|
توب السفر .. جِرسة جندرية ..
|
بالطبع .. ليس هو ذلك (التوب) الذى تشتريه لها كأغلى قطعة قماش في السوق لتركب به الطائرة ويراها به المودعون والمستقبلون أو يرونها به .. وربما يذهب بعدها هدية أو ( قلِع) الى أقرب أخت أو بنت خالة.. ولم يدخل الى خزانتها بعد ..( لا شاف شنطة و لا قعد في دولاب) .. لا .. و لا هو اسم توب جديد .. و ليس هو توب عماد عبد الله ، ذات صيف قطري.. ولا توب تمبس الذي سينهرد قبل أن يُلبس ..أوتوب حنة معتصم دفع الله ، فهذان اثنان أبعد من أن يعرفا عن هذا الثوب احساسا و دفئا .. هو ( تــوب) له روح .... كان يمشي فى الأسواق فغدى يقدل في العروق ، ينام ويصحو .. يتغذى من العرق و نبض الجسد و بهارات الذكرى .. هو ذاك الثوب الذى نحافظ عليه أكثر مِمّا تحافظ عليه ( ست التوب ) .. رغم أنه كبقية الأثواب أربعة أمتار ونصف لكنه يمتد من أقصى نواحى الروح لأقصى دقة قلب ..و غالبا ما يكون عرضين أو فتقتين.. وربما تو باى تو (2×2) .. ولا بأس أن يكون ( توب ربط) ليربطك مدى الإجازة .. عبقا و جرسة .. يمكن أن يكون (توب جيران ) .. ولكنه لا يخصهم .. وأغرب مافى هذا الثوب أن سعره دائما ما يكون في متناول الجيب و لكن ليس هذا السبب الذى يجعلنى أحبه ..
نعم .. وبنهم أقول .. هو آخر توب كانت ترتديه (ست البيت ) و أم العيال و قوت القلب .. وست التوب .. الثوب الذى كانت حتى الأمس القريب أو نهار اليوم تستقبل به المودعين و تستلم به الوصايا .. هو الذى شطفت طرفه الذى اندلق عليه الشربات .. وانزلق من رأسها على كتفيها و رفعته باهمال .. و اتكأت عليه آخر المساء وهى تضع الحنة على أطراف أناملها .. تشبّع برائحتها الأصيلة .. تلك الرائحة الخاصة بها .. بك .. لم تخلطه بعميق الطلح ( إلا ما كان بائتا من ليلتين خلون ) فهي لا تفعل ذلك عندما تسافر دونك .. يتشبع بها أصيلا إلا من رائحة عطرها المفضل الشفيف و بعض صندلية .. تعود من المطار أو الميناء فتجده يرقد كقط أليف ينتظرك أن تمسح عليه أو كطفل غرير يرفع عينيه إليك لتحمله .. ..مرميا على طرف كرسى أو على السرير الكبير باهمال .. تلتقطه و تهم أن تحمله الى سلة الملابس .. بتلقائية ترفعه الى أنفك .. و بتلقائية مختلفة تتوقف رجلاك .. تشمه مره أخرى .. بعمق هذه المرّة .. ترميه على كتفيك ، كالقرمصيص يوم الصبحية ،.. ثم تستلقي على ظهرك والثوب مشتتا عليك من السرة الى فوق عينيك .. حينها تشعر بالفقد .. الوحدة .. حينها تتبعثر مشتتا .. تحاول أن تتخيلها بثوبها الذى سافرت به .. لكن الصورة ترتد اليك حاسرة بهذا الثوب .. تأخذ نفسا عميقا .. يتسلل الثوب داخلك .. لم يعد قطعة قماش .. .. بل كيان .. منذ تلك اللحظة يأخذ الثوب كيانك الآخر .. بكل احترام و عطف و حنية تزيحه عنك .. تطبقه بإهمال مقصود .. تضعه على الوسادة .. و تضع عليه الغطاء .. حتى لا تنفذ الرائحة .. حتى تعود ...
لم يأتك النوم أو صاحبه المدعو نعاس ..كيف يأتك النوم في فراش أطول منك و أوسع كان بالأمس وهيطا و حميما، لكنه الآن متمدد كصحراء جافة .. تطفيء النور .. لا شيء .. تتقلب .. من جهتك في الفراش حتى جهتها الخالية .. تضيء الغرفة .. تواصل القراءة .. تشعر بالملل قبل النعاس .. وحدة .. و الوقت متأخر .. تمد يدك نحو ( التوب) .. تجذبه .. تضعه على وجهك ترتاح .. تكتم انفاسك دون شهيق .. تمد يدك دون أن تزيحه عن عينيك و تطفئ النور ... كل هذا الوقت وأنت حابس انفاسك .. تزفر بقوة و تستنشق الرائحة تتلبش ترقد على يدك اليمنى و تجذب لفة منه تحت رأسك .. تتوسدها وتسحب البقية على صدرك .. تدفن وجهك فيه .. يعوضك قليلا عن مكان أليف .. تلف يدك اليسرى و تخاصره .. تشعر بأن الأمر يمكن أن يكون أفضل .. فتضم رجلك وتسحب طرفه .. و تغطي رجلك اليسرى .. تلك العادة التى دائما ما تفعلها .. حين تكون ست البيت قد سبقتك للنوم .. و حتى لا تصحو تمد رجلك وتوصل التيار ( ماس أرضى) .. ولكنها تخاطبك قبل ان تلتفت إليك :" السهر دا ما كويس معاك " لكن هذا الثوب .. لا يخاطبك .. وتنام قبل أن تتم أورادك .. تصحو الصباح .. تجده قد توزع على السرير إلا من الجزء على وجهك وأعلى الصدر .. تجمعه بمهل و تضعه تحت الوسادة .. وسادة لم تعد خالية .. تنظر الى الطاولة .. غيارك ليس هناك .. فلا أحد غيرك بالبيت .. تختار قميص اشتر اللون .. لا يتماشى مع البنطلون .. تعرف ذلك .. ولكنك تصر أن تبدو مبهدلا دونها .. تسألك السكرتيرة وأنت تتناول الكيك مع الشاي " الأهل سافروا؟" .. ترى الكلمات في عينيها تقول " جنس بشتنة .. رجال مبهدلون دون النساء"
ويكون التوب رفيق فراشك .. حتى لو ذهبت الرائحة لكنه يبقى ..
قبل أيام من عودة ست التوب .. تحمله وبقية الملابس الى الغسال وتنام متغطيا بعبق أمل القيا تحضر (توب الست) بعد أن يمتلئ البيت بعبق ( ست البيت) .. عندما تحمله لتضعه في الدولاب تنظر اليه .. تبتسم قليلا .. قليلا جدا .. تضع يدك على كتف " ست البيت والتوب" وتجلس على الفراش .. بملاءة جديدة اشتريتها ترحابا بست البيت .. عندما تراه عليها مرة أخرى تشعر بإلفة بينكما و لا تتذكر .. لماذا ..؟
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-29-07, 08:04 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | ابو جهينة | 10-29-07, 08:46 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-29-07, 10:23 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | tayseer alnworani | 10-29-07, 09:47 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-29-07, 05:54 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | Shayma | 10-29-07, 06:16 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | Shayma | 10-29-07, 06:28 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-30-07, 07:36 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | هاشم أحمد خلف الله | 10-29-07, 06:31 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-30-07, 10:29 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | Muna Khugali | 10-29-07, 06:34 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 10-30-07, 06:06 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | Alsa7afa_30 | 10-29-07, 09:08 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | Emad Abdulla | 10-30-07, 01:25 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | عبدالغني كرم الله بشير | 10-30-07, 07:22 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | معتصم الطاهر | 11-01-07, 06:58 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | عبدالله داش | 10-30-07, 10:39 AM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | ماجدة عوض خوجلى | 10-30-07, 12:44 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | فتحي البحيري | 10-30-07, 03:48 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | wadalzain | 10-30-07, 05:09 PM |
Re: توب السفر .. جِرسة جندرية .. | haroon diyab | 11-01-07, 09:43 AM |
|
|
|