|
Re: بعد ان انفرزت الكيمان يحق لنا لن نؤسس منبر لابناء الشمال والوسط في سيدني (Re: الجيلى أحمد)
|
الأخ خالد
تحياتي
لسبب ما , وإن إستعار ذات عنوانك هذا شخص آخر , فربما تعدلت مسارات هذه البوست وكثيرا , والتعديل الذي أعني هو للأسوأ دون شك , كان من الممكن أن يلتحق هو الآخر بزمرة الردح الإثني الماطر على مدار العام فى هذا المنبر , لكن جميل ألا يحدث هذا , فنحن نحتاج لحوار هادئ موضوعي فى ذات الموضوع , ولما إعتلى قائمة همومنا وبشكل لا يمكن تجاهله أو إنكاره , لقد طرحت أخ خالد قضية تواجهنا فى كل المهاجر , خاصة تلك التي يحتضنها الغرب , فصحيح ما أتيت لكنه مؤسف للغاية , وليس فى هذا إمارة تعكس تداعيات الصراع السوداني الداخلي , على أبناء السودان أينما حلوا خارجه وحسب , فهذه من باب أولى رغم طعمها القارص , فهي تحمل مضمونا يفي بأن أبناء السودان خارجه أكثر تفاعلا وبينونة فى مواقفهم , ولا يتحرجون حتي عن تبني خيارات المفاصلة , ويمهدون لها عبر أشكال إجتماعية وفعاليات إثينة وحراكات إعلامية مختلفة , ومع أن كل هذا يحدث بإسم الصراع السوداني على الأرض السودانية , إلا أنه فى واقع الأمر يطمر الأفق القومي السوداني , وينأى عن ثمة مناولة ذات وشج به , وهذا هو التحلل العملي لمكونات الهوية السودانية على الأرض , ومع قناعتي ا لتامة بإستعار وضراوة الأوضاع المأساوية فى السودان الآن , خاصة على لظى لهيب دارفور وجسامة أذيات أهلها , فأرى أن النخب المثقفة الملتحقة إثنيا أو ربما جغرافيا بما يحدث فى السودان , تتجاسر , خاصة فى الخارج , فى إتجاه التاريخ كحاضن لجذور الأشكال , وفى إتجاه المناطقية كمسوغ لبتر شريان التواصل القومي , وهكذا تتراكب الإشكالية السودانية , لتنحدر نحو الفرقة أكثر من الإلتئآم , ونحو الجزئي أكثر من القومي , ونحو البعضي أكثر من الكلي . الواضح كذلك أن قوة الإستقطاب التمحوري على الهيئة آنفة الذكر , أضحت تشمل كل السودان , من تقدم به التاريخ فى التعامل مع الفكرة , أو على الأقل الإرناء إليها كما فى الجنوب , ومن إستغرقتهم بواشع حال حاق بأهلهم كما فى الغرب صراحا والشرق ضمنا , ومن إلتحق مؤخرا بركب الظاهرة طوعا أو كرها كما بين أبناء الشمال والوسط , وأستوقف هذا البوست شاهدا على ما أقول .
إذن فلأمر السودانيين بالخارج علاقة بما تقدم , وأعتقد أن أثر التفاعلات الداخلية سيظل يلقي بظلاله على معشر السودانيين بالخارج , ربما تستعصي من ثم محاولات التغاضي عن هذا العامل , أو تخفيف وطائته ليجتمع من بعد السودانيين كما كانوا , أو قل كما ينبغي , لكنها ضرورة لا مناص منها ولأجل صحتها وأهميتها أدفع بالآتي :
1 ما يزال الشعور القومي السوداني هو الرابطة الوحيدة المتبيقة فى سلة المهمات السودانية , وهو على الأقل يحمل الآن أمنيات التواصل السوداني بإستدعاءآته التاريخية والعاطفية , طالما تنكبت السياسة الطريق , ولأنها ( ضالة ) وبهذا المستوى , فلا ينبغي أن تؤخذ كعامل حيوي فى تقرير مصائرنا , ومع أهمية السياسة فى كل نطاق إجتماعي , لكن إبتعادها عن الرشد يؤهل القوم لتقديم الأرشد عليها , فهناك الجغرافيا والتاريخ والدم والتجربة والتعايش المشترك , وهناك الخاصية السودانية ذات المرامي والأبعاد المتميزة وكما نسجها التاريخ عبر قرون على نول الواقع , وهناك الشخصية السودانية تحتضن خصائصها الثقافية والأخلاقية المائزة , وهناك القوى الإجتماعية والسياسية التي تناصر عبر التاريخ التداعي القومي والوشج العصرى , وهناك أخيرا السودان ولما لا يزال موحدا شكلا ومقررا , فالإستعجال الفرز هنا وكأن التقسيم هو القدر الذي لامناص منه , هو إستعجال مريب يقدح فى الأهداف أكثر من الأزمة ودواعيها.
2 أن تجربة السودانيين فى الغرب تعلمهم الكثير , لكن أهمه التعايش مع الإختلاف والمتنوع , فالتجربة فى أصلها تقوم على هذه الخاصية , بدأ من التعددية السياسية وحق المواطنين فى إختيار حكامهم وفعالياتهم الحيوية , مرورا بالركائز التاريخية التي تأسست عليها النهضة الغربية , وأخال من أهمهما تفعيل أمر الهجرة والإستقدام , وهذه هي المدخل الذي نلوز الآن بحظوته فى معيتهم , إنتهاء بما ترسيه هذه التفاعلات الديمقرافية من مؤثرات ثقافية وقانونية على المجتمعات الغربية , ومنها التعددية الإثنو/ ثقافية كتقرير موضوعي لحالة التنوع المجتمعي فى كثير من بقاع الغرب , خاصة فى أمريكا الشمالية . فهذا هو الدرس رقم واحد لمن يرغب فى التحصيل عندهم , وهذه قيمة أولية لمن يلاحظ تلك المجتمعات ناهيك عن أن يعيش فيها , وبالطبع فهذه من التجارب التي نحتاج للإستزادة منها طالما شاءت ظروف مجتمعنا السوداني , أن تكون ذات ملامح فسيفسائية شبيه بتلك المجتمعات , فتجربتنا فى الغرب تعلمنا التضافر والتعايش المشترك وليس العكس . إذن فمحاولات الإستقلال عن الجمع فى ظرفية إجتماعية يشي بغيرما تقتضي التجربة هنا وواقعنا السوداني هناك .
3 أن المجتمعات المهاجرة فى الغرب تعاني الكثير من الإشكالات والضغوط , وتقتضي الحيطة لمجابهة هذه الظروف فيما تقتضي أن يكون المجتمع المهاجر متماسكا موحدا متعاوننا ما أمكن , فهذا مما يكسب هذا المجتمع المهاجر خاصية تسهل الكثير من إموره , المتعلقات منها بالدولة الفيدرالية أو الحكومات الإقليمية أو المحلية , وهنا تكفي الإشارة لبعض القضايا التي يمكن تذليلها بقوة ووحدة المجتمع المهاجر , كقضايا الهجرة والتعليم الخاص والوظائف والأنشطة الثقافية والإجتماعية ذات الصلة , إضافة لما يحققه هذا المجتمع المهاجر من طمأنينة لأفرادة فى ظل إحساسهم بكونهم أقلية مستضعفة , خفيضة الصيت والصوت مغلوب على أمرها .
ربما يكون الموضوع أشعب وأعقد مما طرحته , وربما الواقع أكثر سوءا من الإستدعاء النظري , لكننا نواجه مشكلة كبيرة وخطيرة , كنت أعتقد آثما أننا هكذا فى كندا وكأننا إستثناء , لكن إضاءة الأخ خالد عدلت فى إعتقادي وإن زادتني حزنا على تمدد هذا السرطان الذي أصاب أهل السودان . آمل أن يتيح لنا هذا الحوار منافذ تفتح على رؤى ومشروعات تعيننا على مغلوب أمرنا .
|
|
|
|
|
|