|
دارفور ومخطط تقسيم السودان.................أحمد المرشد (Re: Omar)
|
آخــر تحديــــث 2004-08-18 دارفور ومخطط تقسيم السودان.................أحمد المرشد انفجار أزمة دارفور في السودان في نفس العام الذي تمت فيه تسوية مشكلة الجنوب أمر لا يمكن أن يخضع لقانون المصادفة، خاصة بعدما اكتسبت هذه الأزمة أبعاداً دولية بفضل حالة التأهب الفرنسي المبكرة، ومع الإنذار الأمريكي الذي يمهل الحكومة السودانية 30 يوماً فقط لحل الأزمة من جذورها.
وإذا كانت الحكومة السودانية أعلنت أن المهلة الأمريكية أشبه بإعلان حرب، فإن أكثر المتفائلين يرى أن الحرب قد بدأت بالفعل بوسائل غير تقليدية. فقد بدأت - شأنها شأن الحروب الأمريكية الأخيرة - على شاشات التليفزيون وفي أروقة الأمم المتحدة، وأن الهدف من هذه الحرب هو تقسيم السودان إلى ثلاث دول، دولتان إفريقيتان في الجنوب والغرب، وثالثة عربية في باقي مناطق السودان أو في البقية الباقية من هذا البلد الذي كنا نعتبره سلة غذاء العالم العربي رغم أن مشاكله بدأت وتفاقمت بسبب الفقر والجوع اللذين كانا المحرك الأساسي لصراع استمر على مدى 20 عاماً في الجنوب وانتهى بتوقيع إتفاقية “ماتشاكوس” بين جون قرنق، وحكومة الرئيس عمر البشير، والاتفاق على تقاسم النفوذ والسلطة، وتعيين قرنق نائباً لرئيس الجمهورية.
لقد توهمنا أن مشاكل السودان قد انتهت بعد اتفاق “ماتشاكوس” الذي أنهى أطول حرب أهلية شهدها بلد عربي، وهي الحرب التي أنهكت السودان الذي لم يعرف الاستقرار منذ استقلاله قبل 44 عاماً (1956) إلا على مدى 11 عاماً فقط، وكانت السنوات الأخرى هي سنوات حروب واضطرابات.. توهمنا ذلك لأننا ندرك حقيقة ما يدور خلف الكواليس، أو لأننا أفقنا من نومنا - كالعادة - في اللحظات قبل الأخيرة. ففي الوقت الذي كشف فيه بعضهم عن خطر كامن وراء اتفاق “ماتشاكوس” الذي حدد فترة انتقالية عمرها ست سنوات ليقرر أهالي الجنوب مصيرهم. وقيل إنها قد تكون السنوات السابقة للانفصال، ودللوا على ذلك بتصرفات قرنق نفسه الذي أصبح يتصرف كرئيس دولة في نطاق نفوذه بعد توقيعه للاتفاق.. في هذا الوقت تفجر الصراع في دارفور من قبل حركتين لم تكونا معروفتين على الساحة السودانية بقوة وهما “حركة جيش تحرير السودان” و”حركة العدل والمساواة” وتصاعدت بسرعة وتيرة الصراع ليصل إلى الذروة في زمن قياسي.
والمثير في الأمر أن الولايات المتحدة تحاول تصوير الصراع في دارفور صراعاً بين الميليشيات العربية والقبائل الإفريقية، في محاولة لإظهار العرب معتدين، وفي محاولة لتأكيد مزاعمها حول أعمال التطهير العرقي أو ما تسميه عمليات الإبادة الجماعية، وهي مزاعم تفتقد الحد الأدنى من الحقيقة، ورغم ذلك ترددها في كل لحظة آلة الإعلام الأمريكية بخبث ودهاء منقطعي النظير.
والحقيقة أن دارفور التي أصبحت في دائرة اهتمام العالم هي إقليم تبلغ مساحته نصف مليون كيلومتر مربع، أي بحجم العراق أو ولاية كاليفورنيا الأمريكية، ويبلغ عدد سكانه سبعة ملايين نسمة وفقاً لإحصاء أجري عام ،1993 وتعيش هناك 85 قبيلة عربية إفريقية، أكبرها قبيلة “الفور” التي اتخذ الإقليم اسمه من اسمها، فهو اختصار لكلمتي “ديارفور” ويشكل الأفارقة 60% من سكان الإقليم، وقد تولى أبناء قبيلة الفور منصب حكام الإقليم منذ عام ،1956 وهو تاريخ استقلال السودان، ولم يحتل هذا المنصب أبناء القبائل العربية ولم ينافسوا عليه.
أما ميليشيات “الجنجويد” التي تتهم الإدارة الأمريكية الحكومة السودانية بتسليحها، وبأنها وراء مقتل 50 ألف شخص من مواطني الإقليم، وهجرة حوالي مليون آخرين إلى تشاد، وأنها تقوم بأعمال تطهير عرقية، فعناصرها في الحقيقة ليسوا من سكان الإقليم، بل هم ليسوا سوى عصابات من قطاع الطرق، تمارس القتل ولا تلتزم بالقانون وهناك من يؤكد أن جذور الجنجويد تعود إلى حقبة الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري حين لجأ إلى تجنيد المرحلين من قبائل الرزيقات والمسيرية في جنوب دارفور وكردفان لمواجهة حركة قرنق، وقد انضم المرحّلون إلى الميليشيات الرسمية للحكومة السودانية عام 89 في أعقاب تسلم الرئيس عمر البشير السلطة.
ورغم اعتراف جميع الأطراف السودانية، بمن فيها الرئيس البشير نفسه بتجاوزات “الجنجويد”، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين يصرون على البدء بنزع أسلحتهم وحدهم، من دون الحديث عن نزع أسلحة مقاتلي دارفور من حركتي التمرد هناك، وهو ما تعتبره الأطراف السودانية الرسمية معادلة تقوية من تطلق عليهم المتمردين، أو الانفصاليين.
وهذه المخاوف الرسمية في السودان هي بالفعل الأقرب إلى الحقيقة، خاصة بعد التصاعد الدراماتيكي المفاجئ للصراع في دارفور، وبدء الأطراف المتحاربة من دارفور في المناداة باتفاق مماثل لاتفاق “ماتشاكوس” لتقاسم السلطة والثروة.. وقد يصل الأمر إلى المطالبة بحق “تقرير المصير”.
ومما يدعم هذه المخاوف ويعمل على تأكيدها مشاركة قوات تشادية في الحرب الدائرة هناك إلى جانب المتمردين والانفصاليين، وهو أمر لم ينكره رئيس ما يسمى “حركة تحرير السودان” في دارفور في أحاديثه لوسائل الإعلام، وإن كان قد حاول تبريره بتداخل القبائل بين دارفور وتشاد، وبأن قيادة الحركة لاتزال في يد أهالي دارفور.
وبالنسبة لكثير من الدوائر السياسية فإن ما يدور في السودان هو بمثابة سيناريو حقيقي لتقسيم السودان إلى ثلاث دول، وهم يؤكدون ذلك بحقائق عدة:
أولاً: إن الولايات المتحدة اختارت السودان كأول محطة لها في إفريقيا بعد الحرب الباردة، وقد لعب هيرمان كوهين مساعد وزير الخارجية آنذاك دوراً بارزاً في هذا المجال عبر تحالفه الشهير مع حسن الترابي، فلما انقلبت الإدارة الأمريكية على الترابي، لم يكن أمامها سوى جون قرنق، الذي قدمت له وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت جميع المساعدات التي مكنته من مواصلة الحرب لأكثر من عقدين من الزمان.
ثانياً: إن قرنق الذي بدأ حياته يدعو لتنظيم شيوعي قد غير اتجاهه بشكل كبير، بعدما عاش في الولايات المتحدة لفترات متفاوتة بلغ مجموعها أكثر من عشر سنوات، استفاد خلالها من بعثة دراسية بالمدرسة العسكرية في فورت بنين بولاية جورجيا، ونال خلالها الدكتوراة في الاقتصاد الزراعي، وكان موضوعها حول مشروع إنشاء قناة جونجلي التي تضيف حوالي خمسة مليارات متر مكعب من مياه النيل إلى مصر والسودان.. والمثير للدهشة أنه وجه ميليشياته إلى تدمير الحفار الفرنسي الأضخم من نوعه في العالم بعد أن قطع شوطاً في حفر القناة.
ثالثا: إن هناك معلومات أثارها الصحافي الفرنسي بجريدة “لوموند” إيريك رولو حول التحاق جون قرنق بدورة عسكرية في “إسرائيل”، وذلك في مقال نشرته مجلة “الحوادث” اللبنانية في منتصف الثمانينات.
هذه العوامل تؤكد أن هناك صلة ما بين أحداث الجنوب التي اعتقدنا - أو توهمنا - انتهاءها باتفاق “ماتشاكوس” وبين أحداث دارفور التي تصاعدت فجأة، وأن هناك دوراً أمريكياً بين ما دار ويدور في المنطقتين.. وأن ما يدور في دارفور جزء من سيناريو متكامل لتقسيم السودان إلى ثلاث دول، على غرار ما يتم الإعداد له في العراق.
كنا نسمع منذ أكثر من ربع قرن من الزمان عن محاولات تفتيت وتقسيم دول العالم العربي إلى دويلات صغيرة وضعيفة وكنا لا نصدقها أو نستبعد حدوثها، ولكن يبدو أن تنفيذ هذه السيناريوهات قد دخل أكثر مراحله جدية.
وعلينا من الآن ألا نسأل أنفسنا فقط ماذا سنفعل إزاء ما يدور، بل أن نسأل أنفسنا أيضاً ماذا سنفعل تجاه السيناريوهات القادمة؟ فإذا كانت البداية بالعراق والسودان، فإن هناك دولاً عربية أخرى يجب ألا تقف مكتوفة الأيدي لتنتظر دورها.
* كاتب بحريني
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-12-04, 08:32 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-12-04, 08:35 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-12-04, 08:46 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-14-04, 07:48 AM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-25-04, 08:15 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-26-04, 01:56 AM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-27-04, 10:47 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 07-30-04, 12:20 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 08-03-04, 08:29 PM |
Re: كيف تناول الإعلام العربي الأزمة في دارفور؟ | Omar | 08-03-04, 08:32 PM |
دارفور ومخطط تقسيم السودان.................أحمد المرشد | Omar | 08-17-04, 07:58 PM |
دارفور ولعبة المصالح .... | Omar | 09-22-04, 00:00 AM |
|
|
|