آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-23-2024, 10:42 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-04-2004, 11:07 PM

Isa

تاريخ التسجيل: 11-29-2004
مجموع المشاركات: 1321

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر (Re: Yahya Fadlalla)

    أخي الأستاذ يحى فضل الله، ولك ايضا من الشكر أجزله على التعليق على نص الراحل المقيم زهاء، وأعتبره تعليقك هذا مساهمة أولية في الإحتفاء بأعمال زهاء...وأسعدني إعجابك بالنص...ولعلك سمعت ب(بخيت)، الذي رأى الهلال، وعندما أثنى الحاضرون على حدة بصره قام قاليهم: تاني داك واحد جنبو!!... وعليه فهذا نص آخر لزهاء، القصة الأولى من مجموعته (وين يا حبايب) وعنوانها: سبب موتي.
    كما أرجو أن تتحفنا بمزيد من نصوصك العامية والفصحى هنا، ولك كل الود...

    من قرية هناك، غرب مدينة (النهود) ،يمكن ان نقول لو أردنا الدقة غرب مدينة النهود المعتقة، من هناك كان مجيئها (جفالة بت حمد) سبب موتي. كانت تجيد صنع العرقي الذي اتخذت من صناعته مهنة لها، لتواجه بها متطلبات حياتها التي أضحت على حد قولها بأنها لا تطاق.
    ونحن أصبحنا نناديها (سبب موتي) مباشرة عقب موت زميلنا فاروق الجمر المعلم معنا بمدرسة أم التيمان الإبتدائية. كان أن فارق المسكين هذه الحياة بعد أن كواه العرقي وهرس كبده وهو في فراش الموت كان يبصق دماً، ويروح أحياناً في غيبوبة ويظل يهاتي ويهذي ويقول في أسى: آه، عرقي جفالة سبب موتي. وهي للحقيقة كانت تصنع خمراً كافرة. ذهبنا إليها بعد أن دفنا فاروق الجمر، وقلنا لها: أسمعي يا جفالة سبب موتي، حافظي عليها خمرتك وعلى كفرها أيضاً ذلك أن أردت أن تحتفظي بنا كزبائن دائمين لك حتى نلحق بفاروق. أصلحت من إبريق قهوتها على النار، ورفعت رأسها إلينا بدلال، رأيتها جميلة بريئة كطفلة. قالت لنا إنها تتحدى أية امرأة من سودري حتى كاكا التجارية. ومن عشانا حتى المزروب في مجاراتها. ما علينا يا سبب موتي، ما علينا فقط أصلحي من أمرها. قالت انتظروا. وقامت تحمل كوباً، دخلت حجرتها كالإبرة وخرجت تحمله ملآن حتى حوافيه، وقدمته لنا. كنا المدرسين الأربعة. قالت تذوقوه. وتقاسمناه بيننا، كان كافراً حاقداً ككل شئ كافر. ابتسمت سبب موتي وهي تأخذ الكوب فارغاً. لزمت مجلسها وجلست كما كانت أول مرة. حين رفعت رأسها لتسألنا رأينا في صنعتها. كانت جميلة وبريئة ما زالت. قال محمد المُسْلاتي: لا بأس. وعلي جوجو بصق ما علق بلسانه وأومأ برأسه أن نعم، حسين ود المصرية مسح صدره بكفه اليسرى وبصق كما فعل جوجو قائلاً: والله تمام يا جماعة، نظرت إلىّ سبب موتي ونظرت إلى جمالها، قلت لها بتمهل: سنحتاج إلى ثلاث يا سببو. قامت مرة أخرى رشيقة وفرحة، دخلت حجرتها كالدخان هذه المرة، لم تتأخر وعادت بثلاث زجاجات كالسم نقدناها الثمن، وحملنا خمرتنا متجهين صوب غرفتي. لا يتبادر إليك أبداً أننا كنا صغاراً. لا يا أخي، فقد كنا نسبح في جحيم أخريات الثلاثين مستسلمين لتيار الآخرة، أمضيت خمسة عشر عاماً أدرّس العيال قواعد اللغة وتأريخ السودان الوسيط. وأدرب فريق المدرسة الرياضي يومي السبت والثلاثاء، وأشرف مباشرة على الداخلية ولم أتزوج سوى عائشة عشوشة أم رشه وأخيراً سبب موتي جفالة بت حمد.
    تكون محظوظاً ابن حلال إذا تحركت من حمرة الوز شرقاً، واستطعت أن تصل بأية كيفية إلى أم سيالا، ثم بمساعدة أي من كان استأجرت لك جملاً وسرت به منحرفاً بعض الشئ لأية جهة تشاء ولمدة ساعة بالتمام والكمال فإنك حتماً ستجد على يمين الشارع أو يساره مدرسة في الخلاء قائمة وحدها مثل الجحيم ولا أنس ولا جن، لا تكتئب ارجوك فهي المدرسة التي أنشأوها أخيراً وقالوا لي: اذهب، ولتدرس تأريخك الوسيط هناك، ولتشرف على كل شئ هناك حتى أمن المنطقة وبعض الأمطار الضالة. قلت لهم يا ناس، أنا رجل وصلت الأربعين، ولا أستطيع هذا العناء ولا هذا الدلال. قالوا لي: دعك من كلامك هذا واذهب ولتسعى لك بعض الأبل، ستنفعك.
    قلت لسبب موتي- ستذهبين معي يا سببو!
    كانت أصغر مني سناً وأكبر حجماً وكانت لا تزال جميلة، سألتني: وماذا سأفعل هناك؟ قلت لها: كل شئ، فسأقوم بتدريس العيال إن وجدوا، وسنسعى لنا بعض الإبل التي ستنفعنا كما قالوا، ونربي الدواجن. قالت لي: حسناً تزوجني، وتزوجت بها بعد حديثنا هذا بأقل من ساعة أمضيت معها الإجازة الصيفية كلها، فلما انتهت الإجازة سريعة جداً هذه المرة، قلت لها: هلا هلا على الجد يا سبب موتي، وتحركنا من ديم الأبيض متجهين شمالاً في خط مستقيم نطلع قوز وننزل قوز وما كنت تسمع لنا صوتاً حتى وصلنا أم سيالا اليوم التالي. لم أكن مجهداً بقدر ما كنت متخوفاً ومحزوناً بعض الشئ. قال لنا أحد الأساتذة الذين قابلونا ستذهبوا معي إلى منزلي. وذهبنا معه. قال لنا أن المنزل يليق بنا، ولأنه وحده بالمنزل فهو سيتخلى عنه لنا. قلت أسأله: لكن المدرسة تبعد عنه كثيراً. نظر لسبب موتي وقال لي بعد غد الأثنين يوم السوق لتشتري لك جملاً بشارياً لتصل به المدرسة وتعود منها. قلت له: وأريد دواجن أيضا وصناديق طماطم.
    أجابني: نعم كل هذا يوم السوق، يوم الأثنين. وهبنا منزله ومضى. كان مدرساً صغيراً لطيفاً وطيباً ومنزله أيضاً كان لطيفاً بلا حدود. وطوال الأعوام العشرين التي أعقبت ذلك اليوم لم نبارح ذلك المنزل إلا هذا الأسبوع الجرئ الذي تمددت فيه سبب موتي جثة هامدة لا حول لها، فخرجت بجثتها في طريقي لأرض الأضية.. فهي قبل موتها استحلفتني بإبنها حمد، وبكل العيال الذين علّمتهم وبالأيام بيننا أن أدفنها بأرض الأضية إن هي ماتت قبلي وحمد أيضا لابد من دفنه هناك طال عمره أم قصر. قلت صادقاً: أما إذا مت أنا قبلكما فلا تدفناني أبدا. ويا سبب موتي لتبيعي كل الإبل وابعثي بجثتي لمروي القديمة يحنطونني ثم أعيديها جثتي لغرفتي.
    وصلت الأضية مع حمد ابني وجثة أمه مع دخول العصر. قلت لأهل الأضية الذين تجمعوا حولنا: هذا ما بقى من سبب موتي، ونحن نريد أن نزرعها قربكم كما أوصتنا. حمد ابني قال لهم: لندفنها أمي المرحومة قرب قبر حمد أبيها. فهي أخبرتنا أن أباها مات ودفن هنا حين جاء في طريقه للحاق بجيش المهدي الإمام، وحمد ابني أخبرهم أيضاً بأننا سنلصق قبريهما. فأمي –قال لهم- قد ماتت من الفرح أما جدي حمد فقد مات من الحزن، صرخ به أهل الأضية قائلين له: أسكت فأنت كأبيك لا تعرف شيئاً، أسكت. ثم مضوا يقولون أن الحزن لم يقتل عم حمد أو الهم أو أي شئ من هذا الكلام الساكت، فعندما مات عم حمد تلك الليلة لم يكن مهموماً ولا محزوناً بالقدر أو بالصورة التي صورته به ابنته المرحومة أو أختها الكبرى أو حتى ابنه الذي لم يكن موجوداً أصلاً بالبيت. قالوا أن ضبة ابنه هذا قد صرح ذات مرة بأن والده حمد سيموت في نوبة ضحك، وها هو والده يموت من الهم ومن الحزن كما تقول ابنتاه في رواية وتصر جفالة المرحومة على ذلك حتى تدمع عيناها لكن الراجح والثابت لدينا أنه لم يمت أثر أي شئ مما ذكرتا، فعم حمد لم يفارق هذه الحياة مكتئباً باستثناء ذلك اليوم السادس من أسبوعه الأخير. كان صدره منشرحاً من بداية الليلة فقد قام من مقعده الذي أصبح ملازماً له في الآونة الأخيرة فقامت حوله ابنتاه سبب موتي وأختها الكبرى... تابعتاه وهومتجه نحو نافذة حجرته الصغيرة المتعالية ووقف قبالتها يتطلع منها... سألته سبب موتي: أبي، أبي بربك ماذا تعني بوقوفك هكذا تطل على الدنيا من هذه النافذة المتعالية الوقحة؟! وأختها قالت له لتجلس يا أبي.
    أخبرتني سبب موتي قائلة: والتفت إلينا أبي وأجابنا أنه يريد أن يرى كل شئ وأنه في حاجة لهواء منعش يساعده على ذلك وبالتالي فإنه لا يريد أزعاجاً رحمة بكل شئ. سألنا أن نتركه. كان هذا عقب المغيب مباشرة فتركناه.
    أهل الأضية/ قالوا لي: أسكت ومضوا يقولون أنه ومباشرة بعد خروج جفالة وأختها لم يصلا حتى باب حجرتهما التي لا تبعد سوى خطوات حتى أتاهما صوت أبيهما يغني كما كان يغني في لياليه السالفة ممجداً المهدي الإمام. رجعتا فوراً إليه. ووقفتا وراء الباب تتلصصان رؤيته وتصيخان السمع. رآهما فقال لهما بمرح: لتدخلا، لتدخلا مباشرة في الموضوع وفي جيش الإمام وهما سيان.
    لتدخلا في أي شئ يبيح لكما الوصول للمهدي الإمام لكن لا يصح وقوفكما هكذا وكما يفعل أخوكما ضبة حين يأتي ليسرقني أشيائي. تبادلتا ما بينهما النظرات لجزء من لحظة. اتفقتا ثم دخلتا عليه. جلست قربه سبب موتي أما الكبرى فما زالت مشدوهة تنظر لإبيها. قال: لنغني أغنية صغيرة وكان ينظر لسبب موتي، ابتسمت له. وقالت لتكن مرحة يا أبي هذه المرة قال: فلتكن. وشرعا يغنيان وأخيراً شاركتهما الكبرى الغناء. لم يكن صوتها جديراً بأن تشارك به حتى في مناحة، وهي تذكرت ذلك فتوقفت عن مسايرتهما. أشار أبوها بيده اليسرى أن تواصل معهما رغم ضحالة صوتها وفقره كانت تهز له رأسها نفياً وأنها لا تستطيع، لا تستطيع وهو من جانبه يصر عليها أن تشارك في الغناء مكوراً قبضته وكان يديرها بلا انقطاع حتى وقع ميتاً، فسقط كل شئ في الصمت. والخرطوم أيضاً سقطت.
    أعلن ذلك ضبة حين دخل صارخاً: أبي، ها هي الخرطوم أخيراً قد سقطت تحت أيدي رجالات المهدي الإمام. رفعت سبب موتي رأسها كعادتها وزغردت. ابتسم عم حمد وهو منظرح على جانبه، استطاع أن يهلل، وأن يكبر مرتين، ثم جذب عليه غطاءه وعاود موته.
                  

العنوان الكاتب Date
آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 01:32 AM
  Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر فيصل عباس12-04-04, 02:11 AM
    Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Habib_bldo12-04-04, 04:20 AM
      Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر محمد عبدالله محمود12-04-04, 07:11 AM
        Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 09:51 AM
      Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 07:13 AM
    Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 07:06 AM
  Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر نصار12-04-04, 07:26 AM
    Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 10:08 AM
  Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر محمد أبوجودة12-04-04, 11:39 AM
    Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Yahya Fadlalla12-04-04, 04:30 PM
      Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 11:07 PM
    Re: آدم سيد الرايحة... زهاء الطاهر Isa12-04-04, 10:54 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de