|
أظنه مات ضاحكاً ... المهندس جبارة مختار عثمان
|
يوم الإثنين يبدو أنه كان يوماً حافلاً في دواخل ( جبارة ) ... ليته دوَّن إحساسيسه ... ليته قال للأقربين بأنه يحس بأنه مفارق هذه الفانية ... و لكنه تصرف كـ ( جبارة ) تماماً ... كما عهدناه .. كتم ما يحس به .. و أفرغه على من حوله و أضفى علي كل هذا و ذاك من شخصيته المشرورة على الدنيا و أهله فيها .. إتصل بزوجته و أولاده و قال لهم : أنا مشتاق شديد و بطريقة ما معتادة ...
و كعادته .. يختم كل المواقف بضحكة ساخرة ... و القريبون منه يلاحظون تلك الإبتسامة التي تغمر كل وجهه .. غاضباً كان أم فرِحاً .. ثم إتصل بإبن أخي و أوصاه بأمور دنيوية تخص إستحقاقاته بوزارة الزراعة التي كان مهندساً بها .. ثم إنطلق من الرياض إلى ( وادي الدواسر ) بسيارته الصغيرة إلى مكان عمله ..
يوم الثلاثاء صباحاً جاءني صوت أخي حزيناً : جبارة مات في حادث ...
مشكلتي أنني لا أبكي وقت الفواجع .. أحياناً أخدع نفسي بالتشاغل بأي شيء يعيداً عن الحدث المحزن .. لا أحب حتى أن أخوض في تفاصيله .. ( أخاف أن أغرق في الحزن و لا أقدر على النجاة ) .. تعاندني دمعاتي .. تتصلب في المآقي و تُقسِم ألا تنزل لتلطف بعض الحزن الساكن في الجوف ...
إتصلت بأخيه محمد .. وجدته صابراً محتسباً .. إتصلت بأخيه نزار .. وجدته أصلب عودا .. و إتصلت بأخته ( إحسان ) ... فكان الحزن مندلقاً نحيباً لم تشفع لدموعي أيضاً بالنزول .. لا أستطيع حتى على إخراج كلمات المواساة.. أخته ( فريال ) بكتْه نادبة بأسلوب الحبوبات : يا سندنا و إتكالْنا ...
إلى الآن لم أتصل بالسودان معزياً ... أخاف أن أسمع من أمه بكاءاً فتخذلني دمعاتي .. أكتب هذا و حروف الكيبورد غارقة في بعض دمعي الذي تكرم و جاد علي الآن فقط .. غريب أمري و الله ..
المهندس جبارة مختار خريج جامعة الخرطوم أتى للسعودية قبل بضع سنوات .. عمل في شركة زراعية .. ذات يوم تعب من العمل فقال للمهندس المصري زميله : بروح أرتاح في البيت و أرجع .. فقال له المصري : ليه تتعب نفسك رايح و جاي .. خدْلَك تعسيلة تحت الشجرة دي .. فنام جبارة قرير العين .. واثقاً بأن أمة محمد ( كالجسد الواحد ) ... فأتي المصري بصاحب العمل و قال له : شوف السوداني نايم وقت العمل و في مكان العمل. فغادروه للسودان ... غادر و هو يضحك مندهشاً من هذا التصرف ... أو على هذا الدرس الجديد الذي كلفه الكثير .. مكث في أهله قليلاً ... ثم أتى للعمل مرة أخرى للسعودية ... بالطبع لا يدري أن الله قد أتى به لمكان موته و دفنه ... القبر ينادي صاحبه ... و الموت يدغدغ عقل الإنسان الباطن ... فيودع أحبابه دون قلق ... و دون أن يشعر بأن ما يقوم به هو وداع مبطن بالرحيل ...
رحل جبارة في صمت ... على غير نمط حياته الصاخبة بالفرح الذي كان يزرعه ... و ضحكته المجلجلة و مشاغباته التي لا تنتهي. مات بعيداً عن أسرته ... و عن أقاربه بالرياض ...
البركة في ولديه و بنتيه .. و العزاء لزوجته المكلومة .. و لأمه المفجوعة .. و موصول لإخواته و إخوته ... و كافة الأهل ...
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أظنه مات ضاحكاً ... المهندس جبارة مختار عثمان (Re: ابو جهينة)
|
Quote: و الموت يدغدغ عقل الإنسان الباطن ... فيودع أحبابه دون قلق ... و دون أن يشعر بأن ما يقوم به هو وداع مبطن بالرحيل ...
|
إنا لله وإنا إليه راجعون رحم الله الفقيد والبركة في ذريته ونسأل الله لك أخي جلال الصبر ولأهله
رثائك يا جلال يشهي الموت.. الشايقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أظنه مات ضاحكاً ... المهندس جبارة مختار عثمان (Re: ابو جهينة)
|
Quote: رحل جبارة في صمت ... على غير نمط حياته الصاخبة بالفرح الذي كان يزرعه ... و ضحكته المجلجلة و مشاغباته التي لا تنتهي.
|
رحم الله المهندس جبارة وأحسن إليه وألهم أهله وأصدقاءه الصبر وحسن العزاء..
تلويحة : من أجمل الرثاءات التي اقرأها في البورد، يا أبا جهينة. متعك الله بالصحة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أظنه مات ضاحكاً ... المهندس جبارة مختار عثمان (Re: السمندل)
|
ابو جهينة.. حزنت اليوم عليه اكثر بعد قرائتي للكلمات التي كتبتها
ومع صلة القاربة التي بيني وبينه الا انني التقيت به لمرتين او ثلاثة فقط كنت من الذين اعدو وطبعوا له سيرته الذاتية عند وصوله للملكة
أذكر انني في كل سطر كتبته كنت مستغربا من ان تضحي وزارة الزراعة برجل في ذلك التأهيل صفحتان كاملتان ا بالدرجات العلمية والبرامج التدريبية التي تلقاها وتمثيله للسودان في محافل الزراعة. اتصلت بمحمد وهو من الرجال الاقويا وعزيته عند سماعي الخبر وجدته صلدا. لم يتحمل قلبي ان اتصل بفريال ...وحال قلبي كقول الشاعر إذاتزكرته جيدا يقول (إن في طرفي قلب ناحل لو توأكت عليه لإنهدم.
جلال...
الرائعون يرحلون في مثل هذا الصمت رحمه الله..وتغمده في جنانه مع الصديقين والشهداء والهمكم والجميع الصبر
| |
|
|
|
|
|
|
|