|
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي (Re: محمد عبدالرحمن)
|
11. دراسات التحول الديمقراطي عالميا وإقليميا وفي مجال مواز لهذا الجهد الحكومي نشأت عشرات الهيئات غير الحكومية المعنية بدراسة مشاكل الديمقراطية ودعم التحول الديمقراطي في العالم لإيجاد آليات غير حكومية عالمية لدعم الديمقراطية. مثل: نادي مدريد. ومنظمة لا سلام بلا عدالة. ونادي وستمنيستر البريطاني، ومنظمات أمريكية مثل الرسالة الديمقراطية وغيرها، هذه كلها معنية على الصعيد العالمي بنشر ثقافة الديمقراطية وبدعم التحول الديمقراطي معنويا وماديا. وعلى الصعيد الإقليمي العربي نشطت المبادرات الديمقراطية نشاطا كبيرا ففي النصف الأول من عام 2004م تمت الأنشطة الآتية: إعلان صنعاء حول الديمقراطية ودور المحكمة الجنائية الدولية في يناير، وإعلان وثيقة الإسكندرية في مارس، وإعلان بيروت "الاستقلال الثاني" في نفس الشهر، وإعلان الدوحة في يونيو من نفس العام. 12. اقتصاد السوق الحر التجانس في التوجهات السياسية نحو الديمقراطية يصحبه تجانس نحو السوق الحر واللبرالية في المجال الاقتصادي. فمنظمات برايتون وودز، سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والذراع التجاري للرأسمالية اللبرالية ومنظمة التجارة العالمية تعمل بكل وسعها على نشر مبادئ ومؤسسات وممارسات السوق الحر وما يصحب ذلك من تحرير للأسعار، وخصخصة للمنشآت، وهو برنامج قبلته كثير من الدول وبذلك قبلت اقتصاد السوق الحر. 13. العولمة: هيمنة اقتصاد السوق الحر في مناخ ثورة الاتصالات أدت إلى السوق العالمي الواحد الحر وهو ما يوصف بالعولمة. العولمة ظاهرة انطلقت من مقدمات سابقة ولكنها بشكلها الراهن ظاهرة جديدة لم تعرف الإنسانية مثلها ظاهرة يستطيع الأفراد والشركات بموجبها المضاربة في العملات والأسهم وتحريكها بحجم بلايين بلايين الدولارات في لمح البصر وبذلك التأثير العميق على اقتصاد البلدان المختلفة تمدد ظاهرة العولمة في عالم القطبية الأحادية الذي تتربع الولايات المتحدة على رأسه وما يصحب ذلك من هيمنة استراتيجية أمريكية وغلبة لثقافة التسلية الأمريكية أثار مخاوف على المصالح الوطنية في البلدان المختلفة ومخاوف على الخصوصيات الدينية والثقافية على نحو ما شرح توماس فريدمان في كتابه اللكسس وشجرة الزيتون . لذلك اهتمت القيادات الوطنية في كل دول العالم بإيجاد توازن يحقق حتميات العولمة الاقتصادية والتكنولوجية ويحتوي سلبياتها الظرفية. 14. السياسة الأمريكية: السياسة الأمريكية تؤثر على النظام العالمي بأكثر من وجه. كانت الحرب الباردة تضع قيدا على السياسة الخارجية في البلدان المنخرطة في طرفيها. ولكن بعد نهايتها برزت ظواهر جديدة. أولها أن الكنغرس الأمريكي صار يقوم بدور أكبر في صنع السياسة الخارجية الأمريكية. والكنغرس أقل إلماما بالحقائق العالمية وهو أكثر تأثرا باللوبيات ذات القضايا الضيقة والرؤى المحدودة. لذلك تعددت المبادرات من الكنغرس المحرجة للسياسة الخارجية الأمريكية فأدى ذلك لنوعين من التناقض: الأول: بين الكنغرس والخارجية الأمريكية. والثاني: بين أمريكا وحلفائها. المبادرات المحرجة مثل: قانون تحرير العراق- قانون معاقبة سوريا- قانون سلام السودان. ولدى انتخاب الرئيس جورج بوش في عام 2000م ظهر فريق من كبار القادة الجمهوريين ينتمون أصلا إلى مدرسة راديكالية يمينية ألمانية. هؤلاء اعتبروا أن انتصار أمريكا في الحرب الباردة يبرر لها إملاء شروط السلام وأن ذلك الانتصار نفسه لم يكن ممكنا لولا الراديكالية اليمينية التي اتبعها الرئيس الأمريكي رولاند ريقان. هذا الفريق من الجمهوريين لا يعتبرون جورج بوش الأب أباهم الروحي بل رولاند ريقان. هذا الخط الراديكالي اليميني يحلق حول نائب الرئيسي ديك تشيني، ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، ونائبه بول ولفويتز وآخرين. هؤلاء صبغوا سياسة الولايات المتحدة الخارجية. ولكن ما كان لهم أن يفعلوا ذلك بالصورة الحاسمة التي تمت لولا المناخ الغاضب الانتقامي الذي أفرزته في الولايات المتحدة أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. نتيجة لهذا التوجه صدر بيان استراتيجية الأمن القومي الأمريكي سبتمبر 2002م وخلاصته الحق في شن الحرب على الإرهاب بعون دولي أو بدونه. وشن الحرب الاستباقية على أية مصادر خطر للأمن القومي. وهذا معناه الاستغناء عن الحلفاء وعن الأمم المتحدة كذلك. ما كان بالإمكان صدور هذه التوجهات في الولايات المتحدة لولا أمرين: الأول: الاستجابة للتحدي الذي أفرزته أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م. الثاني: غياب الثقل الدولي المضاد بانهيار الاتحاد السوفياتي. قال مالك بن نبي المفكر الإسلامي المعروف في السبعينات من القرن العشرين أنه يتنبأ بانهيار الاتحاد السوفياتي ثم الولايات المتحدة. وقلت إن الجزء الأول من النبوءة صحيح لغياب الحرية، وأن الجزء الثاني من النبوءة ليس حتميا لوجود الحرية. الحرية أدت في الولايات المتحدة إلى كشف أخطاء الراديكالية اليمينية وعزلت الولايات المتحدة من حلفائها وربما كلفت الرئيس الأمريكي مقعده في البيت الأبيض. أتاحت الحرية للرأي العام الغربي أن يعبر عن معارضته للحرب على العراق فسيروا مظاهرات صاخبة عمت أكثر من خمسين مدينة غربية. والحرية هي التي أتاحت للاتحاد الأوربي أن يجري استطلاعا للرأي الشعبي في عام 2004م. استطلاع اتضح منه أن 59% من الأوربيين يعتقدون أن المهدد الأول للسلام العالمي هو إسرائيل وأن المهدد الثاني هو الولايات المتحدة. والحرية هي التي كشفت أن الخط اليميني الراديكالي الانفرادي الذي اتبعه الرئيس بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اضطرهما لتكفيف المعلومات الاستخباراتية تماما فكانت النتيجة أن المسرح العراقي أتاح فرصا أكبر للعنف الذي نظمته المقاومة، وللإرهاب الذي اقتحم رواده المجال العراقي للصيد فيه. فكأنما الحرب على العراق بدأت بعد أن أحتل الحلفاء العراق!! السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط والخليج محكومة بأيدلوجية اليمين الراديكالي المتحالف مع اليمين الصهيوني. هذا يفسر أسباب إخفاقاتها وفي النهاية قد يؤدي إلى التخلي عنها كما حدث بالنسبة للسودان فالسياسة الأمريكية نحو السودان كانت منطلقة من مفاهيم أيديولوجية تبنتها إدارة الرئيس بل كلنتون: التطلع لتحالف أمريكي استراتيجي مع قادة أفارقة جدد هم يورى موسفيني، وملس زناوي، وأسياس افوركي، ولوران كابيلا، وجون قرنق هذه الرؤية هيمنت على النظرة الأمريكية للسودان كما قادتها براديكالية حادة السيدة البرايت. هذه الرؤية ظهر تهافتها وأوصي تقرير المجلس الدولي للدراسات الاستراتيجية بالتخلي عنها واتباع نهج براجماتي. المدهش هو أن الإدارة الأمريكية الجديدة ذات المنطلقات الأيدلوجية الراديكالية أعرضت عن هذا النهج في أمر السودان وتبنت الخط البراجماتي هذا الخط نجح وعبر وساطة الإيقاد. تحققت بروتوكولات السلام السودانية برعاية دولية وقيادة أمريكية. إن أخشى ما تخشاه الولايات المتحدة في حربها الحالية ضد الإرهاب هو تفكك الدول لأن الدولة المفككة تصبح أراضيها مرتعا للحركات الإرهابية. كذلك أن للولايات المتحدة مصلحة في إنجاح اتفاقيات السلام السودانية والمباهاة بدورها فيها. لذلك لم تكن الولايات المتحدة في البداية متحمسة لإعطاء أزمة دار فور أهمية تزاحم اتفاقيات السلام. إن الأولوية التي حظيت بها أزمة دار فور تمت بالرغم من الدول المعنية لا بتدبير منها، وهي تمثل حلقة جديدة من حلقات التأثير على السياسة العالمية.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 02:33 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 02:40 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 03:20 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 03:51 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 04:13 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 12:46 PM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | yagoub albashir | 08-29-04, 05:57 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-29-04, 12:30 PM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | إسماعيل وراق | 08-30-04, 03:11 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | Yasir Elsharif | 08-30-04, 04:28 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-30-04, 05:35 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-30-04, 05:40 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد حسن العمدة | 08-30-04, 06:46 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-30-04, 07:50 AM |
Re: السودان والنظام الدولي ....السيد الصادق المهدي | محمد عبدالرحمن | 08-30-04, 12:18 PM |
|
|
|