رسالة من داخل المعتقل والحاج وراق- خالد فضل- حيدر المكاشفي يهاجمون الشرطة في قضية النيلين

Quote: مـــن خـــلــــف القــضـــبان خالد فضل عشرة شبان يقبعون رهن الانتظار بالسجن العمومي بكوبر على خلفية أحداث العنف التي دارت رحاها في ساحة جامعة النيلين في شهر فبراير الماضي وأدت الى مقتل أحد طلاب الجامعة المنظمين في حزب المؤتمر الوطني المهيمن، بينما ينتمي المعتقلون الى حزبي الحركة الشعبية «الشريك الثاني في الحكم» وهم : ين ماثيو سكرتير الطلاب والشباب بقطاع الشمال، وفكتور توماس، وخميس ماثيو، فيما ينتمي الـ (7) الباقيين الى حزب المؤتمر السوداني المعارض وفصيله الطلابي «مؤتمر الطلاب المستقلين» وهم الأمين العام للطلاب المستقلين أحمد محمد الحاج، وابوبكر يوسف مسؤول الطلاب السابق، وحسين محمد حسين ويعقوب زكريا يعقوب ، حسين الشيخ، عبدالرحمن ابراهيم وعثمان اسماعيل، وجميعهم طلبة جامعيون بجامعتي الخرطوم وجوبا. ü في البدء لابد من التأكيد على مبدأ أساسي، وهو رفض استخدام العنف لادارة الخلافات العامة أو الخاصة، يتساوى في رفضي لهذا العنف من أىة جهة جاء، من الاجهزة الرسمية أو شبه الرسمية أو الموالين لهذه الاجهزة، أو من جانب المناوئين للسلطة فبلادنا في الواقع ليست بحاجة لمزيد من القتل، ولا تنقصها أىة شحنات أخرى منه، فجل تاريخنا المعاصر يشمله العنف والقتل والاقصاء مما جعل العيش على أرضنا بمثابة هدنة طارئة ريثما يندلع العنف مرة أخرى من جانب الانقلابيين كما هى في معظم سنوات ما بعد الاستقلال ومن جانب المناوئين والمقاومين كما في حالة الحروبات الاهلية التي شهدتها أجزاء واسعة من بلادنا في جنوبها وغربها وشرقها وأواسطها الجنوبية والغربية. كما سادت ساحات الجامعات موجات عاتية من العنف جاء معظمه خلال سنوات هيمنة المؤتمر الوطني منذ أن كان يسميه سدنته «انقاذاً» والسمة الأبرز في عنف الانقاذيين هى مشاركة بعض الاجهزة الرسمية اما مباشرة أو عبر منسوبيها من الطلبة المنتمين للحركة الاسلامية، وفي واقع الأمر فانه ومنذ مطلع التسعينات وحتى أواخرها، أى قبيل الانقسام الشهير في اوساطهم بسبب الطمع في السيطرة والرئاسة والنفوذ، حتى قبيل ذلك الانقسام فانه بالكاد تجد فرداً منهم، خاصة في أوساط الطلبة الجامعيين لا يمت بصلة ولو غير مباشرة بالاجهزة الأمنية، مرد ذلك في تقديري لشعورهم بأنهم أقلية وسط غالبية ساخطة على ممارسات سلطتهم خارج الجامعة وفي إدارات الجامعات وصندوق رعاية الطلاب، فهذه الاجهزة ظلت تمارس الانحياز بشكل مكشوف لصالح منسوبيها وفي ذات الوقت تمارس القمع والقهر ضد الغالبية، حدث هذا في الشارع العام ومختلف أوجه الحياة وفي سوح الجامعات بشكل واضح، واذ أذكر من ضمن تلك الممارسات المنحازة أن النشاط الطلابي قد حُجّم ومنع استخدام مكبرات الصوت أو الآلات الموسيقية في جامعة الخرطوم مثلاً، وتتم مصادرة أى جهاز يتم ادخاله، ومنعت كل المنظومات الطلابية من ممارسة هواياتها الفنية والموسيقية واقامة حفلاتها ومهرجاناتها بمكبرات الصوت والآلات الموسيقية، في هذه الاوقات كان طلبة حزب السلطة يتاح لهم اقامة حفلاتهم «الجهادية» وتلعلع مكبرات الصوت تنعق بالتحريض على القتل والموت والدمار في إطار الحرب الأهلية بين ابناء الوطن الواحد، وتمت تربية أجيال التسعينات على هذا النهج، فاستبدوا وطغوا، لذلك فعندما أذعنت سلطتهم للضغوط المحلية والخارجية وسيقت لابرام اتفاقية السلام الشاملة، فقد استبطن منسوبوها ما سلف من تربية البطش والقهر والديكتاتورية، وحاولوا مقاومة نصوص الاتفاق وبنود الدستور الداعية لجعل العدالة ديدناً والمساواة واقعاً والحريات شرعة ومنهاجاً لإدارة الشأن العام، ومن هنا جاء العنف فيما بعد نيفاشا وبالنتيجة اندلع عنف جامعة النيلين، وراح الطالب المعز ضحيته، فيما كان يمكن تفادي ذلك العنف اصلاً لو تم تغيير التربية الجهادية وسط كوادر المؤتمر الوطني، ولو تم لجم روح مقاومة التغيير وممارسة عملية تهذيب وتشذيب للعقول والافئدة الطلابية الشابة التي ترعرعت في كنف الطغيان، وهذه مسؤولية قادة الحزب واجهزته، لذلك فإنني وبصدق شديد شعرت بأسف وحزن بالغين على اهدار روح ذلك الطالب، وشعرت بمرارة فقده لأسرته وذويه، وطالبت في كلمة لي باعمال القانون وروح العدالة في طلب التحقيق والتثبت من الجناة وتقديمهم إن ثبت في مواجهتهم اتهام للقضاء الطبيعي ووفق شروط التقاضي أمام محكمة عادلة لتحقيق أحد شيئين، اما براءة المشتبه فيهم وبالتالي احقاق الحق واقامة العدل وسيادة حكم القانون، أو ادانتهم واصدار الاحكام القانونية في مواجهتهم وفي ذلك أىضاً إحقاق للحق واشاعة للعدل، وخطوة الى الامام . أما أن يظل الشباب الذين أشرت اليهم في مقدمة المقال، رهن الحبس دون أن تحال قضية اتهامهم- إن وجدت- الى المحكمة ففي هذا الأمر، اهدار مابعده اهدار لروح العدالة واصدار عقوبة دون وجه حق على من لم تثبت عليه جناية، في هذه الحالة يتساوى عندي (هؤلاء المعتقلون مع زميلهم الطالب الذي أزهقت روحه، لاعتبار بسيط هو أنه ربما لم يرتكب جريمة القتل أىاً من هؤلاء المعتقلين، فكيف ينام الضمير العدلي مرتاحاً، ويذهب ويروح دهاقنة العدالة الرسميون من بيوتهم الى وزاراتهم ومكاتبهم بل ويسافرون خارجياً لينافحوا عن سلطتهم في المحافل الحقوقية الدولية، ويعلنون كل حين تضامنهم وشجبهم لممارسات الادارة الامريكية ضد معتقلي غوانتنامو، ويسيرون التظاهرات ويكتبون اللافتات مطالبة الادارة الامريكية بـ (إما اطلاق سراح المعتقلين أو تقديمهم لمحاكمة عادلة، بينما هنا عند كبري كوبر.. حيث السجن العمومي يقبع على الأقل في دائرة علمي (10) شبان بتهمة لم تثبت عليهم جنايتها بعد، فكيف يستقيم ميزان العدالة في هذه الحالة، وأىة مصداقية يتحلى بها من يطالبون أمريكا باقامة العدل في أجانب معتقلين لديها، وهم لايقيمون العدالة وسط افراد من مواطنيهم؟؟ اطلقوا سراح المعتقلين أو قدموهم للمحاكمة، فالعدل والقانون يجب أن يسودا على أى اعتبارات حزبية أو ترضيات لفئة على حساب التالية!!!