لو لم تكن سودانياً ماذا تتمنى أن تكون ؟؟!!
بسم الله الرحمن الرحيم كثيراً ما يلقى هذا السؤال وفي عدة مناسبات من قبل الصحفيين والمذيعيين ومقدمي البرامج ، وقد يكون المتلقي وزيراً أو خفيراً ولكنه طبعاً سودانياً خالصاً ، وقد يكون السؤال من أجل الدعابة او الجدية أو من باب معرفة ردود الأفعال من الجانب الآخر الذي كثيراً ما يكون حافظاً للإجابة ومدركاً لها منذ أن كان طفلاً صغيراً لم ينتقل بعد من إرتداء الرداء القصير إلى الطويل ... وطوال سنوات عمري لم أسمع غير الإجابة التالية : ( لو لم اكن سودانياً لتمنيت أن أكون سودانياً ) !! ... والغريبة أن المجيب على السؤال يخرج الإجابة من فمه فوراً وبسرعة وكأنما يخشى ان يفلت لسانه ويقول غيرها .. وكما نرى جميعاً فإن الإجابة السالفة عبارة عن تلاعباً بالأ لفاظ والحروف لا معنى له .. وربما يكون قائلها يخشى ان يتهم بالخيانة أو العمالة إذا رد بغير ذلك ، مع ان القدر قد وقع ولا رجعة فيه ولا لطف وحكم بان يكون ذلك المتلعثم سودانياً خالصاً حتى وإن إختلف الناس في عروبته أو أفريقانيته .. إذاً فإن ذلك السؤال الفخ الغرض منه ليس الإجابة المشتتة ، ولكن صاحب السؤال نفسه يعلم الإجابة مسبقاً ولكنه أراد ملء أسئلته ومساحته الشاغرة ... كما إني أرى أن ذلك التردد والخوف المبهم لا معنى له ، فحتى لو تمنيت أن تكون (صربياً) مثلاً ، فإنك لن تكون قد حققت شيئاً البتة ، كما لا تتوقع ان يكون جان المصباح السحري تحت خدمتك الذي سرعان ما يحملك سريعاً إلى حيث ما تتمنى ويقوم بتغيير ملامحك ... كما إنها أمنية فقط ليس أكثر ... ولو تمنيت مليار مرة فلا مستجيب لك ... ولكن لماذا لا نتمنى ونتخيل وذلك من حقنا ؟! ... إذا أتاني أحدهم يوماً وسألني بجدية : (لو لم تكن سودانياً ماذا تتمنى أن تكون ؟) ... لأجبت على الفور ودون تردد : (أتمنى أن أكون عراقياً) ... ثم أسترخى في مقعدي وأنتقل بفكري وخيالي إلى بغداد العاصمة الصامدة على مر الدهور ، وأتخيل نفسي أحمل الجنسية العراقية وأعيش حياتي العادية داخل بغداد ... أتخيل نفسي صدام حسين ذلك البطل العملاق الأسطوري ، الذي لم يتهاون في ضرب من يريدون خنقه هو وشعبه ... أتخيل نفسي كيف حين أغضب وأثور ، أنثر الصواريخ يميناً ويساراً على الأعداء .. أحطم هؤلاء وأدمر أولئك ، كما لن أتهاون في قضية تخص الشعب العراقي ووحدة أراضيه ... لو كنت عراقياً لكانت أمي قد أرضعتني منذ نشأتي كيفية التمرد على الظلم والطغيان ، كانت ستعلمني (( إن الجار لا يكون جارك إذا سرق أرضك وإنتهك حرمتك ، وعليك أن تتناسى كل الأيام السابقة بينكما وتضرب دون هوادة )) ... لشرف عظيم حين يكون الإنسان عراقياً ... حين يواجه هو وشعبه الموت على الطرقات والشوارع ، ولا يحتمي بالكلمات والدبلوماسية اللعينة .. حين يواجه طيراناً وجيوشاً إحتشدت من كل بقاع الأرض لقهر عناده وكبريائه ، فلم يجد الغزاة إلا أناساً حفروا قبورهم بأياديهم في إنتظار الموت والخلود ... إن الموت نفسه ليخشاني لو كنت عراقياً ... لو كنت عراقياً لما فعلت كما فعل السودانيون حين إعتدى الإرتريون واليوغنديون وغالبية الدول المجاورة على أراضيهم ، لم أكن لأتمشدق بـ (حق الجوار) و (العلاقات الأزلية) و (مائدة المفاوضات) .. بل لم أكن حتى سأجد الفرصة للدهشة أو الإستنكار ، إذ سيكون تفاهمي وحديثي فقط عبر الصواريخ والراجمات والجيوش والضرب بدون رحمة أو تردد ، فالأرض هي الشرف الذي يجب أن يصون ، وساعتها لن انتظر شهوراً طويلة أو سنيناً عديدة دون حتى ان أطرد سفيراً حقيراً من بلادي جزاء لما فعله أهله ، كما لن أكتفي فقط بطرد الغزاة من أرضي ، بل كنت سأرد الصاع صاعين ولكنت قد ضربت كل المنشاءات والبنى التحتية التي أستعملت في غزو بلادي ... إنها إرادة البقاء وحشد العزيمة ... إنه الصمود والعزة وقوة الإرادة ... إنه صرعة المستحيل ضد الإصرار والتحدي ... لو كنت عراقياً لما أعجزتني ترعة حقيرة تقبع في إحدى المناطق الزراعية ، كما لن يعجزني أبداً تعلية خزان زراعي لتوليد الكهرباء .. فحين تتجمع الإرادة وقوة الأمل لا تكون هنالك مشكلة ابداً .. وحين يكون الصمود والوقوف بشرف في مواجهة الصعاب ، نزيل من القاموس كلمة (نقص الإمكانيات) !! ... إن المعاناة تولد الإبداع ... والزهد في الدنيا يولد النصر ... والحصار يولد الإرادة ... وفقدان الإرادة يولد كلمات مثل (نقص الإمكانيات) ... لو كنت عراقياً لكنت سأفخر حين أجد مثل تلك الكلمة الحمقاء قد إنزاحت عن طريقي منذ أن تولدت في نفسي (غريزة البقاء) ... كنت سأنبش الصخور بحثاً عن قناديل قمح بداخله ... كنت سأستخرج من شوك الصبار عصيراً من العنب ... كنت سأقاوم الهزيمة حتى النصر ... وحين أفيق من تأملاتي وأعود إلى ارض الواقع ... وأكتشف أني لازلت سودانياً ... أول ما سأفعله هو أن أتمنى بأن تجتمع علينا كل جيوش الأرض وتقوم بصب جحيمها علينا من كل الجهات بحراً وبراً وجواً !! ... أتمنى أن يقذفونا بلا رحمة !! ... وأن يكون ضربهم علينا عشوائياً ... ويحطموا كل المنشئات والمباني الحيوية !! ... ساعتها فقط سيدرك السودانيون أن عليهم أن يزيلوا عبارة (نقص الإمكانيات) من قواميسهم ، لأنه لن يكون هنالك حتى إمكانيات كي تنقص !! ... وهنا فقط سنفعل مثلما فعل الشعب العراقي ... تتولد المعاناة ثم الإبداع ثم قهر المستحيل ... ثم العيش بشموخ وكرامة وسط الأعداء ... ولكني في النهاية سودانياً ... أسكن في أحد أحيائه المتهالكة ... أعاني من غلاء أسعاره ... أشكو من جشع تماسيحه ... أتضايق من أفعال حكوماته ... أفرح لإنتصاره وأحزن لإنكساره ... أعيش وسط أهله (الغبش) ذوو الوجه الباش ... تنبض الدماء الحارة في دمي بنيران العزة المو######## منذ القدم ... لو كنت عراقياً لتمنيت ان أكون سودانياً ...

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]