لقد تمكنت بحمد الله من مشاهدة الفيلم التوثيقي الجديد "فهرنهايت 11/9" وهو من أفلام الموثق السينمائي المشهور مايكل مور .. وقد سبق اليوم الافتتاحي للفيلم ضجة اعلامية كبيرة اذ حاولت بعض قوى اليمين وأنصار الرئيس بوش الحيلولة دون انتاجه وعرضه حتى لا يؤثر على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2004 .. فمثلا تعرضت الشركة الأولى التي كانت تنوي انتاج الفيلم لضغوط من بعض الجمهوريين (انصار الحزب الجمهوري الأمريكي) فأوقفت التمويل .. فتلقفت الفيلم شركة ميرماكس التابعة لشركة ديزني ومولته ولكن تدخل مدير شركة ديزني ليحول دون توزيعه مما جعل وسائل الاعلام تلتقط الخبر فازداد اهتمام الجمهور به .. وجاءت الطامة الكبرى حينما فاز الفيلم بجائزة مهرجان كان السنمائي مما سبب حرجا كبيرا لشركة ميرماكس فأخذت تبحث عن موزع آخر دون جدوى حتى التقطته شركة ليونز قيت وأنقذت الموقف .. دخل الفيلم بعد ذلك معارك أخرى حيث تخوفت الكثير من دور العرض من عرضه بعد أن تلقوا تهديدات من بعض اليمينيين المتطرفين ثم ظهرت مسألة تصنيف الفيلم ك R ويعني ذلك أن دخوله مقيد بعمر 18 سنة فما فوق مالم يصطحب الداخل شخص كبير وذو صلة قرابة به .. وقد شعر مخرج الفيلم بأن هذا التصنيف قصد منه حجب قطاع كبير من الشباب اليفع من مشاهدته خاصة وأنه قد ينفرهم من الانضمام للجيش والمشاركة في الحرب (وطبعا الجيش يقبل التجنيد من سن 16) .. وحجته في ذلك أن مشاهد العنف التي من أجلها قيد الفيلم يمكن لهؤلاء الشباب معايشتها علي أرض الواقع عندما يتم تعيينهم وارسالهم للقتال في العراق فلماذ يمنعون من مشاهدتها على الشاشة .. ولا يزال الجمهوريون يحاولون باضطراب باد ايقاف الفيلم بحجة أنه يمكن أن يعتبر حملة انتخابية مضادة وممولة تمويلا مشبوها !! وبالرغم من كل ذلك بل لعله من أجل ذلك حقق الفيلم نجاحا كبيرا وحضورا غير مسبوق في أول يوم لعرضه حيث اصطف الناس في صفوف طويلة لمشاهدته (كما هو واضح في الصورة أدناه) .. أنا شخصيا لم أصدق ما شاهدته من حضور بالرغم من أنني تأخرت عن قصد لأحضر العرض الأخير لهذا اليوم .. وقد اضطررت لأقف في الصف لمدة نصف ساعة أو يزيد وهذه ظاهرة نادرة في دور العرض في مدينتنا هنا .. وعندما دخلت القاعة كانت مكتظة بالحضور ماخلا الصفوف الثلاث الأولى وحتى هذه امتلأت قبل أن يبدأ العرض .. لاحظت حضور عدد ملفت من الشباب العرب وقد سهل علي تمييزهم من الضوضاء التي كانوا يحدثونها وقد كان بعضهم منفعلين لدرجة الصياح والخروج من القاعة عدة مرات أثناء عرض الفيلم .. كنت قد سمعت تعليقا يشبه هذا الفيلم بفيلم عذابات المسيح وقد أطلق عليه أحدهم The Liberal's Passion of Christ وهو فعلا كذلك لما فيه من رسالة قوية متقنة الاخراج ، عرت حكومة جورج بوش والقوى التي تقف خلفها وكشفت الدوافع الحقيقية لحرب العراق وأظهرت سوءها بصورة حركت مشاعر الحضور .. وقد أظهر مخرج الفيلم مايكل مور مقدرة فائقة في ربط الأحداث (قبل وبعد 11 سبتمبر) ومتابعة تفاصيلها وتحليلها تحليلا عميقا مستعملا روح الدعابة وقوة المنطق بصورة جعلت المشاهدين واجمين أمام ما حشده المخرج من أحداث ومتناقضات خلال ساعتي عرض الفيلم .. وأكثر ما أعجبني في الفيلم كشف العلاقة بين آل بوش وآل سعود والمصالح المالية المشتركة بينهما وكذلك عرضه لتبعات الحرب كمآسي انسانية لمست بعض شخصيات الفيلم عن قرب بصورة مؤثرة ومحزنة .. عندما انتهى الفيلم صفق غالبية الحضور تصفيقا قويا وطويلا وخرجوا وهم يطنطنون غضبا وعجبا للخدعة الكبيرة التي كانوا يعيشون تحت تأثيرها .. غايتو لو في سبب واحد بيغطس حجر الرئيس الأمريكي جورج بوش في الانتخابات القادمة سيكون هو فيلم Fahernheit 9/11 .. أوصي كل من يستطيع دخول هذا الفيلم أن يدخله بلا تردد فهو فعلا يستحق الاهتمام الذي وجده ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Elsuhaili Magzoub
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست