الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 04:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-04-2004, 05:17 PM

Hani Abuelgasim
<aHani Abuelgasim
تاريخ التسجيل: 10-26-2003
مجموع المشاركات: 1103

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد (Re: Hani Abuelgasim)


    تأملات فيما تتبناه قيادة الميرغني من مقررات
    ( أسمرا و المرجعيات )
    محمد عبدالحميد..
    لشد ما تعقد الدهشة لسان المتأمل وهو يقرأ مقررات المؤتمرات التي يكون الاتحاديون طرفا فيها، ويكاد لا يساوره الشك أن القوم يقولون ما لا يدركون. أو أنهم أرضوا غرورهم وعقدوا مؤتمراً وتمخض عن قرارات لا تحمل في أكثر الأحيان صفة الإلزام، إما لأنها غير واقعية، وإما لأنها لا تتسق مع شيء ما في تركيبهم الذهني أو الوجداني بل والوجودي الذي يستمدون منه شرعية كيانهم ومشروعية فعلهم السياسي. كان ذلك في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995، كما كان مؤخراً في مؤتمر المرجعيات في القاهرة ففي مؤتمر اسمرا الذي عقده التجمع الوطني الديمقراطي الذي كان الاتحاديون جزاً أصيلاً منه اقر المؤتمرون "حق تقرير المصير للجنوب" وهو موضوع يجب التوقف عنده بعض الشيء للتدليل علي أن من قاموا بإقرار هذا الحق لم يعوا ما أقروا أو أنهم لم يكترثوا لما أقروا أو أنهم أجبروا علي ما أقروا.

    إن أقرار مبدأ حق تقرير المصير للجنوب هو بمثابة إضفاء الشرعية لتصور التيار الديني لحل مشكلة الجنوب .. حيث لم يطرح هذا الشعار في أي مرحلة من مراحل مشكلة الجنوب، وقد كان أقصى ما تناضل القوي الجنوبية لنيله هو حكم ذاتي في إطار السودان الواحد، إلي أن أتت الجبة الإسلامية بإتجاهها الرامي لتصعيد الحرب ومحاولة شق صف الحركة الشعبية لتحرير السودان بمغازلة التيارات الانفصالية بداخلها بطرحها لحق تقرير المصير في مفاوضات فرانكفورت 1993. وقد كان هدف التيار الديني من هذا واضح وهو ليس إعادة الوحدة بشكل جديد كما دخل ذلك في الأدب السياسي مؤخراً، وإنما تهيئة المدخل "الملائم" لفصل الجنوب ذو الغالبية غير المسلمة حتي يتسني لها الاستفراد بالشمال لتطبيق مشروعها الديني بالكيفية التي تريدها. مهما يكن فالشاهد الآن ان الجميع قد تبنوا هذا المبدأ كما حدث في مؤتمر اسمرا. والحق أن مبدأ تقرير المصير علاوة علي ما ينطوي عليه من خطورة فتح الباب أمام احتمال انفصال الجنوب، فأنه يؤكد وبشكل آخر علي حقيقة أن هناك شعبان في السودان، الأول مستعمِِر والآخر مستعمر لذلك يجب أن يأخذ حقه في تقرير مصيره .. فحق تقرير المصير قد كان عشية الحرب العالمية الثانية العنوان الأبرز للعلاقات الدولية، حيث اعطي هذا الحق لكل الشعوب التي ترزح تحت نير الاستعمار الاجنبي، ولضمان تنفيذ هذا الحق أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة الستة عشر والتي وسعت لتصل 24 في عام 1962 ومما يجدر ملاحظته في هذا الإطار أنه قد اثيرت بعض القضايا الاشكالية عمن مثلا هي الشعوب صاحبة الحق في نيل حق تقرير المصير؟ وهل يعطى هذا الحق وفقاً لاستفتاء عام Plebiscite إم عن طريق آخر يلبي رغبات هذا الشعب أو ذاك.
    فتقرير المصير بالصورة التي يراد اجراؤها في السودان تشكل إدانة تاريخية لبعض السودانيين – الشماليين - تحديداً بأنهم قد كانوا مستعمرين أو في وضع المستعمر، وبالتالي يحق لأهل الجنوب ولا نقل شعب الجنوب حقهم في التخلص من هذا الاستعمار. وهذا التطور جل من العلاقة بين أبناء الشمال والجنوب تبدو أشبه بعلاقة الغرب مع اليهود حيث يخضع الغـرب لعملية ابتزاز بتأثير ما لحق باليهود مـن اضطهاد علـي يد النازية – رغم أنه لم يصل لدرجة المحرقة بحسب ما توصل اليه روحيه جارودي – فمنذ تلك الحقبة وإلي الآن مازال اليهود يسلطون علي الغرب وغيره كلمة غريبة هي العداء للسامية Anti Semitism والتي تجعل تاريخ اليهود محرم علي البحث العلمي الأمين. أو تصور أخذ الحق منهم الذي اغتصبوه من الفلسطينيين جريرة تنذر بمحق شعب الله المختار.
    علي عموم الأمر فأن تقرير المصير كما تعرفه الأمم المتحدة لا ينطبق علي حالة الجنوب فذلك لان السودان شماله وجنوبه قد قرر مصيره منذ عام 1956 لذا فان هذا الأجراء وبأي كيفية كانت ينطوي علي خطورة هائلة لأنه سوف يقرر من جديد مصير السودان الذي ربما يصبح دولتان بموجب أخذ رأي الأقلية فيه، وهذا تفريط في وحدة البلاد ينبغي علي الوطنيين في الشمال والجنوب أن يقفوا ضده طالما أنه لا يستند إلي ماضي استعماري يقرره القانون الدولي، بل إلي نزاع أهلي حول رفع المظالم له شرعيته الخاصة في التنمية والمشاركة في صياغة مستقبل البلاد.

    لقد أقر المؤتمرون في اسمرا كذلك "حظر الأحزاب السياسية التي تقوم علي أساس ديني" كأن المجتمعون قد أنجزوا مشروعهم الفكري التنويري لدرجة لا يمكن أن يستحمل أي أحزاب دينية قد تشكل ردة علي ذلك المشروع. ومما يثير الدهشة في هذا الخصوص أن حزب الأمة بزعامة "الإمام" الصادق المهدي قد وافق علي هذا المبدأ وهو لا ينكر نسبته للتوجه الإسلامي. وأن الميرغني وإن كان يترأس حزباً علمانياً في مبناه إلا أنه استند إلي طرح ديني في برنامجه الانتخابي 1986 دون أن يقوم بعملية بمراجعة لذلك البرنامج وهو بعد زعيم طريقة صوفية دينية لم يعهد عنه أن تطرق بالتنظير قولاً أو كتابة عن طبيعة البنية الاجتماعية ما قبل الحديثة وكيف أنها تظل أسيرة الانتماءات ما قبل الحديثة إن كانت دينية أو عرقية أو عشائرية وأنها سوف تظل تفرز مثل هذه التكوينات ما لم يحدث تحول حقيقي وفق مشروع حداثوي متكامل يتجاوز هذه البنى تجاوزاً تلقائياً ولا يلغيها بقرار.

    في المقابل يلتف المؤتمرون علي موضوعة العلمانية، وعلاقة الدين بالدولة ويقرروا مبدأ المواطنة تجنباً لإقرار مبدأ العلمانية الذي هو الأصل في فكرة المواطنة. فأنهم أرادوا أن يقروا ما تتمخض عنه العلمانية دون أن يؤمنوا عليها، لأنها تجعلهم في موضع حرج بالغ مع قواعدهم المستندة إلي المواقع ما قبل الحديثة في التشكيلات الدينية. أو تجلسهم في مواقد الجمر حيث يبتزهم التيار الديني وهم لا يطيقون ذلك إطلاقاً.

    أما مؤخراً في مؤتمر المرجعيات الذي انعقد في القاهرة برئاسة الميرغني، أو للإقرار برئاسة الميرغني كما ذهب لذلك العديد من المحللين، فأنه قد تخطى كل الخطوط الحمراء للحزب بدعوى التأقلم مع متغيرات الأوضاع في العالم، حيث أقر المؤتمرون مبدأ إعتماد السوق الحر في التوجه الاقتصادي للحزب. ويعد هذا خطاً أحمر يجب التوقف عنده وذلك لسبب أساسي هو أن هذا التوجه يعتبر تغييراً في المرتكزات الفكرية للحزب .. وهذا شأن ليس من صلاحيات مؤتمر المرجعيات البت فيه طالما كان مؤتمر المرجعيات ليس هو المؤتمر العام للحزب الذي هو صاحب السلطة الحقيقية في البت في هكذا توجه. غير أن المؤتمرين وكالعادة لم يدركوا خطورة ما أقدموا عليه علي أقل تقدير لجهة أن مثل هذا القرار من شأنه أن ينقل الحزب كله من الموقع الذي يتمدد فيه من الوسط وحتى يسار الوسط إلي اتجاه معاكس تماماً وهو اليمين ويمين الوسط، وهذا ليس تجريداً نظرياً فعلماء السياسة الذين يعلمون أن الموقع من الموقف الراهن والتصور حول المستقبل علي مستوي الأفكار والأيدلوجيات هو الذي يقرر موقع كل جماعة سياسية من الطيف السياسي Political Spectrum ، لذلك فأن الحديث عن إعتماد مبدأ السوق الحرة يقصى الحزب تماماً عن موقعه في الوسط ويجعله في ذات الخانة – اليمين - مع حزب الأمة والمؤتمر الوطني اللذان يعتمدان ذات المبدأ الاقتصادي (السوق الحرة) وهذا يترتب عليه نتيجة بسيطة غير أنها في غاية من الأهمية وهي أنه، إذا كان الحزب يحمل نفس تصورات الحزب الذي يعارضه في أدق الأشياء التي تهم حياة المواطن وهو معيشته فما جدوى أن يظل معارضاً؟! وهذا ما يفسر سرعة التوصل لاتفاق جدة الذي توافق فيه الطرفان علي اقرار مبدأ السوق الحرة وهنا تنتفي عملياً ملامح التباين الفكري بين "الاتحاديين" والإسلاميين في هذه القضية علي الأقل. ويمكن أن نعزو تحول موقف الحزب من تبني الاشتراكية الديمقراطية إلي تبني الاقتصاد الرأسمالي في جانب منه إلي الطبيعة الطبقية للقيادة (الميرغني) والذي بأي حال من الأحوال لا ينتمي للطبقة الوسطى – قوام الحزب القاعدي ونخاعه الشوكي - فالميرغني ينتمي لطبقة لا تكاد تكون موجودة في السودان وهي الارستقراطية Aristocratic، لذلك فالميرغني بحسب موقعه الطبقي الفريد والمميز لا يشارك أبناء الحزب الاتحادي آمالهم وصبواتهم بل وآلامهم، فقد كان يمكن له أن يعبر عن هذا من خلال ما يعرف في الأدب السياسي (بالانحياز الطبقي) غير أنه آثر أن يمضي فـي اتجاه مغاير تماماً وذلك بخلق حلف مـع الرأسمالية في داخل الحزب والتي يمثلها علي أبرسي وصلاح إدريس ولكليهما مصالح رأسمالية غير خافية مع النظام الحاكم. كل هذا من شأنه أن ينقل المعركة بين الحزب والنظام إلي معركة بين جماهير الحزب والقيادة.

    مهما يكن فأن هذا التحالف الطبقي الجديد داخل الحزب قد أغفل حقيقة هامة وهي أنه في ظل اقتصاد العولمة والذي يتميز بقوة اجتياحية عاتية لن يكون لمثل هذا التحالف القدرة علي الصمود في وجه رأس المال العابر للقارات والذي تتحكم فيه الشركات متعدية الجنسية حيث سيكون لمثل هذه الشركات القدرة علي ضرب أرباب رأس المال السوداني وإقصائه خارج مجال العملية التنافسية الحرة التي يتحكم فيها سوق عالمي قائم علي المعرفة والتقانة العلمية Tech. know how وبذلك يكون قد فقد مشروعية وجوده كما ذكرنا من قبل التي يستمد منها شرعية فعله، وبذلك يكون قد خسر معركة البقاء في ظل العولمة دون أن يكون قد أعطى لنفسه شرف المحاولة في الإسهام في جعل هذا الكون أكثر قابلية للحياة الإنسانية. في هذا الصدد يجدر أن نذكر بقصة علامة إقبال الفيلسوف المسلم العظيم والذي في احدي مناجاته الوجدانية لله تعالي قال بعد أن أعياه اجتياح الشر لأركان الكون الأربعة: (إن هذا كون مليء بالآثام) فأتاه النداء الرباني قائلاً: (أهدمه وإبني غيره يا إقبال).
    تتضمن قصة إقبال هذه قيمة الفعل الإنساني بعيداً عن القدرية السلبية والإنهزامية وتؤكد أن هذا الكون مشروع لحركة الإنسان في البناء والتعمير مع ضرورة التغيير. إن مؤتمر المرجعيات قد تحدث بلغة تبدو مقبولة في منطقها الظاهري، وهي التسليم بسياسة رأس المال وعلو كعب الرأسمالية واقتصاد السوق، غير أنه تسليم أقرب للخنوع للأمر الواقع – والخنوع للأمر الواقع يتنافى مع جوهر الفعل السياسي – غير أننا نؤكد علي أن هذا النهج الاقتصادي الذي إتبعه النظام الحاكم بدعوي ما أسماه تحريك الاقتصاد منذ بداية عقد التسعينات هو الذي عرض المواطنين للانكشاف وأدخل معظم الأسر في دائرة الفقر والعوز وحجب عنهم كل أنواع الأمان، فقد تميزت سياسته الاقتصادية في كل شيء وحجرت الثروة في كل البلاد علي قمة الهرم فقط مع ترك قاعدة الهرم يتحكم فيها ميكانزم السوق حتي في سياسة التخديم مع إضعاف وتفكيك منظم للقطاع العام لصالح فئة تجار النظام والمحسوبين عليه بينما في المقابل تقصم الضرائب المتصاعدة – وهي الوظيفة الوحيدة التي اضحت تمارسها الدولة - ظهور الرأسماليين الوطنيين الذين لا يمالون النظام.

    إن التاتشرية نسبة لمارغريت تاتشر Thatcher والتي جسدت فلسفة مدرسة شيكاغو في مقولتها الشهيرة: (لا يوجد بديل) والتي عرفت باختصار (TINA) There is no alternative لم تستطع ان تغفل البعد الاجتماعي في سياستها ذلك لأنه ليس في مقدور السوق وحده الحفاظ علي ترابط المجتمع وأن حداً أدني من المعايير والتركيبات عموماً يجب أن تتوفر للحيلولة دون تفكك المجتمع أو تراجع تطوره. وهذا نفس الشيء الذي توصلت له العديد من المجتمعات الغربية الأخري ذات النمط الاقتصادي الرأسمالي القائم علي السوق الحرة حيث توصلوا لمستحدثات اقتصادية وقانونية و مؤسسية لتوفير المنافع الجماعية للمواطنين ، وأقام بعضهم نظماً متبكترةً لإدارة تلك المنافع ( انظر فرانسوا راشلين – ترجمة حليم طوسن – الخدمات العامة وإقتصاد السوق – دار العالم الثالث) لذلك فإن تصوير مؤتمر المرجعيات بان اقتصاد السوق الحر بات امراً حتمياً يتنافي مع البديهة الحتمية الاخرى التى تقول ان الراسمالية في ظل العولمة سوف تكون في مواجهة مع نفسها، وان التوحش الذي تبديه يغذي من النزعات والقيم الإنسانية المتمثلة في العدل ، الإخاء والمساواة التى لم يزل لها بريق وجاذبية اكثر ، وان ما يفرزه الفقر من توتر إجتماعي، وكوارث بيئية وهجرات تتسارع وتائرها نحو العالم الاول ، وتصاعد موجات الارهاب فيه ستعجل في نهاية المطاف من كبح جماح راس مال العابر للقارات باتجاه شراكات حقيقية بين دول الشمال ودول الجنوب للبحث عن نموذج مقبول للتنمية الإنسانية وتعزيز حقوق الإنسان لا سيما الاقتصادية والاجتماعية ، وتوفير الضمان الاجتماعي في التعليم والصحة ، والمأكل والمشرب والملبس والمأوي . لذلك كان حرياً بمؤتمر المرجعيات أن يعمل على تجسير العلاقة مع منظمات المجتمع المدني العالمية التي تتظاهر في شوارع سياتل و جنوا من اجل الشعوب الفقيرة و أن يسعى لطرح مبادئ شراكة مع دول الشمال يكون قوامها و هدفها تمليك القدرات و رفع مستوى كفاءة المنتجين عن طريق إشاعة المعرفة وصولا لخلق مجتمع عالمي يغير الوجه البشع للعولمة لاتجاه أكثر إنسانية .

    إن تصور خلق الشراكات هذا ليس تهويما و إنما هو ممكن من خلال المزيد من التمسك بالاشتراكية الديموقراطية و قيمها الهادفة لخلق مجتمع العدالة الاجتماعية لان تاريخ الاشتراكية الديموقراطية لمن يعرفوه هو "إعادة النظر" و المراجعة REVISIONISM طالما كانت قادرة على أن تكسب نفسها بعدا عمليا لتحقيق العدالة الاجتماعية بعيدا عن التزمت و الدغماتية.

    ---------

    خطاب مفتوح إلى السيد محمد عثمان الميرغنى

    خطاب وداع الفقيد علي أبو سن للسيد

    على أبوسن/كاتب ومفكر سوداني
    [email protected]

    الأخ السيد عثمان،
    هذه رسالتى الأخيرة إليك. فمنذ آخر رسالة وجهتها مع زملاء كرام قبل ثلاث سنوات أو يزيد، كان من بينهم المرحوم الأستاذ محمد توفيق والأساتذة محمد الحسن عبدالله يس وأمين عكاشة ومحمد سرالختم، لم أكتب. كانت تلك رسالة ـ سبقتها رسائل من نفس المجموعة ـ تهدف كلها إلى محاولة إقناعك بضرورة إصلاح الحزب حتى يكون توحيده ممكنا.
    أمّا هذه فليست رسالة تأتى فى سياق الرسائل القديمة، وإنما هى رسالة أخيرة فى سياق آخر.
    وإذا كنت أخاطبك من خلال الصحافة الألكترونية وسودانايل الغراء فلأننى أردت أن أخاطب الأتحاديين جميعا فى هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ الحزب وتاريخ البلاد. أردت أن أخاطب جماهير الحزب وقياداته من الذين تابعوا المناقشات المكثفة خلال الأشهر الماضية حول مدى توفّر المعقولية أو المسئولية أو حسن النية فى دعوتك إلى عقد مؤتمر الحزب خارج أرضنا وبعيدا عن جماهيرنا. هؤلاء الذين أذهلهم إنفاقك الباذخ على تأجير الطائرات وشراء مئآت التذاكر من مختلف القارات وتأجير الشقق والقاعات والسيارات والأتوبيسات والذِّمم ، لتُحضِر من ترضى عنه وتَحرِم من لا ترضى . مَبالِغُ كان مُعْوِزُوا الخرطوم وضحايا القاش فى كسلا وثكالى النازحين فى دارفور وغيرهم من " الغبش " أولى بها.
    وبما أن هذه فى الحقيقة رسالة تستشرف المستقبل وتحاول إنارة الطريق أمام الأتحاديين الذين استبدت بهم الحيرة أمام تصرفات قيادة تسعى جاهدة إلى تمزيقهم وتهميشهم ، فأنها ، فى الحقيقة أيضا ، رسالة وداع لك... ولذا فمن المناسب أن نضمنها كشف حساب يحكى لأجيال الحاضر والمستقبل ـ بأمانة وصدق ـ حكاية الزمن الردئ. ولن أقف فى كشف الحساب هذا إلاّ على المحطات الرئيسية :
    الأخ السيد عثمان،
    1 ـ لقد آلت حال الحزب منذ أن تولّيت قيادته دون أنتخاب أو اختيار 1985 إلى درجة من التدنى فى الأداء والألتزام والجدِّية جعلت معظم المهتمين بالقضايا العامة فى السودان ينفرون منه ويبتعدون عنه حتى أصبح القاصى والدانى يجابهنا بأنه حزب لا مستقبل له ، لأنه عاجز عن تنظيم نفسه، عاجز عن بلورة أفكاره ، عاجز عن إيقاف حروبه الداخلية ، عاجز عن أيقاف غزو المرتزقة الذين يتسللون إلى قيادته " غواصات " من أحزاب أخرى ، عاجز عن أستيعاب المثقفين ، عاجزة قيادته عن الحديث إلى أجهزة الأعلام والحوار فى الندوات الثقافية ، عاجز عن أن يحدد لنفسه مهمة أو هدفا.
    2 ـ نشأ هذا الحزب الذى يمثل الحركة الوطنية السودانية كحزب مفتوح لجميع السودانيين كى يتولوا المناصب القيادية فيه بما فى ذلك رئآسته. ولكنه أصبح على يد سيادتك حزب أًسْرَة معينة هى " أسرة السيد على المرغنى "، ولا أقول " أسرة المرغنى" لأن بعض فروع هذه الأسرة مبعدة عن المناصب بل عن المساهمة. وبما أننا مجتمع ما زال فى طور النمو فأن تقليد "الرئآسة مدى الحياة " ـ الذى يشوّه أداء تنظيماتنا السياسية ـ يحقق مسعاكم فى جعل قيادة هذا الحزب فى يد أسرتكم الكريمة المعروفة بالمعمِّرين إلى ما شاء الله. وقد حققتَ هذا الهدف تماما فى مؤتمر القناطر حيث قام أتباعك ومعاونوك بتنصيبك رئيسا وتعيين شقيقك نائبا لك وتعيين أبنك عضوا فى اللجنة القيادية وخليفة لك فى الأنتظار.
    وقبل أن أغادر موضوع مؤتمر القناطر لاحظت أنك قلت فى خطابك الأفتتاحى أنك دعوت كل قيادات الحزب إلاّ من أمتنع عن الحضور... وأنت ونحن نعرف أنك لم تفعل. كدت أقول الآن : أننى أربأ بك عن ذلك.. ولكننى تذكرت أننى قلتها لك وعنك مرات عديدة حتى لم أعد أعرف : عَمَّ أربأُ بِكْ.
    3 ـ تشجيعك للخلاف والشقاق أوقع الحزب فى أقبح المواجهات والملاسنات، وجعل قادته موضع سخرية وأستهزاء القياديين والعاديين من الأحزاب الأخرى وجماهير الشعب. وكان دأبك على تمزيق الأتحاديين قد بلغ قمّة اللامعقول Absurdity حينما قررت فتح الدوائر الأنتخابية المضمونة ليترشح فيها أكثر من أتحادى واحد 1986 لتُوسِّعَ دائرة الشقاق بين الأشقاء وتبعدهم عن مواقع السلطة. وكانت إجابتك حينما سألك الناس عن ذلك أنك تفضل الحصول على مقاعد قليلة تشارك بها حزب الأمة فى ا لحكم بدلا عن وجود عدد كبير من الأتحاديين يحاورونك ويسائلونك. وكانت النتيجة أن الحزب أصبح رقم " 3 " فى البرلمان وكان فى يوم من الأيام رقم " 1".
    وخلال فترة الديمقراطية الأخيرة وقفت ضدّ كل المحاولات التى كان يقوم بها الحادبون على مصلحة الحزب ومنهم رجال من داخل صفوفك مثل الأستاذ سيد أحمد الحسين والحاج أحمد عثمان عبدالسلام وغيرهم للجمع بينك وبين قيادات الأتحاديين ، شركاء الختمية فى الحزب الموحّد والفصيل الأكبر فيه. وظللت تؤجِّج نار العداء الوهمى بين جماهير الختمية والأتحاديين حتى أنتهيت الآن إلى حفر فجوة هائلة بين الأتحاديين وبين شخصك ولكنك لم تنجح فى إبعاد جماهير الختمية عن أنتماءآتهم الأتحادية لأنّ كثيرا منهم غير راض عما تفعل.
    وحينما أنتقلنا إلى المعارضة كان أهتمامك منصبّاً على إبعاد الأتحاديين عن مواقع تمثيل الحزب فى المعارضة مع أن الأتحاديين هم الذين أعلنوا أول بيان للمعارضة فى الخارج ـ وأنت فى السعودية ـ وفى منزل واحد منهم عقد أول أجتماع للتجمع الوطنى فى الخارج لأنهم كانوا أصحاب مبادرة فى تجميع الصفوف ، وقد أرسل الناطق الرسمى باسمهم أول برقية إلى الملك فهد تستنكر تأييد حكومة الترابى لغزو صدام للكويت نشرتها الصحف السعودية فى عنوانها الرئيسى كما نشرت رد الملك فهد عليها شاكرا ومقدرا... وكانت تلك البرقية سببا فى إيقاف قرار طرد السودانيين من المملكة كما أخبرنا بذلك سفير المملكة بالقاهرة.,,, فماذا كان ردّ فعلك على ذلك النشاط من الأتحاديين ؟؟ لقد تملكتك الغيرة فى وقت كنا نتوقع فيه أن تفرح بنا ، فحضرتَ إلى القاهرة وشرعت فورا فى بثّ الفتنة بيننا وطالبت بأبعاد المتحدث الرسمى باسم الحزب هذا الذى " تسرّع فى إعلان المعارضة باسم الحزب" ، وبادر بمخاطبة الملك فهد لحماية السودانيين وإدانة حكومة الأنقلاب، وأجتهد فى إجراء الأتصالات وتنظيم المسيرات باسم المعارضة. ثم واصلتَ الجهود لوأد العلاقة بين الأتحاديين والختمية ولم يهدأ لك بال حتى وضعت أتباعك الخواص فى أعلى مراكز الحزب والمعارضة وأبعدت من كانوا معك من الأتحاديين والمخلصين من الختمية.
    4 ـ بغضك للمثقفين وضيقك بهم كان وراء مأساة العلاقة بينك وبين أناس لم يرفضوا وضعك فى المقدّمة ولم يحاولوا منافستك على القيادة. أسميها مأساة لأنك تخصّ بالكراهية والضيق مثقفى الحزب وتتعمد أستبعادهم كلما أحتجت إلى من يفكر أو يكتب أو يتحدث اللغة الأجنبية وتستجلب أناسا من خارج الحزب ليعاونوك على كتابة رسالة أو صياغة فكرة أو إجراء مقابلة مع أجنبى ومثقفوا حزبك مبعدون يضربون كفا بكف. لقد حاولنا أن نمنحك الطمأنينة على موقعك بشتى الوسائل ولكننا عجزنا عن إزالة هاجس المخاوف الذى ينتابك من ا لمثقفين والذى يصور لك أنهم هم الأعداء الحقيقيون لك. فحاولتَ دائما أن تهينهم وتكسر شوكتهم باستقدام كل من تبعث به الأحزاب الأخرى لكى يتجسس عليك وما زلت سادرا فى هذا حتى مؤتمر القناطر الذى أدخلت فيه إلى اللجنة التنفيذية واحدا من هؤلاء. كلّ ذلك جعلنا نقتنع بأنك لم تفارق مقولتك الشهيرة " أنا ما حأكرر غلطة السيد على الميرغنى لما أتعاون مع المثقفين بقوا زعماء " وهذه غلطة منك أنت . فمن ناحية لم يكن السيد على نفسه ليقول ذلك عن الأزهرى وزملائه لأنهم كانوا زعماء بالأصالة ، ومن ناحية أخرى لم نكن نحن ـ ممثلى الوطنى الأتحادى فى الحزب الموحد ـ نرغب فى منافستك على زعامة الحزب.
    5 ـ رفضك القاطع للديمقراطية والمؤسسية زعزع أركان الثقة بالحزب وسط جماهيره التى تجرعت المرّ وهى ترى حزب الأمة ـ الذى كان متهما بالتبعية العمياء ـ يعقد مؤتمراته وينتخب قياداته ويحتكم إلى جماهيره حتى فى مسألة " الأمامة " ... وترى حزب الدكتاتورية والقهر والتخلف الذى وثب على السلطة يعتمد الديمقراطية الحزبية ـ التى حَرَم منها الشعب ـ منهجا له للوصول إلى قراراته وتشكيل قياداته... بينما قيادة الأتحاديين لا تعتمد إلاّ المراوغة والتهرّب والأقصاء وزرع الفتنة وشق الصفوف وتأليب الختمية على الأتحاديين، وتنتهى إلى رفض عقد المؤتمر العام للحزب وتنفق الملايين بسخاء لتجلب الوفود إلى خارج السودان ظنّاً منها أنهم أرِقّاءُ السياسة وليس حضورهم فى الحقيقة إلاّ تعبيرا عن ضيعة الأتحاديين وهوانهم على الناس.
    ونحن نعرف تماما تكتيكك المفضل فى امتصاص غضب الأتحاديين، الذى يبلغ الحلقوم بين فينة وأخرى، مطالبين بعقد المؤتمر العام واعتماد المؤسسية ، فكلما طغى هذا الغضب وأصبح مهدِّدا لك لجأت أنت إلى مخادعة الجماهير والقيادات بتقديم المشروعات الوهمية لأقامة المؤسسة الديمقراطية ودعوت إلى مؤتمر مفبرك يحضره مندوبون بالطائرات من بلاد عديدة ويبصمون على ما تريد مثل مؤتمر المقطم ومؤتمر القناطر وغيره من المؤتمرات العديدة التى دعوت إليها دون أن تعقدها بهدف إجهاض الأحتجاجات وقتل الموضوع. تستطيع ـ كما قيل ـ أن تخدع كلّ الناس لبعض الوقت ولكنك لا تستطيع أن تخدع كلّ الناس كلّ الوقت.
    6 ـ وأمتدادا لضيقك بالمثقفين تفاقم عندك الحرص على رفع شأن الذين لا يعلمون فوق الذين يعلمون، والأصرار على تقريب واصطحاب العناصر الغريبة والمشبوهة والأقل خبرة. فأنت ما زلت منذ الأنتفاضة تنقِّب فى التوابيت لتستخرج منها جنائزَ تقود الحزب وتكون واجهة له تحت أشرافك المباشر حتى أصبحت مواقع القيادة ومنافذها مسرحا للأشباح.
    وحتى فى إطار أسرة المرغنى فأن حرصكم على تولية وتقديم الأشباح أدى إلى إهمالكم الغريب لأبناء الختمية فى كسلا أحفاد عمكم شقيق والدكم "السيد أحمد" شريك والدكم الطبيعى فى كلّ شيئ وهم مفخرة هذا البيت ذكاء ووطنية وإحساسا بالجماهير، بل يثير الدهشة فى أساليبكم هذا التآمر ا لمستمر ضدّ " محمد سرالختم" الذى دفعته مؤآمراتكم إلى العودة إلى السودان والأنضمام إلى حزب المؤتمر الأنقلابى. فهل " يَرْكَنُ فى الدُّنيا إليك خليلُ " يرغب فى القيام بدوره الوطنى فى هذا الحزب ؟؟
    7 ـ أتضح بجلاء أن ضيقك بالنصح والمشورة يكمن وراء هذا النفور والأستبعاد ،
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون موقفك بعد أن فرغنا من إعداد وثائق مؤتمر أسمرا 1995 الذى ساهم فيه الأتحاديون بوضع فكرة " حقوق الأنسان " بدلا عن فكرة " العلمانية " أو رفض الدين. وكانوا هم الذين أصروا على مناقشة " القضايا المصيرية " بينما كان بعض أعضاء التجمع يخاف من أثارتها فى مؤتمر أسمرا. وحينما عدت أنت من غيابك وبدأ العدّ التنازلى للسفر وتكوين الوفد المسافر قالوا لك : من الطبيعى أن يذهب محمد سرالختم وعلى أبوسـن لأن الأول زعيم معروف هناك وقبائل المنطقة منهم أخواله والثانى قبيلته الشكرية حدودها مشتركة مع أرتريا وبعضهم يسكن داخلها وهو متزوج أبنة ناظر البنىعامر ونصفهم فى أرتريا، فكان ردك : (عشان كده ديل الأثنين ما يكونوا فى الوفد ، عايزينّهم يبقوا لى زعما هناك؟‍!!) فسافرت بوفد لم يستوعب ما أُعِدّ من وثائق وظهر جليا عجز الحزب وهوانه أمام هامة د. قرنق العالية وانتهيتم إلى توقيع أتفاق معيب يسمح بتقرير المصير قبل إجراء انتخابات عامة يعرف فيها شعب الجنوب والشمال قادتهم ليتحقق الأستقرار أيا كان الخيار.
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون كيف أن رجالا شرفاء مثل الأساتذة مرغنى سليمان وأمين عكاشة وغيرهم شباب كثير كانوا من أقرب الناس إليك ضقت بنصحهم المخلص فضاقوا بك، وجفوتهم فجفوك، وأبعدتهم فأبعدوك.
    وما زال الأتحاديون يتذاكرون كيف سقط وفارق الحياة بفعل الغيظ وجرح الكرامة والضيم رجال أعطوك من جهدهم ومالهم وذات أنفسهم ما شهد به الأعداء ثم فوجئوا بالخذلان والعقوق لمجرّد إبداء رأى مخالف لك. منهم د. عثمان عبدالنبى وإبراهيم حمد ويوسف أحمد يوسف وغيرهم كثير.
    8 ـ فَهْمُك لاتفاقية توحيد الحزبين " الوطنى الأتحادى " و " الشعب الديمقراطى" ينطوى على الرغبة فى الظلم والتشفى والأذلال للأتحاديين وهذا واضح، ولكنه ينطوى أيضا على المكابرة والأفتراض بأنك أذكى من والدكم السيد على وأقدر منه، وكان رحمه الله يعرف الأضرار الكامنة فى محاولة تولى رئاسة الحزب من جانبه فقرر ترك تلك المهمة لمن هم أعرف بها وأقدر عليها ، ولم يكن السيد على فى موقف ضعيف أو مُتَهَاوٍ بل على العكس كان صاحب نفوذ وكلمة داخل الحزب الموحد برئآسة المرحوم الأزهرى. وكان ألأجدر بك أن تستجيب لندآت الشيخ الجليل حمد كمبال ومئآت " خلفاء " الختمية الذين ناشدوك وما زالوا الأبتعاد عن هذا "الدَّرْب الغِوِيْتِسْ " الذى سلكته بنا فأضعت سنوات عمرك وعمرنا، نحرث فى البحر.
    ويُعتَبر إصرارك على رئآسة الحزب تنكُّرا للأسس التى قامت عليها إعادة توحيد الحزبين الأتحاديين وتوزيع الأدوار بين القيادات ، ومن الواضح أنك قررت الأستفادة من الفراغ الذى خلّفه رحيل قيادات الصف الأول من الوطنى الأتحادى قبل الأنتفاضة فحاولت أن تَكُونَ أنت الواجهة الوحيدة للحزب ساعيا بذلك إلى فرض واقع جديد متنكّر لأسس التوحيد فقررت أن تكون رئيساً للحزب والطائفة معا.
    وربما دار بخَلَدِك أن من حقّك أن تجارى السيد الصادق المهدى الذى تحول ببيت المهدى من " رعاية " حزب الأمة إلى رئآسته. ولكن الفارق كبير، فبغض النظر عما أثبتته تجربة السيد الصادق بصورة قاطعة من أن حزب الأمة لن يفلح ما لم يخرج من جلابيب" حزب الأُسْرة " وتصبح رئآسته مفتوحة لكافة أبناء الشعب ، فأن طموحات الصادق المهدى مبررة بعلمه وثقافته العالية ونظرته التحديثية، وإن لم تنجح هذه المؤهلات فى إخفاء الصورة ـ التى ظلّ يتردد طويلا بين نزعها والأنطلاق خارجها وبين الأستسلام لقيودها وأصفادها المعيقة سياسيا ـ صورة الزعيم الدينى، الأِمام، شيخ الطريقة واجب الطاعة. أما حالتك يا أخى السيد محمد فأنها تختلف. ذلك أن جماهير الأتحاديين ، وحتى الختمية ، هى جماهير مناطق الوعى التى أنجبت الزعماء الوطنيين التقدميين المثقفين العلماء الذين قادوا النضال وحققوا الأستقلال. ولعلّ حزب الأمة كان سيكون أقوى وأكثر تماسكا لو أن السيد الصادق أكتفى بموقع المفكر والقائد الروحى وله فى ذلك باعٌ لا يُدانَى ، والأمر هو هو بالنسبة إليك لو أكتفيت بالزعامة الروحية. . وعلى أية حال ، فالمقارنة غير قائمة أصلا، لا شكلاً ولا موضوعاً.
    (9 )ـ وُلِد حزب " الأشقاء " والأحزاب الأتحادية فى أحضان الجمعيات الأدبية ثم مؤتمر الخريجين. وكانت الثقافة والعلم والأدب والشعر وتذوّق الفنّ والجمال هى سمات القادة وصفاتهم ومدار أُنْسِهم وأحاديثهم ومناجاتهم للخالق المبدع... ثم جاء عصرك يا أخى عثمان ... ويا لها من فاجعة !!! أقفرت الرياض ، وسكتت العصافير المغرّدة ، وحلّت الطبول الجوفاء، والنميمة العرجاء، وصيحات " أبوهاشم " بأصوات البِغال، محلَّ فصيح العبارة وبليغ الأشارة وجيّد الشعر وراقى المشاعر. وكم أحسست بالغربة وأنا أجلس معك وحاشيتُك بين يديك فأفتح عينى على كثير منهم ولكن لا أرى أحدا، وكم نازعنى بيت شعر فى جلساتكم فأنظر حولى وأخنقه فى صدرى لأننى أعرف أنه سيقع على "العتمور".
    10 ـ لقد قمتَ باستغلال قوة الدفع الكامنة فى الزخم التاريخى لاسم " الأتحادى " واستخدمتها فى سبيل إثبات وجود ضبابى وتكديس أموال سريّة لا يعرف قادة الحزب مصادرها كلها ولا شروط منحها لك. ولكنك تعمّدت عدم أستغلال قوّة الدفع تلك من أجل توحيد الأتحاديين فانهارت على يديك صورة ذلك الحزب الأتحادى العملاق الذى بهر السودانيين بمقدرات قادته ومواهبهم وبراعاتهم ونُبْل نفوسهم وعطائهم من ذات أنفسهم ،وعجزتَ عجزا مزريا عن إبراز مَقدِرات الحزب وأدائه وفكره ووطنيته ، فقزَّمْتَه وقد كان مارداً ، وأخرستَه وقد كان ناطقاً ، وأعجزتَه وقد كان قادراً ، وجمَّدتَه وقد كان بحراً زاخراً.
    أخى السيد عثمان
    لهذه الأسباب وغيرها مما آثرت عدم ذكره الآن، أقول لك أنك لا تصلُح لأن تكون زعيما أو رئيسا للأتحاديين ، وأنك غير مؤتمن على هذا الحزب.
    وللأتحاديين أقول:
    نحن الآن فى مفترق طرق فاصل ، وقد صبرنا على تعدّى السيد عثمان المرغنى واستيلائه دون وجه حق على قيادة الحزب الموحد مع إبعاد كلّ العناصر التى تمثّل الفصيل الأكبر ـ الوطنى الأتحادى. وقد كان بين صفوفنا ، وما زال ، نفرٌ يظنون أن هناك أملاً فى إصلاح ما أفسدته قيادة المرغنى.ولكن الحقيقة غير ذلك تماما.
    ولست بحاجة إلى تكرار الأسباب التى أقنعت عددا كبيرا من الأشقاء باستحالة إصلاح ما فسد ، فقد أوضحتها فى خطابى المفتوح إلى السيد عثمان المرغنى فى الصفحات السابقة.
    ويكفى أن أشير إلى سبب إضافى واحد وهو أن مصير السودان يقرر الآن فى غياب الأتحاديين، الممثلين الشرعيين للحركة الوطنية. ومحمد عثمان هو المسئول الأول عن هذه الخيبة وهذا الغياب. وقد كتب بعض الأشقاء مؤكدين مسؤليته : ( لم تتحرك قيادة المرغنى فى أتجاه تعبئة الجماهير الأتحادية خاصة،والشعب السودانى عامة فى أتجاه فضح وتعرية قوى الهوس الدينى وعزلها وضرب مواقعها واجتثاث جذورها وتجفيف منابعها والتبشير بسودان المستقبل ، بل أن هذه القيادة ساهمت بصورة مباشرة فى تقوية تلك القوى الظلامية حينما تقدّمت إلى الرأى العام السودانى بمسودّة لما أسمته " دستور إسلامى " بعد الأنتفاضة مباشرة جاءت أشدّ بؤساً ونكيراً من مشروعات قوى الهوس والظلام ) ويكفى أننا مغيّبون تماما عن الساحة بينما تعمل قوى التخلّف نيابة عن الشمال فى نيفاشا على هدم مقوّمات الهويّة السودنية بالأصرار على دعوى التمايز الثقافى ، الذى يلبسونه ثوب الخصومة الثقافية والعقائدية بين الشمال والجنوب فى حرص أعمى على تقسيم أبناء القطر الواحد ثقافيا على أساس دينى ، مما جعل مفاوضات السلام فى نيفاشا تقوم على قاعدة تكريس التمايز والخصومة الثقافية المزعومة بين جنوب الوطن وشماله ، وليس على أساس توحيد البلاد وتعايش الثقافات فى ظلّ نظام حضارى مستنير. وهو ما كان ينبغى أن يدعو إليه حزبنا الذى أصبح مختطَفا ورهينة تزايد على الجبهة الأسلامية فى ضروب المتاجرة بالدّين.
    دعوة إلى مؤتمر أتحادى لفضِّ العلاقة مع قيادة الختمية
    أيها الأخوة والأخوات ، الأشقاء والشقيقات،
    لقد تمت إعادة توحيد الحزب الوطنى الأتحادى مع حزب الشعب ـ قيادة الختمية ـ سنة 1967 تحت ظروف ضاغطة ومخاوف مما كان يحاك ضدّ التوجهات التحررية للسودان بقيادة الزعيم أسماعيل الأزهرى، وبسبب التعجّل فى أتخاذ إجرءآت التوحيد والخوف من أن تتحفّظ عليها جماهير " الوطنى الأتحادى" ولجانه بسبب تأييد المرغنى لدكتاتورية الجنرال عبّود ، رأت قيادة الأتحاديين إرجاء عرض قرار التوحيد على مؤتمر عام للحزب لتصبح إجازته قانونية وملزمة. ومن ناحيتها لم تهتم قيادة الختمية بعرض الأمر على جماهيرها ولكنها تعهّدت بالوفاء للأتفاق. ثم جاء أنقلاب مايو بهدف إجهاض هذه الوحدة واعترف د. أحمد السيد حمد فى الصحف باشتراك محمد عثمان المرغنى فى الإعداد للأنقلاب وأنه نقل جزءً من أسلحة الأنقلابيين وخزّنها فى مزرعته بقرية " تنقاسى " . فبالأضافة إلى نقصان شرعية قيام الأتحادى الديمقراطى جاءت الخيانة ، بعد التعهّد والعهد ، لتجعل فكرة الوحدة مهزلة، وكان على رأسها ولىُّ عهد السيد على المرغنى ( فَوَا عَجَبا ً أنْ وُلِّىَ العهدَ غادِرُهْ )
    ولم نكن لنثير هذه المسائل وننبش الماضى لو أنّ الوحدة ـ ونحن وحدويون ـ سارت فى أتجاهها المرسوم أو ألتزمت بأسسها الصحيحة.
    لكلّ ما سبق ذكره ، فأننى أدعو الأتحاديين والأحرار الصادقين من الختمية، وهم كُثْر، إلى إجراء مشاورات عاجلة لعقد مؤتمر جامع للقيادات :
    1 ـ للنظر فى مستقبل الحركة الأتحادية ،
    2 ـ وأتخاذ القرارات الكفيلة بأنشاء حزب أتحادى حر يعتبر أستمرارا لنبض الحركة الوطنية المستنيرة،
    3 ـ واتخاذ قرار بفضِّ العلاقة نهائيا مع قيادة محمد عثمان المرغنى ومن تبعه من المحسوبين على الأتحاديين أو أحرار ألختمية
    4 ـ أختيار قيادة جديدة للأتحاديين .
    ـ قيادة أمينة صادقة تتمتع بالشفافية والأستقامة السياسية .
    ـ قيادة تعتزّ بالتاريخ الوطنى للأتحاديين.
    ـ قيادة مثقفة مستنيرة واعية ترفع أسم حزبنا بين الأحزاب التى يقودها كلها رجال مثقفون.
    ـ قيادة تقدّم المبادرات ولا تعمل بردود الأفعال.
    ـ قيادة تعتمد الفكر والدراسة سبيلا للوصول إلى القرار.
    ـ قيادة لا تسعى بين أبنائها بالفرقة والنميمة والخصام.
    ـ قيادة تتميّز بالشجاعة والقدرة على المواجهة.
    ـ قيادة تشرفنا أمام أجهزة الأعلام ،ولا ترتعب وتقبع فى جحورها خوفا من مواجهة الميكروفون والكاميرات والأسئلة الصعبة.
    ـ قيادة تعرف العالم وما يجرى فيه والأفكار التى تحكمه والأساليب التى تفكّر بها شعوبه.
    ـ قيادة تمثّل كلّ المبادئ والقيم والمرتكزات الفكرية التى نؤمن بها كوطنيين وحدويين، نسعى إلى العدالة الأجتماعية وإلى حريّة الفكر فى إطار حرّية الفرد ، وديمقراطية التنظيم ، وحكم المؤسسة.
    5 ـ أية مواضيع أخرى يقرر المؤتمر مناقشتها.
    هذه هى رسالتى ، وهذا هو أقتراحى لكل الأشقاء والشقيقات فى هذا المنعطف التاريخى الهام. فيا رجال وأبناء وأحفاد قادة الحركة الوطنية المجيدة.. هُبّوا للدفاع عن حقّكم فى الكرامة والمستقبل.
    ------

    حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد ... حوار العدد
    نسبة لما تشهده الساحة الاتحادية في هذه الفترة من حراك كان علينا أن نتلمس نبض هذا الحراك في مخيلة ووجدان الشباب - قوام هذا الحراك – وقد كان لما لقاء مع أبرز القادة الاتحاديين الشباب، عز العرب حمد النيل والذي ساقنا الحوار معه ليس لهموم الحزب فحسب وإنما للشؤون الثقافية والأدب وما يكتنف المستقبل من هواجس لا سيما في ظل السلام القادم.
    ************
    • في مقال سابق لك تحدثت عن ضرورة قيام حكومة ظل من منظمات المجتمع المدني خلال الفترة الانتقالية بين الحركة والحكومة. هل لك أن تحدثنا عن هذه الفكرة؟ وهل تنطوي على أي مخاوف؟ وما طبيعة تلك المخاوف؟
    المتطرفون في فهمهم لمفهوم تنظيمات المجتمع المدني وفي الوقت ذاته يعيب المعتدلون هذا الفهم والتعريف المتعسف وفي ظني المتطرفين ينطلقون في تبني هذا الموقف المفاهيمي لقصر يد الأحزاب السوانية في إيجاد حلول ناجعة لإشكالات المواطن السوداني على مستوى البنى التحتية، بإعتبار أن هذه الأحزاب لا تلامس قضاياه الأساسية إلا على سبيل الشعار ويفارق واقع ممارستها السياسية لهذا الشعار واضعين في الاعتبار أون هذه الأحزاب تمثل السلطة في حالتي الحكم والمعارضة ومن هنا تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني لتملأ المساحة الفاصلة بين هذه السلطات حيث ترقد في جانب آخر سلطة الأسرة في حالة تمثلها ثوبا أبويا له هيكله الخاص به في الحالة السودانية.
    لإسقاط هذه المضامين على الراهن السياسي في أعقاب إتفاق نيفاشا يتصاعد تيار التخوف من إطلاق يد السلطة المالكة لعنصر القوة عند طرقي الإتفاق "المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" والذين نالا أكبر قسطين من قسمة السلطة وباعتبارهما الجهتين التين تملكان السلاح دون رقيب ويتم الاتفاق دون الاشارة إلى آلية تضبط أيلولة السلاح وطالما أن هناك اتفاق ينبغي أن يقوم على الثقة وهنا تبرز أهمية منظمات المجتمع المدني لتقوم مقام اليد الحارسة والرقيب....
    يتبع... بقية الحوار قريبا


    ---يتبع---

                  

العنوان الكاتب Date
الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-02-04, 10:43 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد saif massad ali10-02-04, 11:09 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-03-04, 01:00 AM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد حسن العمدة10-03-04, 11:13 AM
      Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-03-04, 12:22 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-03-04, 07:52 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-04-04, 01:18 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-04-04, 04:19 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-04-04, 04:59 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-04-04, 05:17 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-06-04, 03:16 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد ود محجوب10-06-04, 03:59 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-06-04, 03:38 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد kamalabas10-06-04, 04:23 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد هشام مدنى10-06-04, 09:08 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Abdalla mohamed10-06-04, 11:51 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد ودقاسم10-07-04, 00:15 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-07-04, 03:37 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد أحمد الشايقي10-07-04, 03:42 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:17 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:20 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-10-04, 04:32 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد saif massad ali10-10-04, 10:24 PM
    Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد معتز تروتسكى10-11-04, 03:30 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد kamalabas10-11-04, 03:33 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد ابو القاسم10-14-04, 11:43 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد محمد ابو القاسم10-14-04, 11:47 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-14-04, 04:24 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-15-04, 05:36 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:12 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:18 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-17-04, 02:24 AM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-18-04, 04:27 PM
  Re: الحزب الاتحادي .. يشهد انتفاضة الجيل الصاعد Hani Abuelgasim10-20-04, 02:57 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de