|
في قعر طاحونة القلق...
|
في قعر طاحونة القلق خالد أحمد بابكر
فاتحة: وقد يأتي غريبُ القلبِ والشفتينِ والقدمينِ والأرضِ فيعرف: أيما قلقٍ ويعرف: أيّما رفضٍ شقيتُ به ولمْ أقْضِ؟! «1» أنا والظلُ في ممشى من العدمِ نغيبُ هناك في الطرقات والبحرِ فيحملنا على أمواجه المَدُّ ومَدٌّ دونه مَدُ وبابٌ دون من نهواه ينْسَدُّ ووديانٌ وقيعانٌ على الدربِ تبثُ الرعبَ والحُمّى، وتلقينا على مرمى من اللهبِ ممرات من الأحزان والجمرِ تحاصرنا.. على أفق توشّحَ بالشعارات القميئةِ والأقاويل البغيضةِ في الزمان الأولِ المرهوبِ نجثو بالركبتين على الترابِ الوحلِ ما ننفكُ نَنْشُدُ روعةَ الصبح البهيجِ يعطرُ السوح الرحيبة بالهيام البكرِ والكَلِم المُعَبِّر بالهتاف وبالحياة الحانية وهْمٌ تفَتّقَ عن خيالٍ جامحٍ لفتىً يلملم من براكين النهار بشارتين من الورودِ له وأخرى لصاحبه الرفيقِ العذبِ والخل الخليق ويسأل ظله: هل يا تُرى مازلت قربي في المضيق؟ أم أعجبتك حياة من باعوا الحقيقةَ واستعانوا بالصديق على الصديق؟ «2» فيا رفيقي في الملمات الكبيرةِ والذهول مَنْ غيرُ هذا الوجه يُشرقُ بالتفاؤلِ حين تحتدم الخطوب؟ مَنْ غيره، نلقاه عند منعرج الدروب؟ أما والله قد كنت الخليل وحُزتَ أوسمة الجدارة والقَبُول ماذا أقول؟ الآنَ تستعصي الحلول ويَدُبُّ في صدري سُقام الغربةِ الملعون والشوقُ المعذَّبُ والشجون والنيلُ يبعدُ ألف ميل شتان ما بين الهزيمة والمثول «3» قد كُنتَ تاجاً للرؤوس ومهرجاناً للوفاء وتزيَّنتْ بكَ أمسيات الموطنِ الأسمَى وساحات اللقاء وتجمَّلتْ لصباح وجهك شعلتان من الضياء وتغنَّت الأطيار لاسمك في الفيافي مترعات بالثناء ما مات قلبك في عصور الانحطاط المزرية حاشاه، ما زاغ الضمير كما البقية «4» على رَحَى طاحونة القلقِ الجديبِ تموتُ الأمنيات، تقصُّ بالحسراتِ والليل الهُلاميّ المُريعْ في قعرها المجنون تختبئ الأفاعي والظنون شمعاتنا انطفأتْ وغادرَ ضوؤها متسللاً، مترنحاً، كأنه البطل الصريع
جدة 2004م
|
|
|
|
|
|