|
تطابق د.البوني و بشاشا اليوم وربما غدا !
|
حاطب ليـــــــل عبد اللطيف البوني
عليك نور يا باقان في الحوارات القوية التي أجراها الزميلان ضياء الدين بلال ومالك طه مع الأستاذ باقان أموم جاء في إحدى إفاداته النص الآتي: «في العشرينات من القرن الماضي كان بعض أهلنا الجعليين والشايقية يغضبون إذا قلت للواحد منهم سوداني، كانوا يعتبرون كلمة سوداني تطلق على أي واحد بتاع شوارع ما عندو قبيلة ويعتبرن أنفسهم هم أولاد القبائل..» أ.هـ.
عليك نور يا أستاذ باقان أنت لم تقل الحقيقة فقط بل خففتها كثيراً، فالحكاية لم تكن في العشرينات بل كانت حتى السبعينات من القرن الماضي ولم تكن حكراً على الجعليين والشايقية بل معظم قبائل الوسط والشمال وبعض قبائل الغرب وكانت كلمة سوداني مطابقة لكلمة عنصرية وهي «عب» وقد استعملها السيد باقان في الجزء الرابع من ذات الحوار. ولكن ما قاله باقان ضمناًَ ونود أن نقوله هنا صراحة إن الأمر قد تغير الآن فقد اختفت كلمة سوداني وكادت تلك الكلمة البغيضة أن تختفي، حدث هذا لا لأن الحركة الشعبية قد حملت السلاح ولا لأن الأستاذ باقان قد قاد الثورة ضد دولة الجلابة. حدث هذا نتيجة لظروف موضوعية وتطورات اقتصادية واجتماعية وسياسية طرأت على المجتمع السوداني، لا والأهم من ذلك أن ذلك التمايز العنصري الذي كان سائداً في المجتمع السوداني، لم يكن قائماً على أسس قوية لا من حيث الموضوع ولا من حيث الشكل.. فمن حيث الشكل ليس المجتمع السوداني أو بالأحرى المجتمعات السودانية مثل المجتمعات الأمريكية ولا جنوب إفريقيا حيث الأبيض أبيض لدرجة رؤية الدم يجري في عروقه، فتحمر وجناته عند الخجل، والأسود أسود تتنامل شفايفه عند الخجل فأي سوداني «من مية يرجع لتية» وتية هذه زنجية حبوبة كل سوداني وأي إدعاء لنسب عربي نقي لا يعدو أن يكون مجرد إدعاء إن لم يكن كذبة بلقاء.
نعم.. يجب أن لا ننكر أن هناك تبايناً وتمايزاً عرقياً في السودان لا بل واستعلاء قائماً على القبلية، فالجعليون في الشمال يدَّعون أنهم إحفاد العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- والدينكا في الجنوب يعتبرون أنفسهم فوق كل القبائل الأخرى، ولكن التطور التاريخي منذ الدولة السنارية ثم الدولة التركية التي وجهت السودان نحو الشرق الأوسط ثم الاستعمار الانجليزي الذي مكَّن للإدارة الأهلية والثقافة العربية، نعم الثقافة العربية، وهذه قصة أخرى سنعود إليها لاحقاً، وعدم التوزيع العادل للمشاريع التنموية على قلتها أبقت على ما يمكن تسميته الاستعلاء العرقي الذي لا يمكن مقارنة تجلياته مع مظاهر الاستعلاء العرقي في أوربا أو حتى العالم العربي، فالسودان في هذا كان نسيج وحده لأن وتيرة التداخل فيه كانت وما زالت عالية جداً، لذلك أصبح حقيقة أن ينسب الأستاذ باقان الظاهرة للماضي، رغم أن عقابيلها ما زالت موجودة، ولكن الشاهد في الأمر أن التغيير يمضي بوتيرة متسارعة وإلا لما كان استقبال قرنق في الخرطوم لم يحظ بـ (10%) منه في جوبا، فالأمر لا يحتاج الى ثورة ولا الى هلال ونجمة أمريكية ولا الى تحالف جنوبي دارفوري، بل يحتاج الى شوية فهم وشوية صبر.
وغداً إن شاء الله نواصل.
|
|
|
|
|
|
|
|
|