رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 08:32 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-05-2007, 05:52 PM

khalid kamtoor

تاريخ التسجيل: 06-04-2007
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم

    رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم
    أشغــال العمــالقة (2)
    د. حسن موسي


    شغل الدبلوماسي:
    المهم يا زول، لا أطيل عليك في تعداد وجوه الغشامة الغليظة التي تتلبس المكيدة الوجودية التي هدتك للإنتفاع بحادثة مرض بولا، فبدأت بإعلان تضامنك معه في محنته وأغرتك سماحة العملاق السوداني وكرم الفنان الرقيق المهذب الحساس - كما أغرت (حكمة بولا) غيرك في السابق - فتماديت و(كفـَّنتَهُ ميتةً) سائبةً ونعيته بالمرَّة، وكمان(فتحت البكا) وجلست تستقبل جموع المعزّين الذين يتسقـَّطون كل مناسبةٍ تصلح للم شمل سودانيي الأسافير الذين أرهقهم الشتات في الخارج وضعضعتهم النزاعات الدامية في الداخل. فتقاطروا يتثاكلون ويتناوحون ولا يبالون بشيء عدا متعة الإنخراط في هذا الـ"هابيننغ" المسرحي العجيب. وهل ثمة (بيت بكا) أكثر كفاءة من ذلك البيت الذي عُمُده عملاق الفن في دور الميت وعملاق الشعر في دور نائحة الـ(بيتـّا)Pieta السودانوية؟.

    لا أدري ما الذي هداك لبولا، وأرض الله الواسعة عامرة بالمرضى والمحتضرين والمتماوتين المستعدين لكل شيء بسبيل أن (يكفِّنهم) شاعر دبلوماسي عملاق من شاكلتك؟ هل لأن التضامن مع العملاق السوداني المريض استثمار عاطفي (بوليتيكلي كوريكت) يمكن أن يتلاقى عنده السودانويون فيما وراء تناقضات السياسة؟ أو كما قال خالد كمتور، الشاب الذي أورد مقالتك عن بولا في (سودانيزأونلاين)، منتهراً أحمد الأمين أحمد من داجنة س. أونلاين:«بولا، شفاه الله، يلازم سرير المرض، فما الدَّاعي للحديث حول النقد الآيديولوجي أو غيره؟.. إنه الآن بحاجة للدعاء ولوقفة سودانية أصيلة عهدناها في أهلنا وفي حاراتنا وأحيائنا وفي بيوتنا وعند أمَّهاتنا وآبائنا» إلى أن يخلص إلى «وهكذا عوَّدنا السودان دوماً أن نتقابل ونتلاقى في الشدائد والمحن وإن اختلفنا». وخالد كمتور معذور، فهو يجهل أن أمر شفاء بولا لا يكون بغير (النقد الآيديولوجي). لكني لا أفهم لماذا تحتاج أنت الشاعر الدبلوماسي المرموق الذي يتمتع بإجماع السودانويين قاطبة إلى الإستثمار العاطفي في صورة العملاق السوداني المريض التي اصطنعتها لبولا اصطناعاً، وأنت لا تدري من أمره إلا القليل من لقاءاتكم الشخصية التي (تحصى على أصابع اليد) خلال العقود الثلاثة الماضية؟ ما حاجة شاعر ( أمَّتي) (لوقفة سودانية أصيلة) بذريعة بولا العملاق السوداني المريض؟ ترى هل هي مجرد الرغبة (المشروعة) في وصل ما انقطع من علائق رمزية بين الشاعر وأمَّته؟ أم هناك أجندة سرية يحفِّزها طموح سياسي (سودانوي) في المستقبل القريب (إقرأ: في الإنتخابات المقبلة)؟.

    تقول أن الفضل في لقاءاتكما الفكرية، بولا وأنت، يعود «إلى اهتمام عبد الله بولا بديوان (أمتي) وإلى القراءة المستوعبة التي أكرم بها ذلك الديوان»(..) «فكان ذلك من ضمن الأسباب التي أكسبت ذلك الديوان سيرورته بين أجيال السودانيين»، لحدي هنا (نُوْ بُرْوبْلِم). لكن المشكلة هي كونك، في منتصف التسعينات، تنصَّلت من شعر (أمتي) على زعم أنه (شغل شباب). - وهذا الموقف يفسد عليك، كما يفسد علينا كلنا منفعة قراءة بولا لشعر (أمتي). وحين أقول: (يفسد علينا كلنا) فضمير الجماعة يعود إلينا نحن الذين نبَّهنا بولا لمرامي شعر (أمتي) فاحتفينا به وحفظناه وجعلناه زادنا في الأيام الصعبة، بل وتغاضينا عن تلك المواضع المغموسة في اشتباهات الموقف الاجتماعي لشاعر ينطق أحياناً بلسان طبقته. وكان مكضبني هاك اقرأ رسالتي لبولا في 8 يناير 1996م وفيها تعليق على مقابلتك المشهودة مع أحمد عبد المكرم في جريدة الخرطوم بتاريخ 28/9/1995م
    دوميسارق في 8/1/1996:

    (...) كانت خيبة أملي كبيرة في المستوى الذي صاغ به محمد المكي ابراهيم إجاباته على أسئلة أحمد عبد المكرم، في (الخرطوم) (28/9/95) - ذلك أن إجاباته كانت مكتوبة - فقد جاء الحديث ملفوفاً في غشاء الكلام البسيط. ويبدو أن شاعرنا (السابق؟) يعاني من داء الـ(كلموفوبيا)، وهو مصطلح علمي - من اختراعي - لتسمية ذلك الداء العضال الذي يصيب أهل صناعة الكلام والعارفين بتبعات الكلم الصالح، فيجهدون في تجنـُّب الكلمات ذوات العواقب (وكل الكلمات ذوات عواقب) فيقنعون بـ (الكلام البسيط)، على أمل أن يموِّهوا من وجودهم ككائنات متكلمة وسط غابة الثرثرة العامة.. وهيهات. (..)

    المهم يا زول، كان ود المكي يعتذر في مقابلة عبد المكرم أنه: لم يكتب حرفاً واحداً في صدد الفكر السوداني منذ أن أكمل كتابه (أصول الفكر السوداني) في الستينات. فتأمل في ضلال ما بعده ضلال. لماذا؟ هل لأن الفكر السوداني قد اكتمل ورفعت عنه الأقلام بعد كتاب شاعر (أمتنا) (يا له من رجل)، أم لأن شاعرنا المفكر السوداني قد (قطَّ) كما تقط البئر في بلاد الظمأ؟

    يبدو لي أن التفسير الوحيد الممكن لاعتذار ود المكي عن الخوض في شؤون الفكر السوداني هو أن الرجل استمرأ التقاعد الفكري ضمن خَدَر العربسلامية البائدة التي أدَّت بالحلم السنَّاري في شعاب كابوس الخلافة النميرية. قبل أن يوقظنا حجَّاب "محاكم الطوارئ (من نومة أهل الكشف) الصوفي. لقد صار شاعرنا - وأنا أصرُّ على ضمير الجماعة طالما حفظنا للرجل كلماته أيام كلية الفنون - يستجدي (الرضاء العام) على صفحات الصحف الراضية المرضية بمعونة محررين مثل عبد المكرم (كدت أكتب رسالة لعبد المكرم ابتدرها بـ(ابننا العزيز أحمد عبد المكرم)، ولم لا؟ فإذا كان ود المكي يحجز لنفسه موقع الأبوَّة حين يتحدث، في حسرة، عن عقوق (أحد أبنائنا)، إذن فليمد أبا حنيفة رجليه. ولا أظن أن الفارق في العمر بين ود المكي وشخصي يبرر أبوّته المريبة. وحين أقول (شاعرنا)، فأنا أُجْمِلُ الرجل في جيلنا، بل في شلة صحابنا المهرجين والملهمين ممن جابوا الصخر بالواد وراءهم الخلق في سبعينات التشكيل إياها.

    شاعرنا؟ أيوه شاعرنا، وأنا أستعيد ضمير الجماعة الخارجة على الأعراف والتقاليد والعادات السمحة إلخ. أستعيده بكل ثقل الحسرة التاريخية لرجل كنا نكن له أكثر من مجرد الإعجاب، ولا نمل ترديد كلماته كالراتب أو كالأوراد. كان ود المكي شاعرنا في خروجه على عادات الشعر (القديم والحديث معاً) وعلى عادات الفكر ضمن حيز الخروج الذي سوَّغته ثورة أكتوبر.

    وكنا نشاركه في ضمير المتكلم حين يقول: (أنا): (وأنا لا حضن سوى الشارع، يتلقـَّفني يتلقـَّفُ أجدادي الشعراء). وحين يقول: (نحن): (نحن جدَّفنا على الخالق قبل الخلق والتكوين من قبل الخطيئة)، شاعرنا صار يتملص من تبعات الخصومة ناعتاً لها بأنها (شغل شباب) فتأمَّل.

    شاعرنا؟ لا يا صاح، النار لم تلد الرماد أبداً، وأعذب الشعر ليس أكذبه (ولو مكضبني شوف قصيدة صلاح أحمد ابراهيم الكذابة في مدح شيخ أمارة قطر وحاشيته). نعم، أقول (شاعرنا) ويقف ضمير الجماعة في الحلقوم كالغصَّة من حسرة على الصحاب - من كل الأعمار - الذين فرَّطوا في الحب وأهدروا وسامة الخروج على موائد معاويوية مزفرة (..) ترى ماذا جنينا حتى يرزئنا الله بسوء العاقبة في أعز رموز يفاعتنا الثورية؟ ما زالت الذاكرة تحفظ أثر أمسية باريسية في الثمانينات، مع بعض الصحاب في حضور صلاح أحمد ابراهيم [الشاعر الدبلوماسي؟]. و أذكر أن بعض الصحاب من المعجبين بصلاح (حسن ع.ع.) ترجّاه أن يتلو شيئاً من (غابة الآبنوس)، فاستجاب صلاح بكرمه المعهود وأنعم علينا بقراءة تَجَمَّلنا بها في وجه الغربة الباريسية اللئيمة. كان شاعرنا الآبنوسي - السفير السابق - في حينها يسكن غرفة ضيقة متواضعة مثل غرف الطلبة، وكانت رقة حاله - ورقة حالنا - تخلق بيننا جميعاً نوعاً من رباط خفي يجعل منا كلنا أسرة كبيرة مركزها هذا الشاعر الخارج على القانون والنظام العام. مازلت أذكر تلك الأمسية في غرفة صلاح والصديق الذي (طلب) القصيدة يسرُّ لنا بأن أمنية قديمة قد تحققت له ذلك المساء. فسبحان مغير الأشياء من حال إلى حال، ترى أي شيطان أخرق من شياطين الشعر يملك أن يلهم شاعر الهبباي مثل هذا الكلام العجيب في مدح (سمو أمير البلاد المفدَّى وولي عهده الأمين حفظهما الله دائما)؟ وهاك اقرأ:
    (من قلب سوداني لجميل قطر والقطريين)

    «و أخيراً وليس آخراً، كيف لي أن أجازي جميلك الباذخ يا أخي مناط مودَّتي، السفير الهمام وصاحب المهام الناجحة، عبد الرحمن بن حمد العطية، الذي يسّرت لي كل ذلك، وزكّيتني لدى خيار القوم وصفوة العرب ».." فقد اكملت يا أخي أبا أحمد نقصي بفضلك، وسترت فقري ببذلك، ووقفت على راحتي بتعبك، ودأبت على تذكيري خيفة السهو والتقاعس، وكنت بذلك أحرص على قدري وتمامي مني، فعل الحريص المشفق، ثم بالغت في الإشادة بي حين جحدني من بني قومي من جازفت بكرامتي من أجل أن تكون له كرامة، فزعزعت بذاك تجلّدي ذات يوم».."

    و يا أهل الدوحة: أميراً ساهراً جليل الحكمة ماضي القرار، وولي عهد سمحا بعيد الهمّة يبشر بتآلف واستقرار".."و لن يكف لساني عن الشهادة بذلك والإشادة به عن استحقاق أصيل ما تحرّك لي لسان:
    (يا دوحة الخير العميم يا قطر
    و يا ذوي الفضل المنيف المفتخر
    أهل المروءات غدت فيهم غرر
    تواضعا وأدبا جمّا وعزما وفكر
    وكرما مبادرا نفح الأريج في الزهر
    و ولع بالصالحات يتنامى من صغر
    عقبي دعاء مستجاب من "علي" أو "عمر"
    أو أن أمواج الخليج انحسرت عنهم درر
    أوليتكم عن مقه صادقة لا عن وطر
    عهد ولاء راسخ مخضوضر داني الثمر
    يدوم ما دمت وما دام وفاء في البشر
    أجزلتموني ودكم وثقة دون حذر
    و مددا حين تحاماني الرفيق وغدر
    و زدتم زيادة الموسم والاه المطر
    ما معن؟ما حاتم؟ما بدر بن عمّار الأغر؟
    حتى إذا عدت استعدت ذكرياتي والخبر
    و مجلسا دارت به كاسات صفو وسمر
    و مكرمات طوّقتني كأناضيد الزهر
    أعرضها على الملأ طرا، كما شيمة حر
    إن أحسنوا أحسن، أو راعوا شكر
    يرد بعض دينه، وإن تآباه اعتذر.
    يا قطر التي أكرمتني بأكثر مما فعل لي وطني، ويا أبناءها الذين احتفوا بي".." لقد عدت إلى مستقري بسفارة دولة قطر بباريس مثقلا بالجميل، جياشا بالمحبة، ألا رعاكم الله وأكرمكم، ورفع رؤوسكم في ظل سمو أمير البلاد المفدّى وولي عهده الأمين حفظهما الله دائما، فشكرا شكرا.
    صلاح أحمد ابراهيم
    سفارة دولة قطر بباريس"
    (نشرت بجريدة " الشرق" القطرية بتاريخ 20/4/1992)

    أظن أن المشكلة مع الشعراء من جنس ود المكي وصلاح تتلخص في كونهم، في لحظة من لحظات خروجهم، يبذلون لنا صياغتهم الشخصية للخروج فنصدقها وننخرط فيها معهم حتى النهاية. (حتى النهاية)؟ هل قلت (حتى النهاية)؟. لا، بل أبعد من النهاية نفسها، ذلك أننا باستحواذنا على صياغتهم للخروج، إنما نحرق وراءنا - ووراءهم على وجه التحديد - كافة الجسور وكل مراكب الرجوع، فلا يكون أمامنا سوى العدوّ ولا يكون وراءنا سوى البحر. وضمن ثنائية العدو/البحر يملك فعل الخروج أن ينمسخ نوعاً من مصيدة قاسية فيما لو عنَّ للشعراء الرجوع أو التملُّص من شعر الشباب أو (شغل الشباب) حسب عبارة محمد المكي ابراهيم.

    أحياناً يخطر لي أن الشعراء الذين ماتوا في شرخ الشباب إنما جنّبونا خيبات أمل من نوع خيبة الأمل التي تصيبك وأنت تقرأ قصيدة من نوع ما كتبه صلاح أحمد ابراهيم في مدح أمراء النفط، وكيف أُسكِت جوع الرجل الذي كتب غُبن الهبباي والآبنوس في أمكنة أخرى عامرة بأنواع الخروج الأصيل: في جودة وفي الجزائر وفي كينيا؟

    ماذا جنينا يا صاح حتى صرنا نحمد الله على موت الرجال ذوي الوسامة في شرخ الشباب خوفاً عليهم من هوان أرذل العمر؟

    ترى هل كان في وسع رجال كالتيجاني يوسف بشير أو خليل فرح البقاء بمنأى عن غواية الغوغائية العربسلامية لو كان الله قد مدًّ في أعمارهم حتى تدركهم خلافة النميري/الترابي؟ يا لي من شخص سيء الظن ولا حيلة، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
    شغل الشاعر السابق:

    المهم يازول، يبدو لي أن رجوعك لـ(شغل أمتي)، الذي تنصَّلت منه في التسعينات، يوكِّرك في حالة نموذجية من حالات القياس الأقرن الذي يكون طرفه الأول حارّ، بينما طرفه الثاني لا يُنكوى به، فكأنك (مايكل جاكسون) يفاوض بسبيل تغيير جلده الأبيض ليصبح أسوداً مرة ثانية. شفت كيف؟ بل أنت، فيما يبدو لي (تاني)، تراهن على رصيد المحبة الصافية والود المقيم، عند عبد الله بولا( ولو شئت إقرأ:الأب تيريزا)، لتسويغ عودتك المتأخرة لديوان (أمتي). بل أنت تتمادي وتمنح بولا حق الشَّرَاكة في أَثَر إبداعي تمخَّضت عنه فرادة نفسك الشاعرة التي لا تقبل القسمة ولا الجمع. حين تكتب: (ولكن حسَّهُ النقدي الرفيع وتعليقاته الذكيَّة أعطتني الإحساس بأنه شريكي في إنشاء ذلك الشعر وتخليقه، وأنه بوسعي أن أَرْكِنَ إلى فهمه العميق وقدرته على شرح ما يستغلق منه للآخرين نيابة عني). نصيحة لوجه الله: لا تركن إلى (فهمه العميق)، فهو غير مأمون العواقب بالنسبة لشاعر يتحرَّك في فضاء العمل العام متأبطاً أجندة خاصة غميسة مثل أجندتك.

    وفي نظري الضعيف، فأنت ما زلت عند موقفك القديم من متاع (أمتي) الذي يبدوأنك تحمله - على مضض - كما (جنازة المسجون). وجنازة المسجون لو جِيت تشيلها مع المساجين الذين يحملونها، مكرهين، سبعة خطوات - مقابل سبعة خطوات موعودات في الجنة - فسيتباعدون ويتركونك تحملها عنهم لغاية المقابر وهم يتمنون لك من الله براحاً واسعا في الجنة.

    و في نظري الضعيف (تاني) أشك في أن بولا بـ(فهمه العميق) يخاطر بقبول شراكة مريبة، كمثل الشراكة التي تبذلها له في متاع مخاتل مخاطل مثل متاع الشاعر. وفي نهاية تحليل ما، أقول: بالرغم من ارتباط كلمات (أمتي) بالتاريخ الشخصي لكلٍّ منا، فلا أحد بيننا يملك أن يفرض عليك أن تتمسك بكلمات صنعتها وأنت طالب في الجامعة، وأنت حرّ أن ترميها في الكوشة أو تدفنها في حفرة أو تحرقها أو تعمل منها مربَّة كما يعبر أهلنا الفرنسيسTu peux en faire une confiture . و في نهاية تحليل آخر، لا أخاطر مخاطرة مهلكة لو قلت: بل لك مطلق الحرية في أن تبعثها للحياة من بعد موت وتعيد تسخينها قبل أن تبذلها للناس من جديد. (نُوْ بُروبْلِم).. بس المشكلة تبدأ لما تقول: بولا ممكن يتولَّى مسئولية شعري (نيابة عني).

    وفي نظري الضعيف (تالت) يبدو موقف الإلتواء الغميس الشيطاني في سعيك لمنح بولا فرادة نفسك الشاعرة، فتولِّيه أمرك ولايةً كاملةً وتبيح له أن يكونك ويكون الحال واحداً. و بالمقابل - مافيش حاجة بالمجّان - تسوِّغ لنفسك أن تستحوذ على فرادة نفس الرجل فتكونه وتمزج روحك في روحه (كما تمزج الخمرة بالماء الزلال) فإذا أنت هو في كل حال.( الحلاج). وجدول المقارنات بين الملامح المتقابلة للفنان العملاق والشاعر العملاق يكشف عن صورة شخص واحد (بيني وبينه وجه شبه كبير). هذا الشخص صفاته كالآتي:
    1- جوَّد الكلاسيكيات قبل ان يتصدى للخلق الحديث:
    الفنان: (فأبديت عجبي لكونه متمكنا من قواعد الرسم الكلاسيكي)
    الشاعر: (فلا سبيل إلى قصيدة طليعية كقصيدة النثر ما لم يكن المنشئ قادرا على إنتاج الشكل الكلاسيكي للقصيدة)
    2- مهتم بسؤال الهوية:
    الفنان والشاعر ندَّان متكافئان في كونهما يقفان (على طرفي نقيض في مسائل الهوية).
    3- منتشر على كامل الفضاء الثقافي:
    الفنان: (يمثل بولا ما يمكن تسميته بالمثقف الشامل، فهو منظِّر كبير في مجال الرسم والتلوين وفي مجال الشعر، كما في مجال التاريخ الثقافي وله نظرات ثاقبة في النظر إلى موضوع الهوية السودانية).
    الشاعر: (فمثله تجاوزت ذاتي الشاعرة لأكتب في التاريخ الثقافي ثم في السياسة وفي الإقتصاد التنموي).
    4- خياراته الفنية الصادقة تجد المعارضة والإستنكار:
    الفنان: (خياراته الفنية ناشئة عن صدق وحرية إختيار وليس عن عجز حرفي كما يروج أعداء الفن الحديث)
    الشاعر: (ومثله سمعت صيحات الإستنكار)
    5- مقلٌّ في أعماله الإبداعية بمعيار الكم (لكنها بالمقياس النوعي ليس لها من ضريع):
    الفنان: (وأنتج بولا لوحات فليلة بمعيار الكم أيضاً)
    الشاعر: (فقد كتبت شعراً قليلاً بمعيار الكم)

    هذه العلاقة الإندماجية التي فَبْرَكَها الشاعر بتكلفة عالية (الإعتراف بقيمة شعر (أمتي)) استهوت عدداً من المعلقين الأسافيريين ففرحوا بها، وباركوها وانتفعوا بها في صيانة صورة التضامن السودانوي السعيد، بعيداً عن منغصات الآيديولوجيا. والمرور السريع على تعليقات النَّفر الذي احتفى بكلمة محمد المكي إبراهيم عن بولا يكشف عن انسياق القوم وراء هذا الوهم السعيد الذي بناه الشاعر السوداني العملاق على ظهر الفنان السوداني العملاق. فقد كتب عبد الإله زمراوي، في نفس بوست خالد كمتور، بـ سودانيز أونلاين(1/11/07بولا من القامات السامقة في بلادي وشاعر الأمة السفير محمد المكي ابراهيم أوفاه حقه. التحية والتعظيم للمكي وبولا)

    و كتب الموصلي في سودانيز أونلاين (2/11/2007: (أحيي محمد المكي العملاق على مقاله البديع عن العملاق بولا)
    و كتب خ عبود (2/11/07): (كلاهما عملاقان.. شاعر أمة وفنان أمة)

    و ما رأي بولا في كل ذلك؟ كتب بولا في 8/7/2004، في رسالة للنور حمد، ضمن موضوع للنور عنوانه: (مقالة عبد الله بولا عن التجديد في فكر الأستاذ محمود محمد طه: (فأنا، كما تعلم، وكما أوضحت مراراً، شديد الخوف من الإحتفاء، وشديد الخشية من المحبة والتوقعات العالية التي يحيطني بها الأصدقاء، أحبهم بلا حدود ولكني أخشى من حبهم لي: أن لا أستحقة). وبعد وقبل، فكما ترون، فهذا الأمر الذي يبدأ في الحب وينتهي إليه، متشعب ومُدَغْمَس ويحتاج لأكثر من يد. ولا بد أننا سنعاود فلفلته في رسائل قادمة.
    نقلاً من صحيفة (الأحداث) اليومية على هذا الرابط:
    http://www.alahdathonline.com/Ar/ViewContent/tabid/76/C...ID/3523/Default.aspx

                  

العنوان الكاتب Date
رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم khalid kamtoor12-05-07, 05:52 PM
  Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم khalid kamtoor12-05-07, 06:03 PM
    Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم احمد الامين احمد12-05-07, 07:49 PM
      Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم حيدر حسن ميرغني12-06-07, 02:55 AM
        Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم khalid kamtoor12-06-07, 11:51 AM
          Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم khalid kamtoor12-06-07, 12:15 PM
            Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم عبدالأله زمراوي12-06-07, 12:31 PM
              Re: رداً على الشاعر محمد المكي إبراهيم khalid kamtoor12-06-07, 12:59 PM
  1ـ شغل العارض: khalid kamtoor12-06-07, 01:13 PM
    Re: 1ـ شغل العارض: Saifeldin Gibreel12-07-07, 10:28 AM
      Re: 1ـ شغل العارض: khalid kamtoor12-08-07, 01:30 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de