|
حضارة السودان تشرق في المتحف البريطاني
|
كان السودان اكبر دولة في قارة افريقيا مساحة لعدة قرون جوهرة في تاجها الثقافي فكان غنيا وقويا ونقطة التقاء البحر المتوسط وجنوب القارة السمراء والشرق الاوسط.
وفي محاولة لتبديل الصور التي يحاول البعض رسمها لما يجري في السودان وخاصة في اقليم دارفور يقيم المتحف البريطاني معرضا كبيرا للآثار السودانية.
قال ديريك ويلزبي امين المتحف ل “رويترز” في جولة قبل الافتتاح “نحاول إلقاء الضوء على مدى روعة السودان، معظم الناس لا يعلمون شيئا سوى الأخبار السيئة عنه ونريد أن نعرض الجانب الآخر من القصة. هذه دولة ذات تاريخ ثري وإمكانات هائلة”.
وينتقل المعرض الذي يستمر حتى التاسع من يناير/ كانون الثاني المقبل بالزائر من 200 الف عام قبل الميلاد وحتى نهاية القرن التاسع عشر مرورا بالحكم المصري والعصور الروماني والمسيحي والاسلامي الى الحكم المصري البريطاني.
ودخول المعرض مجاني الا أن الزائرين سيطلب منهم تقديم مساهمة لاحدى منظمات الإغاثة التي تعمل في دارفور.
ولم يسبق عرض كثير من 320 قطعة تشارك في هذا المعرض للجماهير ناهيك عن عرضها خارج السودان.
ومن بين القطع الجنائزية تماثيل صغيرة يعود تاريخها الى 4500 عام قبل الميلاد ربما لا تبدو في مكان غير مكانها اذا عرضت في معرض حديث للفن التجريدي.
ويستقبل الزائرين تمثال بالحجم الطبيعي للحاكم انلاماني يعكس وضع السودان على قمة العالم الاسلامي وافريقيا. ويقف انلاماني في الوضع التقليدي للتماثيل المصرية غير أن له ملامح افريقية مميزة.
ويتكرر مثل هذا التباين في معظم الجزء الأول من العرض. وقال ويلزبي: “كان السودانيون القدماء معتزين دائما بأنهم سودانيون.. ولا يزالون هكذا حتى يومنا هذا. إنهم لا يستطيعون الدخول في أي كوة أخرى في افريقيا”.
وفي المعرض لوح جنائزي يحمل نقوشا دقيقة لحاكم نوبي له طابع مصري وهو امنمحات يعود الى عام 1450 قبل الميلاد.
أضاف ويلزبي: “نعلم أنه كان نوبيا الا أنه تبنى كل صفات المصريين. نرى هذا مرارا وتكرارا في هذه المصنوعات اليدوية ولكن حين ينسحب الغزاة تعود هذه الشخصية الافريقية الكامنة للظهور على السطح”.
كانت الحضارة المصرية النوبية مزدهرة لكن مع تسلل الضعف الى الحكم المصري انتقل السودانيون القدماء الى مصر، ومع سريان نهر النيل الخصيب عبر البلاد اتسمت بعض العصور بالرخاء وتوجد أدلة على أنه كان هناك العديد من البلدات والقرى والمخازن الممتلئة بالغلال وقطعان الماشية الضخمة والعمال المهرة.
وفي حين تشتهر مصر بأهراماتها عثر علماء الآثار على اكثر من 300 هرم في السودان الحديث ولا يزالون بصدد اكتشاف المزيد.
ويضم المعرض العديد من الأمثلة على صناعة المشغولات الذهبية الدقيقة فضلا عن صناعة الفخار الراقية التي تعود الى عام 2500 قبل الميلاد.
وأوضح ويلزبي: “هذا بعض من أفضل مصنوعات الفخار في أي مكان في العالم وكل هذا مصنوع يدويا فلم تكن هناك أدوات أو أفران حينذاك، رغم أن التكنولوجيا كانت حينذاك على مستوى منخفض فإنها أسفرت عن نتائج على مستوى عال للغاية. المنتجات تتسم بالدقة والذوق في آن واحد”.
وتمتد الحقبة التي يغطيها المعرض حتى تحول السودان الى المسيحية في القرن السادس الميلادي ثم مجيء الاسلام بعد 900 عام، إذ يوجد العديد من نماذج الأعمال الفنية والمباني عبر القرون.
ويعمل علماء الآثار على إنقاذ اكبر قدر ممكن من المصنوعات اليدوية في منطقة تمتد مسافة 170 كيلومترا بطول نهر النيل في صحراء شمال السودان القاحلة قبل أن يغمرها الماء بحلول عام 2008 مع تنفيذ خطة ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية باستخدام المياه.
وقال ويلزبي: “هذه المنطقة غنية جدا بالآثار، نعثر على مواقع جديدة طيلة الوقت، وهناك آثار مهمة جدا في منطقة الفيضان”.
جريدة الخليج الأماراتيه ... 06/09/2004
|
|
|
|
|
|