|
|
 Re: رحلوا وما تركوا خـــــــــــــبر (Re: ودقاسم)
|
العزيز
أستاذنا ود قاسم
لك إخضرار السلام وبياض الود وكل عطر التحية، وبدءا اشكر لك وأقدر كثيرا إفتقادك لزملاء أصفياء، وأن ضمنت إسمى بينهم، وأقول كما قال صديقى معتصم إنا مقيمون ها هنا ما أقام عسيب مثل ما يقول أمرؤ القيس الكندى، وقد تمت دعوتنا إلى منبر سودانيات، والذى هو أكثر من شقيق لمنبرنا البهى هذا، بل ولربما يكونان توأمين، وقد يتمايز التوأمان أو يتطابقان، ولكن كل هذا ليس ببيت قصيد الأمر، وإنما الأمر كله سعى للإسهام ولو بما يتيسر فى إعلاء شأن الوطن وأهله فى أيما منحى ومجال
أما الغياب الجزئى كما أسميته أنت، فالسبب فيه معلوم ومدرك، وكما تعرف يا ود قاسم، إنى أنا شخصيا ومعى زملاء أحباب، كنا قد حاولنا، ولا نزال بالطبع، أن نطفى قدرا من حميمة التواصل وتكريس نوع متميز من العلائق بين الناس هنا، ولا أستطيع أن أقول بهزيمة هكذا مشروع، إذ يجب ألا نستعجل النتائج، ولكن، مع عدم إعتماد اليأس، لا أرى هذه النتائج قريبة، فالخلل عميق ويمسك بقوة و بيديه الإثنتين على رقاب المحاولات، ونحن دائما مع الإختلاف، فالإختلاف أصل صميم فى طبيعة البشر ومن السذاجة بمكان الإعتقاد والإيمان بتساوى الأفكار وتماثل الرؤى، ولكن أى إختلاف هذا الذى نحن معه بل ونشجع عليه؟
الإختلاف الذى نريده هو ذاك الذى يعتمد الفكر سلاحا وقبول الآخر على أرضية حوار متحضر وراقى وسليم، يستخدم فيه أدوات العقل والحجة والكلمة الطيبة، ولكن وكما رأيت وترى الآن وحتما سوف ترى فى قادم الزقت، أنه وما من شأن أو موضوع يبتدر فيه النقاش والسجال، إلا وتنحدر اللغة وتتهاوى الألفاظ إلى درك القبح وهاوية السوء، وينسى أو يترك الموضوع الأساسى ويختصم الناس فى أمور شخصية ليس لها صلة بموضوعهم الرئيس، نريد أن نستفيد ويستفيد الآخرون من الإختلافات الفكرية بين الأعضاء، نريد ويريد كثيرون أن يتعمقوا فى فهم فكر أو توجه غير ذلك الذى يؤمنون به، ولو من أجل الألمام به، ولو بغرض تثقيف الذات، ولو من أجل المعرفة مطلقة، لا أن ينجر هؤلاء واولئك ويجروننا معهم الى ما لا يسمن ولا يغنى من أى شئ
وهنا، أود أن أسجل إعجابى ومحبتى لكل الزملاء الأعزاء أصحاب الفكر الجمهورى وأن أثنى عليهم وأنحنى أمامهم، فهم أصحاب فكر، يتفق الأخرون معهم أو يختلفون، ولكننا لم نر منهم فاحش قول ولا ساقط كلام، بل هم دائما يسعون بين الناس بالحسنى يطرحون فكرهم دون غضب وبلا إنفعال حتى حين يستفزهم الآخرون، واسوق الجمهوريين هنا كنموذج ومثل فى الحوار والنقاش يوجب الإتباع والأخذ بطرائقه وأدواته
قد يقول قائل ولم لا نخوض نحن، أو أنا تحديدا، فى حوارات السياسة أو الفكر أو ما شابه، السبب المباشر وتحديدا هنا، هو المعرفة والإدراك مسبقا لنتيجة أى نقاش أو حوار قد يدخل المرء فيه، والمعنى واضح كما أظن، وقد يستغرب الجميع هنا حين يعرفوا أنى أنا، هذا العبد الفقير، لم أكن فقط سياسيا أو منتمى لفكر بعينه فحسب، بل كنت أنا ممن يجندون الناس ويقنعونهم بمبادئنا وأفكارنا، وقد كنت أنا شخصيا على علاقات طيبة لم يكدرها إختلاف أو تنافر بين فكرنا وفكر الآخرين، حتى مع أصحاب الإتجاه الإسلامى والذين كانوا ولا يزالوا يرون فينا ألد أعدائهم، أو عدوهم الأزلى الوحيد ولكننا كنا نختلف ونحتد فى الخلاف، وكل ذلك بلا ضغائن أو إسفاف أو حقد وكراهية، وكل هذا ايضا لمجرد الإيمان بأن الفكر مكانه العقول، وفى البدء كان الكلمةوأرجو ألا تستغرب ويستغرب القارئ لهذا الكلام، إن قلت لك أن كثيرين من الذين تم تجنيدهم على يدى، هم الآن من القادة والزعماء ذوى الشأن فى ذلك التنظيم، وقد تركت كل ذلك خلف ظهرى لأسباب خاصة أولا، ولأسباب أخرى تدخل فى صميم تفاصيل التفاصيل بالفكر الذى كنت ولا أزال أعتنقه، وهناك زميلة كريمة لنا هنا بالمنبر وإن كانت لا تشارك إلا قليلا، هى الوحيدة ممن كانوا معنا خلال ايام الدراسة الجامعية وتعرف كل هذه التفاصيل
من هنا أتى العزوف يا ود قاسم من هكذا سجالات وحوارات، وحاولنا تركيز الجهد فى وضع الرسالة ضمن مواعين أخرى، علها تصل أو توصل ما نريد، ويبدو أننا قد فشلنا فى هذا أيضا، ودونك الآن قصيدة كنت قد أنزلتها هنا قبل عدة أيام وحاولت فيها هذه المرة أن أضع لها عنوانا مباشرة وأعنونها للمختلفين والمتنافرين من الزملاء، وهذا ايضا لم يجد فتيلا، وإن كنت دائما لا أفضل المباشرة فى اللغة الأدبية
خلاصة القول يا عزيزنا ود قاسم، هو أننا سنظل ممسكين بمصابيح قد تحرق الأصابع، ولكن سوف لن نياس من تلمس كل دروب الوصول، ولو إلى الحد الأدنى من سهول الإلفة وجميل التواصل بين الناس، والسعى لتأسيس طرق مهذبة ونافعة ومتحضرة فى الحوار والخلاف، وسوف نظل هنا تحت سماء منبرنا الزاهى والعامر هذا والذى ندين له بالكثير الكثير والله، ما كان فى اليراع بقية مداد
وأعتذر عن الإطالة وإهدار القليل من المساحة الخضراء هنا، وأحييك مجددا يا ود قاسم وأسجل لك تقديرى الكثيف وإمتنانى العميم على صفاء سماء الحق فى داخل روحك النبيلة، ولك الود والمعزة دائما
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
THE RAIN
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست