|
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين (Re: حامد بدوي بشير)
|
إنقلاب إبراهيم عبود عام 1958
كان هذا هو التجلى الأول لظاهرة السلطة العسكرية الشمولية ضمن التجربة السياسية السودانية. وحول هذا الإنقلاب ، وبما يتماشى مع ما ذهبنا إليه من مسئولية الصراع بين المشاريع السياسية في خلق ظاهرة الإنقلاب العسكري، إنقل هنا من كتاب الدكتور إبراهيم محمد الحاج موسى الموسوم: (التجربة الديمقراطية وتطور نظم الحكم في السودان) من الصفحة رقم 200:
(.. . سافر إلى القاهرة السيد على عبد الرحمن رئيس حزب الشعب الديمقراطي ووزير التجارة آنذاك دون إن يخطر رئيس الوزراء بذلك، كما سافر إلى بغداد السيد إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الوطني الإتحادي لتهنئه الشعب العراقي بثورة تموز سنة 1958، ومن بغداد عرج على القاهرة حيث واصل منها إتصالاته مع السيد على عبد الرحمن. ومن القاهرة إنتشرت إشاعة لقائهما وإتفاقهما مع القادة المصريين على إعلان إتحاد مصر والسودان. ولعل أول من أطلق هذه الإشاعة صحيفة فرنسية عندما نشرت خبرا لمراسلها في القاهرة مفاده أن إتفاقا سريا قد تم بين قادة الحزب الوطني الإتحادي وحزب الشعب الديمقراطي وبين الرئيس جمال عبد الناصر لقيام ثورة وطنية إشتراكية بالخرطوم .... إن دوائر حزب الأمة جن جنونها لهذا الخبر، وكان رئيس الوزراء يعلم جيدا أن وزارته سوف تسقط عند افتتاح الدورة البرلمانية الثانية في 17 نوفمبر سنة 1985، لذلك عمل رئيس الوزراء على أن يسلم السلطة للجيش قبل افتتاح البرلمان )
وسواء عمل حزب الأمة بناءا على تصديقه لهذه الشائعة أو بناءا على حسابات أخرى، فإنه قد كان متأكدا من سقوط حكومته وتولى أهل المشروع الإتحادي العروبي للسلطة مما يجعل فرصة تحقيق المشروع الإتحادي مواتية. وكان لابد من أن يتحرك حزب الأمة لإجهاض تحقق المشروع الإتحادي، وكان لابد من الإنقلاب العسكري.
2- إنقلاب جعفر نميري عام 1969م
وتحقق مشروع سياسي أو إجهاض مشروع مناوئ، كان هو أيضا المحرك الأساسي وراء وقوع الإنقلاب العسكري الثاني في السودان عام 1969. وإذ كان أهل المشروع المهدوى الديني قد إستطاعوا إجهاض المشروع الإتحادي العروبي الذي كان يتوهم إنه سيحقق، فإن القمة الراديكالية من أهل التيار الإتحادي العروبي، ممثلين في القوميين العرب، قد إستطاعوا عام 1969، تحريك الجيش للإستيلاء على السلطة وإجهاض مشروع الدستور الإسلامي الذي تأكدت إجازته من داخل الجمعية التاسيسية عام 1969 بإتفاق (حزب الأمة) و(الوطني الإتحادي) و(جبهة الميثاق الإسلامي). فبعد إنتخابات عام 1968 والتي حظر قبلها نشاط الحزب الشيوعي السوداني بإتفاق الأحزاب الثلاثة المذكورة، ظهر جليا أن إتفاقا بين هذه الأحزاب الثلاثة قد أبرم من أجل فرض الدستور الإسلامي من داخل البرلمان. وقد نقل الدكتور عبد اللطيف ألبوني في كتابة: (تجربة نميري الإسلامية في السودان) مقتطفات من مقالة لاحمد البشير الأمين في مجلة (المستقبل العربي) ما يلي:
(كان واضحا منذ البداية إن الإنقلاب كان محاولة من أنصار الدستور العلماني لوضع نهاية لمخططات أنصار الدستور الإسلامي لإجازته بواسطة الجمعية التاسيسية. وقد أعلن قائد الإنقلاب أن من أول أهدافه تمزيق تلك الوريقة الصفراء ورميها في سلة المهملات).
إنقلاب عمر البشير عام 1989م
ولم بشذ الإنقلاب الثالث 1989، عن القاعدة، بل جاء تأكيدا لها. فقد تبلورت الدولة الديمقراطية العلمانية في إتفاقية (الميرغنى - قرنق) في أديس أبابا عام 1988، كما إن التأييد الدولي والإقليمي والداخلي التي حظيت به هذه الإتفاقية قد جعل تحقيق الدولة الديمقراطية العلمانية أمرا مؤكدا. فقد كانت هذه الإتفاقية في سبيلها إلى أن تؤسس وحدة حقيقية بين شمال البلاد وجنوبها على قواعد علمانية يفصل فيها تماما بين الدين والدولة. ولم يكن يمنع من تنفيذ هذه الإتفاقية سوى الإنقلاب العسكري. غير أن الجديد في إنقلاب 1989، هو أنه كان مخططا قبل إن يبدأ مجرد التفكير في إتفاقية (الميرغنى - قرنق) عام 1988. فقد قررت الحركة الإسلامية السودانية الحديثة إستلام السلطة بواسطة إنقلاب عسكري وفرض الدولة الدينية بناء ا على حسابات داخلية تخص هذه الحركة. ولما فوجئت هذه الحركة بتلك الإتفاقية القوية الناضجة كان لابد من أن تعجل بتقديم ساعة الصفر وتستلام السلطة.
وإذا كان إنقلاب عبود 1958 قد جاء لإجهاض تحقق المشروع الإتحادي العروبي وهو في حكم الإشاعة، وإذا كان إنقلاب نميري 1969، قد جاء لإجهاض تحقق المشروع الديني الذي كان وشيك التحقيق، فإن إنقلاب البشير 1989، قد جاء في الشكل النموذجي المكتمل والمثالي للإنقلاب العسكري في السودان ضمن المفهوم الذي حددناه في هذه الدراسة. فقد جاء هذا الإنقلاب لإجهاض مشروع الدولة الديمقراطية العلمانية، وفرض الدولة الدينية الشمولية في نفس الوقت. وهذا ما جعل هذا الإنقلاب يحدث بوقوعه مواجهة مباشرة وصداما علنيا بين الدولة الدينية التي جاء بها وبين بقية عناصر الساحة السياسية السودانية التي تجمعت في معسكر الدولة الديمقراطية العلمانية كما تبلورت في إتفاقية (الميرغنى – قرنق). كما إنه لم يسبق في تاريخ السودان أن اكتمل تصور الدولة الدينية وتجهيز كوادرها وتحضير برامجها، كما حدث عشية إنقلاب البشير عام 1989.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-23-07, 02:29 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-23-07, 02:56 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-23-07, 03:06 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-23-07, 03:49 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-23-07, 04:42 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | Elbagir Osman | 11-24-07, 00:04 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 08:29 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 10:03 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | ابراهيم تون | 11-24-07, 10:08 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 10:40 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 12:17 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 01:57 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-24-07, 02:49 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-25-07, 08:26 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-25-07, 11:53 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-25-07, 03:24 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-26-07, 07:53 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-26-07, 11:03 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-26-07, 12:02 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-27-07, 08:44 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-27-07, 01:26 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-28-07, 08:28 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-28-07, 12:35 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-28-07, 03:42 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-30-07, 08:23 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 11-30-07, 12:11 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-01-07, 08:47 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-01-07, 10:37 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-02-07, 08:39 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-02-07, 11:20 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-03-07, 08:57 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-03-07, 12:11 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-04-07, 08:47 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-04-07, 11:06 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-05-07, 08:28 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-05-07, 10:51 AM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-05-07, 03:59 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | حامد بدوي بشير | 12-08-07, 03:57 PM |
Re: ألا قاتل الله العسكر والمدنيين الإنتهازيين | Elbagir Osman | 12-08-07, 05:32 PM |
|
|
|