|
|
 Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... (Re: samual hassan)
|
بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام الصادق المهدي
43 عاما بعد الثورة الديمقراطية الأولى
لم يكن انقالاب 17 نوفمبر 1958م انقلاباً عادياً، فيه – سيما في مرحلته الأولى- طابع التسليم والتسلم من رئيس الوزراء. وفيه مباركة السيدين الإمام عبد الرحمن والسيد علي. ومع ذلك فقد واجه منذ البداية رفضاً من رئيسي أكبر حزبين سودانيين هما السيد الصديق المهدي رئيس حزب الأمة والسيد إسماعيل رئيس الحزب الوطني الاتحادي. كما عارضه حزبا الانتلجنتسيا السودانية: الاتجاهان الإسلامي والشيوعي.
كانت حجة رئيس الوزراء للتسليم خشية من التناحر الحزبي واحتمالات التدخل الأجنبي. وكانت الحجة التي أقنعت الإمام عبد الرحمن أن الدور العسكري سوف يختصر الطريق نحو كتابة دستورالبلاد الدائم ثم تستأنف الحياة الديمقراطية. ولكن الإمام عبد الرحمن ورئيس الوزراء سرعانما راجعا موقفهما مدركين أن للسلطة العسكرية الجديدة أجندتها الخاصة. أجندة عززها وقوع حركة انقلابية ثانية قادها السيدان محي الدين أحمد عبد الله وعبد الرحيم شنان في 2 مارس 1959م. الإجراءات التي اتخذتها السلطة بموجب هذه الحركة الانقلابية الثانية قطعت أية صلة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتكوينه المعدل وبين القيادة السياسية التي سلمت السلطة.
كان الإمام عبد الرحمن مريضاً بالقلب ولكن تطورات الأحداث السالبة فجعته عندما أدرك أن الوعد بإصلاح تعود بعده الحياة الديمقراطية قد ذهب أدراج الرياح.
المغامرات الانقلابية جرّت للسودان ولأهله ويلات وهي في حالاتها الثلاث لم تكن محض عسكرية بل خالطها تآمر مدني. ودفع كياننا ثمناً غاليا نتيجة هذه المغامرات. فالإمام عبد الرحمن شق قلبه ما اعتبره نقضاً للعهد. فانتقل بعد ثلاثة أسابيع من الحركة الانقلابية الثانية. والإمام الصديق فجعه الهجوم المسلح على الأنصار العزل في احتفالات المولد في 21/8/ 1961م فهجمت عليه أزمة قلبية بعد ذلك بخمسة أسابيع وانتقل لرحمة مولاه في 2/10/1961م، أما الإمام الهادي فقد أسره الانقلاب المايوي وقتله هو ومرافقيه قتلاً عمداً.
لكن الإمام الصديق بموقفه الرافض منذ البداية للنظام الانقلابي وجد دعماً قوياً من موقف الزعيم إسماعيل الأزهري وسائر القوى السياسية، والنقابية، والطالبية، والمدنية. واستطاع أن يدق أول مسمار في نعش الانقلاب الأول. وبعد وفاة الإمام الصديق واصل الإمام الهادي وقيادة حزب الأمة التحالف مع كافة القوى السياسية، والنقابية، والطالبية، والمدنية، معارضة النظام الانقلابي مجردين النظام من أية شرعية بإجماع لم يشذ منه إلا حزب الشعب الديمقراطي صاحب مذكرة "كرام المواطنين".
شعر الجنوبيون أن الآمال التي علقوها في استجابة النظام الديمقراطي لمطلب الفدريشن قد أطاح بها الانقلاب كما أطاح بتمثيلهم الوزاري والنيابي فاتجهوا للمقاومة المسلحة. مقاومة عززها الجنود المسرحون من القيادة الجنوبية بعد حوادث أغسطس 1955م الدامية فانطلقت باسم انيانيا الأولى في مارس 1963م. واجه النظام الانقلابي حركة المقاومة الجنوبية المسلحة بإجراءات أمنية مضادة طابعها انفصالي خال من الطابع المدروس ومن الغطاء القومي.
في ذلك الوقت نشرت كتابي "مسألة جنوب السودان" وقلت فيه إن المسألة ليست أمنية وحسب بل ترفدها عوامل سياسية، واقتصادية، وثقافية وتوجب حلاً قومياً يبحثه الجميع بحرية ويتفقون عليه، كان هذا في أبريل 1964م.
لكن الأمر استمر على ما كان عليه. وفي أكتوبر 1964م قال د. حسن الترابي في ندوة في جامعة الخرطوم إن الأزمة سياسية توجب توافر الحرية لدراستها وحلها، ونظم الطلبة ندوة ثانية لبحث مسألة الجنوب لكن السلطات منعتها فأقاموها رغم ذلك فأقدمت الشرطة على تفريقها بالقوة فاستشهد وجرح عدد من الطلبة على رأسهم أحمد القرشي طه.
كان تشييع جنازة القرشي إلى قريته شمال النيل الأبيض علامة فارقة. كانت الصلاة عليه وما أعقبها من مشهد سياسي مناسب لتضافر قومي شعبي عريض انطلقت بعده شعارات الإدانة للنظام الانقلابي. ثم كتبت القوى السياسية مذكرة تدين النظام وتطالب بعودة الديمقراطية. وأقدمت القضائية بقيادة السيدين بابكر عوض الله وعبد المجيد إمام متضامنة مع هيئة أساتذة جامعة الخرطوم والطلاب ونقابة المحامين ونقابات أخرى على تنظيم موكب تقديم مذكرة للسلطات تدين أحداث الجامعة الدامية وتطالب بتحقيق عادل ومساءلة الجناة. اعترضت السلطات الموكب فأعلن قادته الإضراب العام احتجاجاً. وعلى إثر ذلك تكونت جبهة الهيئات وتمركزت في نادي أساتذة جامعة الخرطوم لمتابعة الموقف.
القوى السياسية أيدت الإضراب العام ونظمت مظاهرات عززت مظاهرات الخرطوم للمطالبة بالديمقراطية. الجبهة الوطنية التي كانت تضم كافة القوى السياسية ما عدا حزب الشعب الديمقراطي تمركزت في بيت المهدي بأمدرمان.
أدرك النظام الانقلابي الأول ترنح موقفه فحل الفريق إبراهيم عبود أجهزة حكمه وأرسل لنا في بيت المهدي اللواءين الطاهر عبد الرحمن المقبول وعوض عبد الرحمن صغير لفتح حوار حول المستقبل. رحبنا بالحوار واشترطنا أن يشمل جبهة الهيئات بالإضافة لجبهة الأحزاب وتكون وفد مشترك أجرى تفاوضاً ناجحاً لتحقيق مطالب الشعب. كانت الثورة الديمقراطية الأولى ثمرة خمسة عوامل هي:
• التعبئة الديمقراطية الشعبية المستمرة ضد النظام الانقلابي.
• استنزاف النظام بفعل المقاومة الجنوبية المسلحة.
• الإضراب العام.
• المظاهرات الشعبية التي عمت العاصمة المثلثة والمدن الكبرى سيما ود مني والأبيض.
• انحياز قطاعات داخل القوات المسلحة للمطالب الشعبية.
ثورة 21 أكتوبر علامة بارزة في تاريخ السودان الحديث إذ حققت خمس نتائج تاريخية هي:
• استرداد الديمقراطية.
• تعميد الإضراب العام والزحف الشعبي أسلوباً نضالياً ضد الطغيان.
• استنان آلية المائدة المستديرة أو الحوار الجامع اسلوباً لإنهاء الحرب الأهلية.
• اتاحة تجربة نضالية أفرزت جيلاً جديداً من القيادات لخلافة جيل الاستقلال. خلافة تجديد يؤهلها البلاء والنضال لا مثل التجديد الذي يأتي عبر الولايات الانقلابية فيأتي بقيادات جديدة وشابة ولكن لا يؤهلها إلا التآمر الانقلابي أو التسلق على سلمها، فحققت في عامي 1969م و 1989م تجديداً مريضاً كلف البلاد عنتاً شديداً.
كثر السؤال عن ماهية دورنا في ثورة الديمقراطية الأولى أقول لكل نجاح أكثر من أب بينما يبقى الإخفاق يتيماً. ولكن لا يجادل أحد أننا ساهمنا بستة روافد هي:
• تنظيم وتوحيد المعارضة للنظام الانقلابي منذ البداية.
• بلورة الموقف من مسألة الجنوب وكشف أبعادها السياسية، والثقافية، والدعوة للحرية والقومية لإيجاد حل لها.
• احتضان الشرارة التي انطلقت في جامعة الخرطوم وتطوير مشهد جنازة القرشي في اتجاه سياسي قومي.
• الحرص على توحيد جبهتي الأحزاب السياسية والهيئات لمواجهة السلطة الانقلابية التي حاولت مخاطبتنا دون غيرنا.
• إجراء تشاور قومي واسع وكتابة ميثاق أكتوبر على ضوئه.
• قيادة التفاوض مع مندوبي السلطة الانقلابية والاتفاق على برنامج استرداد الديمقراطية.
أختم فأقول: إن تجربة 21 أكتوبر قد حققت للبلاد زخيرة نضالية لا تقدر بثمن لا سيما والبلاد الآن تواجه عبئاً ثقيلاً وضعه على كاهلها تراكم المغامرات الانقلابية التي صحبتها في مرتين أيدلوجيات واهمة أضرت بالبلاد في ثوبها الأول. أما في ثوبها الثاني- الحالي- فإنها دولت الشأن السوداني على حساب سيادته ومزقت الكيان السوداني على حساب وحدته وتهدد الوجود الوطني نفسه.
ومع الفرق الكبير في الظروف فإن قدوة الفريق إبراهيم عبود في إدراكه أن تجربة الحكم قد بلغت مداها فرتب انسحاباً نظامياً قومياً سلمياً. وقدوة جيل أكتوبر أنه أدرك أن وحدة الإرادة الشعبية قوة نووية لا تقاوم. هكذا فإن الدرس المستفاد من 21 أكتوبر ما زال محملاً بالعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
 صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 09:57 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:00 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:14 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:20 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:25 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:36 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | إسماعيل وراق | 10-22-07, 10:36 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:39 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:43 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:52 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 10:59 AM |
 Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | waw | 10-22-07, 11:38 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 06:32 PM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-22-07, 06:44 PM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | lana mahdi | 10-23-07, 04:22 PM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | samual hassan | 10-24-07, 09:11 AM |
| Re: صوت الامة ..تجسد زكرى اكتوبر بالصورة..... | محمد عادل | 10-24-07, 01:10 PM |
|
| |
samual hassan
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست