حزني عليك مقيم ... يا من استعجلت الرحيل...
لم أكن ادري بأن هذا اليوم سيأتي بهذه السرعة , اليوم الذي اسمع فيه خبر نعيك يا عمي نافع سبحان الله دائما هي الدنيا هكذا تأخذ الأحباب من الناس, إن رجلا في قامتك يا عماه لا توفيه الكلمات حقه و لو كان البحر المحيط مدادا لها, حسبك انك قد مت في ارض غريبة و نحن نعلم أن النبي العظيم شهد لمن مات بأرض غريبة بالشهادة. عماه...... مر ما يقارب الشهر على رحيلك إلى دار الخلود و النفس --استغفر الله-- تعجز عن التصديق, كنت دائما ذلك الشخص الذي يزرع الأمل في النفس بالدعابة و الأبوة التي أحستها نفسي تجاهك منذ نعومة أظفاري و أنا في مهدي بالرياض, دائما كنت انتظر ذلك اليوم الذي تأتي إلينا فيه انتظار الحبيب لحبيبه لأنه زرع في نفسي انك ستأتي حاملا إلي هدية, و هكذا هو ديدن الصغار ترتبط نفوسهم بمن يهاديهم, كما إنني كنت افرح بقدومك لما المسه من تناسي والدي العزيز لهموم الحياة عند رؤيتك بل بمجرد سماعه بأنك قادم, فتدخل عليه بقامتك المهيبة مبتسما و ممازحا فيزول كل ما في نفسه, و لا أزال اذكر تلك الضحكات التي تنتشر في المنزل مضيفة له جو من السلام, كذلك كنت افرح بمجيئك لأنه هو السبب في انطلاق الابتهاج في وجه والدتي التي دائما ما كانت تقول لنا و نحن في ذلك السن بأن نافع هو عمكم و خالكم أيضا نعم كانت دائما ما تقول عنه يا أخي يا نافع, مجيئك لمنزلنا كان هو العيد الذي ننتظره في تلك الجنة التي نعيش فيها. اذكر أيضا ذلك الموقف الأبوي منك عندما سمعت بأنني مرضت, فتركت أعمالك الكثيرة و جئت لتمارضني في المستشفى, و كنت المح في قسمات وجهك الألم عندما كنت أنا اتالم من وخز الابر او مرارة طعم الدواء و كذلك كنت تشعرني برغم صعوبة الجلوس في المستشفى لتمارض شخصا بأنك سعيد و لم افهم صعوبة هذا الأمر إلا عندما دخلت انا الحقل الطبي فعرفت مشقة هذا الشئ و انا اعتني بمرضى لا اعرفهم فما بالك و انت ترى ابن أخيك يتألم؟ , فكنت في هذا الموقف ترسخ في ذهني ان الوفاء و الحب و الصبر اهم الصفات التي يجب ان يتسم بها الرجل الشهم, اذكر كذلك فرحتك الغامرة عندما ابلغك والدي بأنه تم قبولي في كلية الطب بجامعة الخرطوم و لا انسى ذلك المبلغ الذي اعطيته لي في يدي و تلك الوصايا التي حملتني لها و تلك الدموع التي نزلت من مقلتيك و انت تقول لي " يا بني أنت اصبحت في طريق القمة فارفع رأس أسرتنا عاليا فاسمك من اسم جدك و لم يكن رجلا عاديا فبهداه فقتد" مرت أيام الدراسة و سنونها العجاف كنت دوما أنت الدافع فيها بكلماتك التي لا تزال عالقة في مخيلتي" احفظ الله و تذكر بأن خلفك أسرة كاملة تود الفخر بك", كانت تتخلل تلك السنون أيام سفر كنا نترافق فيها إلى جدة فتجلس بجواري بالطائرة و تتحدث معي فأحس بأني قد تجاوزت عمري و احس بكبر أملك في, فيزيد إحساسي بك و أحمد الله أن قد جعلك عما لي. أما ما كان يحدث منك في منزلك العامر بجدة فحدث و لا حرج فقد كنت تزرع في نفسي معاني الكرم و انا أرى أن منزلك اصبح أملا لكل من انقطعت بهم السبل في جدة و تعلمت فيه فنون كيفية إدارة الحوار مع كل شرائح المجتمع و كيف الصبر عليهم. أنعم الله علي بالتخرج من الجامعة فكان أول المتصلين بي هو انت و كان حديثك يختلف عن حديث الآخرين قلت لي يومها "محمد انتهت سنين الراحة و اعلم بأنك اقبلت على الدنيا الصعبة فكن رجلا" اذكر تماما عندما اجتمع مع اصدقائي و يأتي شهر رمضان فيبدؤن بالنقاش عن كيفية اداء عمرة رمضان و يبدأ كل فرد منهم بسرد الصعوبات التي قد تواجه,من الاقامة في جدة و عن الطريقة التي سوف يتحركون بها الى مكة المكرمة, فأتحدث انا معتزا و اقول " اما انا فإقامتي في جدة مع عمي و التنقل ايضا معه" فاحس بأن كعبي قد علا عليهم................... ألم اقل ان فقدك هو فقد أمة!!! عماه................ لن انسى يوم أن هاتفتني في شهر اغسطس من هذا العام لتبلغني أنك اخترتني لأكون رفيقا لك في جولتك في الخرطوم, عندها أحسست أن الدنيا كلها لا تتسع لفرحتي كيف لا و أنا الذي سوف يخدمك, يا ويح نفسي لم اعلم بأنك تريد أن تزرع في نفسي اخر الدروس قبل أن ترحل عن الفانية و هو درس صلة الأرحام فكان يمكن ان تقوم بهذه لجولة لوحدك و لكن نفسك المحبة لي اصرت ان تريني هذا الدرس عمليا. كان ذلك اليوم يوم جمعة اطليت علينا و كان وجهك مضيئا و كنت في قمة السعادة عندما علمت انني قد امضيت ما يربو على 72 ساعة في خدمة المرضى بالمشفى, احتسينا كوبا من الشاي و لن أنسى ابدا يدك الحنونة و هي تسكب في كوبي حبات من الهبهان و نظرة الفخر التي كنت تنظر لي بها و انت قد اصررت ان اجلس بجوارك على الأريكة, و رغم انك الكبير الا انك اصررت ايضا ان اكون انا قائد تلك الرحلة المباركة, كنت دائم الحديث معي و نحن في السيارة عن كيفية ادارة امور الحديث و دائما توصيني كلما انقطع الحديث بأن اكون الأفضل وي كأنك كنت تشعر بأن ذلك اخر لقاء بيننا. بعد ان بلغت الرحلة مبتغاها و وصلنا الى أمدرمان و ودعتك نظرت الي و قلت " ريحتني يا ولدي الله يريحك" ياالله ما احلاها من كلمة وي كأنني اسمعها لأول مرة في حياتي قلت لك "دا الواجب يا عم و ان شاء الله نتلاقى في ساعة خير" فنظرت الي و ابتسمت كأنك تقول لي " يا ولدي بعد دا مافي خوف عليك نضجت و لكني سوف أرحل" عندما بلغني والدي بخبر وفاتك احسست ان الشمس قد كسفت و القمر قد خسف--استغفر الله ماك غالي على وجه ربك يا عم-- عم نافع توفي يعني تاني مافي كلمة عمو نافع ازيك؟ يعني تاني مافي زول حنمشي ليهو في جدة؟ يعني تاني عمرة رمضان ما حيكون فيها عمو نافع؟ يعني تاني مافي عمو نافع البينصحني؟ يعني مافي عمو نافع البيجينا في الرياض و بزيل هموم الدنيا عن والدنا بضحكتو؟ يعني مافي عمو نافع الكان سند لوالدي؟ يعني عمو نافع ما حيحضر يوم أنا اتخصص؟ يعني في عرس ايناس أختي عمو نافع حيكون مافي؟ يعني اي فرحة تاني لينا عمو نافع ما حيكون حاضر؟ لا حول و لا قوة الا بالله استغفر الله العظيم, كل تلك الأسئلة كانت في خاطري و لكني تذكرت انني يجب ان اصبر لأنه لو كان موجود لم يكن يرض ان اكون في موقف ضعف, لكني اقول ان فقدي لك يا عماه مصيبة عظيمة و لم استطع ان اتكيف معها حتى اللحظة. لن انسى و انا اقف في ايام عزائك و الناس تقول لي "البركة فيكم في عمك نافع" كلمة لا تزال في ذاكرتي و لن انساها ما حييت, و لن انسى الناس تتحدث بأن جثمان المرحوم سيصل في يوم كذا كذا, و لن انسى الناس تقول" نافع رحمه الله" "نافع طيب الله ثراه" و لن انسى قول احدهم " ها قد اقبل رمضان من ذا الذي سوف يكسي عيالي كسوة العيد" و قد علمت انك كنت ترسل له كل رمضان مبلغا من المال ليكسو عياله . في خضم تلك اللحظات تمالكت نفسي و بدأت اتذكر اعمالك و مواقفك الجليلة و شهادة الناس عنك فقلت لنفسي اثبتي فوالله لن يخزي الله عمك فكم اعطى من محروم و كم كسا من عار و كم اطعم من جائع, فالله أكرم و الله هو اهل التقوى و المغفرة و حسبنا انه سيعامل عمي بما هو أهله. فهذا هو العشم في الله عز و جل و لا نقول الا ما يرضيه رحمك الله يا عم نافع: رحمك الله يا مجير الحيارى رحمك الله يا مجبر الكسور رحمك الله مطيب الخواطر رحمك الله يا نافع يا عبدالله فهذا اشرف ما توصف به أسال الله ان يجعل قبرك روضة من رياض الجنة و ينزل عليك رحماته في هذا الشهر الفضيل و ان يغفر لك بعدد شعر من شهد تشييعك ابتداء من أثيوبيا مرورا بالسودان فقد شيعك خلق كثير لهجت السنتهم بالدعاء لك, بحق كان يوما عظيما و أنا اشاهد الناس تتدافع لحمل نعشك الطاهر و كلهم ذرف الدموع و كلهم بكى عليك بالدمع السخين, بكو فيك الانسان بكو فيك الاحسان, و أنا بكيت فيك المرشد و بكيت فيك الأب الحنون. عمي نافع: هنيئا لك ملاقاة الصالحين من أهل السماوات هنيئا لك موت الشهداء هنيئا لك مرافقة الأنبياء هنيئا لك العيش في الجنة هنيئا لك قصورك في الجنة فهذا هو الرجاء من المولى عز و جل عمي نافع: في الليلة الظلماء يفتقد البدر الدعوات منا إليك موصولة في هذا الشهر الكريم لن ننساك أبدا فمثلك لا ينسى لن تنساك الأرامل لن ينساك الأيتام عمو نافع: عبدالمجيد أخوك دوام بيطراك بالخير و دوام بيدعو ليك عمو نافع: اختك سعاد ابراهيم عيونها ما جفت من البكى عليك عمو نافع: اولادك أحمد و عبدالعزيز ما نسوك عمو نافع: بناتك أماني و ايناس, ايمان,اسراء, الاء ضهرم اتكشف بموتك عمو نافع: خالتو أماني و سارة, مروة, محمد,هشام,عبير, راوية طوالي بيدعو ليك و دا جزء من الصدقة الجارية ليك عمو نافع: اهلك, أحبابك, اصحابك طوالي بيتذكرو اعمالك الخيرة و الناس شهداء الله في الأرض عمو نافع: نم قرير العين في قبرك فمن له مثل اعمالك الجليلة حق له ان يسعد في اخرته ان القلب ليحزن و ان العين لتدمع و إنا يا نافع بفراقك لمحزونون رحمة الله عليك و طيب الله ثراك يا عماه و الله ان فقدك يوازي فقد أمة كاملة إنا لله و إنا إليه راجعون ابنك المكلوم: محمدعبدالمجيدكمبال

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]