد شوية. . . .
    لقد بانت ملامح السلطة ، فبدأ الفنانون من كافة فئاتهم الفرار من معهد الموسيقى والمسرح الى بقاع العالم المختلفة مثل غيرهم أذكر كنت قد ناقشت الدكتور بشرى الفاضل فانتهيت معه الى قناعة بضرورة ما يمكن تسميته ( الصمت الثقافى). . . انتشر المصطلح بسرعة فائقة فتداوله البعض دون وعى بمعانبه الاستاتيجية . . . أذا قد بدأت مرحلة جديدة من مراحل معهد الموسيقى والمسرح حيث تم قفله تماما فى الفترة 1989- 1991م. كان لذلك الاجراء اثر نفسى سيئا وسط الفنانين فعرفوا عدم رغبة حكومة الانقاذ فيهم . . . الفنان شخص غير مرغوب فيه انقاذيا . . فبينما هاجر بعض الاساتذة أمثال الأستاذ السنى دفع الله والاستاذ الموصلى الى خارج الوطن ، هناك من من هاجر الى مواقع عمل أخرى داخليا ، بحثا عن لقمة العيش . . . عل سبيل المثال لقد التحق كل من سعد يوسف العبيد وعادل حربى وناصر الشيخ وغيرهم بالفنون الشعبية . أما شخصى كنت غير مقتنع بفكرة الهجرة الى خارج الوطن ، ذلك لأسباب كثيرة . أهمها اننى شخص أكره أن أكون غريبا . . . فكرة الغريب outsider هذه فكرة مرعبة لى فى حد ذاتها ، لدرجة اننى كثيرا ما أختصر فترة زيارتى وسفرى خارج السودان كى ل تزيد عن عشرة أيام . ثانيا ربما كنت قد تمتعت بحس أستراتيجى لظروف لم تتوفر لغيرى من الفنانين . . . كنت أحس أن شيئا ما سيحدث داخل السودان . . . تحولا كبيرا سيطرأ على هذا الوطن فى وسط القارة الأفريقية . لقد أعانتنى دراستى لفلسفة التاريخ ، والدراسات المستقبلية ، و الاسترتيجية وفلسفة السياسة فى التعرف على نهاية القرن العشرين باكرا. لقد انتهى القرن العشرين منذ عام 1989 ، ذلك لما طرأ على العالم من ترتيبات سياسية واستراتيجية كبرى ، مثل تفكك الاتحاد السوفيتى سابقا ، ونهاية الدولة الشيوعية ، سقوط حائط برلين و تحلل حلف وارسو ، ثم بروز كتلة الاتحاد الاوربى الى حيز الوجود بغطائها العسكرى من حلف الناتو ثم الولايات المتحدة الامريكية كقوة عسكرية ضاربة. لقد انتهت مرحلة القطبية الثنائية . بالنسبة لى قد أكتملت الترتيبات الأسترتيجية الجديدة للعالم . . . أى قد انتهى العالم القديم تاريخيا ، وبعد حرب الخليج الأولى كنت قد أيقنت حقيقة اننا نعيش مرحلة نظام عالمى جديد New world order . نعيش مرحلة القرن الامريكى !!! كنت أسأل نفسى عن مصير حكومة الانقاذ الوطنى فى مواجهة التحولات الدولية والاستراتيجية الجديدة. لذلك لا بد هنا من أن أعيد للقاريئ الكريم بعض ملامح كتاباتى على الصحف والمجلات فى تلك الفترة . كنت أرى ان ثمة خيارين أمام حكومة الانقاذ الوطنى يحددان مصيرها ، ومستقبلها . . كانت بى رغبة جامحة فى مراغبة هذا الأمر . ليس هناك شيئ أشد متعة من مشاهدة فصول المسرحية كاملة ، أحداثها ، تطور شخصياتها ، صراعها ، ثم نهايتها السعيدة أو المأساوية . . هناك أحداث درامية كبيرة ستحدث على مسرح السودان بدأ الفعل الدرامى باستيلاء الجبهة القومية على السلطة فهناك خياران أمامها : الخيار الاول هو ان تتمكن حكومة الانقاذ الوطنى من فهم الخارطة العالمية الجديدة والترتيبات الاستراتيجية الدولية العسكرية والاقتصادية ثم تكيف نفسها على اساس انها امتداد لذلك التحول الكبير فى عالم متغير فتكسب صداقة العالم بما فى ذلك الولايات المتحدة الامريكية .أما الخيار الثانى هو أن ترسب الانقاذ فى فهم الترتيبات الدولية الجديدة فتكسب عداوة المجتمع الدولى . . . كان قلبى على السودان . . لذلك بقيت شاهدا على هذه المسرحية . لقد تابعت كل شيئ يمكن متابعته بالطرق الشرعية . فى الفترة 1989 – 1995 عملت بكافة قواى الفكرية ، وطاقتى كى ألفت نظر الساسة فى السودان الى شيئين هامين الأول هو : عدم جدوى حرب جنوب السودان ، وضرورة بناء ثقافة السلام . أما الشيئ الثانى هو أهمية كسب الساحة الثقافية والفنية وعدم تشريد الفنانين والمبدعين. لأن هؤلاء هم أصل المجتمع المدنى ولا يمكن أن تكون هناك دولة بدون مجتمع مدنى ديمقراطى يتمتع بحقوقه السياسية وحقوقه فى التعبير . كان كسبى كبير عندما نجحت فى اقناع بعض رموز حكومة الانقاذ الوطنى بضرورة اعادة فتح معهد الموسيقى والمسرح ، وا يجاد مقر ثابت له. وكنت سعيدا عندما رأيت حلمى بمؤسسة لثقافة السلام يبرز الى الوجود رغم دسائس ، ومكائد أعدء منظومة ثقافة السلام . . تلك أشياء سأتحدث عنها بتفصيل فى الحلقات القادمة. لكن كان كل ذلك على حساب أشياء كثيره أهمها صحتى ، وما ظللت أكابده من فقر مدقع وشظف عيشة ، كنت قد تقلبت عليهما بالصبر. ثم بدأت أكسب عداوة الاسلاميين الجدد بمعهد الموسيقى والمسرح ، الذين ناصبونى العداء ، ودبروا لى من المؤامرات والمكائد ما لم يخطر على بال . . . كل ذلك سيأتى سرده بالتفصيل فى الحلقات القادمة من الفصل الثانى لمذكراتى الاسفيرية هذه . . . وخليكم أو لاين
    (2)
    الفترة 1991 - 1995م فترة مثيرة ، ومرهقة . . . هناك تحولا ت كثيرة ظلت تحدث باطراد داخل السودان . فمن المعروف قد بدأت حكومة الانقاذ مشوارها الحكمى بمؤتمر الوفاق الوطنى والسلام .لقد كانت الطموحات كبيرة والا نفعالات حقيقية تجاه انهاء الحرب فى السودان . ثم بدأت الحقائق تتكشف رويدا رويدا ، لم تكن مسألة انهاء حرب شمال ؟جنوب السودان مسألة بسيطة بل كانت مسألة بالغة التعقيد بعد أن تطورت متداخلة الاسباب بعد أن دخلت مراحل جديده ذلك لما حدث من جانب الحركة الشعبية لتحرير السودان من تطور على مستوى العتاد والتوجهات الاسترتيجية .ثم بدأت المعارضة لحكومة الانقاذ الوطنى داخليا وخارجيا . بعد الغزو العراقى للكويت ، ولأسباب كثيرة حدثت تطورات كثيره فحدث أحد توقعاتى الذين توقعتهما فى بداية هذا الفصل الأول ، لم تتم قراءة واضحة للتحولات الكبيرة والاسترتيجية الدولية من طرف حكومة اللانقاذ فتحول السودان الى عدو من أعداء الولايات المتحدة الامريكية. بالفعل كانت هناك أخطاء استرتيجية داخلية لكن هناك عوامل خارجيية عديدة أسهمت فى هذا الأمر. فازداد أوار الحرب لتحصد أبناء السودان من الطرفين . . . على الصعيد الشخصى كنت رافضا لفكرة الحرب عن مبدأ Consciousness Objector لأن الحرب لم تكن حلا فى يوم من الأيام . بالطبع قد ظلت الحروب خيارات عسكرية وسياسية لدى بعض الحكومات لحسم خلافاتها لكنها ليست حلا فى ذاتها . . . الدليل على اننا اليوم نعانى مشكلة الحرب بعد توقفها . هذا هو الموقف الذى دفعنى الى البحث الاكاديمى فى نظريات السلم فلسفيا وسياسيا لاحقا . أما على مستوى معهد الموسيقى والمسرح كانت الأمور محبطة للغاية وتصير نحو الاسوأ. . كرة الثلج تدحرج فتزداد فى حجمها ووزنها . كنت أتحدث مع عدد من الخريجين والطلاب فيشيحون منى . . ذلك لأنهم نفسيا غير مهيئين لمثل هذا الحوار . . . لقد أطبق اليأس . . . . ثم أتصلت بالأستاذ أمين حسن عمر الذى كان قد تم تعيينه أمينا عاما لوزارة الثقافة والاعلام ، تلك هى الايام التى ترك فيها الاستاذ سامى سالم السودان . . . لا أدرى أين هو اليوم ، لكن سفر الاستاذ سامى سالم من السودان جعلنى أفكر فى الهجرة .. أبدى أمين أهتماما كبيرا بضرورة فتح معهد الموسيقى والمسرح . ثم مضت سنه هاجر فيها هؤلاء : يحيى فضل الله ، أحمد البكرى ، السمانى لوال وآخرين وبقى من مجموعة السديم كل من السر السيد ، وعبد الحميد حسن و قاسم ابو زيد . . كان المعهد قد تم نقله الى مبنى صغير جدا بشنبات . ثم تم تعيين الدكتور الطاهر حسين عميدا له فى عام 1991 . تلك فترة عصيبة . حاول الدكتور الطاهر حسين فتح المعهد لكنه فوجيئ بهجرة الأاتذة داخليا وخارجييا ومعارضة الشيوعيون له . . . لا أدرى ماذ يعن بالشيوعيين ، حسب على أن اساتذة المعهد خاصة قسم المسرح قد اشتهروا بعدم انتمائهم الحزبى. فضلا عن كل ذلك كان الأمر يبدو ساذجا بحق و حقيقة ، اذ توجد مكاتب الأدارة بخرطوم 2 بالقرب من المركز الثقافى الاميركى سابقا . بينما توجد بعض محتويات المعهد بشنمبات . . . حاول الطاهر حسين توفير مقر للدراسة باى شكل من الاشكال ، فأتى بالاستاذ أنور محمد عثمان ليقوم بهذه المهمة ، تلك كانت فترة وتجربة غير موفقة أستنكرتها أسرة المعهد حيث تمت استضافة المعهد فى فصل من فصول احدى المداس الابتدائية بشنبات !!! بعد أن كان المعهد مؤسسة من مؤسسات التعليم العالى تحول الى مدرسة ابتدائية . لقد اتضح لى حينها ان أس المشكلة هو المقر واعادة الثقة لأسرة المعهد لكن تلك مشكلة تحتاج لصبر. بالطبع لم تكن الظروف مواتية أو منا سبة على اقل تقدير كى يزاول معهد الموسيقى المسرح نشاطه . كنت أكتب مقالات على الصحف . واتحدث عن هذا الموضوع . عندما تم الاعلان عن وظائف معيدين بالمعهد ، قدمت الى وظيفة معيد ، كانت الفرص المطلوبة لمعيدى شعبة النقد ثلاثة فرص . كانت الشروط أن يكون المتقدم من خريجى شعبة النقد بمعهد الموسيقى والمسرح ، وحائزا على الدرجة الثانية بدرجة جيد جدا أو ما يسمى 11 Upper ، كان من ضمن المتقدمين لوظائف معيدين الاستاذ أحمد طه أمفريب ، وهو من الدفعة 1985-1986 ، كان هناك شرط آخر وهو خطاب تذكية من أحد الاساتذة المعروفين . للاسف الشديد لم يكن هناك أستاذ من أساتذة النقد ليقوم بهذا الأمر . فذهبت الى البروفسير على الملك ، فأمسك بقلمه ، وكتب خطاب تذكية عن شخصى ، وهو شهادة بالنسبة نادرة ، تمت طباعة الخطاب ثم حملته الى المعهد ، كانت الوظائف المطلوبه للنقد ثلاثة أما المتقدمين كنا أثنان فقط شخصى وأحمد طه أمفريب كنت على يقين أن الفرصة مكفولة لنا نحن الاثنان ، وكنت أحس سيكون قبول الاستاذ أحمد طه أمفريب كسبا أكاديميا كبيرا للمعهد ، وهو صديق لى قاريئ ، مطلع ، وله رؤية واضحة فى شأن اصلاح الدراسة بشعبة النقد ، خاصة فيما يتعلق فى اصول النقد والراجع . عند ظهور النتيجة لم يتم قبول الاستاذذ أحمد طه أمفريب ، على الرغم من قبولى كمعيد ، أحسست بخيبة أمل كبيره ، فبدأت أبحث فى سر عدم قبول الاستاذ أحمد طه ، كان من أعضاء اللجنة الدكتور الطاهر حسين والدكتور الفاتح الطاهر ولم يكن لأحمد طه أى اعداء حسب علمى ولا انتماء سياسى ولا نشاط ايدولوجى ابان دراسته. علمت بعد ذلك ان السبب هو حصول الاستاذ أحمد طه على نسبة مقبول فى مشروع بحث التخرج . كان ذلك عذر قبيح ، وغير مبرر ، لقد تخرج أمفريب بالدرجة الثانية العليا جيد جدا ، وليس هناك شرط فى الاعلان ينص على المتقدمين للوظيفة أن يكونوا من الذين أحرزوا درجة فوق جيد أو أمتياز فى البحث. فعدت بذاكرتى الى حكاية بحث تخرج الاستاذ أحمد طه ، أذكر أنه قد أجمع العارفين بالنقد المسرحى بانه بحث ممتاز اما حجة الممتحنين ان البحث أعلى من مستوى الدبلوم ( البكالوريوس)!! تلك مأساة ، كان من الاحرى ان تحتفى مؤسسة معهد الموسيقى والمسرح بطالب متجاوز مثل أمفريب بدلا من ابعاده. عاد أمفريب الى الاذاعة . واشيع عنى قد تم قبولى لوظيفة معيد لأننى ( كوز) كنت مندهشا لكننى لم أكن أبالى . . . الحقيقة كنت أجد مبررا لتلك الاشاعات ، فوجودى فى السودان وعملى الدؤووب ،وعدم استسلامى لفكرة الهجرة قد اثارة حولى شبهات كثيرة . . . لكننى كنت أفرق بين الوطن والحكومة . . سيظل الوطن دائما وطنا للجميع أما الحكومات فما أكثرها . . . وهى وان طال عمرها أو قصر فهى شيئ طاريئ ومحدث . كانت كل درجاتى فى التخرج تراوحت بين الامتياز وجيد جدا وجيد فى العام الأخير . . . . ثم أننى لم أكن كثير حرص على العمل كمعيد بمعهد الموسيقى والمسرح ، لقد هيئت نفسى لدراسة الفلسفة أو الدراسات الاسترتيجية بالوايات المتحدة الامريكيية فوجدت قبولا من جامعة ( يل ) وبدأت أعد نفسى لأمتحان التوفل . وهو نظام صارم جدا ، حققت فيه درجات ممتازه لكن قد حالة ظرروفى المادية دون سفرى على الرغم من حصولى على التاشيرة الامريكية من أول معاينة ، لو كنت (كوزا) لحظيت بالدعم المادى والدراسة فى أكثر الجامعات شهرة خلفا لأكسفورد . . . ولم أزر الولايات المتحدة الا فى عام 2005م فى اطار قبولى كعضو مشارك بمعهد فض النزاعات المصادر والبحوث الأميركى بسياتل ولاية تاكوما www.cri.cc.
    بطبعى كنت لا أندم على فقدان فرصة مهما كانت قيمه أو ثمينة . . . . فهناك دائما فرص أخرى قادمات لقد تأثرت باليلسوف كارل بوبر فى هذا الجزء ، فالانسان مثل الهيدرا فى تعلمه . . . ولولا الأخطاء لما تعلمنا الحقائق . . مثل الهيدرا تماما ألف شقلبة وشقلبة لتحظى بالشقلبة الصحيحة . . . لقد تأثرت أيضا بأبى حامد الغزالى فى كتابه أحياء علوم الدين ( فالانسان لم يخلق الا لعقله ، فالثور أكبر منه بطنا ، والفيل أكبر منه جثة ، والحصان أشد قوة ، وأخس الطيور أشد منه مسافدة ) لا شيئ يميزه على كل تلك الحيونات غير عقله الذى كرمه به الله سبحانه وتعالى به واستخلفه فى الارض ليعمرها ، لا ليفسد فيها ... ولم يكن الفشل فى يوم من الايام محل حزن بالنسبة لى بل كان الفشل يكسبنى طاقة وحيوية . . . أنا أمتاز بطبع بقارى عنيد ، و يدفعنى الفشل الى البحث عن أسباب الفشل ، صعب المراس والاقتناع ، وكثير التدقيق فى نجاحاتى . . . أى حتى النجاح بالنسبة لى قابل للفحص . . . لماذا نجحت ؟ سؤال هام فى حياتى وتركيبتى النفسية . . . هكذا سؤلان مهمان فى سيرتى لماذا فشلت ؟ أو لماذا نجحت ؟. لذلك لا يمكن أن أكون ساذجا . . . لأننى أعى خطورة التاريخ . . . ,اسافر فى المستقبل مليون سنة ضوئية . . .واصلت عملية بحثى ولقاءتى بالطلاب والخريجين والمسؤلين للبحث عن مقر للمعهد ، حيث هاجر الطلاب ، والخريجيين فرادى وجماعات . تم اعفاءء الدكتور الطاهر حسين من منصبه كعميد لكلية الموسيقى والمسرح وتم تعيين البروفسير محمد الأمين من كلية الفنون الجميلة عمييدا خلفا له فى عام 1993 . تم ذلك بعد قرار ضم المعهد لجامعة السودان للعلوم والتكنلوجييا . لم تكن جامعة السودان سعيدة بهذا القرار فهو عبأ على كتفها خاصة ان الجامعة تخوض تجربتها فى التحول من معهد للكليات التكنلوجية الى جامعة للعلوم والتكنلوجيا، ليس للمعهد مقر ، كما تشردت اسرته وتفرقوا ايدى سبأ . اذكر كان مدير جامعة السودان حينها البروفسير أحمد عبد الرحمن فهو رجل هاديئ ، دقيق ، أكاديمى ضليع يحسب لقراراته ألف حساب . . بدأ من النقطة الصحيحة . وهى ضرورة ايجاد مقر للمعهد ، واعادة ترتيبه ، وشرعيته الأكاديمية . . . كنت أعمل سويا مع البروفسير محمد الأمين ، فألتقينا بعدد من المسؤلين فى مجلس الوزراء ، كذلك التقينا بالبروفسير أبراهيم أحمد عمر وزير التعليم العالى . الحقيقة تقال لقد وجدنا تفهما كبيرا من وزير التعليم العالى لمشكلة المعهد الذى ذكر لنا بالحرف الواحد انه سيحل هذه المشكلة فورا ، وما هى الا أيام قليلة ومعدودة حتى تم تخصيص مبنى وزراة الاشغال سابقا على شارع الغابة قرب سك العملة لمعهد الموسيقى والمسرح . عمل البروفسير محمد الأمين بسرعة فائقة على تثبيت القرار واستلامه كتابة كقرار جمهورى . كان المبنى كبيرا ، مليئ بمعدات كثيره كلها أدوات صناعية وورش صيانة من (مننجلات ، اجنات ، ترابيز لحام ، جبلونات ) يبدو المبنى مهجورا لفترة طويلة فتقادم آماديا ، لي به (انس ولا جنس ) الا من الكلاب الضالة ، هناك نحو تسع كلب وكلبة دخلت معنا فى اشتباك مباشر جسسور عند أول زياره لمقر المعهد تخيلوا . . قلت ربما قد دخلنا مرحلة الكلاب وهى مرحلة جديده . من هذا المقر بدأ البروفسير محمد الامين عمله من هذا المقر و البحث عن المعهد واصوله وأسرته من طلاب وأساتذه فلم يجد انسا و لا شيئا . . . من ضمن الاشياء التى أختفت الى الأبد معدات مسرحية يبدو انها منحة يابانية . بدأ البروفسير محمد الامين من الصفر تماما . . . هذا رجل عصامى ، عملت معه بهدوء بينما ظل عدد من الاساتذة يعملون بالفنون الشعبية بالهيئة القومية للفنون والآداب. يرفضون مؤازرته فى مهمته . كنت أيضا أعمل متعاونا فى سكرتارية المشروع القومى للاحياء الثقافى بالهيئة القومية للثقافة والفنون رئاسة الدكتور أحمد عبد العال وكان مقرها درا حزب الأمه بام درمان ... كنت دائما مساعد ( للياى ) . . نعم لا يمكن أن يتحول (مساعد الياى الى ياى ) لكنه يظل عارفا لكل المعلومات ، وبامكانه مشاهدة انكسار ا
    3
    كانت أولى مهامى بعد فتح المعهد هى اعادة شعبة النقد الى الحياة. تم استبدال البروفسير محمد الامين بالدكتور احمد عبد العال عام 1993م عميدا لمعهد الموسيقى والمسرح. وتولى الدكتور سعد يوسف رئاسة قسم الدراما. لم تكن شعبة النقد موجوده اصلا ليعاد فتحها . لقد توقفت هذه الشعبة منذ فترة بعيدة قبل 1990 م . كنت اشبه بالذى يعيد ترميم مبنى وهمى . . .لقد دخلن مرحلة الأوهام الكبرى . . كان كل شيئ وهو فى وهم . . .على الصعيد السياسى بدأت سفينة الانقاذ ، تايتنك افريقياابحارها دولة اسلامية من حلفا لنمولى .. . لكن المسألة على الصعيد الشخصى وعلى صعيد معهد الموسيقى والمسرح كانت أكثر تعقيدا وصعوبة واشد ضلالة من الوهم ، لأن المبنى الذى يراد ترميمه غير موجود أصلا. فبدى عملى كأنى أعيد انشاء شعبة للنقد . . . كنت خجلا من نفسى . . . أنا معيد ، وما أقوم به هو من شأن البروفسيرات ولا يوجد أستاذ بشعبة النقد فتم اصدار قرار وتكليفى من عميد المعهد برئاسة شعبة النقد اذا أن الآن سأعمل تحت رئاسة استاذنا سعد يوف مباشرة وهذا قدر حاولت تجنبه بقدر الامكان ، فالرجل ادارى ضليع ، لكن هناك اختلا فبيننا فى الامزجه ، وطبيعة التفكير ، هناك توتر زمكانى فى حالة وجودى ووجود الدكتور سعد يوسف أينما كنا . . . فتأكد لى تماما اننى سوف أكون رئيسا على شخصى . . . لحظه عصيبه. لعنت فيها اليوم الذى قادنى الى تقديم طلبى للعمل كمعيد بمعهد الموسيقى والمسرح . . . فهى وظيفه الفقر والفاقه.وصفها أحد أقربائى وظيفة ليس فيها أى كسب لا دنيا ولا آخره. لقد سافر عز الدين هلالى ولم يترك منهجا مكتوبا للنقد ولا مذكرات ، تخيلوا بعد قرابة ربع قرن لم أعثر على أى وثيقه لكيفية نشأة شعبة النقد ، أما محمد متولى فقد تقادمت عليه الآماد قبل مجيئنا كطلبة . . لكن عزاى اننى قد حظيت بفترة أكاديمية جديده حينما تم أختيارى لمساعدة أستاذنا المرحوم عمر الطيب الدوش فى تدريس مادتى تاريخ ونظرية دراما ،و دراسة وتحليل لدى بقية الطلاب فى الشعب الأخرى. كنت حريصا جدا أن استفيد من علمه الغذير فى المسرح الايطالى ، وعصر النهضة. كان للمرحوم عمر الطيب الدوش أفضال كثيره على : أولا كان منذ فترتى كطالب ينظر لى نظرة خاصة ويراغبنى عن كثب . . أظنه لاحظ نشاطى ، وضوضائى وضجتى وجلبتى ، وطبيعتى الاقتحامية و( نشاف رأسى ). . . عموما قد لاحظ شيئاما فيّ . . أذكر انه نصحنى بقراءة مسرحية ( أنظر خلفك بغضب ) Look Back in Anger لكاتبها الانجليزى جون أوزبورن . من يومها وأنا فى الصف الثانى 1983م أكتشفت نزعة التمرد التى كنت أخفيها داخل شخصية بقاريه . . بقارى متمرد . .. غجرى ظاعن ثائر ضد السكون . . . ضد كل النظم قمعته بنية فوقية محافظه.ربما كان المرحوم الدوش علم بحدسه الفنى الثاقب احتملات انفجار تلك الشخصية فى يوم ما. . . كان الشاعر الاستاذ الدوش رحمة الله عليه يتمتع بحدس عميق ورؤية ثاقبة يغور عبرها داخل نفوس طلابه . كان يفعل ذلك بطريقة طبيعية هادئة . . وهو ذات منهج أستاذنا فتح الحمن عبد العزيز. . أظنه كان يعمل على مساعدتى لأبراز شخصية التمرد بهدوء ...تلك الشخصية التى قمعتها بيئتى ذات البنيية الفوقية البقاريه المحافظة الجامده. . . وكم أنا حزين اليوم ها أنانذا انفجر اسفيريا وسبرنيا لكن لقد غطى الثرى أستاذنا الدوش . . كان يتنبأ بانفجارى الكبير . . ز اشبه بالانفجار الكبير لالبرت اينشتاين ، ومن حينها ظلت ذرات الكون فى انتشار ، وظل الفضاء فى تباعد . . الآن لقد تباعدت ذراتى . عموما ها أنذا أعود لأتشرف بالعمل معيدا، مساعدا له وقد بانت لى ملامحى ... ( ملامحى الضد) ... على يده أستطعت مرة أخرى أن أرتب مراجعتى الأكاديمية ، خاصة فى مادتى تاريخ المسرح ونظرية الدراما فى أصولهما باللغة الانجليزية والعربية . . كنت أعد نفسى لأكون أستاذا ، فبدأت أخرج لسانى على طريقة البرت اينشتاين عندما هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية لأول مرة هاربا من النازية . . كان اينشتاين يخرج لسانه كبيرا للصحفيين . . لقد بدأ لسانى أيضا يخرج تجاه بعض الاساتذه . . . ذلك ليس استصغارا لهم لكن كنت أحس ان الاكزيما الاكاديمية أتت عليهم . . كنت أقرأ بنهم . . والعقل مثل الموس . . . مخ حاد بقارى جدا ، ثلاثة كتب ومراجع فى مجالات مختلفه ( الجاحظ ، جون الين ، وبربا) على وساده واحده داخل غطاء واحد. . . حفظ شديد ، ( المعرى ، وأرسطوطاليس ، وكارل بوبر ) على وساده واحده ( سوفكل ، كينث تينان ، وأغستو بوال) ( أوبيو موما ..ونقوقى واثينقو وسوينكا) . . . مقارانات سريعة بين موقف سيدنا ابراهيم ، وموقف تيسبس فى توظيف . . ليس تيسبس هو أول من وظف الدراما ، فمن قبله سيدنا ابراهيم عليه السلام عندما حطم أصنام قومه ثم وضع آلة التحطيم على أكبرهم ..أول كوميديا.... كب . . على طريقة أهلنا التجانية ( أفهمى كن ما فهمتى أهفزيه) . . كنت أقأ واقفا وجالسا وراقدا ومنبطحا وفى المواصلات . . .أنا من الذين يؤمنون بأن الاستاذ لابد أن يكون عالما فى مجاله ، والعالم مثل البقره اذا لم تعتلف لا يمكنها أن تأتى بلبن. . . ليس لدى لف أو دوران فى هذا الموضوع هذاالمجال . . مجال التدريس ، فاذا اراد أن يكون الشخص مرسا عليه تجويد لوحه وحفظه عن ظهر قلب. . .لأن الوقوف أمام الطالب يعنى عملية اقناعه شكلا ومضمونا ، طالب منفتح على كل العالم لابد من اقناعه ، وتلقينه العلم باذنه حتى يفرغه من فمه.... يعنى عملية طوفان . . . لابد أن يجد الطالب نفسه طافيا فوق حوض مليء بالعلم ثم عليه أن يكتشف قانونه الفاثغورثى الخاص به بنفسه، لكن أن نطالبه بملأ الحوض ثم الطفو تلك مسألة غريبه . . . لذلك بدأت عمليات قراءات شاسعه . . أطلقت عليها ( القنوات الكبرى
    High Chanels ) عميقة أنهمكت فيها لوحدى حتى اكتشفت القراءة الفتوغرافية فى ذاتى...عمليات مسح قراءة نحو 400 مسرحية 651 مرجع بداية بمسرح اليونان فى القرن الثالث قبل الميلاد الى أوجين برابا فى نهاية القرن العشرين .مرورا بكارل قلدونى و عصر الايطالى ، لوبى دفيجا الاسبانى (دراما السيف والقبعة) ، والمسر ح الاليزبيثى ( شكسبير ، روبرت قرين ، بن جونسسون ، كريستوفر مارلو) ثم قراءة الرومانسية بدقة وتركيز على الكاتب والمفكر والشاعر والناقد الانجليزى صمويل تيلور كولردج ، ودهشت تماما عندما وجدت نفسى أقرأ لأول مرة نظرية الايهام فى الدراما لكولردج illusionلكولردج لأول مرة وهى النظرية الوحيده فى الدراما تقف على نقيض نظرية التطهير لأرسطوطاليس .أما كل الفترة التى أعقبت فترة أرسطوطاليس من الرومان مرورا بكاستلفترو ودرايدن فى الكلاسيكية العائده الى القرن السابع عشر الميلادى هى تقع فى اطار اثر أرسطوطاليس على خلفه . . . أرسطو طاليس دائرة المعارف.لم ندرس هذه النظرية فى النقد المسرحى ، كنا نكتفى بدارسة الكلاسيكية ثم ننتكس لقراءة ( النقد الادبى الحديث ) لغنيمى هلال ونتعرض بعوز على نظرية المعادل الموضوعى ل ت .س . أليوت دون ربط ذلك بالنقد الموضوعى أو الفلسفه الوضعية وبدايتها لدى أوغست كونت هذا بالطبع ما كان يقوم به عز الدين هلالى . كنت أقرأPhyllis Hartnol فى كتابها Concise history of Theatre وهو ملخص لكتابها القيم Oxford Companion to the Theatre ثم كنت أقرأ بنهم مؤلفات جون ألن John Allen خاصة مؤلفه الرائع History of European Theatre وفى فترة الواقعية ركزت على الكتاب الاربعه المشاهير جون برنارد شو ، وأنطوان تشيخوف ، و جوهانك هنرك ابسن ، ولويجى براندلو . وهو ما يسمى فى تاريخ المسرح ب ( Modern Drama) . . أفضل من كتب عن هؤلاء تاريخا وتحليلا هو الانجليزى ريمون وليامز فى مؤلفه
    Drama from Ibsen to Brecht. وفى فترة المسرح المعاصر كنت أركز على تيارات ما بعد تيار الوجودية والبنيوية ، خاصة مسرح القسوة .Theatre of Cruelty لانتونين آرتو ثم اقوم بتدريس تيارات الاحتجاج والغضب والعبث واللا معقول لدى بيكيت ويونسكو . ثم أتعرض الى تيارات ما بعد الحداثة و النظرية والنماذج Post Modernism & Beyond Modalities مثل ( أنثروبولجيا المسرح) لبرابا ، و( سيسيولوجيا المسرح ) لجان دوفينيو ، ثم تيارات مسرح المقهورين أوغستو بوال ، وتيار المسرح التنموى . كنت أرتب قراءاتى بحثا عن منهج للنقد . . كان ذلك مصحوبا بقراءات فى مجالات عديده فى الانثربولوجيا ، وعلم الاجتماع والفلسفه والتاريخ والسياسة . . . قراءت فى الأدب العربى ، وأصول الفقه . . . كنت أعد نفسى لأكون مدرسا . . . لم أكن أحسب باننى سوف أتراجع عن هذه الفكرة فى يوم من الايام . واجهتنى مشكلتين أساسيتين فى ذلك :
    أولا: سؤال نظرية النقد معرفيا ( أبستمولجيا) . . وهذه مسألة بالغة التعقيد . . . لا زال هذا السؤال غير قابل للمناقشه . كلهم يشيحون منه . . .
    ثانيا: سؤال مناهج تدريس مادة نظرية النقد. . نعم ما هى بدقوجياومناهج النقد المسرحى
    لقد عمل من سبقونا على تدريس النقد المسرحى ( على كيفهم) ، جزاهم الله خيرا ، لقد فعلوا فعلتهم مهما كانت يستحقون عليها الشكر والجزاء ....لكن هل سيتكرر نفس الخطأ وأنا اليوم فى موقع مسؤلية . . .كنت أشبه بشخص يسبح فى بحر كبير مترامى و متلاطم الأمواج ... ليس لى غير التشبث بلأمل والايمان بالله ، أمل العجوز والبحر لهمنقواى . . رغم المصاعب والخطر الدهم لابد من الاستمتاع . خاصة لقد تم قبول الطلاب ، لعام 19933-1994م رفضت فكرة قبول أى طالب لشعبة النقد ، لأن الشعبة أصلا غير مهيئة . صار المعهد كلية . . . خطوة غلط . . أنا شخصيا أعتذر عن هذه الخطوة لأنى من الذين اسهموا فى فتح واعادة المعهد الى الحياة ، وكنت مثل غيرى أن يتم فتح المعهد بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا كسب كبير ... لكن من الواضح اننا كنا فى حاجة الى وجود المعهد . . . لأن جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا ، ليست المقر السليم لهذا المعهد ذو الخصوصية فان كان لابد من ضمه فلماذا لا يضم لجامعة الخرطوم تلك جامعة بها كلية آداب ، وبها دراسات أجتماعية وانثربولوجيا وعلم فلكلور، وفلسفه ولغات . . . أما جمعة السودان للعلوم والتكنلوجيا ، هى أصلا معهد فنى تقانى . . . جامعة تطبيقية ، علومها هى الزراعة ، والبيطرة ، الهندسة ، والحاسوب ، والليزر ، وكل تلك العلوم التطبيقية البحته . . . هذه المشكلة واجهتنى بصعوبة وبرزت رأسها المنتفخ الأوداج لاحقا . . . عندما حاولت ادخال منظومة ثقافة السلام ، فكنت مثل الذى يدخل جملا فى ابريق . كنا نفتقر لشفافية أكاديمية من شأنها اصلاح حالة المعهد ... تلك أزمة ولا زالت أزمة قائمه تشهر وجهها لنا جميعابمعهد الموسيقى والمسرح. ليس هناك عيب فى البحث عن المنهج الصحيح فى المؤسسات الأكاديمية .... ليس هناك عيب فى البحث عن الطريقه الصحيح ، لكن العيب أن ندعى المعرفة دون معرفة. . . نتوهم اننا كنا فى الدرب الصحيح ثم نصدق ذلك الوهم ، وهى ذات الازمة التى سوف تعصف بى الى خارج هذه المؤسسه لاحقا انشاء الله . . ولا أرغب فى كشف اللعبة لكن ربما شهدت السنة 2007 نهاية تاريخى فى هذه المؤسسه. لا زال المعهد يسير بنفس المنوال ،لا زال الاهتمام بالشكل طاغيا ، ذلك خطأ كبير حينما ظننا أن أنضمام المعهد الى جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا سوف يحل كل شيئ . ذلك كان وهمفينا نحن أساتذة المعهد وليس الجامعة فالجامعة تساعدنا ان قمنا بالاصلاح الاكاديمى لكنهالا تعلم كيف تصلحنا أكاديميا فنحن أدرى بشؤون الدراما من اسلتذة البيطرة كما استذة البيطرة أدرى ببيطرتهم منا ومن غيرنا .وهم كبير . . فمنذ عام 1994 م قد أكتمل المقر ، وصار المعهد كلية جامعية وتمت عملية ترفيع الاساتذه وتحول بعض اساتذة المعهد الى أساتذة مشاركين قبل نيلهم درجة الدكتوراة ، بقانون الخدمة الطويله ، لكن ظل كل شيئ واقفا أكاديميا . قلت يجب الاعتراف بالحقائق . . فطالبت عبر اجتماع الاساتذه بمؤتمر أكاديمى من شأنه اصلاح حال المعهد الاكاديمية ، وليس ذلك أمر به عيب أو بدعة من البدع ، لقد شاهدنا بعض الدول والحكومات تقيم مؤتمرات لوضع استراتيجياتها الأمنية ، حكومات ودول تقوم بذلك الاجراء فما العيب والخطوره فى قيام مؤتمر يتنادى له أهل المعهد ، خريجوه ، اساتذته الذين تركوه ، وأصحابه وبنيه . . ثم خبراء ، واساتذة معروفين فى هذا المجال من كافة انحاء العالم .... من المستحيل أن تمضى أكثر من ثلاثين سنة . . . سنة تحك سنة على مؤسسة أكاديمية دون التعرض الى اصلاح مناهجها أو تنقيحها . . . وافق الدكتور أحمد عبد العال عميد المعهد وتحمس لهذه الفكرة لكن دون جدوى فحدث شيئ تنفيسى ركيك . . . بدأت أعلن تمردى رويدا رويدا . . . الشك فى مناهج المعهد .. . توجد كلية ، لكن تحتاج الى الاستاذ ، والمنهج والمراجع والخريجين الذين هاجروا. .. . يجب الاعتراف ان الكلية محتاجة الى كل خريجيها ، وبامكانها استيعاب كل هؤلاء الذين هاجروا ، منهم من تميزوا بالنبوغ ،والعلم ، واللذوعية الفردية. . . لكنهم قد هاجروا بعد أن تم عزلهم . . ان الهجرة التى ضربت أسرة معهد الموسيقى والمسرح ليست كلها هجرة سياسية حتى يتكسب منها آخرين سمعة . ابدا كانت غالبيتها هجرة لظروف ضاغطه وبعضها حرمان هؤلاء من مجالهم ثم اقصائهم فظل المعهد ( الكلية لاحقا) دون رافد انها القطة التى أكلت بنيها . . ،مأساة افيجينيا . . . مأساة ميديا ... أما الآن لا توجد غير دماء قديمة تكلست وتجبجبت . تقدم الاستاذ هاشم صديق باستقالته بعد تدنى مستوى المعهد وعدم الاذعان الى الحقائق وضرورة الاصلاح . فى عام 1995م تقدمت الى الدراسات العليا بجامعة الخرطوم ، لأننى قد تأكدت بعد جادثة بعينها اننى ليس من الذين سيحظون بفرص التحضير للدراسات العليا خارج الوطن. تلك حادثة هامة اعتذر عن ذكرها هنا ، لكن لاحقا . . . ياعود لها، فكثير من الفرص التى وجدتها لم تجد الدعم من الجامعة ، فخفت أن يمر العمر بسرعه ، فعملت فورا على اللحاق بالدراسات العليا. الحقيقة ، كنت على استعداد أن ابدأ من السنة الأولى فى دراسة الفلسفة أو الأدب الانجليزى ، فالنقد المسرحى هو فرع من الأدب الانجليزى ، لكن لحسن حظى كانت قد اتاحت جامعة الخرطوم فرصة التحضير لدرجة ماجستير الآداب فى الفلسفة ، والدكتورة شريطة بعد اكمال عام تمهيدى ( خامسه فلسفه) على أن يكون النجاح فى التمهيدى فوق 70% . قلت تلك مجازفة. . . وأنا أحب المجازفات . . . فهى مثيره والعمر شيئ تافه دون اثاره .. قدمت بعد أن استوفيت الشروط ، كان بالدفعة الخامسة بشعبة الفلسفه بها 4 طلاب من آداب جامعة الخرطوم ، أى طلبة الامتياز و2 من جامعة النيلين قسم الفلسفة ، وشخصى من خريجى شعبة النقد معهد الموسيقى والمسرح ، كان الشرط هو أن يكون الخريج من حملة الدرجة العليا جيد جدا . . ثم لابد أن ينجح بنسسبة 70% فى نهاية السنة للتقديم لماجسستير الآداب فى الفلسفة أما فى حالة الرسوب لا تمنح أى شهاده . سنة 1994-1995م سنة صعبة بالنسبة لى ، أولا : لم أحظى بمنحة من جامعة السودان لقد رفض عميد المعهد طلبى ، بل كتب أمين الكلية وعميدها خطابا مطالبين بعدم منحى فرصة من الجامعة للتحضير لأن الكلية كانت فى حاجة الى . . . تلك كانت كلمة حق أريد بها باطل.... نموذج عجيب من المؤامرات أجاده السودانيون . عموما واصلت دراستى مع مواصلة أعبائى كرئيس لشعبة النقد . . . كنت غير مقتنع بشعبة النقد حيث لا يوجد استاذ بها غيرى ، ايضا من أعبائى اننى كنت قد تزوجت وأنجبت ابنى الأول محمد فرحلت من الحاج يوسف الى المورده شرق ( فريق ريد) شرق الريفيرا بمنزل صغير من الجالوص. كان لزوجتى حواء حامد دور كبير فى تشجيعى لعبور هذه المرحلة . . . كانت قد جمدت دراستها الجامعية للتفرغ لمساعدتى..... استطعت أن أوظف زمنى بدقه ، كنت اقسم اليوم مثل كوم المرارة . . . معهد الموسيقى والمسرح ، جامعة الخرطوم (حضور كل المحاضرات) ، العوده الساعه الحادى عشر ليلا ، النوم الى صلاة الفجر ثم القراءه الى الساعه الثامنه صباحا ،. لقد أحببت شعبة الفلسفة ،زملائى ، غالبيتهم أصغر منى سنا. كان اساتذة شعبة الفلسفة واسرتها ترعانا رعاية جيده ، استاذنا الدكتور عبد المتعال زين العابدين عالم الفلسفة الاجتماعية ,استاذنا الدكتور أحمد المهدى رحمة الله عليه عالم فلسفة التاريخ ، أستاذنا الدكتور عبدالله رحمة الله كان يدرسنا مادة فيلسوف مقارن ، واستاذنا البروفسير ميلر عالم فلسفة العلوم ، كان قد حدث ما توقعته من جريان الفلسفة داخل جروفها داخل دماغى . . . كنت أجد متعة فى دراستى . . ثم أقوم بعمليات مقارنة بين نظرية النقد المسرحى والفلسفة ابستمولوجيا . . وكانت الحرب تزداد فى الجنوب ، وأنا اواصل عملى كمعيد بمعهد الموسيقى والدراما . لم أظهر لعميد المعهد وأمينه اننى بدأت الدراسة والتأهيل لدرجة الماجستير ، بل قد نجحت فى ايهامهم ، كنت أول من يحضر صباحا الى المعهد ، ولم اذكر واقعة الخطاب.لم أطالب الجامعة باى مصاريف للسنة التاهيلية ، وقدرها حينها 500000 ج سودانى ، دبرت المبلغ بطريقتى الخاصه ، كما تقدمت الى راتبى كسلفية مقدمه . وقانى ذلك شرهم جميعا . . حتى اذا أكتمل العام ، كنت قد أحرزت درجة النجاح المطلوبه ، فتقدمت للماجستير فى كلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم كان ذلك عام 1995 م ، وحدثت تغيرات كثيره ، ساعدت فى منحى فرصة الماجستير بدون تفرغ . . أولى المساعده جاءت من أستاذنا الكبير الرجل العصامى ود البلد صالح عركى الذى تم نقله من معهد الموسيقى والمسرح الى أمانة الشؤون العلمية بالجامعة. . . نكون بذلك قد أكملنا الفصل الثانى ، للنتقل الفصل الثالث والأخير من هذه الذكريات : التاريخ السياسى والثقافى لمعهد الموسيقى والمسرح : مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور

    وخليكم على الخط

    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 12-30-2006, 12:58 PM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 12-31-2006, 04:53 AM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 12-31-2006, 05:49 AM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 01-03-2007, 02:10 PM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 01-04-2007, 08:47 PM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 01-04-2007, 10:08 PM)
    (عدل بواسطة Abuelgassim Gor on 01-08-2007, 09:51 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 05:55 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Elmosley12-28-06, 11:08 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 محمد سنى دفع الله12-28-06, 11:17 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 anwar abu gaidaa12-28-06, 11:43 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 خدر12-28-06, 12:22 PM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 05:25 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 05:20 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 05:17 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 05:13 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-06-07, 12:34 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة12-28-06, 05:44 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 08:50 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 11:07 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 09:20 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-28-06, 09:24 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 عزيز12-28-06, 10:54 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 06:51 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Elbagir Osman12-29-06, 07:28 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 حليمة محمد عبد الرحمن12-29-06, 09:25 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 10:58 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 09:37 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 10:18 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة12-29-06, 12:46 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 محمد سنى دفع الله12-29-06, 02:07 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 02:39 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 02:50 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 03:11 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 محمد سنى دفع الله12-29-06, 03:28 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Elmosley12-29-06, 04:19 PM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 04:44 PM
            Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Elmosley12-30-06, 05:46 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 04:59 PM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 07:39 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 08:20 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-29-06, 08:22 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-30-06, 06:13 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-30-06, 10:39 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة12-30-06, 12:32 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-30-06, 12:42 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة12-30-06, 01:52 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Elbagir Osman12-30-06, 03:19 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة12-30-06, 03:46 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Mohamed Ahmaed Olyesh12-30-06, 05:32 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 أحمد أمين12-30-06, 10:55 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 00:19 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 00:45 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 01:00 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Mohamed Ahmaed Olyesh12-31-06, 02:42 AM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 03:39 AM
            Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 03:51 AM
              Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 05:17 AM
                Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 05:39 AM
                  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 03:45 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor12-31-06, 03:52 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-01-07, 09:59 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة01-01-07, 10:20 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-01-07, 11:21 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-01-07, 02:57 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 تبارك شيخ الدين جبريل01-01-07, 04:38 PM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 حليمة محمد عبد الرحمن01-01-07, 10:00 PM
            Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-02-07, 07:40 AM
              Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 محمد النعمان01-02-07, 09:39 AM
                Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-02-07, 11:10 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-02-07, 10:21 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-02-07, 07:57 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 تبارك شيخ الدين جبريل01-03-07, 04:15 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 abdalla elshaikh01-03-07, 06:31 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 08:57 AM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 munswor almophtah01-03-07, 09:24 AM
            Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 09:58 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 02:40 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة01-03-07, 09:46 AM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 10:07 AM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 01:56 PM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 mohmmed said ahmed01-03-07, 03:50 PM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 06:41 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-10-07, 07:34 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 adel alsaed01-03-07, 06:55 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 09:07 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-03-07, 10:52 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 بشير جبريل علي01-04-07, 00:40 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 09:42 AM
          Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 11:45 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 02:24 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة01-04-07, 07:09 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 07:48 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 ناذر محمد الخليفة01-04-07, 07:55 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 08:38 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 08:12 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Mohammed Haroun01-04-07, 09:23 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-04-07, 10:15 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-05-07, 05:44 AM
        Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 محمد النعمان01-05-07, 07:27 AM
  رد mohmmed said ahmed01-05-07, 09:14 AM
    Re: رد محمد النعمان01-05-07, 09:52 AM
      Re: رد mohmmed said ahmed01-05-07, 10:49 AM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-05-07, 12:45 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abdulbagi Mohammed01-05-07, 02:00 PM
      Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-05-07, 07:46 PM
  Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Mohamed Adam01-05-07, 06:41 PM
    Re: التاريخ السياسى لمعهد الموسيقى والمسرح - مذكرات بقارى من التور الى الكمبيوتور 1982-2006 Abuelgassim Gor01-05-07, 07:57 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de