دارفور وضع النقاط على الحروف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 01:37 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-01-2004, 11:59 AM

abuarafa
<aabuarafa
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 962

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: دارفور وضع النقاط على الحروف (Re: abuarafa)

    بداية ظهور المجاعة في ولايات الغرب
    مع بداية العام 2000م بدأ يظهر من خلال الخلافات بين طرفي الحكومة حجم الفساد الاخلاقي لدي الحاكمين في السودان والاشارات بأن أموالا ضخمة أصبحت تخرج من السودان يمتلكها متنفذين في النظام، وذلك من خلال الحديث عن السلام في السودان ومجي الحركة الشعبية لتحرير السودان الي الخرطوم بقيادة جون قرنق نائبا للرئيس الجمهورية، وعلى ضوء ذلك انشغل اتباع الحكومة في تهريب الاموال الي الخارج تحوطا مما سيجري لاحقا بعد دخول الحركة الشعبية في سدة الحكم، ومع هذه التخوفات وارهاصات القادم الجديد الذي سيسحب البساط من تحت أقدام عشرات الاتباع، أصبحت البلاد تعيش في فوضى أمنية وسياسية والكل خايف على مقعده وموقعه من الحكم، فاشتعلت المشاكل في السودان وفي دارفور بشكل خاص، وغابت الدولة عن ساحة المواطنين حتي أصبح الكثير من مناطق السودان على حافة المجاعة التي ضربت جزء كبير من السودان.

    تجاهل التحذيرات بشأن المجاعة يفاقم الاوضاع في السودان
    ( 6-1-2001م) فرضت الفجوة في الغذاء في عدد من ولايات السودان نفسها على الاوساط الرسمية والشعبية ففي الوقت الذي تؤكد فيه اجهزة السلطة قدرتها على مواجهة الموقف بمواردها الذاتية واشاراتها بان برنامج الغذاء العالمي، غيره من المنظمات التي حذرت من تفاقم المشكلة كانت قد اعترفت ان الحكومة تملك احتياطي حبوب كاف لحل المشكلة فقط يلزم ترحيله للمناطق المتأثرة في هذا الوقت الذي اصبح ترحيل الحبوب مشكلة، حذرت اتحادات المزارعين في ولاية دارفور الكبرى التي سبق ان تعرضت قبل عقد ونصف من الزمان لويلات الجوع وقالت انها لن تقف مكتوفة الايدي تجاه نقص الغذاء والمياه من الولايات الثلاث شمال وجنوب وغرب دارفور.

    اتحادات المزارعين حتى لا تلدغ من جحر واحد مرتين وفي (شفافية) طاغية ابانت في بيان تحذيري لها انها ستتابع الموقف عن كثب وذلك حتى لا تتكرر مأساة عام 1984م التي راح ضحيتها مئات المواطنين ونزح الالاف وعسكروا وعششوا في اطراف المدن.
    وتشير الصحف الى ان خريف العام 1999م كان شحيحا لدرجة ان الالاف في كردفان ودارفور بحثوا عن الغلال في بيوت النمل في مناظر تدمي القلوب وتدمع المآقي التي جفت من كثرة انهمار الدمع .. وقد شهدت منطقة المويلح جنوب غرب ام درمان فصولا من المأساة التي خلفها الجفاف والتصحر والتي انفجرت في لحظة غالية كان من هم على سدة الحكم يحاولون وفي سوء تقدير وتدبر مداراتها بدفن الرؤوس في الرمال التي طفح كيلها لتلهب الاطراف بانين المرضى من الشيوخ والنساء وصرخات الجوعى من الاطفال، وقد هز الموقف قلب وضمير العالم عدوه وصليحه لدرجة ان الرئيس الامريكي وقتها رونالد ريجان بعث نائبه الرئيس بعده جورج دبليو بوش للوقوف على حجم المأساة فحل بوش مكان البوش الحقيقي وهو خلطة ماء الفول بالزيت والجبن كما يعرف البوش في السودان بانه ملم الاقربين والاحباب عند مناسبات الفرح .. غرف بوش بكلتا يديه لموجات النازحين التي لم تنقطع على مدار الساعة بالمعسكرات. وسجلت تلك الاحداث علامات بارزة في لغة التخاطب بين من يطىء الجمر ومن هو مطالب باطفاء الحريق.
    لذلك اشار بيان اتحادات المزارعين بدارفور الى ان الاتحادات نبهت الحكومتين الولائية والاتحادية قبل عامين بخطورة الموقف بالولايات الغربية بيد انهما اي الحكومتان لم تعر تلك التحذيرات اي اهتمام، وذكر البيان ان الاسباب الرئيسية التي ادت الى حدوث الفجوة الماثلة التي يرى فيها الكثيرون مجاعة، وان إطلاق الفجوة عليها جاء للتقليل من حجمها في ظل تردي الانتاج على مدى عامين منذ التنبيه بخطورتها، ان الاسباب تتمثل في السيول والفيضانات التي اجتاحت تلك المناطق العام قبل الماضي ليطبق شح الامطار والآفات العام الماضي على بصيص الامل الذي اغتاله عدم وجود التمويل لاعادة تأهيل البنية الزراعية. ولان الصورة لا تزال على حالها دعا البيان الى تخصيص جزء من العمل الاغاثي لاعادة تأهيل البنية الاساسية للمشروعات الزراعية على وجه الخصوص بشمال دارفور التي يعاني 80% من سكانها مثل 70% من غرب دارفور و 40% من جنوبها من نقص في الغذاء حيث اوصلت الندرة في المعروض من الذرة والدخن في الاسواق، اسعار جوال الدخن الى خمسة وسبعين الفا من الجنيهات في الوقت الذي ابرزت فيه تقارير اتحادات المزارعين ان اكثر من 40 الف بمناطق الفاشر مليط، كتم، وادي صالح زاليخي جبل مره، كاس، ابو عجوزة وشعيرية هم في اوضاع مأساوية تتمثل في عدم قدرتهم على شراء الغذاء الذي لم يكن هو الوحيد في مواجهتهم. اتحادات المزارعين ترى في الاستعداد المبكر للموسم القادم بتأهيل الجسور التي انهارت قبل عامين والتي قدرت تكاليف تأهيلها في ذلك الحين بمبلغ 160 مليون جنيه وتوفير التقاوى وادخال عينات جديدة في التركيبة المحصولية ذكر تقرير المزارعين منها الذرة الشامي والقوار اللذين ثبت نجاحهما لعدم حوجتهما لمياه كثيرة ودعم محطات البحوث الزراعية ومعالجة المسألة الانمائية بخطط عاجلة وبمدى قريب وبعيد لتأهيل بنيات الزراعة في تلك المناطق امر لاغنى عنه وسط مواطنيها الذين يتملكهم القلق من تفجر الاوضاع وانعكاساتها التي ستقود الى نخر النسيج الاجتماعي بما يضعف تماسكه ناهيك عن انفلات امني كنتاج للتنافس المحموم على الماء وغيره من الموارد .
    كل هذه المحاذير والالغام باتت كالقنابل الموقوتة امام سباق ماراثوني بين الانفجار ومحاولة ابطال المفعول الذي احاط تقرير لبرنامج الغذاء العالمي ان شدة وطأته ستحل ليس في دارفور وكردفان وحسب بل وهناك مئات الآلاف من الجنوبيين اضحوا بين مطرقة الحرب التي هجرت الملايين منهم وسندان ما يسمى بالفجوة تأدبا والمجاعة بحق وحقيقة. ازاء هذه الاوضاع المأساوية المتفجرة وفي خطوة لتجفيف منابع الخطر، طفقت الحكومة التي لا تحسد على راهنها تسابق الزمن حتى لا تؤخذ عل حين غرة وفي بالها ما أشارت اليه تقارير المنظمات الدولية وتحذيرات اتحادات المزارعين بالداخل من خطورة تجاهل الاوضاع، واعلنت عن علاج وقائي في مقدورها يتمثل في ترحيل الحبوب التي تباهي باعتراف برنامج الغذاء العالمي بامتلاكها احتياطيا منها، ترحيلها الى المناطق التي هي في اشد الحوجة اليها. لذلك اعتمد اجتماع للجنة العليا للعون الانساني ترأسه النائب الأول للبشير مبالغ مقدرة لهذا الشأن كما بلغت خمسة مليارات لتأهيل محطات المياه بتلك المناطق .. لم يقتصر الامر على هذا لنحو الذي يقتضي ترحيل الحبوب في الوقت المناسب قبل حلول ضحى الغد على اهوال المأساة، بل امتد الى أبعد من ذلك التأمين على مقترح تقدمت به وزارة الزراعة يقضي بتنفيذ برنامج عاجل دعامته استزراع اكبر مساحة ممكنة من المشاريع المروية بمحصول الذرة الشامي والرقيقة.
    ولم تجد الدولة حرجا بعد تقارير الداخل والخارج في الترحيب بالتعاون والدعم الدولي من المانحين والامم المتحدة والمنظمات الطوعية لمعالجة اسس المشكلة المتمثل في الجفاف الذي ضرب منطقة القرن الافريقي بصفة عامة ومناطق بالسودان شملت ولايات كردفان ودارفور وشرق الاستوائية وجونقلى والبطانة، وتأهيل مصادر المياه ورعاية الثروة الحيوانية في تلك المناطق. من هنا صار امر متابعة الموقف عن كثب كما جاء في بيان اتحادات مزارعي دارفور ضرورة تحتمها اهمية تطويق المسألة بكل ابعادها وبات على الحكومة ان تمارس اكبر قدر من الشفافية في العلاج حتى لا تلدغ من جحر واحد اكثر من مرة وعلى من يطأون الجمر ملاحقتها في كل صغيرة وكبيرة وان يكون شعارهم المرفوع انهم لا يقبلون منها غير الميدالية الذهبية تتويجا لهذا السباق الماراثوني وبدون تلك تكون النتيجة ميتة وخراب ديار.

    النظام يقلل من خطورة الفجوة الغذائية
    (13 يناير 2001 ) وصف وزير المالية السوداني حجم الفجوة الذي قدرته منظمة الغذاء العالمي بانه مبالغ فيه ولا تستند الى حسابات دقيقة وفي ذات الوقت استبعد الوزير د. محمد خير الزبير وقوع نقص غذاء في السودان مدافعا، في هذا الاتجاه عن سياسات الدولة متمثلة في تحرير انتاج وتجارة الحبوب استيرادا وتصديرا واوضح الوزير ان 17 % من سكان السودان هم دون سن الخمس سنوات ولا يمكن تقدير احتياجهم الغذائي مثل الشخص العادي.
    الوزير الذي تعمد عدم التحدث عن الفجوة في مؤتمر صحفي باعتبار ان ذلك يحدث ربكة في اسعار المحاصيل قال ان سياسات الدولة التي تعطي اسبقية قصوى للامن الغذائي تواصلت خلال العشر سنوات الماضية بصور مرضية لتوفير الامن الغذائي بالانتاج المحلي او الاستيراد من الموارد الذاتية وتحرير تجارة الحبوب صادرا وواردا مشيرا الى ان هذه السياسة ستستمر لفعاليتها بجانب انشاء الدولة لجهاز المخزون الاستراتيجي للسلع حماية للمنتجين في مواسم وفرة الانتاج وحماية للمستهلك في مواسم الندرة الناتجة عن الكوارث.
    وقال ان الجهاز الذي تشرف عليه وزارته تولى مهامه ابتداء من نهاية العام الماضي. عبر تنسيق مشترك مع القطاع الخاص وجهاز المخزون الاستراتيجي لاستيراد كميات مقدرة من الحبوب خلال النصف الاول من العام للاستهلاك البشري والحيواني معلنا في هذا الجانب عن قرار وزارته باعفاء استيراد العلف الحيواني من الذرة والذرة الشامية من الرسوم الجمركية ورسوم الميناء وكافة الرسوم تشجيعا للقطاع الخاص خلال فترة بناء المخزون الاستراتيجي وفي ذات الوقت اعلن الوزير عن اجراءات لمعالجة النقص المتوقع من الحبوب في ولايات شمال كردفان وجنوب دارفور التي تأثرت بالجفاف الموسم الحالي.
    رغم الحديث المطمئن لوزير المالية الذي اشار الى ان الاقتصاد السوداني تعافى من امراضه الاساسية التي ظل يشكو منها لعقود خلت وعلى رأسها الاستدانة من النظام المصرفي التي قال انها تلاشت وصارت صفرا فيما فاض الميزان الخارجي لتدفق النفط مؤخرا رغم هذه الحديث الطيب الا ان تقارير حكومات ولايات دارفور لا تزال مشبعة بالارهاصات والمحاذير التي تعكس نارا خلف الرماد يخشى ان يكون لها ضرام. مثلا جاء في تقرير ولاية شمال دارفور ان حجم الفجوة بها بلغ 112 الفا و 635 طنا متريا وان حوجة المواطنين تحت دائرة الفقر المدقع الذين يتطلبون ويلزمهم توزيع مجاني للغذاء تبلغ 24 الف طن متري.
    واشار تقرير الولاية الى ان النزوح بدأ من الشمال باتجاه الجنوب محذرًا من ان وضع المياه سيزداد سوءًا، ويتفاقم مالم يتم تداركه قبل حلول الصيف في مارس 2001م.
    لم يخل تقرير ولاية جنوب دارفور من حاجة ماسة الى صيانة كاملة لعدد 175 بئرا كما تحتاج 50 بئرا الى طلمبات جديدة وشدد التقرير ان محافظة شعيرية التي تعتبر اكثر المناطق تأثرا بنقص الغذاء يقع 60% من مواطنيها تحت دائرة الفقر المدقع وقال التقرير ان 50 قرية بالولاية مهددة بالنزوح قبل نهاية يناير الجاري.
    الى ذلك دعا اجتماع عقده ولاة ووزراء المالية بولاية دار فور الكبرى الى ضرورة شراء جزء من المخزون الاستراتيجي من مناطق الوفرة بولايات دارفور وذلك لقرب المسافة وقلة وسهولة التخزين وتحريك الاسواق المحلية بتلك الولايات التي قالوا ان الاطمئنان الكامل يتمثل في اعادة المشروعات الكبرى بالولاية كمشروع جبل مرة وساق النعام عبر تمويلها من الخزينة العامة وذلك حتى لا تتفكك مجتمعات لا تزال مضرب الامثال في الطهر والنقاء والتكاتف والايثار وعلى المسئولين ألا يتذمروا عند الحديث عن فجوة في الغذاء او مجاعة ذلك لان الكي افضل من البتر مع ان في الاثنين علاجا تقتضيه مراحل المرض او الكارثة.

    المجاعة التي أصبحت واقعا رغم أنف الحكومة
    السبت 20 محرم 1422 هـ الموافق 14 ابريل 2001 وكالات الانباء – البيان الاماراتية
    بين الاعتراف بالمجاعة والاختلاف في تفسيراتها وقع الفأس في الرأس وتكسرت مرآة الريف ومناطق شتى في السودان فانعكست صور شتى للمعاناة تمثل المجاعة (حقيقة) والفجوة الغذائية (تأدبا) وصلت مراحل قساوتها، الى درجة (الادمان) التي اجبرت المعنيين اخيرا الى توزيع الغلال مجانا في ولايات بعينها اعادت الى الاذهان فصول مأساة حلت بها مطلع الثمانينيات حينما داهمت العاصمة الخرطوم وفي منطقة المويلح غربي ام درمان جيوش الجوعى الحفاة مستجيرة بالحضر الذي ساهم بتوفير اسباب الحياة فيه.
    وفضل من اثر البقاء تملؤه رغم مرارة الحرمان عزة النفس وكبرياء الشموخ يتكيء على ما جادت به خزائن العالم من اغاثات واغطية شهد على توزيعها في ذلك الوقت نائب الرئيس الامريكي حينذاك رونالد ريجان، جورج بوش الاب الذي شارك النازحين في معسكراتهم مأساتهم التي البستهم الجدب والحاجة.
    حدث ذلك لأن من كان على سدة الحكم غفل او تعمد الغفلة بدفن الرؤوس في الرمال بعدم الاعلان عن تردي الاوضاع التي تفجرت وذاع خبرها وعم القرى والحضر وصار كونيا. تقاطرت الاغاثات من كل حدب وصوب لنجدة الملهوفين الذين اثر بعضهم البقاء في الحضر فيما بعد بينما عاد أكثرهم ادراجه حيث مراتع الصبا التي تشهد الآن نفس الفصول المأساوية بكل احداثها والامها.
    ويتكرر الشريط ويبدو وكأنه نسخة منقحة لمواكبة الالفية الثالثة؟ فعلى الرغم من صرخات اتحادات المزارعين في دارفور وكردفان الباكرة بضرورة تدارك الموقف البائن قبل فوات الاوان لاسباب اجتمعت لتظهره جليا وبحجمه المأساوي المتفجر الآن اذ اضطر المواطنون معه في تلك المناطق قسرا للتخلص من مواشيهم بعد ان غاب العشب عن ساحاتهم بفعل الجفاف الناتج من قلة هطول الامطار وانعكس ذلك بدوره على المحاصيل التي قلت وندرت الى مرحلة العدم.. هذه المسألة صارت مطروحة وبعنف في اكثر من صعيد .. ومع ذلك ابدى القائمون على الامر استعدادا محمودا لتطويق ما اسموه بالفجوة الغذائية وما اعتبره ماسكو الجمر مجاعة حقيقية فاعلنوا في سبيل التطمين انهم على درجة عالية من القدرة والامكانيات للسيطرة على الاوضاع وان ما يذاع وما يتناقل في هذا القبيل مبالغ فيه وان الانتاج اذا لم يكن كافيا للتغطية ففي المال وسع.
    لكن العالم ووفق تقارير ميدانية اعدتها منظماته وبرامجه العاملة في مجال الغذاء ورصد فجواته اقر ان الملايين في عدد من ولايات السودان وخاصة دارفور وكردفان وشمال النيل الابيض وولايات الجنوب في حاجة ملحة الى الغذاء بسبب الجفاف والنزوح بفعل الحرب وويلاتها وحذر من ان تجاهل الامر يؤدي الى مالا تحمد عقباه وهنا نهض المعنيون يفندون الحجج والدعاوى كأن المخاطب يرفل في حلل النعيم والسعادة في الوقت الذي كان فيه اصحاب الوجعة يستعدون للرحيل والزحف نحو الحضر لحاقا بمن فطن مبكرا لوقع السهام اذ ان الامر بات واضحا في ناظريهم اما البقاء مع اسوأ الاحتمالات او ان ينجوا بجلدوهم هربا من الجوع وكفره. وتتابع الحديث والتحذيرات من الداخل والخارج بالتطويق وسط زخم التقارير التي كشفت ان هناك من لا يملك ما يوفر له قوت يومه وانه اذا وصل الغذاء الى هناك فليس بمقدور الكثيرين الشراء وبالتالي اما ان يصلهم مجانا واما ان يترك اولئك الغلابة يضربون في خشاش الارض هائمين على وجوههم.
    ومع الاقرار بالنقص في الغذاء لجملة اسباب سلفت الاشارة اليها الا ان عدم الاعلان عنه صراحة دفع المانحين الى التراخي في المدد الامر الذي عده القائمون شكلا من الضغط السياسي يتجاوز بوضعه هذا مسألة تقديم المساعدات.
    لكن حينما يلح برنامج الغذاء العالمي ويصر ان عدة مناطق بالسودان مهددة بخطر المجاعة وان حاجتها العاجلة للغذاء تقدر باكثر من مئة مليون دولار يبرز حجم المأساة التي صارت ملهاة صناعة امام وقائع القاصي والداني على دراية بها، تصبح المسألة غير قابلة للتجاهل او التستر عليها.
    واخيرا تحت وطأة الجوع وملحقاته وملاحقة البيانات والتقارير المتتابعة اذعنت وزارة المالية لحقيقة الاوضاع المتفاقمة بدار فور التي عكسها خلال الايام الماضية وفد يمثل الهيئة الشعبية لتنمية دارفور لوزير المالية عبدالرحيم حمدي بحضور المفوض العام لمفوضية العون الانساني دكتور سلاف الدين صالح ومدير جهاز المخزون الاستراتيجي وتمخض اللقاء عن توجيه اصدرته المالية يحكى عن ابعاد المأساة وحقيقتها اذ وجهت بتوزيع تسعة الاف جوال من الذرة وتسعة الاف طن اخرى من القمح مجانا للفئات الاكثر تضررا بولايات دارفور الثالث كما وجهت كذلك بتوزيع ستة الاف طن من القمح لولايات كردفان. د. سلاف الدين صالح من جهته اتبع خطوة المالية باعلانه ان هذه الكميات تعتبر دفعة اولى وان هناك بواخر تحمل 90 الف طن من القمح ستصل تباعا حتى نهاية مايو المقبل.
    بعين على الوضع المأساوي الماثل واخرى على درء اثار المسألة على المدى البعيد ناشدت الهيئة الشعبية الجهات الرسمية والشعبية بضرورة الالتزام بايصال هذه المنحة الى مستحقيها على جناح السرعة فيما تعد هي العدة لانطلاق نفيرها القومي لدرء اثار الجفاف بغرب السودان وهو اتجاه ينبغي ان يجد الدعم والمساندة من كل الجادين والمعنيين في وقت اعلنت فيه الدولة ان الزراعة هي اولوية اولوياتها وركيزتها الاساسية في مسيرة بنائها.
    وتبقى مسألة الحوجة او طلب الغوث والمساعدة من الآخرين عرفا واحدى الثوابت الدولية التي لاحرج في الصدع بها ومن هنا فان الامر اذا كان مقدورا عليه فلا داعي الى دق طبول الهلع بما يمكن وضعه في خانة القرض وبالتالي رهن المساعدات وتقديمها بالاعلان عنه وفضحه وهذا ما تميز به الموقف الرسمي للخرطوم التي تمسكت بقدرتها على السيطرة على المسألة وفسرت تمنع المانحين بانه شبيه بالضغوط السياسية وتعد خطوة توزيع الاف الاطنان من الغلال مجانا على المناطق الاكثر تضررا اشارة على الاحاطة بجوانب المسألة تحسب لصالح ولاة الامر اذا كان منطلقهم من ارضية ثابتة .

    اما اذا كان ما حملته تقارير المنظمات هو عين الحقيقة وان تراخي المانحين مرده الى عدم اعتراف القائمين بحجم المحنة فان الحريق سيعم كل الاركان بهبوب العواصف التي سيكبحها ويصدها الاعلان الواضح عنها ان المجاعة او ان شئت فجوة الغذاء لان العالم لن يقف مكتوف الايدي ليتفرج على اناس منوط ببلدهم توفير الغذاء له ضمن قطرين اخرين، ثم لاحرج في ذلك ولا داعي لدفن الرؤوس في الرمال وان كان في التوزيع بالمجان مايدعو الى اعادة ترتيب فصول المسألة في الاذهان، حتى لا يقف الاخذ والرد عند نقطة (ليس في الامكان احسن مما كان).

    ضعف الطالب والمطلوب
    البشير يتعهد بحل مشاكل دارفور، فساد طريق الانقاذ أمام القضاء
    وكالات الانباء – صحيفة البيان الاماراتية- الثلاثاء 5 ربيع الاخر 1422 هـ الموافق 26 يونيو - - 2001- شدد الرئيس السوداني الفريق عمر البشير الذي انهى زيارة له إلى مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور على حسم النهب المسلح وانتشار السلاح وسد الفجوة الغذائية واكمال طريق الانقاذ الغربي ومياه الشرب، والتعليم وهي القضايا الساخنة التي تعاني منها ولايات دارفور.وقال ان الدولة ستواصل بكل حسم ومسئولية مع كل من يريد ترويع الآمنين مؤكدا تطبيق الشريعة الاسلامية على كل الخارجين على القانون والساعين للفساد في الارض.
    واعلن البشير الذي كان يخاطب لقاء جماهيريا بمدينة الفاشر ان بداية حل مشاكل دارفور تكمن في تحقيق الامن والاستقرار، وقال ان الحكومة تسعى لايقاف النهب المسلح والصراع القبلي والتسليح العشوائي حتى تتحرك «الضغينة» من دارفور إلى بحر العرب ولا يعترض طريقها احد، واضاف لابد ان تغيب البندقية من دارفور ولابد للامن ان يسود حتى نتفرغ للعدو الحقيقي وهو التمرد، واستطرد قائلا كل من يشغلنا عن عدونا الحقيقي سنتعامل معه بحزم وكل من يحمل البندقية ويقطع الطريق سيكون التعامل معه حسب الشريعة الاسلامية.
    وقال: «طريق الانقاذ كان قد ارتبط بقضية الفساد والفساد الآن امام القضاء» علما ان فساد طريق الانقاذ قد سكت عليه الرئيس البشير والي هذه اللحظة لم يوجه القضاء السوداني للبت فيه، و طريق الانقاذ الغربي أصبح حكاية تلوكها الألسن بالرغم من ان اهل الغرب وفروا التمويل اللازم لتشييده عن طريق تنازل عن حصص السكر الذي كان من المفترض ان يطرح لهم بأسعار محددة. بينما نجد ان طريق التحدي الخرطوم عطبرة الذي ساهمت خزينة الدولة في توفير الاموال له وتشييد هذا الطريق وجد الدعم والمساندة من رئيس الجمهورية الذي اعلن من قبل بأن يعطى الاولوية ودعا الرأسمالية الوطنية للمساهمة من اجل انشائه، بل فرضت الحكومة مبلغ 50 دولاراً على المغتربين للمساهمة في الطريق. لماذا لم يتم دعم طريق الانقاذ الغربي عن طريق الدولة وحتى اموال المغتربين لماذا لا يحول ولو دولار واحد لمصلحة الطريق، مع العلم بأن ابناءنا رفضوا المساهمة في تمويل طريق التحدي عندما علموا بأن مساهماتهم مخصصة فقط لطريق التحدي. الان اكتمل طريق التحدي الذي سيمتد لمدينة ابو حمد. بينما نجد ان اربعين مليار جنيه تم جمعها من المساكين لطريق الانقاذ الغربي من اهل الغرب لا يعلم احد مصيرها، الا القليل من الناس.

    دارفور الحقيقة الغائبة..!!
    عندما اندلعت المعارك في فبراير 2003م استخدمت كلمة التمرد لأول مرة، وعندها عرف كل السودانيين ان ما يجري في ولايات دارفور تمرد وليس نهب مسلح ، ولا مجموعة قطاع طرق، كما كانت تزعم الحكومة ، وفي هذه اللحظة في فبراير 2003م أدرك الناس ان الذي حدث هو ما كان يتخوفون منه نسبة لتجاهل الحكومة في الخرطوم ما يجري في هذه المنطقة رغم النداءات المستمرة والملحة، والتي شهد عليها الجميع ، ويؤمن بها قطاع كبير من مؤيدي الحكومة، المهم أدرك السودانيين باختلاف توجهاتهم أن ما يجري في دارفور تمرد مسلح على النظام الحاكم .
    وعندما يتذكر الناس الحوادث الدامية في دارفور فإنهم يجدون العذر لحاملي السلاح هناك، فالمنطقة خالية من المشاريع الانتاجية والمصانع والشركات والمؤسسات التي تستوعب ابناء الولاية، وحينما تتجاهل الحكومة في الخرطوم مطالب أهل دارفور المتكررة لا يبقى أمامهم الا حمل السلاح والتمرد على الاوضاع المزرية، سيما وان السلاح متوافر في كل مكان في أطراف السودان ودارفور بشكل خاص حيث غياب الدولة والسلطات، و يحدث ذلك نتيجة لعدم الانصات الي المذكرات المتعددة التي رفعها ابناء المنطقة لرأس الدولة ويشهد عليها الصحافيون والاعلاميون، فالمركز مسيطر على كل شيء كما هم فارض سلطته على الولايات بشكل تعسفي ، وأقرب وسيلة لحل المشكلات في السودان هي الآلة الأمنية والعسكرية ، وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة لقيام التمرد في غرب السودان، وقد لا يصدق القارئ الكريم ان ملف قضية دار فور كان ولا زال بطرف جهاز الأمن السوداني، ولم يكن من السهولة بمكان تدخل اي سلطة أو جهة آخرى في هذا الموضوع ما لم يتم الاتصال برئيس جهاز الأمن اللواء صلاح عبدالله، وقد اندهش الكثير من المراقبين والذين حاولوا التوسط بين الحكومة والحركة المتمردة لحلحلة القضية، فوجدوا ان الحكومة كانت متمثلة في جهاز الأمن وليس وزارة الداخلية، ولا وزارة الحكم الاتحادي، ولا حتي رئاسة الجمهورية، والكل هنا متفرج، مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية ، ليس لها صلاحيات التدخل الا حين تتنزل الاوامر من أعلى للخروج في مسيرات أو التنديد أو السكوت، والمتحدث الوحيد في الساحة هو جهاز الامن عبر البيانات التي يوزعها على الاجهزة الاعلامية، وكان العقلاء من ابناء دارفور دائما يؤكدون ان القضية سياسية بحتة ويجب حلها في هذا الاطار ، ولكن أصبحت قضية دارفور قضية عسكرية وأمنية من الدرجة الأولى، دليلا على ان القبضة الأمنية هي التي فاقمت المشكلة وأدخلتها في دائرة التدويل، ولا يستغرب المتابع اذا عرف ان جهاز الأمن هو الذي يقود العمليات العسكرية ويتقدم افراده وجنوده أمام القوات المسلحة ، علما أن الذين بقودون العمل الأمني هم ذات الاشخاص الذين أدخلوا السودان في مشاكل وصراعات دولية بدًءا من محاولة إغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا في 1993م ، ومن ثم تهيئة الاجواء لتنظيم القاعدة من خلال استضافة زعيمه أسامة بن لادن على الأراضي السودانية هي الفترة الذهبية للقاعدة التي مكنتها من التخطيط الجيد وخلق شبكات الاتصال مع افرادها في العالم قاطبة، ومن ثم تمكنت من تنفيذ كافة أعمالها الارهابية ومن ضمنها 11 سبتمبر.
    وفي ذات الفترة التي صادفت اندلاع الحريق بمنطقة دارفور عام 2003م تشكلت لجنة من مثقفي ولايات دارفور الكبرى بكافة شرائحهم وألوانهم القبلية من أجل العمل على إرساء السلام ، حيث اجتمعوا يوم 23 مارس 2003م في قاعة الشهيد الزبير بالخرطوم والعدد تراوح ما بين 300 – 400 شخص من بينهم وزراء وقضاة واعلاميون وسياسيون، و من خلال النقاش المستفيض توصلوا الي نتيجة مفادها أن المشكلة في دارفور تنموية ، وقالوا نحن نحتاج الي حل آخر غير المؤتمرات التقليدية السابقة متفقين على أن للقضية روافد في الصراع على الكلا والماء والصراع القبلي، وهذه اشياء موجودة في المنطقة منذ زمن طويل موكدين أن البيئة التنموية اذا كانت جيدة لأصبحت هذه الروافد مشاكل فرعية يسهل حلها وديا، لكن صورة البيئة في دارفور كانت متدنية ومتأخرة جعلت القابلية للانفجار كبيرة اذا ما وجدت الاجواء المهيئة لذلك وللأسف كل عوامل الانفجار في دارفور موجودة والتي تتغذى دائما من اخطاء الحاكمين.
    ومن الحضور الكبير للاجتماع الذي عقده أبناء دارفور يوم 23 مارس تم اختيار 80 شخصا يمثلون كافة الالوان القبلية في دارفور والمهن المختلفة، غادروا الخرطوم الي مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور بطائرة خاصة حيث اجتمع الوفد لمدة يومين (24-25 مارس 2003م) في الفاشر بحكومة الولاية وبحضور ولاة غرب وجنوب دارفور وحضر اللقاء وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين ورئيس جهاز الامن، والمخابرات اللواء صلاح عبدالله، وتناول الاجتماع القضايا الاساسية بالنسبة للصراع في دارفور والسبل الناجعة لحل المشكلة، وخرج المؤتمر بتوصيات ، وسمي هذا الاجتماع ب ( ملتقى الفاشر التشاوري) ومن هذا اللقاء اتفق الجميع على أن السبب الرئيس لمشكلة دارفور هو التردي في التنمية حيث استخدمت عبارة (غياب التنمية) هذه الورقة أجازها وزير الداخلية وقدم كلمة أمام المؤتمرين أمد فيها على كل ما ذكر، وأجاز توصيات اللقاء التشاوري رئيس جهاز الأمن اللواء صلاح عبدالله ومؤمنا على كل ما ذكر ولم ينف أو يعارض ما وصل اليه اللقاء من أن مشكلة دارفور تكمن في غياب التنمية، وعبر اللقاء الفاشر التشاوري اتفق الحاضرون على الانطلاقة الفورية والعاجلة بغية حفظ الدماء السودانية التقتيل، ثم شكل المؤتمرون أربع لجان ( لجنة الاتصال بقبيلة المساليت – لجنة الاتصال بقبيلة الفور - ولجنة للاتصال بقبيلة الزغاوة – وأخرى للأتصال بالقبائل العربية ، ومن ثم معرفة آراء الجميع حول الحلول المقترحة وبالفعل وصلت لجنة الي الاخوة حاملي السلاح في دارفور وقالوا لمن جاءهم بالحرف الواحد " لسنا قوات قتالية ، لدينا قضية، ونحن مستعدون للحوار " وكان ذلك اللقاء في الاسبوع الأول من شهر أبريل 2003م ، وكانت الاتصالات مكثفة مع جميع الاطراف تسير على قدم وساق وبجدية تامة ما بين الخرطوم وجبل مرة في جنوب دارفور وألمانيا حيث تتواجد القيادة السياسية للمتمردين ، وفي هذا الجو والناس في انتظار سماع صوت العقل من أطراف النزاع وبالتحديد في يوم 13 أبريل 2003م حدث لقاء بين الرئيس عمر البشير والتشادي ادريس دبي وخرج لقاء الرئيسين بقسم غليظ بسحق التمرد في دارفور بمساعدة الحكومتين السودانية والتشادية، الامر الذي خيب آمال الخيرين والذين يسعون للملمة الجراحات ، ووقف نزف الدماء البريئة، وفي الفترة من 13 الي 17 أبريل اي بعد يومين أو ثلاثة من لقاء البشير وادريس دبي قامت الطائرات العسكرية السودانية بضرب مواقع بالقرب من مدينة الفاشر بالتحديد في منطقة (عين سيرو ) وتم تكثيق القصف الجوي بشكل لم تعهده المنطقة من قبل، وكانت أصوات الطائرات وهي ترمي باللهب تسمع من مناطق بعيدة أدخلت الرعب في النفوس بكافة مناطق شمال دافور، ولم تكن هناك أي معركة قتالية على الأرض ، فأحبطت كل الآمال التي كانت تعلق على الحركة الدؤوبة التي قام بها أبناء دارفور في العاصمة الخرطوم من أجل نزع فتيل الأزمة.

    رد الفعل - تدمير 6 طائرات في مطار الفاشر
    ولم يكن رد الفعل متوقعا على الاطلاق بالنسبة للنظام في السودان ،و لم يتأخر ففي يوم 16 و17 ابريل قصف الطيران العسكري السوداني مناطق شمال دارفور ، كان الرد من المتمردين قويا ، ومزلزلا ففي يوم الجمعة الموافق 18 أبريل 2003م هاجمت قوات التمرد مطار الفاشر وكشفت البيانات الرسمية الحكومية عن ضخامة العملية التي اسفرت عن تدمير ست طائرات بالمطار، ومقتل 32 من القوات الحكومية بينهم ضابطان، وبلغ عدد قتلى المتمردين 20 شخصا،ثم دخلت قوات المتمردين الطابية واستلموا كل السلاح الموجود في القيادة العسكرية ، وقاموا بأسر اللواء بشرى قائد سلاح الجو السوداني ، ثم أداروا حلقة نقاش في الفاشر ، حول الحركة واهدافها وتحدثوا عن الظلم الكبير على أهل المنطقة من قبل النظام في الخرطوم. ويبدو ان المتمردين لم يكونوا يستهدفون قتل الناس الابرياء، فقاموا بطرد قائد الدفاع الشعبي من مكتبه وطلبوا منه المغادرة الي بيته، ولم يكن هذا التعامل مع قائد الدفاع الشعبي وحده بل كان مع عدد كبير من العسكريين والحكوميين ان طلبوا منهم الذهاب الي منازلهم حتي لا يصابوا بأذى، فقط كان همهم الاول البحث عن السلاح، ورغم ان الحكومة على لسان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أعلنت الهجوم لكنها لم تقل الحقيقة كالعادة في البيانات الرسمية ، الا ان شهود عيان اكدوا أن الخسائر في صفوف القوات الحكومية فادحة وضخمة تتجاوز الارقام الرسمية.
    وتعليقا على الهجوم العسكري الكبير الذي قامت به حركة التمرد في دارفور قال وزير الداخلية اللواء عبدالرحيم محمد حسين من جانبه ان مواطني المدينة استيقظوا على اصوات انفجارات عالية في مواقع تابعة للقوات المسلحة قرب مطار الفاشر الذي قال ان القوات الخارجة أحدثت به تخريبًا واسعًا وأكد إحتواء الموقف وإستئناف الملاحة بالمطار، وقال أن القوات المهاجمة إنسحبت خارج المدينة وأضاف ان الحكومة لا تنفي( وجود دور لجهات سياسية) في احداث الفاشر خاصة وان العمل تم تبنيه بواسطة جهات معلومة وامتنع وزير الداخلية عن اسناد الهجوم الى قبيلة أو جهة بعينها، ومن المعلومات التي لا يمكن ان تعلن عنها الحكومة هي أن قواتها التي كانت مرابطة في مطار الفاشر قد هربت وتركت خلفها الآليات المسلحة الثقيلة .

    بعض من خلفيات الصراع في دارفور
    ومن الحقائق غير المعروفة لدى عامة الناس ان المجموعة التي تسيطر على مقاليد الحكم في السودان بقيادة النائب الاول والدكتور عوض الجاز لا يرضون أبدا مهما كانت الظروف رؤية تطور اقتصادي لمجموعة قبلية او حزبية أو أشخاص ما لم يكونوا موالين لهم في القبيلة والطموح والأفكار الاقصائية، ولا أستدل الا بقصة الاستاذ رجل الأعمال محمد عبدالله جار النبي وهذه قصة طويلة يطول شرحها ولكن المهم فيها أنهم عندما أدركوا ان (جار النبي) وشركته ستكون هي المستفيدة من تصفية البترول السوداني بما يعود عليها بالاموال الهائلة والضخمة وهو اي (جار النبي) الذي فتح للسودان خيرًا كثيرًا من خلال شرائه لحق امتياز شركة شيفرون، وهو الذي إشترى مصفاة البترول من الخارج وخسر فيها مئات الملائين من الدولارات حتي تصل الي أرض الوطن، من أجل ان ستستخدم لتصفية الخام السوداني فما كان منهم الا ان ابعدوا الاخ محمد جار النبي من الساحة ورموه بالكثير من الاتهامات على طريقة تصفية الحسابات من خلال حرب الملفات الخاصة بضرب الخصوم ، ولم يكن جار النبي خصما لهم ، إلا انه من دارفور ، وقد كان الاخ جار النبي يكن لهم كل التقدير والاحترام، كما صدم غاية الصدمة من هذه الفعلة، بل صدم كل من كان يعرف العلاقة بين الطرفين، وكل ذلك بسبب ان (جار النبي) ليس منتميا فكرًا ولا قبيلة لهذه المجموعة.
    والاستاذ محمد عبدالله جار النبي يوما ما عندما كانت الحركة الاسلامية مطاردة ايام الرئيس الاسبق جعفر النميري وصودرت أموالها واملاكها، وهو في يوغندا يعمل في مجال التجارة يرسل الأموال حتي تصرف الحركة الاسلامية في الداخل على نشاطها، كما كانت أموال (جار النبي) تصرف على أسر المعتقلين من اعضاء الحركة الاسلامية وظل على هذا الحال السنوات الطوال، حتي عادت الحركة الي وضعيتها هذا طرفا من حقائق أدت بشكل أو آخر الي تنامي قضية دارفور .
    يعرف السودانيين وخاصة سكان العاصمة الخرطوم ان أهل دارفور ينشطون في التجارة والاستثمار، ولهم الكثير من الشركات والمؤسسات الناجحة المؤثرة في الاقتصاد السوداني ، وهذا من أكثر الاسباب الخفية التي جعلت المجموعة الحاكمة في السودان تشعر بالقلق من تنامي ظاهرة التوسع الاقتصادي لهذه المجموعات، ولو ان من الطبيعي على الحاكم (الطبيعي) ان يسعد ويفرح عندما يرى ان جزء من الشعب أخذ في الرقي والتقدم الاقتصادي فإن ذلك يساهم بشكل فعال في نهضة البلاد، ولكن (الحاكم) يفكر بالعقلية الامنية والعسكرية، ثم ان الاحصاءات الضخمة التي اوردها (الكتاب الاسود) في الجزئين الاول والثاني تؤكد العنصرية التي يتحلى بها النظام الحاكم ، وما وجد ت المجموعة الحاكمة فرصة الا اختلقت اسباب آخرى لمشكلة دارفور.
    ذات السيناريو الخبيث مثلته المجموعة الحاكمة مع رجل الاعمال الفقيد أدم يعقوب بصفته أحد أكبر رجالات المال في السودان وينتمي الي ولاية دار فور، حينما اتهمته بالفساد، حتي تبعده عن النشاط الاقتصادي وقد كان يملك مجموعة كبيرة من الشركات الناجحة في السوق التجاري السوداني ، وهو الذي دعم القوات المسلحة السودانية في أحلك ظروفها ، كما هو من القلائل الذين كانوا يقدمون التبرعات السخية لحكومة (الانقاذ) دون أن يتحدث بها أو يعلن عنها ، كما كانت اياديه سخية لدعم أهله في دارفور ، وما وجد فرصة الا وقدم ما في استطاعته تقديمه، مؤلف هذا الكتيب شخصيا عندما كان يعمل في أحد المؤسسات المرتبطة بالقوات المسلحة قد استلم منه مرارًا تبرعات مالية موجهة الي فقراء العسكريين قبل حلول شهر رمضان المعظم، كما تعود على توفير عدد محدد كل عام من خراف الاضحية والتبرع به للقوات المسلحة ، حتي توزعه على منتسبيها الفقراء الذين لا يستطيعون شراء الاضحية، وأذكر ان الفقيد آدم يعقوب عند كارثة السيول والامطار التي اجتاحت مدينة الفاشر في العام 1996م كان ضمن الوفد الكبير الذي تفقد المتأثرين بالكارثة ، وحمل معه مبالغ كبيرة قام بتوزيعها هناك بشكل سري لم تعلم به السلطات الرسمية، كان سخيا في لحظات الحاجة، لم يتأخر قط عن تقديم المساعدة، نجحت المجموعة الحاكمة في ابعاده نهائيا من العمل في التجارة التي كون منها ثروة كبيرة، تماما كما أبعدت السيد محمد عبدالله جار النبي ، الذي يعمل الآن في استخراج البترول التشادي من خلال شركته الكبيرة.
    وأهم عنصر أساسي في مشكلة دارفور وتمثل أمهات القضايا والتي كانت أحدي النقاط الرئيسية في مذكرة أهل دارفور الموجهة الي رئيس الجمهورية، الا وهي قضية(طريق الانقاذ الغربي) والتي يعرف العالمون ببواطن هذه القضية الدور الكبير للنائب الاول لرئيس الجمهورية فيها، وأذكر انني كنت في معية د. على الحاج نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي في زيارة لمدينة كسلا التي اقام فيها الدكتور على الحاج ندوة جماهيرية كبرى (عام 2000م) وتحدث فيها عن الخلاف بين حزبه والحكومة، وفي ختام الندوة فتح باب النقاش للأسئلة والمداخلات وأذكر انها كانت ليلة ليلاء اتسع فيها صدر على الحاج كثيرًا لسماع الاسئلة التي تخصه شخصيا بما فيها قضية القصر العشوائي، ثم جاء سؤال من أحد المواطنين عن دور على الحاج في قضية طريق الانقاذ الغربي متهما على الحاج بالفساد، فرد عليه الدكتور على الحاج بالنص ( قضية طريق الانقاذ دي خلوها مستورة)..!! وبذاكرة متقدة اذكر أنه كان هناك شابا صغيرا في السن يعمل مراسلا لصحيفة (اخبار اليوم) وعلى التو أرسل الخبر وفيه هذه الفقرة بالذات في العنوان (خلوها مستورة) وفي اليوم الثاني خرجت الصحف تتحدث عن خلوها مستورة وتسائل الزميل الاستاذ محجوب عروة في مقاله اليومي (وقولوا للناس حسنا) لماذا نخليها مستورة ومناشدا رئيس الجمهورية الكشف عن (المستور) وقد كثر الحديث عن فساد الحكومة في مشروع طريق الانقاذ الغربي، فقمت بسؤال الاخ على الحاج عن المستور، وللأمانة والتاريخ لم يجبني لأنني رغم علاقتي الحميمة معه و السفر الطويل الذي كنا فيه بأكثر من ثمان ولايات انني في النهاية صحفي، ولكن عرفت فيها بعد الحقيقة التي منعت رئيس الجمهورية ونائبه من فك (طلاسم) المستور ، ومنعتهم الي هذه اللحظة من فتح القضية أمام القضاء برغم وعود عمر البشير الكاذبة والتي مرت عليها أكثر من أربع سنوات .
    ولا ادري ان كانت هي الحقيقة أم هناك جهة أخرى استولت على مال المشروع ، وتقول القصة ان ادارة الطريق كانت في حسابها أكثر من مليار جنيه سوداني فجاء الرئيس عمر البشير واستلف منها مبلغًا كبيرًا يساوي حوالي نصف المبلغ على ان يتم ارجاعه ولم يرجعه، وبعد أيام قليلة جاء على عثمان محمد طه النائب الاول واستلف منها مبلغًا كبيرًا حوالي نصف المبلغ الخاص بطريق الانقاذ الغربي ، ووعد بارجاعه ولم يرجعه، وبعد فترة قليلة احتاجت الجهة المنفذة للمشروع للمال الذي بحوزة الرئيس ونائبه ، وانتظرت ارجاع المبلغ فترة طويلة ولا زالت تنتظر الي هذه اللحظة كما سكتت الصحافة السودانية عن المناداة بفتح ملف التحقيق قضائيا ، وسكتت ايضا الشخصيات الدارفورية المقربة من الحكومة في أن تتحدث عن مشروع طريق الانقاذ الغربي، هذا المبلغ الكبير الذي كان يعول عليه في انجاز الكثير من المسافات في الطريق، ولكن الرئيس ونائبه صمتوا صمت القبور، ولا يستحي النظام السوداني أن يتهم جهات خارجية بصناعة أزمة دارفور..!!

    اخي القارئ الكريم ..
    هناك الكثير من الخلفيات التي تحكي عن مآسي انسانية ، عايشتها بنفسي ومهما أحاول التعبير عن مرارتها ومرارة الذين حدثت لهم لم استطع الي ذلك سبيلا، و هذه الملابسات لم يعرف عنها الشعب السوداني شيئا على الاطلاق ، بل ظل الاعلام الكاذب في الخرطوم يغذي المشاهدين بمعلومات كاذبة بعيدة كل البعد عن الواقع، ويتهم جهات دولية واستعمارية تريد النيل من مكاسب (الانقاذ) والاعلام الداخلي لم يتطرق الي اعمال ملتقى الفاشر التشاوري وما قيل فيه وما خرج به من توصيات أكد وزراء الحكومة على حقيقتها و على عدالتها ، علما أن الجهاز الامني في السودان هو الذي يتحكم في المعلومات الاعلامية، يمنع منها ما يمنع وينشر منها ما يستفيد منه في عيش المواطنين على الوهم.

    لماذا الجنجويد
    يتساءل الكثير من الناس عن مغزى استخدام النظام السوداني لقوات الجنجويد في حرب دارفور ، والعالمون ببواطن الامور يدركون الاجابة الموضوعية والمنطقية لهذه التساؤلات ، وشخصي الضعيف قد تعاونت ثم عملت بهيئة دعم القوات المسلحة بولاية الخرطوم مديرًا للاعلام والعلاقات العامة وهي الجهة التي تقوم بادخال الافراد للقوات النظامية ( جهاز الامن – القوات المسلحة – الاستخبارات العسكرية – الكلية الحربية – كلية الشرطة والمعاهد ) على مستوى الجنود والضباط حيث كان ولا زال التعيين للقوات النظامية يتم عبر قنوات تنظيمية خاصة ، وليس حرًا ، وأصبح التجنيد في عهد (الانقاذ) وحتي اليوم مضبوط بمفاهيم غريبة على أهل السودان منها ما هو تنظيمي وتلعب فيها الموازنات السياسية والقبلية والعرقية الدور الكبير ، وأذكر في آخر ايامي بالهيئة 1999م تأكد للقائمين على أمر القوات المسلحة أن الشباب السوداني قد أحجم عن الدخول في المجال العسكري ، وحتي أبناء الجنوب و أبناء جبال النوبة ما عادت لديهم الرغبة في الانخراط في الجيش السوداني كالسابق، حيث كانوا هم الارتكازة الحقيقية وعماد القوات المسلحة السودانية، إذ كانت تعتمد عليهم الانظمة في سد الحاجة العسكرية، استغلالا لأوضاعهم البائسة التي خلقتها سلبية السياسات الحاكمة منذ استقلال بلادنا الي هذه اللحظة.
    ولذا لم يكن غريبًا للعامة حقيقة أن مدن السودان المختلفة بما فيها الخرطوم يحرسها مجندو الخدمة الالزامية والشرطة الشعبية الذين لا تتجاوز اعمارهم في أغلب الاحيان ال 22 عاما ، وفي السنوات الاخيرة أصبح واضحا للعيان ان القوات المسلحة السودانية كانت تقاتل بمجاهدي الدفاع الشعبي وطلاب المرحلة الثانوية الذين يساقون قسرًا من معسكرات التدريب وقبل اكتمال تدريباتهم العسكرية اللازمة، وحملهم في طائرات والرمي بهم في مناطق الحرب المستعرة بجنوب السودان، وفي اكثر من سابقة لقى هولاء الطلاب مصرعهم جميعا في لحظاتهم الاولى من المعركة و بأعداد كبيرة.

    وظلت القوات المسلحة السودانية لأكثر من 6 سنوات تشتكي لطوب الأرض من قلة الداخلين لمعسكرات التدريب التابعة للقوات المسلحة برغم الاغراءات الكبيرة التي كانت تقدم لمن يسجل نفسه للعمل في الوحدات العسكرية المنتشرة في ربوع السودان ، وعندما اندلعت الحرب في الغرب السوداني حدثت مفارقة عجيبة لم يعلم بها السودانيون ، عندما طلبت القيادة العسكرية من قادة الدفاع الشعبي تجهيز مجاهدين للقتال في دارفور بعد ان عبر جنود القوات المسلحة بأكثر من رسالة انهم لا يمكن أن يحاربوا أهلهم في دارفور ، فقامت قيادات الدفاع الشعبي بتحذير الحكومة من مغبة الاصرار على الدفع بالمجاهدين الي ساحة دارفور ، معددين الخطورة التي تلحق بالمجتمع السوداني عامة من هذة الخطوة سيما وأن الاعداد الكبيرة من مجاهدي الدفاع الشعبي من دافور ومن المناطق القريبة منها، وقد اشتهرت ولايات دارفور بمشاركة فاعلة في قتال الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب، بل أن أشهر القيادات العسكرية التي كانت تقود المجاهدين ضد الحركة الشعبية التي يقودها الدكتور جون قرنق كان من دارفور وهو اللواء الجنيد حسن الاحمر والذي أبعد من السودان مؤخرًا وتم تعيينه ملحقًا عسكريًا بإحدى سفارات السودان في الخارج ، ولم يكن ذلك هينًا على القادة العسكريين وهم يواجهون عدوًا شرسًا ومتمرسًا في القتال بكل الطرق القتالية والدفاعية والهجومية المختلفة، فلم يكن هناك من مفر غير استخدام جهة أخرى لقتال متمردي دارفور سويا مع قوات جهاز الأمن، وليس من خيار غير جلب مرتزقة ، وكانت قريبة منهم قوات الجنجويد ولكنها غير مسلحة وغير مهيئة عسكريا، وهم الذين ليس لهم أدني احساس بالانسانية بشر مجردين من الدين ومن الرحمة ومن الخلق ، وهذا ما يريده النظام الحاكم في السودان حتي يشفي غليله من الذين ركعوا حكومة (الانقاذ) واشعروها بالهوان وبالخزي والعار.
    ومن جانبها وافقت قيادات الجنجويد على المطلب ،فقد صادف هوى في نفسها حتي تصفي حساباتها الخاصة من عدد من القبائل ، ولم تتأخر الحكومة السودانية في تلبية المطلوب مع المرتزقة الجنجويد حيث أعدت السيناريو ودفعت الاموال الطائلة والامتيازات والعتاد والتسهيلات اللوجستيكية من قبل الاجهزة الامنية التي يشرف عليها النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه .
    وهنا لا بد من التأكيد على ان النظام السوداني اذا لم يتمكن من حل مشكلته بواسطة الجنجويد ما كان سيتردد لحظة في جلب مرتزقة من اي مكان في العالم ، وله استراتيجية في ذلك بل سوابق حية ، وملفات لا زالت مفتوحة في أماكن متعددة ومتفرقة، عندما جلب مرتزقة لإغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في أديس أبابا 1994م ، وكانوا ضيوفا على النائب الاول في منزله الخاص..!!
    وتعاون النظام السوداني من قبل مع جيش الرب المسيحي الاوغندي من اجل قتال الحكومة اليوغندية وكان زعيم جيش الرب يمكث في أحد أحياء الخرطوم في أحد البيوت الآمنة التابعة لجهاز الأمن، ثم تعاونت اجهزة النظام مع جبهة تحرير الارومو الاثيوبية لقتال النظام الاثيوبي، وكانت الجبهة تعقد اجتماعاتها بحراسة الامن السوداني داخل الاراضي السودانية، كما تعاونت الحكومة السودانية مع الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا الفصيل المعارض للحكومة الاريترية ، وكانت تجد الجبهة المعارضة كل الدعم المالي والعسكري واللوجستيكي، كما تعاونت أجهزة النظام مع مجموعات فلسطينية لتنفيذ عمليات ارهابية تحقق أهداف المشروع الاستعماري الجديد في المنطقة الأفريقية ، كل ذلك برعاية و قيادة النائب الأول لرئيس الجمهورية السودانية.
    ومن هنا كانت حقيقة الجنجويد واقع ماثل في ساحة دارفور وما تم من حرق للمنازل واغتصاب للنساء وقتل للرجال، وإبادة لسكان دارفور كانت بفعل مرتزقة الجنجويد ، وأي متابع ومراقب لأساليب النظام السوداني بكل وضوح يمكنه رؤية الصورة الحقيقية لما تم في ولايات دارفور، وان لم يطلع على المعلومات لأن الاسلوب المتبع في الجريمة هو ذات الاسلوب الذي عرف به النظام في السودان، حتي في معالجته للقضايا الداخلية (داخل التنظيم الحاكم) من اقصاءات ومن ارهاب وتعسف.
    وفي التقرير الذي صدر عن منظمة العفو الدولية Amnesty International بتاريخ 19 يوليو 2004 كشف عن شهادات أدلى بها اللاجئون و اللاجئات في تشاد لأعضاء و عضوات منظمة العفو الدولية ، وقد رفعوا هذا التقرير لمنظمة الأمم المتحدة وحكومات الدول و منظمة الاتحاد الأفريقي و عديد من المنظمات الأخرى وقد ركز التقرير على اغتصاب النساء و الإساءة إليهن وآذيتهن من قبل الجنجويد وقوات الحكومة من القوات المسلحة و الدفاع الشعبي وطلبت المنظمة من هيئة الأمم المتحدة إيفاد لجان تحقيق للنظر في هذه المعلومات ومن بعد تقديم المتهمين للعدالة لينالوا جزاءهم ولتعويض الضحايا عن ممتلكاتهم ومعاناتهم .
    وذكرت المنظمة أن الاغتصاب أستعمل من جانب الجنجويد وقوات الحكومة كسلاح من أسلحة الحرب غايته تحقير وأهانة والحاق العار بالمستهدفين فالنساء ينبذهن أزواجهن و ينظرون إليهن كعار لاهلهن ، والرجال ينكسرون لانهم يعيرونهم بأنهم ليسوا رجالا يدافعون عن نسائهم ، وتتغنى الحكامات من الجنجويد بذلك .. ومن تعقيدات الاغتصاب هو حمل بعض النساء ووضعهن أطفالا غير مرغوب فيهم بحسبانهم أولاد العدو والعار ، وهناك أخطار أخرى جسيمة من انتقال الأمراض الجنسية وأخطرها الإيدز ، فعواقب الاغتصاب جسمية ونفسية واجتماعية . والقانون الدولي يجرم الاغتصاب وكذلك قانون العقوبات السوداني ووضع لها عقوبة رادعة ربما تصل إلى الإعدام . و أنقل بعض شهادات الضحايا ، ويمكن الاطلاع عليها في تقرير المنظمة في الإنترنت لمن يقرأون الإنجليزية، وقالت المنظمة إنها رمزت بالأحرف الأولى لأسماء الضحايا واحتفظت بالأسماء الكاملة
    لديها نسبة للحفاظ على سلامة الضحايا من انتقام السلطات ومرتزقة الجنجويد .
    قالت ( م) وهى امرأة في الخمسين من العمر من بلدة فوربرنقا : "لقد هوجمت القرية خلال الليل في أكتوبر 2003 ، وجاء العرب بالسيارات والخيول وقالوا يجب قتل أي إمرأة سوداء حتي الاطفال.
    وفي مقابلة للاجئ من كنيو مع امنستى انترناشونال أجرتها معه في تشاد في مايو 2004 قال أن مقاتل من الجنجويد قال لهم " قال لنا عمر البشير يجب قتل جميع النوبة، لا مكان هنا للزنوج مرة أخرى".
    "عبيد ! نوبة ! هل عندكم اله ؟ تفطرون رمضان ؟ حتى نحن أصحاب البشرة الفاتحة لا نراعى الصيام ؟ انتم السود القبيحين تدعون ذلك .. نحن ربكم ! ربكم هو عمر البشير ! . أنتم السود قد أفسدتم البلد . نحن هنا لنحرقكم ، سنقتل أزواجكن وأبناءكن وسنضاجعكن ! وستكونون زوجات لنا "هذه كلمات مجموعة من الجنجويد كما نقلتها مجموعة من نساء المساليت في معسكر (Goz Amer) لللاجئين في مقابلة مع منظمة العفو الدولية في مايو 2004 . لقد أخرج نظام الجبهة شيطان الجنجويد من القمقم فهل يستطيعون إدخاله في قمقمه مرة أخرى ؟
    ومما أطلعت عليه كتابات كثير من الكتاب الصحفيين المصريين و كذلك دعوة مرشد الإخوان المسلمين المصريين لمؤتمر إسلامي لبحث مشكلة دارفور ، (مع الأسف شديد) لم تخرج آراءهم عن نظرية المؤامرة الخارجية علي النظام في السودان من أمريكا و اليهود و الصليبيين و يقصدون بهم المسيحيين ، و أنها مقدمات لما حدث في أفغانستان و العراق و انهم يتسابقون للاستحواذ علي بترول السودان ، و مشكلة الكتاب الصحفيين المصريين ، وهم اقرب إلينا من غيرهم ، انهم يجهلون السودان و يعبرون في كتاباتهم عن هذا الجهل، حتى انهم يخطئون في كتابة أسمائنا و أسماء القبائل و المدن ، ومن ذهب منهم مؤخرًا إلى دارفور تبني وجهة نظر الحكومة من أفواه المسؤولين و لم يذهبوا إلى معسكرات المنكوبين في تشاد و لم يشاهدوا القرى المحروقة و لم يتكلموا عن المجازر التي راح ضحيتها الآلاف المؤلفة من المدنيين و اغتصاب النساء ، و السلب و النهب و انتهاك حقوق الإنسان و الجرائم ضد الإنسانية، والانسان السياسي والمتابع يدرك بعين البصيرة الاجندة المصرية الخاصة وهي معروفة لكل صاحب فكر الشيء الذي وما حدث في دارفور وثقته تقارير لجان هيئة الأمم المتحدة و منظمات الإغاثة و المنظمات الإنسانية الدولية و منظمات حقوق الإنسان بالذهاب و العمل في دارفور ولا يزالون يعملون هناك في دارفور و تشاد . لم نسمع منهم تنديدا أو استنكارا أو شجبا -كعادتهم – لما يحدث من بشاعات و فظائع في حق إخوانهم من المسلمين السودانيين و إن كانوا لا يعلمون فسكان دارفور كلهم مسلمين من عدة قرون و كثير منهم حملة و حفظة قرآن.

    الموامرة العنصرية .. الانقلاب العسكري .. المحاولة التخريبية
    كشف مجتمع السياسة في داخل الخرطوم عن الخطة التي اعدها و عكف جهاز الأمن على إعدادها قبل شهرين منالاعلان عنها على إثر النكبات السياسية والعسكرية المتصلة التى منيت بها الحكومة والضغوط الدولية والإقليمية التى أفرزت موقفا تفاوضيا حكوميا غاية في الضعف والتردد ، عندما اعلنت عن كشف خطة تستهدف قلب النظام في السودان ،والهدف المقصود كان معلومًا لدى الجميع والمتمثل في تصفية الجيش السوداني وجهاز الأمن من أبناء دارفور وكردفان،فأعلنت القيادة العامة عن اسماء ضباط غالبيتهم من سلاح الطيران السوداني والمفارقة انهم من دارفور وقد أشارت البيانات على انهم رفضوا قصف مناطق أهلم وذويهم بالطائرات التي يقودونها ، وأثر ذلك دبرت لهم الاجهزة الامنية خطة للقبض عليهم واعتقالهم على الأقل أبعادهم عن وتحييدهم عن المعركة ، ومن ثم جاءت المعالجات المضحكة التي صاحبتها التصريحات المتناقضة مابين الموامرة العنصرية .. الانقلاب العسكري .. المحاولة التخريبية، ولن كان واضحا للمتابعين أن رفض ابناء دارفور بسلاح الطيران قصف أهلم سيعرضهم للسجن، وبعد تصريحات نارية ومؤتمر صحفي كبير للناطق الرسمي باسم القوات المسلحة الذي شرح فيه (المؤامرة العسكرية) التي استهدفت النظام، مؤكدًا أن (المجرمين) سيحاكموا أمام القضاء، ثم جاءت تصريحات الرئيس البشير بأن محاكمات عادلة يقف أمامها الضباط المعتقلون، وتوالت التصريحات عن المحاكمات العادلة ، وعن العدالة الناجزة التي ستأخذ طريقها ، وكانت الفضيحة كبيرة عندما أعلن وزير العدل السوداني " ان أدلة دامغة أكدت الفعل ، وان تحقيقات جارية لمحاكمة الضباط" وما هي الا أيام قليلة ويطلق سراح المعتقلين، بدون أي محاكمة ولم يكن هناك أي أدلة دامغة وكانت أكاذيب التي تعود علي سماعها الشعب السوداني المغلوب على أمره.

    براءة أمريكا وفرنسا من أحداث دارفور..!!
    الازمة السودانية التي عرفت عالميا بأزمة دارفور يحاول الكثير من الكتاب العرب والمسلمين البعيدين كل البعد عن الواقع السوداني اضافة الي كتّاب الحكومة السودانية ينشطون كثيرًا في ربط ما يجري في دارفور بصراع القوى العظمى على موارد السودان، حتي يبعدوا إرتكاب الجريمة عن النظام الحاكم ، ويكرر هؤلاء انه "من الصعب للغاية فصل الاضطراب الحاصل في دارفور عن دائرة الصراعات الدولية على النفوذ في إفريقيا وهو صراع فرنسي (أوروبي) – أمريكي تحديدًا. وغالب الظن أن فرنسا التي وجدت أمريكا تقترب من الاستئثار بالنفوذ في السودان بعد أن أشرفت على اتفاق السلام، وفرضت الكثير من شروطه على الحكومة السودانية شجعت تحرك مجموعات معارضة في دارفور من اجل اغتنام الفرصة للحصول على وضعية مماثلة لوضعية حركة تحرير السودان بقيادة غارانغ"،... وبالطبع يبدو غريبًا هذا التحليل ولكنه ليس كذلك وهو غير مستغرب من الكتاب الذين يستلمون معاشاتهم من الحكومة، ويعتمد على مصادر الامن في التزويد بالاخبار والمعلومات،، كما هو غير مستغرب من الكتاب العرب الا من رحم الله، يتقنون البعد عن صلب القضايا وامهاتها، ويتمسكون عمدًا بالقشور لنقص في تركيبتهم، ولمرض عضال في فكرهم الخرب الذي يعكسه الواقع العربي والمسلم في الوقت الراهن.
    والناظر للواقع السوداني بعين البصيرة والتجرد يجد أن الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الاوربي والمجتمع الدولي كلهم بريئيين من التدخل في الشأن السوداني، كما يدرك صاحب البصيرة أن الحكومة السودانية هي التي تتحمل كل ما حدث في السودان من كوارث ومن مآسي، وفي نظرة الي قضية دارفور يتضح ان الدول المذكورة آنفا كانت بعيدة كل البعد عن حقيقة الصراع، بل ان مشكلة دارفور تأزمت آخيرا منذ العام 1997م، وكانت بداياتها كما ذكرنا في 1995م الناجمة من قرارات والي غرب دارفور محمداحمد الفضل التي أشعلت الفتنة الحقيقية في المنطقة، وبعدها تم رفع عدد كبير من المذكرات، والمناشدات والمطالبات ولم يكن للولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وألمانيا أي دور في هذه الاحداث كما لم تمنع هذه الدول الحكومة السودانية من الاهتمام بقضية اجتماعية والوقوف عليها ومن ثم إيجاد الحلول لها، والواقع الذي الحكومة السودانية ولمدة سبع سنوات تجاهلت تماما معالجة الجرح وهو ينزف، وتركته حتي مات المريض متأثرا بجراحه، والآن تحاول رمي المسئولية على آخرين لم يكونوا موجودين ساعة الحادث..!!
    ويمتعض المرء أيما إمتعاض عندما يتحدث وزير خارجية السودان ويكرر أمام عدسات التلفزة العالمية بأن قضية دارفور صنعتها قوى خارجية تريد النيل من (الاسلام) في السودان، وأحيانا يتهم الادارة الاميركية بأنها تريد تحقيق مكاسب انتخابية على حساب الشعب السوداني، قمة في الاستخفاف بعقل البشر الذين لا يشاهدون الفضائية السودانية، والغريب في أمر المسئولين السودانيين انهم لا يحترمون عقول أهل السودان ، فعندما يتهمون أمريكا بصناعة مشكلة دارفور والاستفادة منها في المعركة الانتخابية في نوفمبر القادم، فذاكرة الناس لا تنسى أن هناك علاقات وطيدة للغاية مع واشنطن ، بعد أن حفيت أرجل وزير الخارجية السوداني الذي لم يترك وزير خارجية أ و رئيس من ان يتوسط لتحسين العلاقات الامريكية مع نظامه ، الذي سعى حثيثًا ليس لتوطيد علاقته مع أمريكا فحسب بل مع دولة الكيان الصهيوني ، وقد بينت بعض المؤسسات الاسرائيلية اللقاءات السرية التي تمت مع أعضاء من الحكومة السودانية، وتمت هذه اللقاءات في أكثر من مكان ومن بينها اثيوبيا الحليف الاستراتيجي للنظام السوداني، واذا جاء الحديث عن فرنسا فهي من أكثر دول الاتحاد الاوربي تعاونا مع السودان، ولها الكثير من المشاريع الثقافية في بلادنا ، وتلعب الدور الكبير في تعليمنا الاهتمام بالآثار وحفظها ، والبحث عن مكنوناتها العظيمة، وللدولة الفرنسية، العديد من أوجه المساهمات والدعومات التي تقدمها للحكومة السودانية من جانب وللشعب السوداني من جانب آخر، وكذلك الحال بالنسبة لدولة ألمانيا الشقيقة فهي أيضا مثل فرنسا لها أفضال كثيرة على بلادنا، وفي كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وظلت على الدوام الدولة الألمانية تقف مع قضايا الشعب السوداني بكل صدق وتقدير للمسئولية، وقد اشتهر كذلك دول الاتحاد الاوربي بشكل عام تحترم خيارات الشعوب، ولم يحدث عن تدخلت في الشؤون الداخلية لأي دولة كانت ، بل العكس تماما هي أكثر الكيانات البشرية في العالم سرعة في نجدة الناس في اي مكان كانوا، تقدم المساعدات دون ان تنتظر كلمة الشكر، ومن الطبيعي ان يتهم النظام السوداني الدول التي تساعده في محنته ، لأنه فاقد للإحساس بالانسانية، ولا يعرف كيف يقدر مساعدات الاصدقاء والأشقاء.
    وعندما يتحدث النظام السوداني عن مؤامرة دولية تستهدف السودان ، فإن المتابعين للاحداث في دارفور يدركون ان الدول التي يقصدها المسئولين السودانيين ، لم تظهر اهتمامها بدار فور الا بعد الانتهاكات الانسانية الفظيعة التي حدثت في دارفور والتي إنتشرت صورها المحزنة في اروقة الامم المتحدة في جنيف ونيويورك، ولكن المعروف لدى الكثيرين أن الحكومة هي التي دولت القضية كما هي التي أدخلت مصر في الصراع السوداني ، وقد شوهدت القيادات الأمنية الاستخبارية المصرية تصول وتجول في مطارات دارفور ، كما هي الحكومة السودانية التي تحاول بتكرارها لمسألة (المؤامرة الدولية الصليبية على السودان) ان تستعطف المتشددين والارهابيين للدخول في السودان لمحاربة أمريكا ، وهي بذلك تحاول خلق صورة طبق الأصل للأحداث في العراق .
    ما عاد الناس ينظرون للتدخلات الانسانية للدول الغربية في شئون الدول الفقيرة كما السابق، فالغربيين علمونا من التجربة انهم أكثر انسانية منا نحن المسلمين، ويكفي ان أزمة دارفور قد كشفت مدى الحس الذي يتحلى به الغربيون فأول المنظمات الانسانية التي وصلت السودان كانت غربية واوربية، ومؤسسات الغرب الاممية هي التي تحركت لوقف المذابح في دارفور ولولا مؤتمر حقوق الانسان الاخير الذي عقد في جنيف، لكانت قوات الجنجويد قد ألحقت الأذي بكل ولايات دارفور، ولكن التدخل العالمي لحد ما أوقف الانتهاكات الكبيرة والتي كانت تمارس بإشراف الحكومة السودانية واجهزتها الأمنية.
    ويوم 1 أغسطس يصادف الذكرى العاشرة لمذابح بوروندي ورواندا في أفريقيا على مقربة من جنوب السودان، وهي المذابح التي راح ضحيتها 800 ألف نسمة بالتطهير العرقي في حروب امتدت بين الهوتو و بين قبائل الهوتو والتوتسي، ويعنى في الغرب وأوربا كتّاب و رؤساء مثل بيل كلينتون، لا يُخفي الشعور بعقدة الذنب، لأنه كان على رأس الولايات المتحدة ، ولم يتدخل لوقف التقتيل، كما أن البرلمان الفرنسي اقترب من أن يوجه لنفسه صوت إدانة، ولصناع القرار لأنهم تفرجوا على هذه المأساة، حتي حصدت الارواح ال 800ألف نسمة ،و الذكرى العاشرة لمذبحة رواندا خلقت مظلة أو مناخاً نفسياً، جعل الضمير العالمي يهتم بالقضايا الإنسانية مثل قضية دارفور، وقبل ايام عقدت قمة في مدينة ( أكرا) للتعاطي مع الحرب الأهلية في ساحل العاج للبحث في إيجاد حل لهذه القضية بذات القدر من الاهتمام بقضية السودان،

    سيرة ذاتية للكاتب
    - الاسم: خالد عبد الله حسين محمد أحمد
    - اللقب الصحفي: خالد أبوا حمد
    - المهنة إعلامي شامل
    - الميلاد: 23/12/1963م.
    - مكان الميلاد: ولاية نهر النيل مدينة عطبرة.
    - الخبرة العملية: 20 عام، متخصص في العمل الإخباري ومثلت السودان في أكثر 15 مؤتمر إقليمي وعربي وأفريقي.
    - تدربت بكل من مصر – إيران – الأردن - البحرين
    - تنقلت من محرر صحفي إلى رئيس قسم الأخبار، ثم رئيس القسم الدولي في أكثر من صحيفة.
    - عملت بالصحف السودانية الآتية:-
    الراية - الأنباء – ألوان – السودان الحديث – المخبر – دار فور الجديدة.
    في مملكة البحرين عملت في صحف:- الوسط – العهد، ومراسل لعدد من الصحف السودانية.
    عملت في السودان بكل من:- منظمة الإيثار الخيرية الخرطوم - مؤسسة الفداء للإنتاج
    الإعلامي _ معد لبرنامج في ساحات الفداء – هيئة دعم القوات المسلحة ولاية الخرطوم- مدير
    الإعلام الزراعي بالولاية الشمالية (دنقلا ) مدير إعلام وزارة المالية ولاية أعالي
    النيل، ومن المؤسسين لمركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا.
    - أكتب في العديد من المواقع الكترونية.
    - مؤسس مركز دراسات التطرف الديني (تحت التأسيس).
    - متزوج و أب لأربعة أطفال.
    - بريد الكتروني : [email protected]
                  

العنوان الكاتب Date
دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-01-04, 11:47 AM
  Re: دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-01-04, 11:56 AM
  Re: دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-01-04, 11:59 AM
  Re: دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-01-04, 09:27 PM
  Re: دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-01-04, 10:47 PM
  Re: دارفور وضع النقاط على الحروف abuarafa10-02-04, 10:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de