مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-29-2024, 04:03 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-06-2004, 02:13 AM

مهاجر
<aمهاجر
تاريخ التسجيل: 11-23-2002
مجموع المشاركات: 2997

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين (Re: Elkhawad)

    الاخ الخواض
    لا يوجد معي نسخة بالانجليزي لكن سوف ابحث لك في الممكلة وانت حاول موقع احمد ديدات او مراكز اسلامية خاصة الهندية تجد فيها نفس المادة والمناظرات.


    شكرا وأجد البر فسور عبد الأحد داود يريد أن يتحدث فليتفضل .
    بسم الله الرحمن الرحيم كان يحيى من طائفة دينية يهودية تسمى الأسينيين (Essenes ) الذين ظهر منهم النصارى الأوائل ( الإبيونيون Ebionites) وقد أعلن أنه كان يعمدهم بالماء كرمز لتطهير القلوب بالتوبة ولكن نبيا آخر قادما بعده سوف يعمدهم بالروح القدس والنار وسوف يجمع القمح إلى مخزنه ويحرق القش بنار لا تخمد . كما أعلن أن القادم بعده سيكون أعلى منه مكانة من حيث السلطة والكرامة لدرجة أن يحيى قال عن نفسه أنه : ( لا يستحق شرف الانحناء وحل رباط حذاء ذلك النبى )(2).
    وقد وردت إشارة مبهمة فى الأسئلة التى وجهت إلى النبى يحيى من قبل الكهنة واللاويين ، فقد سألوه ثلاثة أسئلة على التوالي ( هل أنت المسيح ؟ هل أنت إيليا ؟ هل أنت ذلك النبى ؟ ) وعندما أجابهم على كل سؤال بالنفي قالوا له : ( إذا لم تكن المسيح ولا إيليا ولا ذلك النبى ، إذن فلماذا تعمد ؟ )(3) وهكذا فإنه حسب الإنجيل الرابع لم يكن يحيى المعمدان هو المسيح ولا إيليا ولا ذلك النبى ، وإنني أسأل الكنائس المسيحية التى تؤمن أن ملهم جميع هذه الأقوال المتضاربة هو الروح القدس ، أى ثالث الآلهة الثلاثة ، من يعنى أولئك الأحبار اليهود واللاويون بقولهم ( وذلك النبى ؟ ) فإذا كانت الكنائس تدعى عدم معرفتهم ( بذلك النبى ) فما هى الفائدة من هذه الأناجيل المحرفة المشكوك فيها ؟ أما إذا كانت الكنائس تعرف من هو ( ذلك النبى ) فلماذا تبقى صامتة ؟.
    لقد اعتاد يحيى فى البرية أثناء مواعظه للجماهير أن يصرخ بصوت عال ويقول : ( أنا أعمدكم بالماء للتوبة وغفران الخطايا ، ولكن هناك شخص قادم بعدى أقوى منى لدرجة أنني لا أستحق حل رباط حذائه ، وهو سيعمدكم بالروح والنار )(4) هذه الكلمات رويت بصور مختلفة فى الأناجيل ولكن بنفس المعنى ، مما يدل على أكبر قدر من الاحترام والتقدير للشخصية القوية ذات الكرامة الرفيعة التى يتمتع بها النبى القوى المتنبأ عنه . وهذه الكلمات الصادرة عن يحيى المعمدان تصف الأسلوب الشرقي فى استضافة وتكريم الضيف عند دخوله منزل مضيفه حيث يسارع المضيف أو أحد أفراد عائلته لخلع حذاء ضيفه و مـرافقته إلـى
    1 – الاختلاف و الاتفاق بين إنجيل برنابا و الأناجيل الأربعة ( ص ص 163 – 16 2 – إنجيل متى (3 : 11)
    3 – إنجيل يوحنا (1 : 19 – 25) 4 – إنجيل متى (3 : 11)
    مجلس مريح . وعندما يغادر الضيف يتكرر التكريم حيث ينحني المضيف ثانية لعقد رباط الحذاء .
    والذي قصده يحيى المعمدان من قوله أنه لوقدر له أن يقابل ذلك النبى العظيم فإنه سوف يعتبر نفسه غير جدير بشرف الانحناء وحل رباط حذائه ، ومن هذا الولاء الذى قدمه يحيى سلفا يبدو أن النبى الذى بشر بقدومه كان معروفا لدى كافة الأنبياء بأنه سيدهم وسلطانهم وكبيرهم وإلا لما قال نبى من أنبياء الله – مثل سيدنا يحيى – هذا القول المتواضع .
    والآن بقيت مهمة تحديد هوية " ذلك النبى "
    (ا ) النبى الذى جرى التنبؤ عنه لماذا لم يكن عيسى المسيح ؟
    (ب) النبى الذى جرى التنبؤ عنه هل هو محمد بالذات ؟
    إن عيسى لا يمكن أن يكون موضوع نبوءة يحيى للأسباب التالية :
    إن كلمة ( بعدى ) تستبعد عيسى أصلا لأن عيسى ويحيى ولدا فى سنة واحدة وعاصر أحدهما الأخر ، يقول يحيى ( إن ذلك الآتى بعدى أقوى منى ) وكلمة ( بعدى ) هذه تدل على مستقبل غير محدد وبلغة النبوءة فهي تعبر عن دورة أو أكثر من دورات الزمن . ومن المعروف جيدا لدى المتصوفة أنه فى كل دورة زمنية تقدر بنحو خمسة أو ستة قرون يظهر نبى لامع يمتد أثره فى أنحاء العالم وتدوم إصلاحاته عدة أجيال إلى أن يحين ظهور نبى آخر. وهكذا فقد ترصع تاريخ الدين الحق من إبراهيم إلى محمد بأسماء بارزة منها إبراهيم وموسى وداود وعيسى ومحمد . وجد يحيى أمته تعانى من حكم الإمبراطورية الرومانية وملوك اليهود الأشرار ، وشاهد رجال الدين الفاسدين يضللون الشعب اليهودي ويفسدون الكتب المقدسة ويروجون الأساطير الخرافية حتى فقد اليهود كل أمل إلا أملهم بأن أباهم الأكبر لإبراهيم سيخلصهم ، فقال لهم يحيى إنهم لا يستحقون أبا مثلا إبراهيم وإن الله قادر على إنهاض لإبراهيم من الحجارة ( متى 3/9 )وكان اليهود آنئذ ( كما هم اليوم ) ينتظرون مسيحا من سلالة داود ليأتي ويعيد لهم مملكة داود فى القدس . وعندما وجه الوفد اليهودي السؤال إلى يحيى : ( هل أنت المسيح ؟ ) أجاب يحيى بالنفي على هذا السؤال وما تلاه من أسئلتهم ( يوحنا 1 / 20- 21 ) وإذا أهملنا المبالغات الواضحة التى أضيفت إلى الأناجيل فمن المؤكد أن يحيى قدم عيسى إلى الجماهير على أنه المسيح الحقيقي ونصح الناس بطاعته واتباع تعلمياته وإنجيله ، كما أخبرهم أن هنالك نجما أخيرا ، من العظمة عند الله وفى الدنيا ، بحيث أن يحيى لا يستحق حل رباط حذائه .
    لو كان عيسى المسيح هو المقصود بعبارة يحيى فالمفروض أن يلتحق يحيى بعيسى ويخضع له كتلميذ وتابع ، ولكنه لم يفعل ذلك بل على العكس نجده يعظ ويعمد ويستقبل التلاميذ ويوبخ الملك هيرودس ويقرع الطبقات الحاكمة اليهودية ويتنبأ بمجيء نبى آخر أقوى منه دون أن يعير أدنى التفات لوجود ابن خالته عيسى فى يهودا أو الجليل .
    لقد جعلت الكنائس النصرانية من عيسى المسيح إلها أو ابن إله رغم كونه مختونا مثل كل الإسرائيليين ومعمدا على يد النبى يحيى مثل اليهود العاديين مما يثبت عكس ذلك ، والكلمات التى قيل أنه جرى تبادلها بين يحيى وعيسى فى نهر الأردن تبدو تحريفا وابتذالا واضحا فلو كان عيسى حقيقة هو الشخص الذى تنبأ به يحيى على أنه (أقوى) منه لدرجة أنه لم يكن أهلا للانحناء وحل رباط حذائه وأنه ( سوف يعمد بالروح والنار ) لو كان الأمر كذلك لما كان هناك أى معنى لتعميد عيسى فى النهر كأى يهودى آخر على يد شخص أقل منه ، أما التعبير المنسوب لعيسى ( يجدر بنا أن نحقق كل العدالة ) فهو غير مفهوم بتاتا فلماذا تتحقق كل العدالة لمجرد تعميد عيسى ؟ هذا التعبير تحريف وتشويه واضح ومتعمد .
    ومن وجهة نظر إسلامية فإن المعنى الوحيد لهذا التعبير أن يحيى أدرك الطابع التنبؤى لعيسى واعتقد لأول وهلة أنه النبى العظيم خاتم رسل الله وبالتالي أحجم عن تعميده ولكن حينما أخبره عيسى بهويته الحقيقية وافق يحيى على تعميده .
    عندما كان يحيى فى السجن أرسل تلاميذه إلى عيسى يسألونه : ( هل أنت النبى الموعود ؟ أم ننتظر واحد غيرك ؟ ) ( متى11/3) مما يظهر بجلاء أن يحيى لم يكتشف نبوءة عيسى إلا بعد أن سمع عن معجزاته وهو فى السجن ، وهذه الشهادة من متى تناقض الإنجيل الرابع ( يوحنا1/29 ) الذى يدعى أن يحيى عندما رأى عيسى قال : ( انظروا حمل الله الذى يمسح ( أو يتحمل ) خطيئة العالم ) ، كما يبدو أن كاتب الإنجيل الرابع لم يعرف شيئا عن استشهاد يحيى ( متى 14/10-12 ، مرقص 6/14-29).
    ومن وجهة نظر إسلامية بحتة فإنه يستحيل على نبى كيحيى أو أى نبى آخر أن يستخدم تعبيرا إلحاديا كهذا عن عيسى المسيح ، لقد كان لب رسالة يحيى الحض على التوبة بمعنى إن كل شخص مسؤول عن خطيئته وعليه أن يتحمل وزرها أو أن يمحوها بالتوبة ، فالمعمودية كانت عبارة عن وضوء يرمز إلى طرح الخطايا بالإضافة إلى الإقرار بالذنوب وتعويض من تضرر بها أو طلب السماح منه والعزم على عدم ارتكاب الذنوب ثانية ، ولو كان عيسى ( حمل الله ) الذى يمسح خطايا العالم لكان وعظ يحيى بالتالى سخيفا وعديم الجدوى ، إن الخطأ الذى شوه دين الكنائس هو نظرية التضحية التى تتم نيابة عن الآخرين وهى نظرية سخيفة ، فهل مسح ( حمل الله ) خطايا العالم ؟ إن صفحات التاريخ الكنسى المظلمة ستجيب على ذلك السؤال بالنفى القاطع و ( الحملان ) فى مقصورات الاعتراف يخبرون أن النصارى – رغم علمهم وحضارتهم – يرتكبون من الخطايا وأعمال القتل والسرقة والانغماس فى الشهوات والزنا والحروب والمظالم وحب المال ما هو أشد هولا مما ترتكبه بقية البشرية جمعاء .
    إن يحيى المعمدان لا يمكن أن يكون السلف المبشر بعيسى على النحو الذى تفسره الكنائس الأناجيل تقدمه لنا على أنه ( صوت يصرخ فى البرية ) كتحقيق لعبارة جاءت فى ( سفر إشيعاء 40/3 ) ، وكممهد لبعثة عيسى المسيح استنادا إلى قول النبى ملاخى ( ملاخى 3/1 ) ولو كانت مهمة يحيى إعداد الطريق لعيسى الذى سيجيء فجأة إلى هيكله فاتحا منتصرا حيث يقيم دين ( السلام ) ويجعل القدس بهيكلها أكثر مجدا من ذي قبل ( حجى2/7-9) فإن تلك المهمة قد لاقت الفشل الذريع والإحباط الكامل فبدلا من أن يستقبل يحيى أميره مظفرا فى القدس عند بوابة الهيكل بين جموع اليهود فإن يحيى يستقبله عاريا مثله فى نهر الأردن ثم يقدم سيده بعد تغطيسه فى الماء إلى الجماهير بقوله : ( هذا هو ابن الله ) أو فى مكان آخر ( انظروا حمل الله ) مما يعنى تحقيرا لشعب إسرائيل أو الكفر أو السخرية من عيسى ، أو يعنى كل هذه الأمور معا ، أو أنه يجعل من نفسه أضحوكة.
    لقد أساءت الكنائس فهم الطبيعة الحقيقية لرسالة يحيى والمعنى الحقيقي لمواعظه .
    عندما أتأمل قول يحيى ( إنه أقوى منى ) وأتخيل النبى يحيى وهو يوجه مواعظه بصوت عال فى البرية أو على ضفاف الأردن إلى جماهير اليهود الذين وراءهم حوالي أربعة آلاف عام من التاريخ الديني ، ثم أستعرض الأسلوب الهادئ المنظم الرزين الذى كان يعلن فيه محمد الآيات السماوية من القرآن على العرب الجاهليين ، ثم عندما أتفحص تأثير كل من هاتين الدعوتين فى ضوء النتيجة النهائية لكل منهما حينئذ أتفهم ضخامة الفرق الشاسع بينهما وأدرك أهمية الكلمات القائلة ( إنه أقوى منى ) .
    وعندما أتخيل قصة القبض على يحيى المعمدان الأعزل من قبل هيردوس أنتيباس ثم قطع رأسه بصورة وحشية وعندما أتابع الروايات المضطربة والمأساوية لعيسى ( أو يهوذا الإسخريوطى ) من قبل بيلاطس وتتويجه بتاج من الشوك على يد هيرودس وما تبع ذلك فى كالفارى ، وبالمقابل أتأمل الدخول المظفر لسلطان الأنبياء إلى مكة وتدميره جميع الأصنام وتطهير الكعبة ، ومنظر أعدائه المدحورين بقيادة أبى سفيان وهم على قدمي ( الشيلواح ) رسول الله المظفر يطلبون منه العفو والرحمة ويعلنون إيمانهم بالدين الجديد ، وعندما أتأمل خطبة الوداع لخاتم الأنبياء ( اليوم أكملت لكم دينكم ..) الآية ، عندئذ أفهم تماما معنى كلام يحيى حين قال : ( إنه أقوى منى ) .
    ما هى حقيقة التعميد التى كان يمارسها كل من عيسى ويحيى عليهما السلام ؟
    لقد أعترف مؤلف الإنجيل الرابع أن عيسى وتلامذته اعتادوا أن يتعمدوا بالماء مع يحيى المعمدان ( يوحنا 3/22-23) مما يناقض النص الذى ورد فى نفس الإنجيل : ( إن عيسى لم يعمد نفسه ولكن عمد تلاميذه فقط )(1)، لقد مارس عيسى المعمودية تماما كما كان يفعل يحيى فى جداول المياه وأمر تلاميذه أن يفعلوا الشيء نفسه مما يبين تماما أنه لم يكن الشخص المقصود بنبوءة عن النبى القوى الذى يعمد بالروح وبالنار ( متى 3/ 11 ) .
    ولا يحتاج الأمر إلى ذكاء خارق لفهم هذه الحجة . وإذا كانت الكلمات والمواعظ والنبوءات تحمل أى معنى أو هدف أو مغزى فإن كلمات يحيى تعنى أن التعميد سوف يستمر بالماء حتى ظهور ال ( الشايلوه ) أى رسول الله وعندئذ يصبح التعميد بالروح والنار . هذا هو الاستنتاج المنطقي الوحيد والمفهوم الذى يمكن استخلاصه من موعظة يحيى كما هى مدونة فى الفصل الثالث من إنجيل متى . إن التعميد بالماء يختلف تماما عن التعميد بالروح والنار . فالأول يتم عن طريق التغطيس أو غسيل الجسم بالماء كعلامة على التوبة أما الثانى فلم يعد يتم بالماء ولكن بالروح القدس والنار وتأثيره يتجلى فى تغير كامل للقلب والإيمان والمشاعر . الأول يطهر الجسم والثانى ينير العقل ويثبت الإيمان ، الأول يغسل السطح والثانى يغسل اللب . وقد حل الغسل والوضوء فى الإسلام محل المعمودية اليهودية النصرانية وهو أمر لا يحتاج لنبي أو لكاهن كي يؤديه للآخرين ولكن يقوم به المؤمن نفسه ، ولذا لم يعد النصارى أى مبرر للتمسك بمعموديتهم بالماء إلى ما لا نهاية طالما أن أناجيلهم تنبأت بأن هذه المعمودية سوف تلغيها معمودية أخرى غير الغسل بالماء ، ولمزيد من الإيضاح أطرح الملاحظات التالية :
    ( أ ) لقد وصفت الأناجيل معمودية كل من يحيى وعيسى بوضوح وهى منافية تماما لمعمودية الكنائس . إن الأصل العبري أو الآرامى لكلمة baptismos اليونانية ليس معروفا على وجه التأكيد ، علما أن نسخة ( البشيتا ) الآرامية تستخدم مقابلها كلمة ( معموديثا ) من الفعل (عمد) و ( عمد) الذى يعنى الوقوف كالعمود ، وفى صيغة السببية ( عامد ) معناها : ( ينصب ، يقيم ، يؤسس أو يثبت ) وهكذا مما ليس فيه أية دلالة على التغطيس أو الرش أو الاستحمام ولكن الأفعال العبرية : ( رحص ) بمعنى يستحم ( وتفل) بمعنى يغمس أو يغطس قد تعطى معنى الكلمة اليونانية "Baptismos " رغم أن الفعل (عمد) فى جميع اللغات السامية بما فيها العربية يعنى ( الوقوف منتصبا كالعمود ) ولا يحوى معنى الغسل أو الغطس ، ولذلك فإن كلمة ( معمودية ) لا يمكن أن تكون هى الكلمة الآرامية الأصلية التى ترجمت إلى baptismos اليونانية ، كما أنه لا داعي لإيضاح أن كلا من يحيى وعيسى لم يسمعا قط كلمة baptismos بصيغتها اليونانية وأنهما لم يستعملا كلمة ( تعميد ) لأنها لا تؤدى المعنى .
    1 – إنجيل يوحنا (4 : 2)

    (ب) إن الدلالة الكلاسيكية لكلمة "Baptismos " اليونانية تحمل معنى ( صبغة ، وتلوين ، وتغطيس ) وأن الكلمة المقابلة بالآرامية لا يمكن أن تكون سوى ( صبأ ) وبالعربية ( صبغ ) ومن الحقائق المعروفة جيدا أن الصابئين الذين ورد ذكرهم فى القرآن وعند آباء الكنيسة النصرانية القدامى ( مثل أبيفانوس وسواه ) كانوا من أتباع يحيى ، كما أن اسم الصابئة نفسه الذى جاء فى الفصل السادس من كتاب ( حياة يسوع ) لمؤلفه الشهير ( أرنست رينان ) يدل على المعمدانيين الذين مارسوا المعمودية وكانوا يعيشون حياة تقشف كالهسائيين Essenians أو Al-Chassaites والأبيونيين Ebionites وإذا ما تذكرنا أن مؤسس جماعتهم (بوداسبBudasp ) كان أحد حكماء الكلدان فإن التهجئة الصحيحة لإسمهم تكون ( صباغى) بمعنى الصباغين ( أى المعمدانيين ) ، وكان مار شمعون من رجال الدين الكلدان الآشوريين المشهورين فى القرن الرابع يدعى ( بارصباغى ) أى ابن الصباغين ويحتمل أن أسرته كانت تنتمى إلى الصابئة ، ولأن القرآن يورد جميع الأسماء الأجنبية كما كان يلفظها العرب فقد ورد اسم ( الصابئين ) مع همزة بدل الغين وهى فى الآرامية الأصلية ( الصابغين ) وهناك بعض التفسيرات الأخرى لكلمة ( صابئى ) فمثلا يفترض بعض المؤلفين أنها مشتقة من ( صابىء بن شيت ) ومع أنه لم يكن لدى الصابئة أية أمور مشتركة مع الكنائس النصرانية سوى معموديتهم التى كانوا يسمونها ( السبعوثا ) إلا أنهم كانوا يدعون خطأ : نصارى يحيى المعمدان .
    لقد كانت هناك ثلاث صيغ للمعمودية : واحدة لليهود والثانية للصابئة والثالثة للنصارى . أما المعمودية اليهودية التى لم يكن لها أصل فى كتب اليهود المقدسة فقد اخترعت بشكل رئيسي من أجل المعتنقين الجدد لليهودية وكان الكاهن اليهودى يعمد الذى يحوله إلى الدين اليهودى باسم الله ، أما الصابئة فكانوا يعمدون باسم الله ويحيى ، ولكن القسيس كان يعمد باسم : الأب والابن والروح القدس ولا يذكر اسم الله وعيسى صراحة ، ومن ذلك يظهر التباين بوضوح بين الأنظمة المعمدانية الثلاثة . فاليهودى كموحد حقيقى لم يكن ليتحمل اقتران اسم يحيى مع اسم ( الإلوهيم ) أما الصيغة النصرانية فكانت منافية لعقيدة اليهود والصابئة معا ، إن هذه الأشكال المختلفة للمعمودية كانت عبارة عن عملية رمزية وقد استعملت الماء كمادة لمعموديتها وبأسلوب متشابه وقد أطلق كل من الأديان الثلاثة عليه اسما مختلفا عن الآخر ، فالصابئة استخدموا كلمة ( سبعوثا ) الآرامية التى تعنى "baptismos " باليونانية . ويحتمل أن النصارى من الساميين اتخذوا اسم ( معموديثا) الذى لا توجد له أدنى علاقة من ناحية لغوية مع الغسل أو التغطيس أو التطهير لمجرد تمييز معموديتهم عن معمودية الصابئة . وهكذا حلت كلمة معموديثا محل ( سبعوثا ) ، والملاحظ أن ترجمة ( البشيتا ) الآرامية استخدمت كلمة معموديثا بمعنى بركة أو حوض الغسل ( يوحنا 5/2) وهناك تفسير آخر قد يؤدى إلى حل المشكلة وهو أن يحيى وأتباعه وعيسى وتلاميذه كانوا يجعلون التائب أو المعتنق الجديد للدين يقف فى النهر مستقيما كالعمود أثناء غسله ومن هنا جاء لفظ ( عمد ) و ( معموديثا ) .
    (ج) لقد لعن ( مجمع ترنت Council of trent ) كل شخص يقول إن المعمودية النصرانية تشابه معمودية يحيى وأتجرأ فأقول إن المعمودية النصرانية ليست خالية من الأثر الروحى وحسب بل هى أيضا دون مستوى معمودية يحيى وإن مزاعم القساوسة النصارى عن المعمودية أنها تطهر الروح من الخطيئة الأصلية هو ضرب من الدجل والشعوذة ، فالمعمودية بالماء كانت مجرد رمز للمعمودية بالروح القدس والنار وبعد قيام الإسلام كمملكة الله الرسمية لم يعد لوجودها أى مبرر إذ حلت محلها معمودية الله أى صبغة الله .
    (د) لقد اتضح لنا أن الكلمة اليونانية " Baptismos " هى المرادف الدقيق لكلمة ( سبعوثا ) الآرامية أى المعمودية ليست غسيلا أو تغطيسا أو حماما ولكنها ( سبعوثا ) أى صبغ وتلوين وكما يعطى ( الصباغ ) لونا جديدا للثوب بغمسه فى غلاية الصبغ فإن يحيى المعمدان كان يعطى التائب أو المعتنق الجديد للدين لونا روحيا جديدا ، وهكذا فإن كلمة ( صبغة ) فى القرآن ( سورة البقرة الآية 138 ) قد كشفت الغموض عن نبوءة يحيى كما أثبتت أن القرآن تنزيل مباشر من الله وأن الرسول الذى أنزل إليه القرآن هو الذى تنبأ به يحيى .
    لقد كانت معمودية يحيى وعيسى رمزا لدخول التائبين فى المجتمع الذى تعهد بالولاء لرسول الله الذى تنبأ كل من يحيى وعيسى بقدومه ، وكما كان الختان علامة على دين إبراهيم ومن تبعه كذلك كانت المعمودية ( السبعوثا )علامة على دين يحيى وعيسى ، وكان ذلك تمهيدا لكي يتوقع الجميع النبى الموعود ويدخلوا دين الإسلام .
    (هـ) حسب شهادة القديس مرقص (1/4-8 ) فإن معمودية يحيى كانت تمحو الخطايا إذ يذكر مرقص أن سكان يهودا والقدس ذهبوا إلى يحيى فعمدهم فى نهر الأردن وهم يعترفون بخطاياهم أى أن المعمودية محت خطاياهم ، ومن المعروف أيضا أى العبارات الاثنتى عشرة الأخيرة التى أضيفت إلى الفصل السادس عشر من هذا الإنجيل ( مرقص 16/9-20) لم تكن موجودة فى أى من المخطوطات اليونانية القديمة وحتى فى هذه العبارات المضافة لم ترد عبارة ( باسم الأب والابن والروح القدس ) إذ يقول عيسى ببساطة : (اذهبوا وعظوا العالم بإنجيلى ، فمن يؤمن ويعمد ينجو ، ومن لا يؤمن سوف يلعن )(1).
    وطالما أن معمودية عيسى كانت نفس معمودية يحيى وطالما أن معمودية يحيى كانت كافية لغفران الخطايا فـلا معنى للقول بـأن حمل الله يتحمل خطايا العالم ( يوحنا 1/29 ) . و إذا
    1 – إنجيل مرقس (16 : 15 – 16)
    كانت مياه الأردن فعالة لدرجة غفران خطايا الجماهير الكثيرة نتيجة تعميدها فلا مبرر لسفك دم " إله" لأجل نفس الغرض .
    وقد ظل أتباع عيسى يمارسون معمدانية يحيى حتى ظهور القديس بولس على مسرح الأحداث . والمعروف أن بولس كان فيسيا من أتباع الطائفة اليهودية المعروفة بالفريسسيين الذين ندد بهم كل من يحيى وعيسى وسمياهم ( أبناء الأفاعى ) ، والملاحظ أيضا أن مؤلف الكتاب الخامس فى العهد الجديد المسمى ( أعمال الرسل 8/16-17،19/2-7 ) ليس عن طريق التعميد باسم عيسى ولكن بواسطة ( وضع الأيدى ) وقد ذكر بوضوح أن معموديتى عيسى ويحيى كانتا متماثلتين فى طبيعتهما وفعاليتهما وأنهما لم تنزلا الروح القدس على الشخص الذى جرى تعميده من قبل عيسى أو يحيى أو باسم أى منهما . ولكن بوضع أيدى الحواريين على الشخص المعمد يمس الروح القدس قلبه فيملأه بالإيمان ومحبة الله ، وحتى لو كان ذلك صحيحا فإن هذه الهبة الإلهية التى يحتمل أن تكون أعطيت للحواريين فقط لا يمكن أن يدعيها خلفاؤهم المزعومون فى الكنيسة .
    (و) وإذا كانت الأناجيل فى حديثها عن المعمودية تعنى أى شىء فإنها تعطى الانطباع أنه لم يكن هنالك فرق بين المعموديتين سوى أنهما كانتا تمارسان باسم يحيى أو عيسى ، ولكن الفريسى الكبير بولس ( شاؤول ) لم يذكر كلمة واحدة عن يحيى المعمدان الذى وصم طائفة الفريسيين بالوصف الكريه ( أبناء الأفاعى ) وتلاحظ لمسة من الحقد ضد يحيى ومعموديته فى الملاحظات التى أبداها لوقا فى ( أعمال الرسل ) لأن لوقا كان تلميذا ومرافقا لبولس ، غير أن إقرار لوقا بأن المعمودية باسم عيسى لم تكن تتم بالروح القدس يعتبر برهانا حاسما ضد الكنيسة التى حولته اعتباطا إلى ألغاز وطقوس سرية . إن معمودية عيسى كانت استمرار لمعمودية يحيى لا أكثر أما المعمودية بالروح القدس وبالنار فقد اختص بها الإسلام . وأن ما كتبه لوقا فى أعمال الرسل عن أثنى عشر شخصا من السامرة لم يتلقوا الروح القدس لأنهم عمدوا فقط باسم عيسى ( أعمال الرسل 8/16-17) دليل حاسم على بطلان مزاعم الكنيسة .
    لقد أطلت عليكم شرح قضية التعميد حتى نتفهم ما هو الهدف من التعميد .
    لم يتبقى إلا شرح التعميد " بالروح القدس وبالنار ".
    كثيرا ما كنت أعجب من الصابئة الذين انتشر مذهبهم فى شبه جزيرة العرب وما بين النهرين . كيف أنهم لم يعتنقوا النصرانية مع أن المفروض أن يحيى أعلن على الملأ أن عيسى كان النبى الأقوى منه وأن عيسى كان المسيح الذى لم يصل يحيى إلى درجة تسمح له بحل رباط حذائه ؟ ( متى 3/11) .
    فلو كان عيسى هو رسول الله الذى تنبأ به يحيى والذي جاء ليعمد بالروح والنار فى الوقت الذى كان عيسى يعمد الجموع بماء الأردن لو كان ذلك صحيحا لنشأ التساؤل : لماذا لم يعمد بالروح والنار . ولماذا لم يتغلب على الوثنية فى الأراضى التى وعدها الله لسلالة إبراهيم ثم يؤسس مملكة الله بالقوة والنار ؟ وكيف يمكن تفسير أن أتباع يحيى لم يتبعوا عيسى مع أن المفروض أن يحيى قدم عيسى للجمهور على أنه سيده والأعلى منه مرتبة . وقد يعفى أتباع يحيى من الدخول فى الكنيسة النصرانية فيما لو جاء عيسى بعد قرن مثلا من مجىء يحيى . ولكن الأمر لم يكن هكذا فقد عاصرا بعضهما البعض حتى أنهما ولدا فى نفس العام وتعمدا بالماء وبشرا أتباعهما بمملكة الله الوشيكة والتى لم تظهر فى عهدهما .
    لقد كان الصابئة أو ( الصباغون ) أو ( المعمدانيون ) أتباع يحيى المخلصين ومن المحتمل أنهم وقعوا ضحية للخطأ والأساطير ولكنهم كانوا يعلمون تماما أن عيسى لم يكن الشخص المقصود بنبوءة يحيى وكذا دخلوا الإسلام عندما جاء محمد .
    يختلف المفهوم الإسلامى واليهودى للروح القدس جذريا عن المفهوم النصرانى . فالروح القدس ليس شخصا مؤلها فى إله ثلاثى ، والاعتقاد النصرانى إن الروح القدس أى ثالث الثالوث ينزل من عرشه السماوى رهن إشارة قسيس من أجل تقديس بعض العناصر وتغيير جوهرها وخصائصها إلى عناصر أخرى فوق الطبيعة كتغيير ماء المعمودية إلى دم إله مصلوب ومحو ما يسمى بالخطيئة الأصلية أو تحويل العناصر المادية للقربان المقدس إلى دم وجسد إله ، إن ذلك مناف لعقيدة كل موحد يهوديا كان أو مسلما ، كما أن هذه الاعتقادات معاكسة تماما لتعاليم العهد القديم وهى تزوير للعقيدة الحقيقية ليحيى وعيسى . فالاعتقاد بأن بعض القسس يستطيعون تعويذ الأفراد بحيث يحل فيهم الروح القدس ولكنه لا يضمن عصمتهم ، خال من أى معنى . وفى سفر أعمال الرسل يقال لنا أن حنانيا وزوجته سفيرة عمدا وبالتالي امتلئا بالروح القدس وهو الشخص الإلهى الثالث الذى ألهمهما أن يبيعا حقلهما ويضعا ثمنه من النقود تحت قدمي الحواري بطرس ولكن الشيطان أغراهما بالاحتفاظ بجزء من النقود فكانت النتيجة أن أصابهما الموت المفاجئ ( سفر أعمال الرسل 5/1-11).
    كيف يمكن ل ( ثالث الآلهة ) أن ينزل على البشر ويقدسهم ثم يسمح لهم بعدئذ بالخطأ والكفر والزندقة ويتركهم يقترفوا الحروب والمذابح ؟ هل يستطيع الشيطان إغراء الإنسان المملوء بالروح القدس فعلا فيحوله إلى شيطان ؟ إن القرآن الكريم واضح جدا فى هذه النقطة إذ يقول الله تعالى مخاطبا الشيطان :
    ( إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين )(1)
    1 – سورة الحجر ( الآية 42 )
    إن الشخص المستقيم يكافح ضد الخطيئة والشر ما دام فى هذا العالم المادى وإذا وقع فى الزلل نهض ثانية لأن الندم والتوبة هى عمل الروح الطيبة التى تعيش فينا . أما الكنائس فتقول أنه إذا عمد نصراني بالروح القدس والنار وفق المعنى الذى يتضمنه ( سفر أعمال الرسل ) سواء كان المعمد لاتينيا أو يونانيا أو حبشيا أو غير ذلك فإنه يصبح ليس فقط قديسا طاهرا بل أيضا عالم لغات ونبيا موهوبا .
    والحقيقة أنه ليس لدى النصارى مفهوما محددا أو دقيقا عن الروح القدس التى تملأ النصرانى المعمد . لو كان إلها لما جرأ الشيطان على الاقتراب من هذا الرجل المقدس أو المؤله نوعا ما وإغرائه وغوايته وأكثر من ذلك : كيف يمكن للشيطان أن يطرد الروح القدس ويحل محله فى قلب المعمد فيحوله إلى مجرم وزنديق ؟ ولو كان الروح القدس يعنى جبريل أو ملاكا آخر، فإن الكنائس تمعن فى الخرافات لأن الملاك ليس دائم الحضور فى كل مكان . ولو كانت هذه الروح التى تطهر النصارى المعمدين وتملؤهم هى الله نفسه كما هو اعتقادهم فى الشخص الثالث من الثالوث فمن حق جميع النصارى أن يدعوا أنهم مقدسون أو مؤلهون .
    وهنالك أيضا مفهوم البروتستانت عن الروح القدس الذى يملأ قلوب الذين يعتقدون أنهم ولدوا من جديد ، ثم يتدهور الكثير منهم بعد ذلك ويعودون كما كانوا من قبل .
    والواقع أن الروح القدس مع ( الـ) التعريف تعنى شخصية ملائكية معينة قد تكون جبريل أو غيره من الأرواح النقية التى أوكل لها أداء عمل معين ، وإن نزول الروح القدس على كائن بشرى معناه أنه يلقى إليه الوحى بأمر من الله فيكون بذلك نبيا . وإن نبيا هذا شأنه لا يمكن أن يغويه شيطان أبدا .
    إن التعميد ( الصبغ ) بالروح القدس والنار الذى جاء به محمد ، يفسره لنا التنزيل الإلهى فى آية واحدة : ( صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون )(1).
    وقد فهم المفسرون المسلمون وهم محقون فى ذلك ، كلمة صبغة بمعناها الروحى أو المجازى وهو ( الدين ) وهذه الآية القرآنية تنسخ وتبطل أديان ( السبعوثا ) و ( المعموديثا ) أى أديان الصابئة والنصارى معا . إن ( صبغة الله ) هى معمودية دين الله ليس بالماء ولكن بالروح القدس والنار . إن الدين الذى آمن به كل من صحابة الرسول هو نفسه الدين الذى يعتنقه اليوم كل مسلم ، فى حين لا يمكن أن يقال هذا عن الدين التعميدى . لقد انعقد حتى الآن أكثر من ستة عشر مجمعا كنسيا مسكونيا لتحديد وتعريف دين المسيحية وفى النهاية يكتشف مجمع الفاتيكان عام 1854م أن السيدة العذراء قد حملت بلا خطيئة ويكتشف أيضا فى العام 1870م أن البابا ( معصوم عن الخطأ ) كل ذلك مما لم يكن معروفا للحوارى بطرس ولا للسيدة مريم
    1 – سورة البقرة ( الآية 138 )
    العذراء . إن أى دين يعتمد على مداولات وقرارات المجامع العامة المؤمنة أو الملحدة هو دين مصطنع .
    ونعود إلى موضوع المعمودية :
    إن المعمودية الروحية هى الهداية الإلهية فكما يصبغ الصباغ الصوف أو القطن بصبغة تعطيه لونا جديدا وكما يمحو المعمدان الخطايا السابقة للمؤمن الحقيقي التائب فإن الله تعالى لا يصبغ الجسم بل يصبغ روح الشخص الذى يتولاه برحمته فيهديه للدخول فى دين الإسلام .
    هذه هى صبغة ( معمودية ) الله التى تجعل المسلمين الحقيقيين جادين ومواظبين على وإجاباتهم تجاه الله وتجاه رفاقهم من البشر وتجاه أسرهم ولا يدفعهم ذلك إلى حماقة الاعتقاد بأنهم أكثر صلاحا من معتنقي الديانات الأخرى ليستأثروا عليهم أو يتخذوا لأنفسهم مركز السيادة على الآخرين ، فالتعصب والغرور الديني ليسا من صفات الإسلام ، كما أن المسلم ليس بحاجة إلى وساطة من رجل دين ، فكل مؤمن متعلم يمكن أن يصبح إماما أو داعية أو واعظا حسب تعليمه وحماسه الديني ، وباختصار فإن كل مسلم سواء ولد على الإسلام أو اعتنقه بعد ذلك يطهر روحيا ويصبح فى مملكة الله .
    لقد نسب يحيى هذه المعمودية بالروح والنار لرسول الله العظيم ليس باعتباره كائنا إلهيا أو إلها أو ابن إله ، ولكن باعتباره رسولا من الله ووسيلة يتم عن طريقها ذلك الصبغ الإلهى ، لقد بلغ محمد رسالة الله وكان يؤم الصلوات ويؤدى الشعائر الدينية ، ويخوض الحروب ضد الكفرة والوثنيين للدفاع عن قضيته ، ولكن النجاح والنصر اللذين تحققا كانا من عند الله . وبنفس الطريقة وعظ يحيى وعمد ، ولكن قبول التوبة والكفارة وطرح الخطايا لم تكن من عنده ولكن من الله ، وإن نبوءة يحيى : ( إن الذى يأتى بعدى أقوى منى ، وسوف يعمدكم بالروح وبالنار )(1) قد تحققت ونفذت عن طريق محمد فقط .
    ومن الواضح أن شكل ومضمون هذه المعمودية غير حسي لأنه يتعلق بالمغيبات فنحن نشعر بالآثار المترتبة على مسبب حقيقى لكنه غير محسوس فالماء لم يعد هو المادة الظاهرية المسببة كما أنه لم يعد هناك حاجة إلى معمدان ولكن الله هو الذى يهدى من يشاء وحسب نبوءة يحيى فإن وسائل ( صبغة الله ) هى الروح القدس والنار أما طريقة الصبغ فهي خاصة بالله وحده ولا نستطيع أن نعزو لله تعالى عملا ما سوى قوله للشيء ( كن ) فيكون ، ولكننا نستطيع أن ندرس النتائج المترتبة على صبغة الله :
    1 – إن الروح القدس سواء كان جبريل أم غيره من المخلوقات العليا يبارك روح المسلم عند مولده أو عند دخوله فى الإسلام و هذه المباركة تعنى :
    1 – إنجيل متى ( 3 : 11 )
    ( أ ) تثبيت الإيمان بإله حقيقى واحد : إن صبغة الله تجعل روح المسلم الحقيقي تؤمن بوحدانية الله المطلقة و تعتمد على الله و تعترف به وحده كسيد و مالك و رب.
    (ب) صبغة الله تطبع روح المسلم بالحب والخضوع لله وحده . إن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به شيئا أو كائنا ما من الكائنات ، وحب المسلم لله ليس نظريا أو مثاليا بل واقعي يترجم إلى أعمال .
    2- إن المعرفة الحقيقية بالله وبمشيئته بالقدر الذى يمكن للبشر أن يحيطوا بها لا تشاهد إلا عند المسلمين .
    إن جوهر الذات الإلهية أمر لا يمكن الإحاطة به ولكن كما أن الرضيع يعجز عن فهم طبيعة والديه وشخصيتهما فإنه مع ذلك يعرف أمه من بين جميع النساء الأخريات وهذا التشبيه دون الحقيقة بكثير . إن كل مسلم يرى فى كل ظاهرة من ظواهر الطبيعة آية تدل على الله . فالله حاضر فى ذهنه دائما وشهادة أن ( لا إله إلا الله ) هى إنكار أبدى لأي معبود آخر غير الله واجتماع ضد الذين يشركون بالله شيئا أو أشياء لأن كل مسلم يقر ويشهد أن الله وحده هو المستحق للعبادة .
    إن المعمودية بالنار هى صبغة الله التى تحصن المسلم ضد الباطل والخرافة والوثنية من كافة الأنواع . وهى التى تذيب نفس المسلم وروحه وتفصل عنصرها الذهبي الخالص عن الشوائب، وهى قوة الله التى توطد العلاقة بين العبد وخالقه وتعده لنشر رسالته .
    لقد أطلت عليكم كثيرا لكن كان لابد من شرح البشارة شرحا وافيا كافيا شكرا لكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته(1).
    * شكرا للبروفسور عبد الأحد داود
    * وأجد الباحث عن الحقيقة يريد أن يتكلم فليتفضل .
    بسم الله الرحمن الرحيم كان يجب بعد الشرح الكامل للبشارة لا أحد يتكلم لكنني أجد نفسي مضطر إلى الحديث بالنسبة لسيدنا يحيى وعيسى عليما السلام كانت دعوتهم متشابه تماما ومتفقين تماما ومتفهمين كمثال على ذلك ( وفى تلك الأيام جاء يوحنا المعمدان يكرز (أى يبشر ) فى برية اليهودية . قائلا توبوا لأنه قد أقترب ملكوت السماوات )(2) ونفس الشيء بالنسبة لعيسى ( من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات )(3) ثم تطور التبشير بقولة ( وكان يسوع يطوف كل الجليل يعلم فى مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت )(4) أى أنه كان يبشر ببشارة الله فكلمة يكرز ( تحمل معنى التبشير أو ينادى ) وكلمة ( ملكوت ) تحمل أيضا معنى ( مملكة ، ملك )أى أن عيسى عليه السلام كـان
    1 – محمد  كما ورد فى كتاب اليهود و النصارى (ص ص 107 – 131) 3 – إنجيل متى ( 4 : 17 )
    2 – إنجيل متى ( 3 : 1 – 2 ) 4 – إنجيل متى ( 4 : 23 )
    ( ينادى ببشارة الملك ) فما يا ترى بشارة الملك التى تخص الله وحده .
    سوف نستعرض البشارة عبر الإنجيل مستدلين هل تخص محمد صلى الله عليه وسلم أم لا ؟
    أولا : ( أنا أعمدكم بماء للتوبة ، ولكن الذى يأتى بعدى هو أقوى منى الذى لست أهلا أن أحمل حذاءه . هو سيعمدكم بالروح القدس ونار الذى رفشه فى يده وسينقى بيدره ويجمع قمحة إلى المخزن . وأما التبن فمحرقه بنار لا تطفأ )(1).
    ثانيا : ( وكان يكرز قائلا يأتى بعدى من هو أقوى منى الذى لست أهلا أن أنحنى وأحل سيور حذائه أنا عمدتكم بالماء وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس )(2).
    ثالثا : ( وإذا كان الشعب ينتظر والجميع يفكرون فى قلوبهم عن يوحنا لعله المسيح أجاب يوحنا الجميع قائلا أنا أعمدكم بماء ولكن يأتى من هو أقوى منى الذى لست أهلا أن أحل سيور حذائه هو سيعمدكم بالروح القدس ونار )(3).
    رابعا : ( فسألوه وقالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ولا إيليا ولا النبى . أجابهم يوحنا قائلا أنا أعمد بماء . ولكن فى وسطكم قائم الذى لستم تعرفونه . هو الذى يأتى بعدى الذى صار قدامى الذى لست بمستحق أن أحل سيور حذائه )(4).
    خامسا : (يا محمد ليكن الله معك وليجعلني أهلا أن أحل سير حذائك لأنى إذا نلت هذا صرت نبيا عظيما وقدوس الله ) (5).
    بعد استعراض هذه الفقرات من الأناجيل المختلفة ألا تلاحظ شىء وهو أن سيدنا يحيى وعيسى كانا يبشران معا برسول قادم هو سيدنا محمد  .
    بالنسبة لشرح البشارات السابقة فهي لا تستدعى لشرح حيث شرحت شرحا وافيا إلا أنني سوف أعلق على فقرتين فقط .
    1 - (فى وسطكم قائم الذى لست تعرفونه ) هذه البشارة ما ذكر فى سفر التثنية لوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أقيم لهم نبيا من وسط اخوتهم ، مثلك وأجعل كلامي فى فمه ، فيكلمهم بما أوصيه به ، ويكون الإنسان الذى لا يسمع لكلامه الذى يتكلم به ، أنا أطلبه )(6)
    فعبارة لستم تعرفونه هل المسيح لم يعرفوه لقد عرفوه لكن البعض أنكر عليه أن يكون هو المسيح عليه السلام وجميع الذين استمعوا إلى سيدنا يحيى وهو يعظ عرفوا سيدنا عيسى إذا هذه البشارة لا تخص عيسى عليه السلام .
    2- (الذى يأتى بعدى هو أقوى منى ) نعلم جيدا أن سيدنا يحيى وعيسى عليهما السلام من سن واحد بينهم شهور معدودة وعندما بشر يحيا كـان عيسى موجود فـلو أن البشارة تخص
    1 – إنجيل متى ( 3 : 11 – 12 ) 4 – إنجيل يوحنا ( 1 : 25 – 27 )
    2 – إنجيل مرقس ( 1 : 14 – 15 ) 5 – إنجيل برنابا ( 44 : 29 – 31 )
    3 – إنجيل لوقا ( 3 : 15 – 16 ) 6 – سفر التثنية ( 18 : 18 – 19 )
    عيسى لقال ( الذى أتى معي أو الآتى معي ) ولم يقل الذى يأتى بعدى والاثنين بدأو بشاراتهم فى وقت واحد بدليل تبشيرهم باقتراب ملكوت الله .
    3- بشارة إنجيل برنابا مع عدم التصديق من قبل الأخوة المسيحيين فأننا نسترشد بها فقط حيث تشرح لنا ما يوازي البشارات السابقة لكن هنا تنسب إلى عيسى مباشرا وهناك احتمال كبير حيث شرحنا سابقا إن ما كان يقوله ويفعله يحيى كان عيسى يفعله تماما سواء فى بشارات سواء فى تعميد وهنا لا نستبعد أن البشارات أو بعضها كانت من قول عيسى عليه السلام مباشرا .
    وليس لدى تعليق على ما تم شرحه لجميع البشارات أشكركم جميعا متمنيا أن ألقكم فى مناظرات أخرى والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
    * شكرا لجميع الحاضرين ونختم هذا اللقاء بكلمة للشيخ أحمد ديدات فليتفضل
    بسم الله الرحمن الرحيم . لقد استمعنا إلى جميع الآراء لقد أثبتنا أن " المعزى " ليس " الروح القدس " وأثبتنا أنه شخص وليس شبح وقد قام البر فسور /عبد الأحد داود بإثبات أن الترجمة خاطئة " المعزى " وأن الكلمة الأصلية هى " الباراقليط " ، وقد أثبت المستشار / الطهطاوى أن روح الحق ليس هو الروح القدس وقام د / السقا بشرح وافى للبشارة، وبعد ذلك قام الأستاذ / خليل بشرح وافى لكلمه " الباراقليط " مع شرح وافى أيضا للبشارة ، وأثبات لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وقام الأستاذ / احمد عبد الوهاب بشرح وافى للبشارة أيضا ورجع إلى النص السنيائى الذى يخلو من كلمه " القدس " فى البشارة السابقة وبعد ذلك قام الشيخ / جعفر السبحانى قام بقرائه النصوص الأنجليه التى كتبت بالسريانية والكلدانية والفارسية وشرح ما هو ( الفارقليط ) وتسائل بأربعة أسئلة من الأسئلة التى أثارها القساوسة ورد عليها وقام مره أخرى البروفسيور/عبد الأحد بالتعليق على ما قله الشيخ وسمعنا الجمهور الذى أشترك بمشاركات عظيمة ثم استمعنا لبشارتان غير التى تكلمنا فيها شرحت شرحا وافيا " الحجر الذى رفضه البناؤون " لقد تم بحث البشارة بحثا طيبا وبشارة " هل أنت النبى ؟ " وتم شرحها شرحا وافيا أيضا أنه حقا حوار طيب كما أتمنى من الأخوة المسيحيين أن يرجعوا إلى المخطوطة السنيائيه ومخطوطات البحر الميت كذلك هناك نسخه فى المتحف القبطي من أقدم النسخ كتبت باللغة القبطية أن كل هذه المخطوطات لهى كفيله لأن تنير لكم الطريق وتعرفكم بحقائق كثيرة أننى أشكر الجميع لسعه صدركم جميعا وشكرا لكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
    شكرا لكم جميعا أيها الحاضرون متمنيا لكم أن تكونوا قد استفدتم جميعا إننا لن نفرض على أحد أن يقتنع بالرأى من الآراء ولن نعلن انتصار رأى على رأى ولكن نترك ذلك إليكم أنتم الحكم فى ذلك .
    شكرا لكم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
                  

العنوان الكاتب Date
مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-03-04, 01:03 AM
  Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-03-04, 10:36 PM
  Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين سكرا10-04-04, 02:08 AM
    Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-04-04, 07:48 AM
      Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-05-04, 00:51 AM
        Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين Elkhawad10-05-04, 01:49 AM
          Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-06-04, 02:13 AM
            Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-06-04, 02:15 AM
              Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-06-04, 07:35 AM
                Re: مناظرة بين مجموعة من القساوسة و علماء المسلمين مهاجر10-11-04, 01:22 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de