|
|
 أبناء دارفور هذه هي الطريق فهلا سلكناها معاَ !!!
|
سلام جميعا
من الخطورة بمكان الخوض في مشكلة معقدة و تحمل في طياتها الكثير من العواطف كقضية التعالي العرقي و الثقافي. و خاصة عندما تكون هناك حروب قائمة فان صوت المنطق و العقل يكون اقل كثيرا من قعقعة السلاح.
في الفترة الماضية قابلت العديد من الاصدقاء و تحدثت مع البعض الاخر عبر الانترنت، قد وصلتني عدة تساؤلات و امتعاضات عن طريقة التعامل السيئة التي لاقاها هؤلاء من بعض اصدقاء اعزاء لهم من ابناء دارفور و ذلك بتحميلهم المسئوليات عن الفظائع التي تدور هناك على الاقل معنويا، و الغريب في الامر ان بعض اصدقائي هؤلاء من ابناء دارفور و لكنهم ينتمون الى القبائل العربية هناك.
في اعتقادي ان تحميل الشماليين كمواطنين المسئولية الاخلاقية عما يدور في دارفور فيه اجحاف كبير و فيه ترسيخ لرسالة الجبهة الاسلامية من شق الصف الوطني السوداني بمختلف الحيل و الالاعيب. ان القول بان الشماليين كمجموعة اثنية هم المسئولين عن الحرب و الابادة في دارفور فيه تبسيط مخل للمشكلة و يقود بالضرورة الى نتائج خاطئة تؤدي بدورها الى استنباط حلول خاطئة لمشكلة معقدة.
استبيان جذور المشكلة و تشخيصها تشخيصا عميقا و جيدا هو المدخل الافضل لايجاد حلول ناجعة و كاملة لها. لقد رأينا جميعا و بام اعيننا ما حدث في حصر حلول مشكلة الجنوب و افتراض انها مشكلة بين شمال مسلم و جنوب مسيحي وثني، فحالما انتهت الحرب في جنوب الوطن حتى سارعت اطراف أخرى محملة بحيوف تاريخية الى المطالبة برفع المظالم و كانت لها في حروب الجنوب اسوة حسنة فبدأت مباشرة بحمل السلاح من النقطة التي وقف فيها الجنوبيون حتى لا تضيع الوقت فيما اثبتت الاحداث عدم جدواه ألا و هو الحوار و المجادلة مع حكومة مراوغة لا تحترم اتفاقاتها الا اذا اجبرت عليها تحت ظلال المدافع.
في تصوري ان القضية ليست هي من يحكم و لكن كيف يحكم، فنحن في الشمال لم تتغير اوضاعنا كثيرا بوجود حكام شماليين على سدة الحكم، بل ان هجرة الشماليين الى اجزاء اخرى من الوطن و هي هجرة صامتة في اغلب الظروف اخلت قرى الشمال السوداني من مواطنيه تقريبا و كل قواه العاملة و قد قرأت مؤخرات دراسة سكانية تقيد انه من شمال عطبرة و حتى مصر يوجود فقط نصف مليون ساكن من اصول شمالية و حوالي 600 الف نازح معظمهم من جنوب السودان.
هل سيتغير وضع ابناء دارفور اذا كانت السلطة على الاقليم في ايدي احد ابنائهم، لا اعتقد ذلك خاصة اذا لم يتم هذا الامر في اطار ديمقراطي يضمن المحاسبة و المحاكمة و التغيير السلمي للسلطة و تداولها.
هناك نقطة مهمة وددت اثارتها في هذا الموضوع الذي قد لا يبدو متماسكا من حيث تعدد افكاره و محاوره، و هي ان السودانيين بصفة عامة فقدوا القدرة من وقت بعيد على التفاعل مع مشاكل الغير و انخفض الوعي بالحقوق و المظالم الى مستويات مخيفة خاصة في ظل حكومة تمارس التجهيل كسياسية اساسية لتغبيش الوعي الجمعي لشعبها، فبعد ان كانت الخرطوم تسير المظاهرات لانتهاكات تحدث في اقصى القارة السمراء لدعم نضالات زعماء كنيكروما نجدها الان لا تكترث لما يحدث في ظهرانيها من مظالم و مآسي، و الوضع نفسه ينبطق ايضا على سكان دارفور في هذا السياق، فإبان اشتعالات حرب الجنوب في ظل هذه الحكومة المتطرفة و الظالمة حارب العديد من ابناء دارفور تحت الويتها بل ان العديدين ممن يتقلدون الان مراكز مرموقة في مقاومة دارفور كانوا امراء جهاد في تلك الحروب الاقتصادية المتوشحة بحلى دينية لدوافع دنيوية بحتة و رخيصة. بل و لقد اشترك العديد من هؤلاء في حروب تطهير عرقي حقيقية نتج عنها اكثر من مليون قتيل في خلال العشرة سنوات الاخيرة اي ما يربو بعدة مئات من الالاف عن عدد مواطني دولة الامارات العربية المتحدة الاصليين هذا ان لم يكن ضعفهم.
و لاختم هذه الخواطر المبعثرة اود ان اذكر ما ورد في ثناياها مرة اخرى و هي ان المشكلة الاساسية هي شكل الحكم و اقامة دولة المواطنة و فصل الدين عن الدولة و استعادة الديمقراطية و عدم قيام احزاب سياسية على اساس ديني و هي خطوط عريضة أتفق (بضم الالف وكسر الفاء) عليها جميعا في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية تلك الاتفاقات التي تحاول الاحزاب السياسية (خاصة الكبيرة) الان التملص منها. و ددت ان اذكّر ابناء دارفور ان القضية ان وضعناها بهذا المنظور فهي قضية مشتركة قضية شكل الحكم، لا تخص ابناء دارفور او الجنوبيون وحدهم بل هي قضية كل السودانيون بمختلف انتماءاتهم العرقية و الدينية، و لكي لا ننسى فان من قتل ضباط احداث رمضان الشماليون شمالي، و من أعدم عبد الخالق محجوب و رفاقه و معظمهم شماليون شمالي، و قد احيل الى الصالح العام اكثر من عشرة الاف مواطن معظمهم من الشماليون من الخدمة المدنية في ظل حكومة تنتمي عرقيا الى الجزء الشمالي من الوطن ، و قد قتل و عذب و شرد الكثيرون من الشماليون و الوطنيون في ظل هذه الحكومة و سابقاتها فقط لانهم دافعوا بضرواة عن قضايا وطنهم فكلنا محاربون في خندق واحد ضد نخب و انتلجنسيا تتخلى عن قضايا مواطنيها بمجرد ان تتشبث بكراسي الحكم، و شق صف هؤلاء المحاربين لن يكون إلا في مصلحة هذه النخب و تكريس لسلطتها بطرق مختلفة.
لكم كل ودي
امجد ابراهيم
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست