|
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ (Re: برير اسماعيل يوسف)
|
العزيز برير سلامات، احسن قولا. و أشكرك للاهتمام بهذا الموضوع الحيوي. هذه مساهمة عجلى لتبيان فشل المشروع البربري.
المشروع الاسلامي السياسي مشروع خيالي وغير قابل للنفاذ اصلا وهذه الحقيقة لم تكن غائبة عن الترابي واسلافه. من المودودي الى حسن البنا وسيد قطب والى علي طالب الله وصادق عبدالله عبد الماجد. و ميزة الخطاب الديني السياسي ترتكز بشكل اساسي على التهريج و تهييج العواطف ودغدغة المشاعر فيما قبل السلطة لزوم الترويج و تيسبر عملية الامساك بالسلطة. لان الفكر السلفي يبسًط الصراع السياسي إلى درجة الاخلال الذهني، ليجعله صراع بين الحق و الباطل، بين حزب الله وحزب الشيطان، مستفيد من تدني الحساسية الاجتماعية إتجاه التبسيط الذهني و الوعي عموما امام الاستغفال و المكر اللذان يلزمان هذا النوع من الايدولوجيات الدوقمائية. و ربما رفدت هذا الخطاب وساعدته عوامل كثيرة، اهمها فشل البرامج السياسية في مرحلة ما بعد الاستقلال وإرتباط جلها بالمستعمر و بالتبعية و الانقياد الاعمي في زمن الحرب الباردة و غياب المشروع الشامل للنهضة الوطنية . ورفدها ايضا ان جل هذه المشاريع لم ترتبط بقيم الحرية والديمقراطية وبالتالي ربطها بقيم التحرر الوطني. وفي تقديري ان اهم عوامل وقود هذا الخطاب هو الصراع العربي الاسرائيلي. لأن اسرائيل دولة تكونت على اساس ديني وعرقي وفشل الحكومات العربية في مواجهتها قد ارخي الشعور الوطني وتحرري واستبدله بفهم ديني وطائفي وعرقي يحاكي الكيان المراد مواجهته اصلا! لكن الامر يختلف كثيرا لحظة تسلق السلطة على هدي برنامج اقرب للاساطير منه إلى الواقع الماثل، لان السلطة منطقها يقوم على التنفيذ و الممارسة فيصاب الخطاب بالتيبس وتبين سؤاته ونتائجة بشكل مريع. ليدفع المجتمع ثمنا فادحا نتيجة استهتار قواه الحية ولربما غفلة المجتمع باسره و عدم درايته بالخطر الداهم. و لأن الخطاب الديني السياسي خطاب متصالح مع المراوغة و قيادته ممشوقه على النفاق ولتناقضه الجوهري مع الحياة العصرية ولاستعداده بالتضحية من الاحمال الايدولوجية الثقيلة عند الضرورة والتى قد تصادم ليس المجتمع وحده انما تصادم كذلك العالم الخارجي بكل ما يعنيه هذا من خطورة على نظامهم، فيلجأ هؤلاء الاسلامويون إلي الانتقائية والاستلاف لحقنها في اوردة فكرهم العقيم. فتتحول عند التطبيق مثلا فكرة الاقتصاد الاسلامي الهلامية والتى ليس لها أطر دالة اصلا في المشروع الحضاري عند الترابي إلي وصفات البنك الدولي المميتة وإلى التبني الكامل للاقتصاد الحر في اقصي مداه ممثلا في تنظيرات ميلتون فايرمان و مدرسة شيكاغو الإقتصادية وهي مدرسة على علاتها البينة ومردودها السيئ على المجتماعات الغربية التى طبقت فيها كانت ولا زالت تحتاج لنظام ليبرالي ديمقراطي وهو ما يشيح عنة دهاقنة المشروع البربري لمصادمة الديمقراطية للمشروع في جذره وهكذا يصبح المشروع الاسلامي مشروع متوحش و استهلاكي من الدرجة الاولى بنمطية الغرب وفي نفس الوقت يكبح فكرة المؤسسات وسيادة القانون والتكيف مع قبول الاخر وسيادة قيم الاختلاف ورعاية المجتمع ورفده بالقيم النبيلة وترفيعه بالتحديث البنيوي تصبح هذه كلها أفكار مستوردة وشيطانية من عدو الاسلام، الغرب! أذاً فالمشروع الديني السياسي سريعا ما يهترئ من على قمة السلطة ليستمر اعتمادا على القسوة في مواجهة الخصوم ومصادرة الحريات و حرق الارض وتصفية مجموعات من سكان بكاملهم و إثارة النعرات العنصرية لضمان عدم التعاضد وضرب المجتمع المدني كعدو طبيعي للنظام رغما عن احتياج النظام لهذا المجتمع لادارة عجلة الدولة وتسير انماطة الحديثة المكتسبة على تشوهاتها النظرية ومحدودية سقفها . ولأن هذا النوع من الخراب المنظم لا يخيم بنتائجه على المجمتع فقط بل ينعكس على اهل الحكم والسلطان و لان تفكيك المجتمع كنتاج مباشر لسياسة النظام، سيطال السلطة وحوافها كمحصلة نهائية لتتآكل اطرافها ثم مركزها ولأن المشروع نفسه تغيب عنه الاخلاقية منذ ولادته كتنظير وكسلطة ممارسة و لا يعرف للممارسة الديمقراطية طريقا فيضطرالنظام لقطع بعض أجزاءه ليعد تنظيم صفوفه من جديد لينتج افشاله ظننا حل ازمته المستحكمة والتى لا يراها في سياق طبيعي كأزمة للمشروع في ذاته قبل ان يكون في نتائجه. في تقديري ، شذت عن هذه المنظومة الفكرية حركة طالبان وسلطتها. فقد كانت ببساطة اكثر انسجاما مع اصوليتها وحاولت محاولة لا تخلو من جدية لارجاع عقارب الزمن لمئات السنين واستماتت لحد كبير لتنزيل افكارها على الارض ببلاهة فائقة فجاء زوالها مجلجلا بعكس على مما هو عليه الحال اليوم في ايران والسودان و اللذان اضطرا لطمس قسم كبير من الايديولوجية الاصولية و اجراء عمليات جراحية مؤلمة على مجمل كلا النظامين وبالطبع القاء قادة الثورات في البحر.
ثروت
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | ثروت سوار الدهب | 12-25-04, 01:05 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-25-04, 04:58 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-25-04, 05:02 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-25-04, 05:03 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-27-04, 07:18 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-27-04, 05:24 PM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | ثروت سوار الدهب | 12-27-04, 07:17 PM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-27-04, 07:37 PM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | Dia | 12-27-04, 09:23 PM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | برير اسماعيل يوسف | 12-28-04, 08:00 AM |
Re: لماذا فشل المشروع الإسلامي في السودان؟ | المكاشفي الخضر الطاهر | 12-29-04, 00:58 AM |
|
|
|