|
عودة الأديب ....
|
عودة الأديب
أشعث أغبر في زي رياضي ، قد أنهكني التعب ، وأرهقني الركض في أرجاء الملعب ....
أسير في الطرقات أتجه نحو منزلي ...
استأنس بلحظات الصراع بين النهار المودع والليل الذي أعلن الانتصار ....
وصلت إلى المنزل تخلصت من آلامي وآهاتي ، ألقيت بالزي الرياضي ، وتحت الماء تخلصت من أوساخي وأدراني ، توضأت لكي أصلي صلاة المغرب الذي ذهب وقته ، لكن لابأس فأنا أحسن من كثير من الشباب الذين لايصلون ....
أرتديت البنطال والقميص ، وركعت ثلاث ركعات لم أشعر ماذا قلت فيها ، لكنني أتذكر مقطع لأغنية داعب فؤادي وأنا ساجد ...
خرجت من المنزل ، توجهت نحو محل الخياط فهو المكان الذي اجتمع فيه مع الجيران والأصدقاء ، قضيت وقتاً ممتعاً معهم تبادلنا فيها الضحكات والطرائف ، فقد كنت محبوباً ودوداً مع الجميع ....
هممت بالخروج ولكن قدمين غليظتين ، ويد أمسكت بي بقوة حالت بيني وبين الخروج ، ألتفت لصاحبها وكان رجل ذو لحية كثة يدعى محمد عبدالرحمن ، وقلت له : أتركني أذهب فأنا مشغول ، نظر إليّ وقال : لن أدعك تذهب حتى تجيب على سؤالي ....
توقعت السؤال أن يكون دينياً ، فشعرت بالغرور يتسلل إلى نفسي ، وقلت بصوت الواثق : سل وسوف أجيب ، فقال : لماذا خلقت ياعبدالله ؟ .....
شعرت بالانتصار ، سوف أجيبه إجابة تلجمه وتخرسه ، حتى لا يعود إلى سؤالي مرة أخرى ....
وقلت بصوت متقعر متفيقه ، يقول الله عز وجل :{ وماخلقت الجن والأنس إلا ليعبدون } ونظرت إليه بسخرية ، أنتظر الثناء والمدح ....
وفي لحظة الانتصار ، أنزل قدميه ، وبحركة غريبة ترك يدي ، وقال بسخرية واضحة : أذهب ....
وقفت في مكاني لحظة فقد فاجأني موقفه ، ولكنه كرر الكلمة : أذهب ....
خرجت من المحل والغضب والدهشة قد تمكنا مني ، تساؤلات كثيرة بدأت تطاردني ....
لماذ عاملني بهذه الطريقة ؟ لقد كانت إجابتي رائعة ...
لماذا يسخر مني ؟ وماذا فعلت حتى يسخر مني ؟ لماذا لم يثني عليّ كعادته ؟
لقد تغير اليوم ، ومع طول الطريق نسيت ما حدث وسرت في الطريق أقطعه بالشعر والغناء ، وقلت لنفسي : لا عليك فأنت على خير عظيم ، أما هو فمعقد وليس في مستواك العلمي...
وفي طريق العودة تسلل ماحدث من محمد إلى عقلي والذي بدأ يفكر بعمق فيما حدث ....
قلت لنفسي : السؤال كان سهلاً جداً ، فلماذا سألني ؟ ...
الإجابة كانت متوقعة وليست دليلاً على ذكائي ....
توقفت عند كلمة ذكائي ، وقلت : هل أنت ذكي ؟ هكذا قالوا عني ….
لكنني عدت إلى الآية ، وماخلقت تفيد النفي ، إلا ليعبدون تفيد الإثبات ، والنفي والإثبات يفيدان الحصر ، وهذا يعني أنني ما خلقت للعب واللّهو و والعبث ، بل خلقت لعبادة الله وحده ، وتذكرت قول الله عزوجل :{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } ….
عدت لنفسي ذكرتها بماضيها ، سائلتها … حاورتها …. أنت قد أجبت على محمد ، والآن أجيبي على نفسك ، هل حققت العبودية لله ؟ هل أنت تحبين الله عز وجل ؟ هل … هل …. أسئلة كثيرة حاصرتني ….
الغناء قد ملأ قلبك ، في سهوك ويقظتك ، في حزنك وفرحك ، سهر بالليل على البرامج الإذاعية ، شعر غزلي ، وأغاني ماجنة ، صرفت همك في تنسيق الكلمات وكتابتها ، ثم إرسالها إلى الصحف ، لعب الكرة وتفريط في الصلوات ثم جلسات وسهرات لا يذكر فيها اسم الله بل سخرية واستهزاء ، غيبة ونميمة ، ومشاهدة وسماع لما حرم الله من المسلسلات والأفلام والأغاني التي تذهب بالرجولة ….
وكانت الإجابة : لا … لا لم تحققي العبودية بل كنت تسعين إلى الشهرة والمجد ….
كيف يانفس تدعين الفهم والعلم وتنطقين به ، وأنت لا تعملين بما تعلمين ، كم كنت غافلاً وجاهلاً مغرورا ….
اقتربت من المنزل واقتربت من الهداية والتوبة ، وقبل أن أصل كنت قد وصلت إلى القرار ، لا للرجوع للأيام الماضية ، وداعاً للغناء ، للشعر التافه ، والكتابة بلاهدف ، وداعاً للسهر على ما حرم الله ….
سوف أبدأ من جديد ، سوف أنتقي من الماضي أجمله ، شكراً محمد قد وصلت الآن …
صليت العشاء وبعد ساعات من زيادة الإيمان ، تسلل الشيطان والهوى إلى نفسي ، لازلت شاباً وقد بدأت الثمرة ، فالصحف تنشر لك ، وكلماتك سوف تغنى عما قليل ، بل هي عنوان الشريط القادم إلى الساحة ، لا تتعجل بالقرار ….
وبدأ الصراع في داخلي يتفاعل ، صراع رهيب بين شهوات وملذات ، وحقيقة كانت غائبة ثم ظهرت لي جلية ، أنا الذي أجبت وأنا الذي أدنت نفسي ….
وأنا في حيرتي ودهشتي ، رأيت صديقاً قديماً لعبنا سوياً الكرة ، وغاب فترة ثم عاد …
أندهشت عندما رأيته ، ثوب قصير ولحية قد زينت وجهه ، فرحت برؤيته دعاني لمرافقته ، ركبت معه السيارة وذهبنا لأحد التسجيلات الإسلامية …
أنشرح صدري وشعرت أن الله أرسله لي ليثبتني على ما عزمت فعله ، منحني بعض الأشرطة الإسلامية وقد كان يمنحني الأشرطة الغنائية فيما مضى ….
شعرت بالسعادة التي فقدتها زمناً طويلاً وقررت أن أسير في طريق التائبين ……
من أراد أن يراسل من اجل التوبة أو ذكر قصته أو قصة لأحد التا ئبين او للمساعدة في العودة إلى الله فأنا على أتم الاستعداد بإذن الله على هذا البريد أبو جابر [email protected] دليل المواقع العربية www.radaddi.com
|
|
|
|
|
|