|
|
 تحليل سياسي ..عن مفاوضات الترتيبات الامنية
|
انطلاق التفاوض مرة أخرى·· الممكن والمستحيل
تقرير: عارف الصاوي
الشهر الماضي كان الجنرال لازارس سيمبويو الوسيط الكيني لمفاوضات السلام السودانية وكالوزا مسيوكا وزير الخارجية السابق والبيئة حاليا المسؤول المباشر عن ملف السلام في السودان، يزوران السودان وبأدق العبارات طلبا من الحكومة السودانية >اطلاق المفاوضات مرة اخرى بعد ان توقفت في اغسطس الماضي اثناء جول اجرائية او فنية تبحث في اجراءات تطبيق اتفاق الترتيبات الامنية·
اما الذين كانوا يدققون في الامور فانهم تعرفوا من خلال وجهات النظر الصادرة من جانبي التفاوض عن النقاط الخلافية > على ضوء مرجعية اتفاق الترتيبات الامنية في 52 سبتمبر 3002م<
وفعلا كان نهاية الاسبوع الماضي هو الوقت الذي اعلن عن بداية انطلاق المفاوضات مرة اخرى على مستوى قمة الوفدين >النائب الاول علي عثمان والدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية<·
ففي بهو فندق انتركونتننتال الفخم بالعاصمة الكينية نيروبي افتتحت جولة التفاوض بحضور رسمي من الحكومة الكينية ممثلة في الجنرال سيمبويو ووزير البيئة كالزيو مسيوكا اضافة الى تشريف مبعوث الامم المتحدة الى السودان يان برونك·
الطرفان الحكومة والحركة الشعبية اكدا في الافتتاح انهما عازمان على الوصول لتسوية شاملة للخلافات التي لا تبدو صغيرة باي حال من الاحوال·
الا ان باقان اموم قال للصحافة >إن الخلافات في تفسير ما اتفقنا عليه سابقا< وفي هذه الحالة فان الجولة تبدأ وسط خلافات جوهرية فيما اتفق فيه سابقا، وفي هذه الحالة كان يمكن ان تكون الجولة سهلة لو حدد الطرفان من قبل وجود مرجعية قانونية لتفسير ما يتوقع ان يختلف عليه الطرفان· وطالما ان هذه الهيئة المرجعية تتمثل الآن في >قيادةالوفدين ـ طه وقرنق< فانه متوقع خلال جلسات متتابعة بدأها منذ الخميس الماضي فوروصولهما لنيروبي·
المناخات العامة
كان شارلس سنايدر بنهاية ا لشهر الماضي قد زار السودان وتحدثت مصادر مطلعة انه كان يحمل رؤية اعادة استئناف مفاوضات نيفاشا، ومع انه لم يفصح ان كان سنايدر مساعد وزير الخارجية الامريكي لشؤون السودان والذي كان مسؤولا عن افريقيا في وزارة الخارجية الامريكية الا ان المسؤولين الامريكيين اسندوا اليه ملف السودان فقط وبالطبع فان ذلك يعني ا ن الولايات المتحدة قد رفعت من نظرتها للسودان، كما ذكر للصحافة مسؤول حكومي بارز ونفس الشيء اكده قيادي بالحركة ا لشعبية فضلا حجب اسميهما بلا توافق مسبق بينهما·
المهم في الامر ان زيارة سنايدر الى الخرطوم كانت رسالة للمفاوضين في نيروبي هذا الاسبوع بل ان الدكتور حسن مكي قال للصحافة >انه يتوقع ان تكون ذات رسالة سنايدر قد دفعها توني بلير في زيارته الخاطفة الى الخرطوم الاربعاء الماضي·
واذا انتقلنا الى نيروبي امس فاننا سنعلم ان سنايدر راح يتابع خطوات اكمال الدفع الامريكي فقد وصلها امس الاول ودخل في ا جتماعات قدرها المراقبون هناك على انها دافعة لعملية اكمال هذه الجولة والدخول في آليات تنفيذ الاتفاق ·الجولة التي اقترحتها الحركة ا لشعبية لتحديد كيفية تطبيق ما تم الاتفاق عليه· وامس فقط وصلت الى مقر المفاوضات وزيرة التعاون الدولي النرويجية هيلدا جونسون حيث ستنتظر حتى المساء لتكمل لقاءات تشاورية مع كل من النائب الاول ورئيس الحركة الشعبية·
فاذا اكتملت المشاورات واتفق قطبا التفاوض على وضع موجهات التفاوض للجان التفاوضية فانه من المفترض ان تنفض اجتماعات القمة الثنائية اليوم بين النائب الاول ورئيس الحركة الشعبية وحسب ما صرح به الدكتور امين حسن عمر عضو الوفد المفاوض الحكومي· واوضح ان الحكومة لا ترغب في بقاء النائب الاول اكثر من الايام الثلاثة التي ستضع اجندة وموجهات التفاوض للجان·· بينما الحركة الشعبية تلمح الى بقاء قطبي التفاوض حتى تجاوز العقبات الموجودة· حيث اعتبر ياسر عرمان ان الخلافات تحتاج الى قرار سياسي يجب ان يتخذه قطبا التفاوض· وليست هناك خلافات في التفاصيل الفنية حتى تترك للجان·
على كل في حال انتهت مناقشات القطبين بتمديد بقائهما او بترك اللجان تتابع العملية فان المفاوضات ستنتقل اليوم الى كارن المدينةالتي شهدت من قبل جولة عالقة في الاذهان حتى اليوم لتتواصل المفاوضات هناك·
واضح ان هذه الجولة تأتي في سباق تاريخي مهم خصوصا بعد نشاط الادارة الامريكية الحالية في تسوية موضوع سلام السودان قبل نهاية اكتوبر الحالي الموعد المحدد ان يواجه فيه الرئيس الامريكي جورج بوش اعضاء الكونغرس الامريكي ومن المفترض يتحدث بوضوح عما فعلته الادارة في السودان·
ويتحدث محللون في الخرطوم انه ربما كان سنايدر يتحدث للمسؤولين في الخرطوم عن طريقة مثلى لتجاوز هذا التاريخ باحراز تقدم في المفاوضات لكن كيف يمكن ان نخترق جولة لم يحسب لها ا لكثيرون حسابات التعقيدهذه· فعقب توقيع اتفاق الترتيبات الامنية قال الدكتور عبد الرحمن ابراهيم المستشار القانوني للوفد المفاوض >ان الطرفين افتتحا بالقضية طريقا سالكا للتفاوض في بقية القضايا<·
لكن اليوم في الخرطوم يتحدث خبراء عسكريون وبعض الضباط السابقين في الجيش عن اخفاقات في الاتفاقية قد تحدث اشكالات غير متوقعة مستقبلا والدكتور غازي صلاح الدين شخصيا رئيس الوفد المفاوض الحكومي السابق تحدث للشرق الاوسط بان الاتفاقية >الترتيبات ا لامنية< فيها اخفاقات كثيرة وقد حسم امين حسن عمر هذا الجدل بقوله >هي لا جميلة ولا مريحة ولكنها الممكنة<·
الجولة تواجه الخلافات الآتية:
عندما اخفقت جولة التفاوض في الترتيبات الامنية اغسطس الماضي في التوصل الى اتفاق كانت اول ردة فعل رسمي من جانب الحركة الشعبية هو تصريح قرنق بعد اجتماع عقده في نيروبي التي وصلهاقادما من اسمرا مع بعض قادة وضباط الحركةالكبار· وقال ياسر عرمان الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية >ان الحكومة ناورت في الجولة التي انقضت دون التوصل الى شيء بتراجعها عن الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 52 سبتمبر 3002
التوضيحات التي ذكرتها الحركة الشعبية تتعلق في النقاط التالية:
>موضوع تمويل جيش الحركة الشعبيةخلال الفترة الانتقالية· وكذلك مسألة المليشيات الاخرى غير جيش الحركة الشعبية والقوات المسلحة، ومايتعلق بوجود جزء من القوات المشتركة شرق السودان التي سينسحب منها جيش الحركة ا لشعبية بعد عام من توقيع الاتفاقية<·
هذه هي المسائل التي يدور فيها الجدل الآن كل له رؤية وموقف يعتقد انه لا يتراجع عنه·
وفيما التربصات تعتمل في المواقف والاجواء يشوبها الحذر والتوقع الوفدان يحجمان عن التصريحات وقطبا التفاوض يجتمعان في قاعة انيقة بفندق الانتركونتيننتال في نيروبي·
يشعر المراقبون ان عملية السلام برمتها تواجه مصيرا صعبا·
جدل الممكن والمستحيل
من الاجواء العامة هناك في نيروبي يبدو المشهد بأخذ صورة اللحظات الحرجة ما بين محاولات انقاذ مجهودات الـ 101 يوم وما بين تحذيرات تخرج من هنا وهناك بمأساوية الوضع القادم ان فشلت الجولة· واذا حاولنا ان نتقصى المواقف فحتما كنا سننجح بقدر اكبر قبل ان تتكثف المواقف في لحظات التفاوض الحرجة·
ولنأخذ مثلا مسألة تمويل جيش الحركة الشعبية المسألة المفصلية في الجولة الحالية اذ ترى الحركة الشعبية على لسان احد قواد التفاوض في وفدها باقان اموم ان هذه المسألة حسمتها الاتفاقية معتمدا على بعض البنود كالبند >3< في الاتفاقية في حين ان امين حسن عمر يقول إن الحكومة لن تتنازل عن موقفها الرافض كلية لتمويل جيش الحركة الشعبية من الخزينة المركزية· ويوضح هذا الموقف بان على الحركة ا لشعبية ان تصرف على جيشها >خارج القوات المشتركة< التي ستلقى التمويل >مركزا< من موارد حكومة الجنوب·
حسنا بين هذين الموقفين تقف المفاوضات في انتظار اختراق ما من قطبي التفاوض >طه ـ قرنق<·
ولكن قبل ان نستمر في رصد السيناريوهات المحتملة دعونا نلقي نظرة على البند الذي اعتمدت عليه الحركة الشعبية يقول البند >وجزء من اتفاقية السلام وبغرض ا يقاف الحرب يتفق الاطراف على ان القوتين المسلحتين>القوات المسلحة السودانية والجيش الشعبي لتحريرالسودان< سيظلان منفصلين خلال الفترةالانتقالية كما يقر الاطراف بان كلتا القوتين ستعتبران وتعاملان سواء بسواءبوصفهما القوات المسلحة السودانية الوطنية خلال الفترة الانتقالية<·
هذا النص يواجه ا ختلاف تفسيرات كل يرى فيه مبتغاه وربما حسب باقان اموم يعرض على خبراء لاستنطاق مدلولاته الحقيقية·
بقى ان الطرفين ما زالا يختلفان في وضعية المليشيات والجيوش الاخرى· اذ ترى الحكومة انهافي هذه الحجة تأخذ بعض الملاحظات والاعتبارات التي اثارها قواد هذه المليشيات يوم الانضمام الى الجيش الشعبي كافراد، وترى ان هذه المسألة تحمل توترا امنيا اذا ما تمت بهذه الطريقة·· بينما ترى الحركة الشعبية ان الحكومة تريد ان تشعل بموضوع المليشيات بارود حرب في الجنوب على اهبة الاستعداد للحريق· وترى انها تريد ان يطبق النص في الاتفاقية كما هو·
والبعض في الاتفاقية يرفض قيام أى جيوش خارج الجيشين الموجودين فهمت الحركة الشعبية ان الحكومة تريد معاملتهم كطرف ثالث في الاتفاقية الشئ الذي ترفضه الحركة الشعبية ويقول امين حسن عمر >انهم يطالبون باشياء غير منطقية كأن تسرح هذه القوات وتنزع منها السلاح) ·
والاتفاقية تقول في البند (7) لا يسمح لاى مجموعة مسلحة متحالفة مع أى من الطرفين بالعمل خارج القوتين المسلحتين والمقصود بالقوتين القوات المسلحة والجيش الشعبي ·
لكن قد تظهر مشكلة اخرى تتعلق بشرطية تحالف القوى مع احد الطرفين ، في المادة ب من البند 7 قالت الاتفاقية اتفق الطرفان على أنه يمكن دمج المجموعات المذكورة في البند (7) والتي لديها الرغبة والاهلية يمكن دمجها في القوات النظامية لأى من الطرفين الجيش والشرطة والسجون وحماية الحياة البرية على ان تتم اعادة استيعاب البقية في الخدمة المدنية حسنا ربما سيظل الجدل قائما في كثير من النواحي الفنية المتعلقة بهذين البندين في هذه الجولة وصحيح انه اذا لم تتوافر شروط الارادة والضغط الدولي سيعتمد كل طرف تفسيرا ما وينزوي به ·
قد تتبقى بعد ذلك مسألة القوات المشتركة في الشرق وتلك شعرت انها ليست بعقبة ذات اهمية لأن طلب الحركة الشعبية بوجود جزء من القوات المشتركة في الشرق بعدانسحاب قواتها من هناك قال عنها امين حسن عمر تلك مسألة سنراها لاحقا وقال ايضا سنفكر في المسألة قال ذلك دون عصبية كما في بعض المواقف ·
وحتى الاتفاقية تقول في البند (5) الفقرة (2) ستقوم الاطراف بمناقشة مبدأ انشاء وحدات مشتركة مدمجة في الشرق·
اذا ينتظر لهذه الجولة التي تحكمها مرجعية اتفاق الترتيبات الأمنية ان تختم على مستوى قمتها اليوم فيما تواصل اللجان الدائمة اعمالها والمراقبون هناك وكذلك الوسطاء والتوقعات تقول انها جولة تعمل بالواقعية الذاتية نظرا لعوامل كثيرة متعلقة بالظروف التي تجري فيها اقليميا ودوليا وعالميا ·
متوقع ايضا مقترحات من الدول المراقبة امريكا وبريطانيا والنرويج وايطاليا خصوصا اذا توقفت المفاوضات في مسألة تمويل جيش الحركة مركزياً·
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست