" دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة محمد النور كبر(Kabar)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-30-2012, 07:33 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! (Re: Kabar)

    (4)

    اٍسمها الكامل ، صفية عبد الكريم ادريس ، ملامحها أشبه بملامح بنات الهوسا ، و لكنها من بنات تاما ، تكسو وجهها لمحة جمال نبيل ، نادر التفاصيل و الحدوث ، وتبلغ من العمر ثلاثة عشر سنة ، جسدها يخضر بالمواسم ، موسم تجده نضرا ممتلئا ، و موسم اخر ، تجده اصفرا ذابلا . أحيانا تطلي وجهها بــ
    Full make up
    ولا أدري من أين تجئ به ، تحفظ اسماء المراهم و الطلاءات ، كيناكوب ، لوكسيد ، فير اند لفلي ، ديانا ، روز ، آمبي ، كيلرتون ، فينوس ، و كركار..!
    أحيانا ، تملأ زنودها و معاصمها بأساور ذهبية ، ذات رنين و كشكشة مليحة ، و أحيانا أخرى ، تكتفي بسوار بلاستيك اسود رقيق ، تسميه : صابرين..!
    أول مرة ، تعرفتُ عليها قبل عام تقريبا . كنا نركض في احدى المظاهرات اياها ، كان خط المسيرة من جامعة الخرطوم ، شارع البلدية ، ثم شارع القصر ، الى القصر الجمهوري . و لكن بقدرة قادر ، انحرفتْ تلك المسيرة نحو أبو جنزير ، و بطريقة أو بأخرى ، التحمت بمسيرة أخرى قادمة من ناحية جامعة القاهرة فرع الخرطوم ، و كان الإلتحام في شارع عبد المنعم محمد ، أمام البنك الإسلامي لغرب السودان ، في مواجهة البنك الصناعي و بنك النيلين و ميدان الأمم المتحدة . أشتعل البمبان ، و انفجرت الأرض عن نمل الإحتياطي المركزي ، الذي تشبه لسعاته لسعة النملة أم ريش في الأرض الرطبة . تفرقنا ركضا ، و اختلط الحابل بالنابل ، أمتزجتْ أصوات الطلاب بالجماهير ، كان اٍلتحام جماهيري نادر الحدوث على أرض الواقع ، أو كما كنا نظن . سدت كتائب الإحتياطي المركزي الدرب بيننا و بين جامعة الخرطوم ، و ظلت تطاردنا ، نحن قوام السبعة اشخاص . وقعت قنبلة بمبان بالقرب مني ، و شعرتُ بالإختناق ، سالت دموعي ، و كل فتحة في وجهي نضحتْ بما فيها ، و كان العرق يبلل جسدي ، و كلما أنكشف جزء منه ، كلما شعرتُ بالغاز الحارق يتسلل في مسامي ، مسببا اكلان أقوى من طعم الشطة الدنقابة . وقعتُ على الأرض ،دختُ و غمرتُ ، دخلتُ في غيبوبة ، و لم أشعر بعدها الإ و انا داخل عمارة الضرائب بالقرب من المدخل الشمالي ، كان المكان هادئ و شبه مظلم ، و كان وجهها ، وجه صفية عبد الكريم ، يتراءى لي كحلم بعيد في ليلة شتوية باردة ، كانت تحرك طرف طرحتها البهية المزركشة ، لتخلق تيار صغير من الهواء ، يلفح وجهي و يبدد حالة الإختناق ..!
    تملمتُ ، قالت لي : كيف؟
    قلتُ : كويس ، أنا وين؟
    قالت : في عمارة الدرايب..
    قلتُ : و انتي منو؟
    قالت : صفية ، ست التسالي ..!
    سلمتُ عليها ، و قلت لها : الحاصل شنو بالضبط؟
    قالت : علبة البمبان وقعت تحت رجليك ، و انتا غمرتا..!
    قلتُ : شكرا ليك يا صفية ..!
    قالت : لا شكر على واجب ، أهلك وين عشان أوصلك..!
    قلتُ ، باسما بشحوب : شكرا ، انا ح أصل براي ..
    كان الشك يخطو في قسمات وجهها و شفتيها الغليظة برفق .
    قلتُ : أنا طالب في الجامعة ، و ح أرجع براي للداخلية..
    قالت ، بريبة : لكن جامعة الفرع دي ما فيها داخلية..!
    قلتُ ، باسما : أنا طالب في جامعة الخرطوم ..

    صمتتْ صفية لحظة ، و حاولتُ أنا النهوض ، لكن قدماي خذلتني و ترنحتُ ..
    أستندتُ على الجدار كي لا أقع ، خطفتْ صفية زندي الأيسر لتحميني من السقوط . جلستُ مسندا ظهري على الجدار ، و قلتُ لها : بتعرفي العمارة دي كويس..؟
    قالت : دور.. دور..
    قلتُ : اطلعي الدور الرابع ، مكتب نمرة 61..
    قالت ، تقاطعني : ناس بخات..؟
    قلتُ : بالضبط ، عبد الرحمن بخات ده ، عمي طوالي أمشي خليهو يجي ..

    ذهبتْ صفية ، و عادتْ و معها عبد الرحمن بخات ، خير السيد ، و سليمان الفحيل . في البدء انتابتهم حمية البدو الشرسة و ظنوا أني مضروب ، بدأوا يتحسسون مداخل العمارة ، و اتجهوا نحو صفية بلا تردد ، و صرخ خير السيد في وجهها مهددا : الخادم الغلــفة ، بت الكلـــب أم شلاليف ، الليلة الإ تورينا الزول ده الدقاهو منو ، و هوى بيده ، كاد أن يصفعها في وجهها ، و لكني استجمعتُ قواي و امسكتُ به , و انا اصيح : لأ.. قبلك ، قبلك ، خير السيد امسك ايدك عليك ، البنية دي مسكينة ساكت ..!
    و حكيت لهم ما حدث بالتفصيل..
    اقبلوا هم على صفية ، و رفضوا أن يعتذروا لها بصورة واضحة ، ذلك أن حس البدو الماكر في دواخلهم ، يرفض الإعتذار لأي انثى كانت ..!
    أخرج لها عبد الرحمن بخات قليلا من المال ، مكافأة على موقفها ، و رفضتْ صفية باٍباء أن تأخذ تلك النقود ، و جرتْ . أحسستُ بدمعها و هي تغطي وجهها بطرحتها . سألتُ عنها عبد الرحمن بخات ، و ذكر لي أنها تبيع الفول و التسالي امام مدخل العمارة ، و لكنه لا يعرف اسمها بالضبط..!
    من مكتب عبد الرحمن بخات ، خرجنا و امتطينا سيارة سليمان الفحيل ، و اتجهنا نحو منزله في دار السلام المغاربة بالحاج يوسف ، مكثتُ معهم مدة يومين ، و عدتُ بعدها الى الجامعة..!

    بعد شهر من حادثة المظاهرة تلك ، كنتُ اتجول تحت عمارة الضرائب ، الى أن وجدتُ صفية ، سلمتُ عليها ، لكنها كانت متوجسة ، قلت لها : اسمي حماد حميدان ، خلينا نبقى أخوان ..
    حدقتْ صفية في وجهي بريبة ، و اشاحتْ عني..
    ذهبتُ في ذاك اليوم ، و عدتُ بعد أسبوع ، و زادت الأسابيع ، و لم تأمن صفية جانبي الإ بعد مرور الشهر الرابع . و بعدها ، كنتُ أمرُ عليها من وقت لآخر ، تقشر لي الفول المدمس و تعزمني على كباية الشاي السادة ، و أحس بأنها ، كباية الشاي السادة ، هي أروع ما وُهبتُ في هذه الدنيا الفانية..!

    ذات مرة ، تجاسرت و عزمتها أن تدخل معي سنما قصر الشباب و الأطفال ، و في أي يوم تختاره . ابتسمتْ هي بلباقة و قالت : ما حصلتْ الدرجة دي ..!
    قلتُ : عارف ، لكن مش نحن اتفقنا أننا أخوان ، و الخوه دربها واحد ؟
    لم تستجب صفية لتلك الدعوة الإ بعد مرور خمسة واربعين يوما بالتمام . كان ذلك يوم جمعة ، التقينا عند الساعة الثالثة ظهرا في بانت ، امام كافتيريا حسن ، شربنا عصير قمر الدين المثلج ، و ركبنا مواصلات السوق العربي ، نزلنا في محطة السلاح الطبي .
    كانت صفية ، تلبس حذاء أبيض لامع ، و ترتدي أسكرت بني داكن وبلوزة وردية و طرحة خضراء اللون ، و تربط راسها باشارب أسود به خط ذهبي لامع . في ذلك اليوم ، كان وجهها خاليا من المساحيق تماما ، و بدأ ناعما نضرا . خفتُ أن أعلق على مظهرها ، ذلك مغبة أن تسئ بي الظن ..!
    دخلنا السنما ، كان الفيلم كالعادة هنديا . أندهشتُ ، اندهاشة عظيمة ، حينما وجدتُ صفية تردد اغنيات الفيلم السبع ، سبعة ألحان و كانت صفية تدندن بها ، تحفظ التواقيع ، الكسرات ، و مواقع الرقص..!
    انتهى العرض عند السادسة مساءا ، و خرجنا . أصرّتْ هي ، هذه المرة ، أن نذهب عن طريق بصات الموردة . وقفنا أمام البرلمان ، و ركبنا أول بص قدم من ناحية الخرطوم ، و بعد برهة اكتشفنا أنه من بصات الثورة بالوادي ..!
    قلتُ لها : نركب البص الثاني ..
    قالت بحزم : ننزل في الشهداء ، و نتم الباقي كدراوية..!
    قلتُ : ماشي ، و مافي مشكلة تب..!
    كنا نقف شماعة ، وقفتُ امامها ، و هي في ظهري ، أحيانا أحس بصدرها النافر يضغط على أكتافي غصبا عنها ، و ذلك حينما يرتج البص في الحفر و المطبات ، تحاول هي أن تعتذر ، و لكني أشيح عنها البصر ..!
    نزلنا في ميدان الشهداء ، و شارفت الساعة السابعة مساءا ، و توجهنا نحو ميدان البوستة في قلب سوق امدرمان . في شارع الدكاترة ، كانت اكــ########ــا ، احيانا ، تلامس زندي ، و اقول هي حركة المرور و زحام الناس ، و أتحاشى أن اطلق العنان لخيالي .
    في ميدان البوستة سألتها : أنا ح أركب مواصلات السبيل ، انتي ماشة بي وين؟
    قالت : بالردمية ..!
    وقفنا في ميدان البوستة ، و انتابني شئ من القلق عليها ، و ظل الزمن يزحف و يزحف . عند التاسعة ، وجدنا لها مكان في احد الدفارات ، ودعتها و مضيت. صعدتُ أول حافلة متجهة نحو السبيل . أغمضتُ عيني ، و ظلتْ صورتها تسد عليّ مناكب الرؤى ، وجهها يستدير ، يكبر و يملأ الذاكرة ، و احيانا أراها تركض في حدائق خضراء على مد البصر ، تطارد ضفائرها ، و احيانا اراها ، تهز يديها ، فتحدث أساورها كشكشة لذيذة..!

    كبر

    (عدل بواسطة Kabar on 05-30-2012, 07:35 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
" دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:17 AM
  Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:22 AM
    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:27 AM
      Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:31 AM
        Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:33 AM
          Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-30-12, 07:38 AM
            Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar05-31-12, 06:44 AM
              Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! بله محمد الفاضل06-02-12, 07:48 AM
                Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! حبيب نورة06-02-12, 09:01 AM
                  Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-02-12, 09:13 AM
                    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-02-12, 09:16 AM
                    Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! بريمة محمد06-02-12, 09:37 AM
                      Re: " دروب العيش" فصل من رواية كتبتها..! Kabar06-03-12, 00:44 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de