|
توضيح من الشاعر عصام عيسى رجب حول الحوار (Re: إسماعيل وراق)
|
صديقي سمبتيكو لك الود والتحايا دائماً وشكراً كثيراً كونك متابعاً جدا وراصدا بقوة للكثير من المادة الابداعية والثقافية بمجملها ودائماً ما تشركنا معك وها انت تاتي بحوار صديقنا المشترك الشاعر عصام عيسى رجب الى هنا مما اتاح لنا جمعيا الاطلاع على الحوار وخاصة عصام نفسه تمكن من قراءة الحوار هنا للوهلة الاولى وايضا الرابط الخاص بجريدة الصحافة وهاهو الشاعر عصام عيسى رجب لديه ملاحظات على الصيغة التي تم بها إخراج الحوار أو تفريغه من الكاسيت بواسطة المحاورين، أرسلها لي لتنشر هنا " في سودانيز أون لاين " توضيحاً لبعض ما جاء في الحوار : ً تعقيب على حوار الصحافة:
طرَديةُ المنطوقِ والمكتوب ......
"وتصنيفُ الكتب أشدُّ تقييداً للمآثر على مرِّ الأيام والدهور من البنيان، لأن البناء لا محالةَ يدرسُ وتُعفى رسومُه، والكتابُ باقٍ يقعُ من قرنٍ إلى قرن، ومن أمةٍ إلى أمة. فهو أبداً جديد، والناظرُ فيه مستفيد، وهو أبلغُ في تحصيلِ المآثرِ من البنيانِ والتصوير"
الجاحظ / من مقدمةِ كتابهِ "المحاسن والأضداد"
نشرت جريدة "الصحافة" السودانية في عددها بتاريخ 5 أكتوبر 2004، وعلى موقعها في الإنترنت حواراً أجراه معي الحبيبان أبو إدريس و أحمد عوض ..... وهو حوار سجلَّناه ثلاثتنا في أغسطس 2004، خلال زورتي القصيرة للخرطوم ..... سُجِلَ الحوار على شريط وتم تفريغه فيما بعد لينشر في الخامس من هذا الشهر .....
قرأت الحوار وللوهلة الأولى حدثتني نفسي أنه كان أحوطَ لو أن بعث أبو إدريس و عوض لي بمادة الحوار قبل نشرها، إذاً لخرج الحوار في غير ما ظهر عليه، على أني، والحق يقال، لم أسالهما ذا، وحتماً سيكون هذا ديدني لأي حوار مسجل "غير مكتوب" مستقبلا ..... فثمة أقوال كثيرة لم أقلها تماماً كما وردت في الحوار، ربما هي صياغة مادة الحوار، إذ أحسست في أكثر من موضع ما يشبه ارتباكاً واضطراباً وغيرَ قليلٍ من لا ترابط فيما جاء على لساني أو بالأدق ما كُتِب على لساني .....
وأعلن بدءاً أني لست هنا في مقام تبرئة نفسي أو توريط الحبيبين "أبو إدريس" و "عوض"، وأني ترددت كثيراً قبل أن أكتب ما أنا كاتِبٌ الآن، غير أن مجئ عبارة كـ "فقد قرأت لكل الأقدمين" وشبيهاتها دفعتني لكتابتي ذي .....
أبدأ بعنوان الحوار قصيدة النثر فوضى شكل .... فرقُ كبير بين أن أقول "حالياً هناك فوضى في الشكل" وأن تكتب كأني أصف قصيدة النثر أنها فوضى شكل، و لاشك أن إجابتي للسؤال الذي يلي هذا السؤال والذي بعده تُبِينُ أني لا أبخس قصيدة النثر حقها لدرجة أن أختزلها في عبارة أنها فوضى شكل .....
لا أدري ما الذي يحكم صياغة عنوانين الحوارات الأدبية والثقافية عموماً، ولكني أفترض أنها لا ينبغي أن تنحى منحى غيرها من الحوارات، السياسية مثلاً، فتجنح للإثارة ولفت الانتباه وما إلى ذلك، وأجدر من ذلك عندي أن تؤخذ العبارات التي تضيف فكرةً ما للقارئ عن كتابة الكاتب وآرائه، على ألا أن تبتر هذي الفكرة من سياقها لتوحي بغير ما ذهب الكاتب إليه .....
هل قلت أن الأخفش تلميذ الخليل بن أحمد الفراهيدي، لا أظن، لأني لا أعرف حقَّاً إن كان تتلمذ عليه أم لا، كلما أذكره أني قلت أن الأخفش جاء ببحر آخر لم يجئ به الخليل وأسماه المتدارك، لأنه فيما رأى تدارك به ما فات الأخير من بحور الشعر .....
ثم من قال أني قلت أني (قد قرأت لكل الأقدمين) .... بَخٍ بَخٍ، وأي مجنونٍ هذا الذي يجرؤ أن يزعم زعماً كهذا ..... قد أكون قرأت بعض دواوين وأشعار الجاهليين والأمويين والعباسيين والأندلسيين وسواهم، لكن قطعاً لن يذهب بي ذا لأن أقول أني قرأت لكل الأقدمين، وأينا يُطيقُ هذا، ولو امتدت به العمر إلى أرزله ....؟! بل لعل أنفَسَ ما في القراءة أنك كلما قرأتَ ازددتَ علماً بجهِلك ومعرفةً بلا معرفتِك، أو هكذا أجِدُني .....
ما قاله لي الروائي السوري "نهاد سيريس" وليس "سرديس" هو أن الكاتب السوداني غير معروف لديهم أصلاً (أو لغز كما قالها لي بالحرف) فإذا أضفت إلى ذا أن الشعر العربي عموماً في أزمة من حيث اهتمام القرَّاء به، كانت أزمة الشاعر السوداني أكبر (أو قل مزدوجة كما جاءت في الحوار)، ولعل بعض المخرج من ذا أن يكتب الشاعر فيما يكتب شعراً درامياً، كمسرحيات "صلاح عبد الصبور" الشعرية، هذا ما أوردته على لسان سيريس ..... ولكن اختصار هذا في أن (الشعر في أزمة والمخرج منه الدراما) لا يؤدي إلى ما نسبته إلى سيريس أو ما رميتُ إليه ....
ومثله ما جاء في معرض حديثي عن سند وحجازي، فالذي ذكرته وعن قصيدة "طيور المخيم" التي سمعت حجازي يلقيها، إذ كنت ممن حضر تلكم الليلة الشعرية التي أقيمت بنادي الأساتذة في منتصف الثمانينات، أن تلك القصيدة تبدأ وكأنها تسرد وقائع أو .... ثمة شيئاً فشيئاً تستحيل غناءاً خالصاً، وقرأت ما أدلل به على هذا/
"ما الذي قالت البئرُ للريح والنارُُ للشِح والناقةُ المُستَحِمةُ في قمَرِ الغورِ للسنديان ومَنْ ألَّفَ الغيمَ والآلَ في سِدرَةٍ وسقى مِنْ أغاني الرُعاةِ وقهوتِهم حبَقاً ونجوما ....."
وأن غناءاً كهذا يوشك أن يسم كل كتابات شاعر كسند ..... وليس (مصطفى سند والذي عنده الشعر غناء أما حجازي فشعره محض شعر .....)، أو كما جاء في الحوار .....
وخذ مثلاً قبل أخير (وفي بيروت سألني شوقي بزيع وجودت فخر الدين "وليس جودة" الناقد اللبناني والروائية علوية صُبح أين أنتم، صوتكم لا يصلنا، فقله "واضح أنها فقلتُ له" 70% منا نحن والبقية منكم) .... الذي قلته حين سألني هؤلاء الأحباب من الكتاب اللبنانيين، وقد كنت في زورة قصيرة جداً لبيروت وألتقيتهم، عن من المسئول عن عدم وصول صوت الكاتب السوداني إلى لبنان مثلاً، فأجبت أننا ككتاب سودانيين نتحمل 70% من هذي المسئولية والبقية تتحملونها أنتم ......
وأخيراً جاء في الحوار في إجابتي للسؤال قبل الأخير (المحلية تخدم غرضين تذهب لقارئ عربي وتتواصل مع الأفريقي إذا ترجمت له. وقرأت رواية لكاتب موزمبيقي عن محاولة صغار لوضع إبرة على قضيب القطار وهذا ما كنت أفعله في مدينة الأبيض).
بائنُ تماماً ارتباك واضطراب الصياغة هنا، وما قلته لا شك أنك حين تكتب عن أشياء، سمها محلية، وبلغة عربية فإن القارئ العربي سيتعرف عليك، وإن كان غير ملم بأشيائك المحلية ذي فسيتعرف عليها من خلال كتابتك لها بلغة عربية .... كما أن القارئ الأفريقي مثلاً سيقرؤك إنْ تُرجِمتْ كتابتُك إلى لغةٍ يقرؤها، وسيفهمك أكثر ربما لاشتراكه معك في عادات وأشياء أخرى بحكم جوارك وأفريقيتك ..... ومن هنا أوردت حكاية هذا الكاتب الذي كان يحكي عن طفولة بطل روايته وكيف أنه ورفاقه كانوا يضعون إبرة على قضيب السكة حديد لتخيِّلهم أن ذا سيقلب القطار .... وأضفت أن هذا هو ذات ما كنا نفعله صغاراً في مدينة "الأُبَيِّض" وقد قضيت شطراً من طفولتي هناك .....
هذا بعض مما أردت أن أشير له في هذا الحوار، وقد غضضت الطرف عن أشياء أخرى، وإلا كنت سأفعل ما كان ينبغي أن أفعله أولاً، ألا وهو مراجعة الحوار مكتوباً قبل أن يُدفعَ به للنشر، إذاً لما كنت أكتب ما أكتبُ الآن .....
وبعد .... فهذي ليست تبرئةً أو توريط كما أسلفت .... لا عتب ولا عتاب .... إنما هي إبانةُ لما خِلته استبهم وأشكل مما جاء في الحوار ....
وشكري من قبل ومن بعد للحبيبين "أبو إدريس" و "أحمد عوض" و للصديق "سمبتيك" الذي حمل الحوار إلى "سودانيز أون لاين" ولكل من مرَّ على الحوار ..... ولصديقي الشاعر نصار الذي هو رسولي الجميل إلى "سودانيز أون لاين"، إلى أن انضم للموقع قريباً بإذن الله .....
مع محبتي،
عصام عيسى رجب
|
|
|
|
|
|
|
|
|