|
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز (Re: عبد الحميد البرنس)
|
سحاب
الحب في زمن الكوليرا
هنالك روايات يتمنى المرء إعادة قراءتها على الدوام ، ومن بينها رواية الحب في زمن الكوليرا للروائي
الكولومبي غابريل غارسيا ماركيز ، فالمتعة التي توفرها جماليات السرد وتوالد الأحداث وغرائبيتها المفاجئة
تجعل القارئ يتابع القراءة هائماً في حياة متدفقة تعج بالمشاعر الإنسانية المتنوعة ، ومتابعاً لعوالم
إنسانية ما تنفك تتكشف وتتبدل وتتغير على نحو عميق في محاولة لاكتشاف جوهر الشخصية الإنسانية ذات الغنى
والتـوهج والغموض الملتبس ، ومنذ السطور الأولى تشدنا الرواية نحو عالم واقعي تماماً لكنه يتفجر بالدهشة ،
وحياة بسيطة وعادية لكنها تنشد إلى العميق واللامتوقع الذي يفيض سحراً وجاذبية ، لهذا يظل القارئ مأخوذاً
بالحياة الغنية الممتعة التي تتدفق كاشفة وجه الحياة الكولومبية بمناخها وطيورها وحيواناتها وقراها
وأشجارها وأنهارها وطبيعة انسانها العاطفية المندفعة إلى حد التهور ، والانسياق وراء الأهواء والثورات
والحـروب التي أنهكت مجتمعات أميركا اللاتينية ككل ، إضافة إلى الطبقية في المجتمع وما يتولد عنها من صراعات ،
ومشاكل الفساد السياسي ونهب الأموال والثروات التي تتم بالتحالف مع الشركات الأجنبية ، وكل هذه الحياة
الروائية المحتشدة بالإشكاليات يتم تناولها عبر قصة حب من أروع القصص وأغربها دامت أكثر مـن خمسين عاماً عبر
تقلبـات درامية أبعـدت العاشقين عـن بعضهما البعض لأكثر من نصف قرن ، لكن مشاعرهما ظلت ملتهبة وعلى
الأخص العاشق الأبدي فلورينتينو اريثا الذي يهيم بـ فيرمينا داثا منتظراً لها غير معترف بمرور السنوات
ودخوله إلى خريف العمر ، لذا فإن التقاء العاشقين واجتماعهما وتجدد قصة الحب بينهما على نحو مختلف وهما على
أعتاب السبعين من العمر يؤكد الفكرة الرئيسية للرواية وهي أن الحب في كل زمان ومكان ولكنه يزداد كثافة
كلما اقترب من الموت ! .
إن الحب غامض وهو عاطفة غير مفهومة على نحو واضح حتى للعاشق نفسه وهنا سحر الحب وسره العصي على البوح
وعلى التفسير ، وهو لهذا في حالة تبدل دائمة يغير فيها وجوهه وأشكاله لكن جوهره يظل ثابتاً ، إنه الحب ولا
يمكن تفسيره بأكثر من هذه الكلمة لقد ظل فلورينتينو اريثا ذو الطبيعة الحالمة والرومانسية سنوات طويلة
متعلقاً بمشهد زوجين عجوزين رآهما ذات مرة ، كان كل منهما يسند الآخر بذراعيه في مشية
بطيئة هادئة مطمئنة مليئة بالحب الصافي ، هذا المشهد ظل بالنسبة له هو أروع تجسيد للحب لذا ظل يحلم لأكثر
من نصف قرن باليوم الذي سيسند فيه ذراع حبيبته وهي تسنده وهما على أعتاب السبعين ..إلخ .
في إحدى المرات كان فلورينتينو اريثا جالساً في المقهى لوحده ولم يصدق أن فيرميناداثا ستدخل المقهى مع زوجها
، ظل يتطلع إلى صورتها المنعكسة في المرآة دون أن تراه حتى رحلا أخيراً ، وبعدها ظل يتردد طوال أسابيع على
صاحب المقهى كي يقنعه بشراء المرآة التي انعكس فيها وجه حبيبته ، وأخيراً حملها كي يعلقها في غرفة نومه ،
وظل يتغزل فيها طوال نصف قرن لأن وجه الحبيبة كان مشرقاً في هذه
المرآة ذات مرة ، من يصدق هذا إنه شئ أغرب إلى الخيال واللامعقول.
في القراءة الثانية لرواية الحب في زمن الكوليرا وبعد أن يقرأ المرء السيرة الذاتية لماركيز التي صدرت مؤخراً
(عشت لأروي) يصاب بالدهشة والاستغراب من تقاطع الأحداث الواقعية في حياة ماركيز مع أحداث هذه الرواية ،
فقصة الحب بين فلورينتينو اريثا وفيرمينا داثا التي رفض والدها زواجه منها ، وأخذها عقاباً في رحلة طويلة
عبر قرى وموانئ بعيدة لمدة عام حتى تنسى حبها له ، ولجوء العاشق فلورينتينو الذي كان عاملاً في مكتب
للتلغراف إلى شبكة أصدقائه العاملين في مكاتب التلغراف في القرى البعيدة لتبادل الرسائل مع حبيبته سراً ،
هي ذاتها قصة الحب التي جمعت بين أم ماركيز ووالده الذي كان عاملاً أيضاً في مكتب التلغراف ولجأ أيضاً إلى طريقة
الرسائل عبر التلغراف للاتصال بحبيبته التي أبعدها أبوها عنه لمدة عام كامل في قرى بعيدة ، معتمداً على
شبكة أصدقائه العاملين في مكاتب التلغراف لموافاته بأخبار تنقلاتها وإيصال رسائله لها .
الغريب أن فرمينا داثا وبعد عودتها من رحلتها متشوقة للزواج من العاشق المفتون به تقرر فجأة ، ومن
إلتفاتة عابرة ترى فيها وجه العاشق الذي لم تره من سنة كاملة وهو يتبعها في السوق ، تقرر فجأة وهي ترى
وجه العاشق اليائس البائس بأن تقطع علاقتها به لتتزوج برجل آخر ، فيما ظل العاشق المخذول يجوب
الشوارع ككلب ضال ضرب بعصا مواصلاً عشقه الأبدي لها وانتظارها لخمسين عاماً ، وكما قررت فيرمينا داثا
قطع علاقتها به تقرر فجأة بعد زيارات متكررة قام بها فلورنتينو إلى منزلها بعد موت زوجها ، وبعد أن
أخذت تكتشف فيه العاشق القديم الذي أكسبته السنين حكمة وأسلوباً يثير الإعجاب ، الذهاب معه في رحلة نهرية
على إحدى مراكب الشحن تتحول إلى رحلة حب أبدية ، وكأنهما _ رغم أنهما عجوزين في السبعين _ عاشقين أبديين
لازالا يواصلان إلى الآن رحلتهما اللانهائية ، المدهش أن سيرة ماركيز عشت لأروي تبدأ برحلة نهرية يقوم بها
ماركيز مع والدته ذاهبين إلى بيت جده بخصوص أمر يتعلق بالميراث وكأن سيرة الرحلتين النهريتين الواقعية
والروائية _ تتقاطعان وتتشابهان إلى حد يختلط فيه الواقعي بالمتخيل كما هو الشأن في معظم روايات ماركيز
رائد أدب الواقعية السحرية التي أصبحت علامة دالة واتجاهاً أساسياً في أدب أميركا اللاتينية .
أظن أن الروائي نجيب محفوظ هو الذي كان يقول أننا لا نقرأ حقاً العمل الروائي إلا في القراءة الثانية ،
وأظن أن هنالك روايات تقرأ للمرة الثالثة والرابعة وواحدة من بينها هي الرواية الرائعة الحب في زمن
الكوليرا .
ناصر صالح الغيلاني
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 07:53 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 08:23 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 08:49 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 09:32 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 09:45 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-03-05, 10:09 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-04-05, 00:25 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-04-05, 00:57 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-04-05, 01:20 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-04-05, 01:27 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-04-05, 02:06 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 05:44 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | mazin mustafa | 11-04-05, 10:15 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 10:46 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 01:22 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 03:17 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 03:17 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-04-05, 06:28 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-05-05, 02:26 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-05-05, 02:36 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-05-05, 02:50 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-05-05, 11:33 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-05-05, 06:44 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-05-05, 07:22 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-05-05, 07:35 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-05-05, 08:29 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-06-05, 07:35 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-07-05, 00:10 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-07-05, 06:44 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-07-05, 07:07 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عاصم احمد محمد أبوحجل | 11-07-05, 09:29 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-07-05, 10:49 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-07-05, 05:49 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-08-05, 01:58 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | حيدر حسن ميرغني | 11-08-05, 06:26 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-08-05, 01:40 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | ملاذ حسين خوجلي | 11-08-05, 02:27 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | Marouf Sanad | 11-08-05, 02:50 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-08-05, 03:52 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | سيف النصر محي الدين محمد أحمد | 11-08-05, 04:24 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-09-05, 06:39 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-09-05, 03:27 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-09-05, 05:31 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | Mohammed Elhaj | 11-10-05, 03:33 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-11-05, 08:56 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-11-05, 09:59 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-11-05, 03:53 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | Abuobaida Elmahi | 11-12-05, 11:09 AM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-12-05, 06:50 PM |
Re: كتب.. وكتبوا عن أدبه وعنه: في حضرة غابرييل غارسيا ماركيز | عبد الحميد البرنس | 11-12-05, 08:16 PM |
|
|
|