هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-28-2024, 00:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-02-2004, 00:39 AM

محمد عبدالقادر سبيل
<aمحمد عبدالقادر سبيل
تاريخ التسجيل: 09-30-2003
مجموع المشاركات: 4595

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟

    أمداء
    محمد عبدالقادر سبيل




    مجازف من يظن أن مرحلة تنزيل وتمكين( السودان الجديد) ،التي نرتقبها الآن، ستكون سهلة أو مضمونة العواقب ، انها في الحقيقة سلخ جلد حي، ذلك لأنها تشكل مفصلاً غير عادي يشتمل على عملية ازاحة واحلال ( DISPLACEMENT- REPLACEMENT) وبالتالي على صراع عميق وربما عنيف بين الحضارات .. أجل الحضارات : الافريقية والاسلامية وايضاً الغربية التي يمثلها هنا الليبراليون، وسيجري ذلك بيننا ، على ارض السودان التي لم تشهد منذ وقت طويل سوى الحد الأدنى فقط من شروط تهدئة هذا الصراع التاريخي الطويل باتجاه التعايش وتماسك اللحمة الاجتماعية ، وذلك ما كان يتيح لنا – نسبياً طبعاً - نعمة البقاء معا شعباً واحدا رغم المشكلات والنزاعات العديدة التي ظلت تخبو وتتأجج من وقت لآخر.
    أما لماذا نقول ان وطننا لم يشهد هدوءاً كافياً للصراع المتعلق بمحاولة ارساء نموذج هوية سودانية واحدة، مقنعة ومعبرة عن الكل ، تكون عيداً لأولنا وآخرنا وتشكل عظم الظهر لقوامنا القومي .. فلأن أحداً لم يقل بغير ذلك حتى الآن ، اذ يؤكد الجميع اننا شعوب عديدة ، أو في أحسن الاحوال شعب مؤلف من أقليات في دولة واحدة ، بسبب من حدة التباينات الثقافية التي يطلق عليها المتفائلون جزافاً: ( التنوع )الثقافي والعرقي.
    وفي الحقيقة فان مصطلح (تنوع ) لا يناسب واقع حالنا وانما يناسبنا ماهو ادق وأكثر تعبيرا منه وهو ( تباين أو تناقض ثقافي في بعض الاحوال )، حيث ان التنوع قد يناسب مجتمعات أخرى كمصر مثلا، ففيها المذاق الجنوبي لا يتنافى مع المذاق السيناوي ولكنه يتمايز عنه وعن النكهة الاسكندرانية أو الدمياطية وهكذا يتفرد الصعايدة عن الفلاحين في اللكنة والأكلات المفضلة والزي والغناء وبعض العادات وهكذا ايضاً الحال بين جنوب بريطانيا وويلز وذلك الفرق بين سلوك ومزاج اللندنيين وأهل الريف الانجليزي ، هذا ما يمكن ان نطلق عليه تنوع ، واما ان تختلف العقيدة جذرياً واللغة والمزاج العام والتراث والزي والعرق وكل شئ ، ثم نزعم بعد هذا كله بأننا بصدد ( تنوع وثراء ثقافي لمجتمع واحد ) وليس تناقضاً أو على الأقل تبايناً .. فهذا ما لا وجاهة ولا فائدة ترتجى منه.
    وحينما نقول تناقض أو حتى تصادم ، فذلك ايمانا من جانبنا وقناعة بمؤدى طرح صاموئيل هانتيجتون الذي يمكن التأسيس عليه فنقول : انه ما أن نجد احتراباً وتوتراً وتشنجاً ثقافياً بين مجموعتين متجاورتين أو أكثر و يصل الأمر مرحلة العنف والدم في اي مكان من العالم، حتى نكتشف في الوقت ذاته ان السبب وراء ذلك هو عدم تواؤم المرجعيات الثقافية/ الحضارية ، بل كلما وجدنا استقرارا وتعبيرا أكبر عن الانتماء المشترك والتوافق فأننا حينئذ ازاء تبني افراد المجتمع المعين لصيغة ثقافية واحدة لها القدح المعلى فوق كل الخصوصيات المتنوعة، حتى لو اختلفت اثنيات افراد ذلك المجتمع ( امريكا مثالاً) .
    بل قد لا تشفع الشراكة العرقية اذا تباينت المرجعية الثقافية كليا أو جزئياً ( لبنان مثالاً).
    وعليه فمن الحكمة ان نذعن بأن السودان هو بلد التباينات الثقافية بامتياز وليس وطن التنوع الثقافي لشعب واحد كما يحلم الحالمون ، وبالتالي فأن واقعا كهذا يتطلب التعامل معه بمسؤولية أكبر ، .. هذا أولاً ، وثانياً فأنه من العبث بمكان أن يضيع الساسة الخياليون اعمارنا هدراً في طلب التعايش بين المتناقضات والمتباينات دون التسليم بضرورة هيمنة صيغة ذات كفاءة عالية وقادرة على احتضان تلك الخصوصيات المنتمية اليها كمركز محوري يضمن التوازن، اذ ان التناغم لا يجري الا على (التنوع) فقط ، وهو ما ينقصنا كما اشرنا ، وبالتالي تظل رحلة البحث عن تعايش مجموعاتنا الاثنية وثقافاتنا المتابينة هي بالضبط رحلة البحث عن عشبة الخلود أو مقارعة طواحين الهواء ، اللهم الا ان يكون هذا التعايش المنشود آتياً عن طريق صيغة سياسية منطقية وغير مؤدلجة، تستوعب جدياً هذا الواقع ، أعني الصيغة التي بوسعها أن تسمي لكل مجموعة فذة - عرقياً وثقافياً - حدودها وحقوقها التي لا تهدر ، على الا تطمع تلك المجموعة فيما هو أكبر من حجمها أواعلى من مؤهلات خصوصيتها والتي من بينها مدى قابلية عناصر هذه الخصوصية للتعميم ، ولو نسبياً، على المستوى القومي.
    واذا كان البعض سيسارع الى الحكم بأننا وفق هذه النظرية سنحول السودان الى أرخبيل سكاني كبير، فاننا في الحقيقة لا نريد ذلك ، وانما الواقع سيملي علينا أقامة نظام حكم لا يضم الا المجموعات المؤهلة مبدئياً للتماهي أو التفاعل الايجابي والطبيعي مع غيرها باتجاه بلورة نموذج ثقافي مشترك يكفينا شر الاحساس بالفجوات النفسية والاجتماعية والعرقية كما هو حادث الآن الى درجة الكراهية والدم !.
    والسبب في هذا الشرط المسبق (أعني شرط الاستعداد لتبني والخضوع للصيغة المركزية دون شعور بالهزيمة او الاستسلام!) هو أنه لن نرتاح قط طالما لا نلتف جميعاً حول حزمة قيم مرجعية جامعة تسمى (الهوية السودانية المشتركة ) . فبدون اللغة المشتركة والعقيدة المشتركة والعادات والوجدان المشترك فليست هنالك هوية مشتركة وبالتالي فليس هنالك تناغم وانسجام يجمع بيننا كشعب واحد.
    اذاً فالمطلوب ليس استعلاء عرق على سواه، كما يحلو للبعض أن يسميه، وانما اعلاء الجميع لحزمة من القيم المشتركة والمقدسة من جانبهم جميعا وهي التي تشكل مرجعيتهم وانتماءهم وولاءهم.
    انظروا الى كل دول العالم واعتمدوا المعيار ذاته ، فستجدون ان 90% من الدول التي بها نزاعات اهلية عنيفة تعاني بالتحديد من تصاعد ازمة تباين المرجعيات / الهويات الثقافية ، بل ان العرق لا يلعب دورا مماثلاً في هذا الشأن بقدرما العقيدة واللغة والتقاليد والوجدان أو أيّ من هذه العناصر الحاسمة .
    تلك هي حال بني آدم دائماً للأسف ، فنحن – عمليا وليس نظرياً- لن نحب بعضنا ولن نطمئن لبعضنا وبالتالي لن نتنازل ولن نتساكن أو نتجاور بسلام وبقبول متبادل الا اذا توفرت هذه القواسم الثقافية المشتركة التي لا مندوحة عنها.
    لذلك فلا داعي لأن نحرث في الصخر ونطلب المستحيل باسم الوطنية والوعي السياسي فنتوهم أنه بامكاننا التعايش بسلام حقيقي في ظل هذا التباين والشعور العميق بالاختلاف، هذا مطمح صعب المنال بمعزل عن ( الشبه ) الثقافي.. وقديما قالوا : ان الطيور على اشكالها تقع ، ونعني هنا اشكالها الثقافية . فمن كان حريصا بالفعل على الوحدة فمن باب أولى أن يحرص على تعزيز المرجعية المشتركة بدلا عن الامنيات الطيبات ، وهذا يتطلب الحرص على التواضع الثقافي غير القسري (أو الجزافي على نحو ما جرى في المنظومة الاشتراكية التي لم تشفع لها عشرات السنوات من التوحيد غير التاريخي فكان ان صعد كل واحد الى جبله الثقافي ببساطة شديدة في نهية المطاف وكأن شيئا لم يكن وكأن كل تلك السنين قد ضاعت هدرا من اعمار الشعوب) فما تفرضه الايدولوجيا قسرا يلفظه التاريخ بسهولة أكبر مهما طال الزمان أو قصر.
    هذا ما يؤكد عليه الانثروبولوجيون وعلماء الاجتماع ، فالقيم المصطلح عليها والمتراكمة تاريخيا هي فقط ما يشكل ذاكرة المجتمع وهويته، وأما غير ذلك فعبث و اماني.
    ولعله من الراسخ لدى القارئ أن ثقافة المجتمع السوداني الشمالي قد انبعث ، تاريخيا من أربعة مصادر أساسية هي على الترتيب ( حسب مقدار الاسهام في تشكل النموذج ) : أولاً معطيات البيئة الرعوية ( وتمثلها غالبا منتجات البداوة العربية من عادات واشعار واغاني حماسة وطقوس زواج الخ ) وثانيا مؤسسة المسيد ( لغة القرآن والزي والاعياد وثقافة الطرق الصوفية ) وثالثا التراث الأفريقي الموروث ( كالسلم الخماسي وعمارة القطاطي وبعض المفردات الخ ) ورابعا المكون الخارجي سواء المتمثل في الحصيل الايجابي جراء تجربة الاستعمار الثنائي ( التركي المصري والانجليزي المصري ومن ذلك نظام التعليم الحديث وتداعياته) أو جراء مكتسبات الاتصال بالآخر بأي شكل آخر .
    هذه العناصر البنيوية المشكلة - بغالبية ساحقة - لهوية الشمال ومرجعيته صمدت أمام التاريخ واشتركت في الجدل وبلورة النموذج وتكيفت بكفاءة حين استجابت لحاجات المجتمع ونزعاته ولذلك فهي ابنة تاريخ وضرورة حياة وصاحبة وظيفة وقبول عفوي.
    ولذلك فأن اية محاولة لاحدث خلل داخل هذه المنظومة المشكلة للنسق أو النمط المتواضع عليه ( من نوع محاولة اضعاف اللغة العربية أو تغيير مناهج التعليم أو تسييد غير المسلمين سياسيا على الغالبية أو تسييد التراث الافريقي على العربي بحجة ابرازه.. الخ ) سوف تقود فقط الى ارباك مسيرة تطور مجتمعنا من خلال القطع واللصق المرتجل، ومن خلال اوهام القسر بالقوة كحال الاتحاد السوفيتي المنهار .. حيث لا ربح النموذج الشيوعي ولا كسبت الشعوب السوفييتية وهذا هو مكمن الخطر .. الكل خاسر ومضيع للزمن وربما الارواح بالمعية .
    اذاً فما هو المطلوب ؟
    المطلوب هو سودان جديد باتفاق الجميع وباستصحاب تراث الاجداد وليس بموجب الفرض والزندية

    لكم محبتي .
                  

العنوان الكاتب Date
هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-02-04, 00:39 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ نصار08-02-04, 02:48 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ willeim andrea08-02-04, 03:00 AM
    Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-03-04, 03:10 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ نصار08-06-04, 04:49 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ Shao Dorsheed08-06-04, 08:57 AM
    Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-08-04, 02:40 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ Kobista08-08-04, 03:22 AM
    Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-09-04, 02:19 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ Kobista08-09-04, 08:10 AM
    Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-10-04, 03:18 AM
      Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-11-04, 02:12 AM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ Kobista08-11-04, 07:52 AM
    Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ محمد عبدالقادر سبيل08-11-04, 11:08 PM
  Re: هل ستولد هوية ( السودان الجديد) من خارج رحم التاريخ ؟ Kobista08-12-04, 03:40 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de