مواضيع توثقية متميزة

كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 05:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مواضيع توثقية متميزة
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-09-2003, 12:20 PM

عبد الجبار

تاريخ التسجيل: 11-21-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس

    كوميديا البحث عن هيثم

    جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس



    في حلة أو قرية من القرى السودانية, كان أحدهم ثملا ومترعا حتى الأذنين. ما أن وضع رأسه على الوسادة لينام, حتى سمع عويل النساء وولولتهن تشق هدأة الليل وظلمته. خرج إلى الشارع بعين مغمضة وأخرى مفتوحة سائلا أحد المارة : مالها الحلة تولول, ونساؤها يصرخن كلما حان للواحد منا أن يغمض عينيه ويريح جسمه من عناء الحياة .. أما لها من رجال غيرنا؟
    فجاءته الإجابة : والله في الحقيقة ناس الجيران ديل عندهم ولد إسمو هيثم راح وما لاقنه. فجاء وقع الخبر على رأس الرجل الثمل كما الصاعقة. تبدل سلوكه فجأة وتغيرت نبرة صوته وأسارير وجهه : ولد إسمو هيثم وراح؟ لا والله دا الواجب نفقدو ونمشي كلنا نفتشو. ياخ دا ناس الإحصاء ذاتهم بفقدوه, لأنو فقد كبيرللوطن والله. استجمع الرجل ما تبقى في جسمه من همة وطاقة وتماسك, وخرج مثل غيره من أهل الحي. لم يترك ساحة من ساحات الحي إلا ومر بها, عرج على كل الأزقة والطرق, بحث عن هيثم في كل الأركان, رأى في رحلة البحث الطويلة تلك عشرات الوجوه والشبان الذين هم في سن هيثم ودوره, ولكنه لم ير فيهم ذلك الهيثم الذي ارتسم في مخيلته مطلقا. امتد به البحث لمدة ثمان ساعات بالتمام والكمال, ولا درب ولا أثر له. قال بعد أن نز جبينه بالعرق في رحلة بحث لا طائل منها, وبعد أن كادت "تفك من رأسه": ياخ بالله خلينا نمشي ننوم, بلا هيثم بلا بلولة.
    وما أن استقر رأسه على الوسادة فيما تبقى من آخر ساعات الليل, حتى شقت زغاريد نساء الحي سكينة الليل, فخرج منزعجا : أها مالكم تاني؟ سأل, وهو يطل برأسه من وراء الباب.
    - ابشر.. هيثم لقوه.
    - لا والله دا خبر سعيد وبالدنيا كلها. لازم نمشي نتحمدل السلامة. ذهب لتوه إلى بيت الجيران وأهل هيثم مهنئا. ألف حمد الله على السلامة ياجماعة, والله تشرفنا وسعدنا بالنبأ .. أها ووينو هيثم؟ فأشاروا به إليه.
    - هو دا هيثم؟ قالها مستنكرا, بفم مملوء, ونبرة صوتية قوية, ورأس طار آخر ما فيه دهشة. دا هيثم؟ قالها مخاطبا نفسه هذه المرة, وقد بدا له هيثم في غاية القبح ومخيبا للآمال ولا يستحق ذرة واحدة من كل ذلك الجهد الذي بذله في البحث عنه. كان فم هيثم عريضا ومنبعجا للأمام كما سقالة البنطون, والأنف فتحتاها متحفزتان ومشرعتان وواسعتان كماسورة بندقية الصيد, العيون حمراء وصغيرة وضيقة وغائرة مثل زراير البدلة, أما الشعر فكل ثمانية منه عاملات اجتماع, من فرط تجعده وشناته وقساوته. بالله هسع دا هيثم؟
    - أيوه أهو دا هيثم ليه؟
    - ياخ دا أنا بفتش لقيتو تمانية مرات!
    ثم انصرف الرجل إلى بيته محاولا اللحاق بما تبقى له في الرأس والعينين من انتعاش. قال هيثم قال!!!
    إلى هنا تكون نكتة البحث عن هيثم قد انتهت. بقى أن نقول إن " النكتة" هي مكون صميم من مكونات الفولكلور والثقافات الشعبية السودانية ولغاتها التي تزيد على المئة وخمسين لغة وثقافة في مختلف أنحاء السودان. والنكات كما نعلم, شأنها في ذلك شأن الأمثال والأحاجي الشعبية والأساطير, هي الأكثر قدرة ومباشرة في التعبير عن الوعي الباطني والسلوك الجمعي للشعوب والمجتمعات أينما كانت.
    خلال السنوات الماضية الأخيرة, برزت في المشهد الثقافي في السودان- سيما في العاصمة الخرطوم- مجموعات وفرق وأفراد, امتهنت في فنون العرض, لونية من ألوان التسلية والترفيه, فيها شيء من فن المونولوج والطرافة, في استعادة للحظة تاريخية صاحبت فيها هذه العناصر البدايات والتجارب المسرحية الباكرة في عقود الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات. القاسم المشترك بين هذه التجارب الأخيرة أنها توسلت ببعض الحيل والعناصر الكوميدية, أسلوبا لتقديم المقاطع والعروض الترفيهية الخفيفة مثلما هو الحال في تجربة مجموعة فرقة الأصدقاء
    " محطة التلفزيون الأهلية" وتجارب الممثل جمال حسن سعيد ومجموعات مختلفة من خريجي قسم الدراما بقصر الشباب والأطفال وفرقة "تيراب" و"الهيلاهوب" وغيرها. حاول بعض هذه المجموعات تقديم لونية فنية على نمط ما نراه في الفضائيات العالمية مثل برنامج Full House الذي تقدمه شبكة " إم بي سي" والمشاهد الكوميدية التي يقودها الممثل ويل سميث وغيرها من البرامج التي تبثها مختلف قنوات الكوميديا والترفيه. من بين المجموعات والتجارب السودانية من احترف تقديم فن النكتة, كما هو حال محمد موسى الذي أنتج حتى الآن ثلاثة أشرطة كاسيت, وجدت رواجا كبيرا لها في أوساط السودانيين داخل وخارج البلاد.
    بعض هذه التجارب" بايخ", سمج وثقيل الظل. وبعضها أسهم إسهاما كبيرا في غسل أحزان السودانيين وإعادة البسمات والضحكات التي جففتها وذهبت بها هموم الحياة ومعاناتها اليومية. فخلال السنوات العجاف هذه, ذاق السودانيون الأمرين, ولم يعد سوى ثمة شجر شاحب وعيون حزينة كما قال صديقنا الشاعر محمد محي الدين في وصف موسم محل وجفاف سابق ومشابه. وللنكتة الحلوة الجميلة أثر الندى والطل على صحراء النفوس اليابسة الجرداء التي قهرتها هموم الحياة وأعباؤها, وذهبت بخضرتها وطراوتها كثبان العته والمغامرة السياسية الزاحفة عبر السنين. في ظل الشعور الطاغي بوطأة القهر واستحالة الحياة الإنسانية, يهرب الناس إلى كل ما هو إنساني فيهم, يتشبثون به, يصنعون الحياة من العدم والخيال, وتتحول النكتة والفن الجميل عموما, إلى وسيلة لا غنى عنها لمغالبة القهر, وتجديد القدرة على الاستمرار والتطلع نحو مسارب الضوء والأمل. وفي بعض الأحيان, تتحول النكتة إلى بديل للحياة نفسها. هكذا يعمل السودانيون بحكمة " اضرب الهم بالفرح". وهذا هو ما أسهمت به بعض التجارب المذكورة, ومنها تجربة الفنان الشاب محمد موسى.
    وكما في فن الكوميديا, تقوم عملية إثارة الضحك عموما على مبادئ أساسية مشتركة, أهمها السخرية وتأكيد عناصر المفارقة الكوميدية. فانظر إلى نكتة " البحث عن هيثم" وتأمل كيف تم تأكيد عنصر المفارقة وحشد النص والأداء بعناصر السخرية وتضخيم التقابلات, بحيث يتم إنتاج الضحك من خلال كل ذلك الاهتمام الذي أعطي لهيثم الضائع, وتلك الخيبة الكبيرة التي أثارها بعد العثور عليه.
    وأنا أستمع لهذه النكتة, أتأمل وأستمتع بجماليات الأداء الدرامي فيها وخيالها الفني الخصب, قفز إلى ذهني سجال من سجالات الخريف الثقافي في السودان, كان طرفا أساسيا فيه, المبدع والمثقف الموسوعي الراحل أحمد الطيب زين العابدين وزميله الفنان التشكيلي بابكر كنديو وأخرون. دار ذلك السجال النقدي حول مفهوم الجمالية العرقية, وهو حوار في معنى التمظهر الجمالي للعرق والنزعة العنصرية في الفن. ولما كان الشيء بالشيء يذكر, فقد ذكرت ذلك الحوار, لعلمي وقناعتي بأن للفن القدرة على دس السم في الدسم, وتجميل مظاهر قبح الوعي الاجتماعي في بعض الأحيان. فبحكم منطوق نص النكتة, كان من المفترض أن يكون لهيثم اسم آخر يعبر عن ملامح زنجيته وقبح إفريقيته الموصوفة, وأن ملامحه الواردة في نص النكتة لا تنسجم والإيحاءات العرقية الجمالية التي يثيرها الاسم العربي المتمدن الرقيق الذي يحمله. والنكتة رغم جمالها, تنضح بالمنتجات البائرة وبضاعة عقلية " الجلابي" عربي الشمال, ود البلد والأصول والحسب والنسب!
    بالطبع يصعب جدا هز مسلمات الرواسب النفسية للوعي الاجتماعي السائد. ولا شك أن في نكات الثقافات الإفريقية السودانية, ما هو مترع بالعنصرية المقابلة والضحك المضاد على " الجلابي" " المندكورو" عربي الشمال المستعلي المتعجرف. ويضحك أهل المدن والقرى السودانية على بعضهم البعض, وقد تمتلئ القهقهات أحيانا بالعنصرية السافرة والسخرية القائمة على أساس العرق, سخرية من الحياة كلها في بعض الأحيان, وتسامحا في أحيان أخرى, واستجابة لنداءات الفن والجمال في كل الأحوال. لا نحمل محمد موسى وحده كل الوزر, نحييه ونأمل أن يعي خطورة الدور الذي تؤديه النكات في تشكيل الوعي الاجتماعي, وحفز بعض عناصر السلوك الاجتماعي السلبي من خلال عملية المتعة والضحك. ولنضحك مع محمد موسى في معان أجمل وأرقى.

    عبد الجبار عبد الله
    Email: [email protected]

                  

12-09-2003, 12:40 PM

معتصم ود الجمام
<aمعتصم ود الجمام
تاريخ التسجيل: 04-22-2003
مجموع المشاركات: 3261

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس (Re: عبد الجبار)

    الاستاذ عبد الجبار عبد الله
    الموضوع في غاية الاهميه
    كما عهدناك دائما ملامسا للعصب الحي
    تجربة فرق المنكتاتيه هي ذاتها ازمه محتاجه نقاش
    والاهتمام بها من قبل الموسسات الاعلاميه على حساب المسرح الجادي واضحا وذا اثر على تربية المشاهد السوداني الذي يعاني ما يعاني في علاقته بالمسرح ... وده موضوع طويل
    بخصوص جهوية النكت ده كلام في محلو الدليل على ما اثارته نكتة اهل العوض من ردود افعال في الشارع السوداني لدرجة اهل العوض صارت نبذه يعني ممكن تقول للزول انت اهل عوض ساكت
    المهم ده كده سريع لمن نناقش الموضوع بمهله
    معتصم سيد احمد
                  

12-11-2003, 01:00 PM

عبد الجبار

تاريخ التسجيل: 11-21-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس (Re: معتصم ود الجمام)

    عزيزي معتصم
    لك التحايا والود والأشواق الحارة
    كثير هو مايستحق التناول والنقاش, شحيح هو الزمن المتاح. ولكن لا بأس أن نقتطع المزيد من الوقت لكي نمارس دورنا الثقافي الناقد. سعدت أنا بتعليقك العاجل على موضوع النكات, ولكني أختلف معك في الافتراض بوجود تعارض ما بين فنون التسلية الخفيفة التي أصبحت شكلا فنيا قائما بذاته على نطاق العالم وفن الدراما بالمعنى الدقيق للكلمة. أفهم أن لإشارتك علاقة بالتمويل والتنظيم والاهتمام من قبل الدولة بفن الدراما كفن. وآمل ألا يكون في قناعتك احتقار لأشكال التسلية الخفيفة التي يمارسها أمثال محمد موسى وغيره. لا مجال للخصومةالفنية يا صديق
                  

12-09-2003, 12:44 PM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس (Re: عبد الجبار)

    AbdelJabbar, my dear: Greatings

    I am so pleased to read you today, always as I have known your contributions, great and impressive

    when i have my arabic back I will do better , ha ha ah

    I realy hope if you find more time to be around and to keep in touch.


    anyway, I just would like to share that a long time ago, I wrote about "laughter & Racism" about these tapes, here on this board, but god knows where did it go now. I will work hard to find it or rewrite to you here "in Arabic"

    Bottom line I am glad to see you here
                  

12-11-2003, 01:19 PM

عبد الجبار

تاريخ التسجيل: 11-21-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس (Re: Tumadir)

    Dear Tumadir
    Please let the jokes and racism aside for now...where are you body and bone? miss you badly.I,m desperate to restablish a shattered friendship and human love. Tanks a lot for your comment on my article. I,m also desperate for your study on "Jokes and Racism)Finding it, is a must.My email address is
    [email protected]
    please send me your contacts, together with those of Rasha, Omaima and the rest.The roots of love are ever green and flourishing,make sure
                  

12-11-2003, 01:52 PM

Tumadir
<aTumadir
تاريخ التسجيل: 05-23-2002
مجموع المشاركات: 14699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوميديا البحث عن هيثم: جمال النكات السودانية وتجليات العرق المدسوس (Re: عبد الجبار)

    Abdeljabbar:
    go ahead install yahoo messanger and I will meet you there. don't waste the time., please
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de