كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
|
لاول مرة ثلاثة مناسبات معآ: اعلان الأستقلال.. عيد الأضحي.. اغتيال اول سوداني بيد الأنقاذ.
|
فـفي 19 ديسـمبـر 1955 اعلن اسـماعيل الأزهـري ومن داخل البـرلـمان اسـتقلال السـودان. في هـذا اليوم (والـحمدللـه اننـي شاهـد عـصـره ) امتلاءت الشوارع في الخـرطوم وباقي الـمدن الكبـري بـملاييـن الـمبتهـجين بـهذا الأعلان وحملوا اللافتات الـمؤيدة للاعلان ونزلن النساء للشوارع يوزعن الحلوي وعصيـر الليمون والبسكويت علي الـمارة. وفي الـخرطوم سـهر الناس حـتي الصباح بالشوارع رغـم قسـاوة البرد القارس يومـها وفرح الناس بـوحدة الاحـزاب الوطنية حول مبدأ تقرير الـمصـير وان (السـودان للسودانييـن )
لقـد كان الشقاق والفرقة واخـتلافات الاراء من الأسـباب التي كادت ان تـضيع الاهـداف السامية التي يسـعي لـها كل سـوداني وهي الأسـتقلال التام وجـلاء القوات الاجـنبية واحـترام مبدأ حـق المـصيـر ولكن قادة هـذه الأحـزاب تداركوا الـموقف سـريعآ واتـحـدوا من اجـل سـودان واحـد مـوحـد بلا وصاية او وـدة مع مـصر او الانضـمام مع بريطانيا في منظـومة "الـكومنولث". البريطانية.
19 ديسـمبـر هـذاالعام يوم فريد ونادر في تاريـخ السودان. ولكـن مناسـبة ذكري اعلان الاسـتقلال تاتي هـذا العام ولااحـدآ يتذكرها او يعيـرها اهـتمامآ .... تـمامـآ كـحال اليـتيـم ايام العيـد!!
الـمناسـبة الثانية التـي صـادفت يوم 19 ديسـمـبـر هـذا العام وتلاقـت مـع ذكري اعـلان الأسـتقلال هـي مناسـبة عـيـد الأضـحـي. ولكن هـذا العيـد يعـتبـر من اغرب الاعياد التي مـرت علي السـودان لانه عـيـد بلا أضـحية وبلا خـراف ولا لـحـوم!!. عـيد ملئ بالتوتر بسـبب اعلان وزارة الصـحـة ان حالة البلاد تسـتدعي وجـود الأطباء بـصورة دائـمة وطـوال اليوم بالـمسـتشفيات وتـم اعلان حالة الطـوارئ بالـمستشفيات الكـبيرة لـملاقاة الـحالات الـمستعجلة. عـيـد بلغ فيه الغلاء حـدآ جـعل اغلب الـمغتربييـن ويـحجـمون عن الـقدوم للـسودان. عـيـد بلاحـكومة ولاوزراء وبلا جـهة تدير البلاد!!!
الـمناسـبة الثالثة الـتي سـنتكلم عنها والتـي وقعت في مـثل هـذا اليوم وقبل 18 عامـآ هـي قصـة اعـدام الـشهيـد الذي يعـتبـر او شـهـيـد واول مـن قتله نظام الانقاذ فـي 19 ديسـمبـر 1989 ولـم يسـبقه احـدآ اخـر الأسـتشهاد.
فـي مـثل اليـوم تـم اعـدام مـجـدي مـحجـوب بـسـجـن كـوبر. وتـم تسـليـم جـثته لـذويه بصـورة منافيـة للاخلاق والعرف السـوداني. ولكن جـنازته لقنت الكلاب في الانقاذ درسـآ في الوطنية، خـرج وراء مالايقل عن 50 الف مـن الـمشيعييـن وحـتي النساء سـرن مـع الـجثمان وحـتي الـمقابر ودفن مـهابة وسـط دموع الأف.
وكان الرائد صـلاح كرار وبكري وشـمس الدين يراقبون سـيـر الـجنازة من وراء نافـذة سـيارتهـم مـحـتمين بـجـنودهـم وعسـكرهـم من غـضـب الـجـماهـير وخافوا ان تنقلب الاوضاع بـمظاهـرة عارمـة اشـبه بـمظاهرات 21 اكتوبر بعـد اغتيال القرشـي فكان جـيشـهم الـهمام فـي حـالة تأهـب مائةفي الـمئة، في مثل هـذا اليوم 19 ديسـمبـر وقبل ثمانـية عـشر عامآ تـم منع اقامة اي نوع من مراسـم العزاء، وراح الرائـد شـمس الدين ويرهـب اهل الـمنطقة بـجـنوده وتـجـواله ليل نهار بشـوارع الـمنـطقة.
واليوم، اين هـو الرائـد شـمس الديـن، واين القضـاة الذين حكـموا علي مـجـدي بالاعـدام، واين الزبيـر محـمد صالح واين لـطفي رئيـس القضـاة!!??.
اما عـن الرائـد القاتل صـلاح كرار فان اكـثـر مايـؤرقه ان يسمع يوميـآ من الناس ويـواجـهونه بالـحقائق انه اسـتفاد من الأموال الـمصادرة وانه ايـضآ قـد بـنـي قـصـره الفـخم من اموال اسـرة الـمرحوم مـحجوب ةالتـي اخـذها عـندما داهـم منـزل الـمرحوم واسـتولي بالقوة والارهـاب علي اموال الأسـرة، ان اكـثـر مايـزعـج صـلاح ان الـهيبـة وحـياة الأبـهة والـحراسات والنفوذ كـلها قـد زالت عـنه واصـبـح في مـهب الريـح.
ان اكـثـر مايضـايق الرائـد (سابقآ) صـلاح انه وبيـنما هـو يـحتفل مع اسـرته بـعيـد الاضـحـي اليوم يسـمع من يقول له ان "خـروف الأضـحـي "وملابس العـيد والهـدايا قـد اشـتـريتها بـمال حـرام صـادرته عـنوة وارهابآ من مساكيـن قـتلـتهـم بـعد .... النهـب الـمسلح!!!. من مـهازل القـدر، ان اسـرة الشـهـيـد مـجـدي لاتـسـتطيـع الاحـتفال بـعيـد الاضـحـي الذي صـادف نفس يوم الذكري الالـيـمة، بيـنما القتلة احـرار طـلقاء يـحتفلون بالعـيد بالـمال الـمسروق والـمغتـصـب.
|
|
|
|
|
|
|
|
|