تعاقبت على التاريخ البشري أنظمة مختلفة، فكان نظام الأقطاع احد هذه الأنظمة التي تركت أثراً عميقاً لدى الشعوب في ذلك الزمان، حيث كان أمراء الإقطاع أو ما يسمون بالنبلاء يسيطرون على الثروات ويمتلكون الأراضي ويعيشون حياة ارستقراطية في أبراج عاجية بعيدون كل البعد عن الشعوب ومعاناتها، التي تزداد يوماً بعد يوم بسبب الفقر المدقع والجهل والمرض إضافة الى الضرائب الباهظة. فاستولوا على أراضي الدولة وثرواتها ومواردها فأصبحت ملكاً خاصاً للأمراء لهم حق التصرف فيها بالبيع والنزع وغيرها من التصرفات الناقلة للملكية كما لهم حق منح من يرغبون في منحه وحرمان من يبغضونه أو يستضعفونه. فهم متخذو القرار، لذا نجدهم يسنون القوانين التي تخدم توجهاتهم وسياساتهم، حتى ولو تعارض ذلك مع مصلحة البلد أو مصالح الشعوب، فمصالحهم الشخصية فوق كل شيء. ونحن اليوم بعد مرور قرون عديدة على هذا النظام نجد التاريخ يعيد نفسه مرة ثانية ويطل على سمائنا أمراء إقطاع جدد، مارسوا الظلم بمختلف أشكاله وألوانه، استولوا على كل ثروات وموارد البلاد وأصبحت ملكاً خاصاً لزعامات المؤتمر الوطني، دون حياء أو خجل أو خوف من الله، فأثروا ثراءً فاحشاً، وأصبحوا يعيشون حياة ترف وبذخ، بعيدون كل البعد عن الشعب ومعاناة هذا الشعب التي بدأت منذ 89 يونيو، وأخذت أشكال وألوان مختلفة من ضرائب فادحة ومتعددة تحت مسميات مختلفة، لا تتناسب مع مستوى الدخل للمواطن، بالإضافة لالغاء مجانية العلاج والتعليم، وصولاً لأعمال الإزالة والتهجير القسري التي تمت لمناطق كثيرة في الخرطوم، والأقاليم المختلفة، وتشريد سكانها دون مراعاة لحقوقهم الدستورية التي نص عليها الدستور الانتقالي والمعاهدات الدولية. والسؤال الذي نطرحه: هل النزع تم لمصلحة عامة؟ الإجابة لا! لأن هنالك بعض المناطق التي تم نزعها وتشريد سكانها لصالح مشروع (دريم لاند)، أين المصلحة العامة في ذلك؟ الأمثلة كثيرة. واليوم تفاجأ بقرار تحويل المواقف دون أي سابق إنذار، ودون تخطيط ولا دراسة، كما أعتدنا دائماً في هذا البلد العشوائي! الذي لا تسبق قراراته أي دراسة علمية، وهذا أن دل على شيء إنما يدل على عشوائية متخذي القرار، ولكن نرجع ونقول أنها المصلحة الخاصة التي تطغي على المصلحة العامة. عملية تحويل المواقف هي خطوة أولى في سبيل تنفيذ مشروع مدينة السنط، لأن عملية التحويل يترتب عليها موت السوق العربي وبالتالي يسهل عملية إخلائه وتفريغه وتكسيره لإقامة الأبراج العاجية التي سوف تكون من نصيب أمراء إقطاع المؤتمر الوطني والمستثمرين الأجانب، أما المواطنون المغلوبون على أمرهم فسوف يعيشون في اطراف المدن، ام درمان، بحري، الخرطوم، ومن يرغب في الدخول الى مدينة السنط عليه ان يحصل على تأشيرة دخول لمدينة الأمراء!. حرم عثمان أحمد-المحامي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة