|
|
 تجربة مركز عبد الكريم ميرغني
|
تجربة مركز عبدالكريم ميرغني
تاريخ النشر: الإثنين 19 يوليو ,2004 تمام الساعة 06:05 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة الدوحة
فجأة ارتسم بقوة في خريطة الثقافة السودانية، مستميتا في دعمها، وكسائها بالثوب الأنيق الذي تستحقه، مركز شامخ للإبداع والنشر.. انه مركز «عبدالكريم ميرغني» الكائن في أحد أحياء أم درمان ذات الضجيج، والذي استطاع حتى الآن أن يقدم صورة ذات روح وأبعاد لما يمكن أن تكون عليه ثقافتنا.. يعكس محاولات لمراكز ودور نشر أخرى، اجتهدت وشاركت عربيا، ولكن للأسف لم تكن تشد إلى رائحتها سوى أهل العمائم والجلابيب.. أولئك المقروضين بجوع الثقافة، والباحثين عن حبل من حنين يشدهم إلى الوطن.
لا أعرف حقيقة كيف نشأ ذلك المركز، وكيف انبرى متحدثا في ندوات الفكر والسياسة، ومعبرا في أمسيات الشعر والغناء، أو ساردا محكم السرد حين يضم بين دفتيه روائيا مبدعا، لكن لعلها فكرة من أصدقاء لرجل مثقف أرادوا ألا يموت اسمه وتنطمر ثقافته، أو لعلها جذوة من نار اشتعلت في صدور غيورة على ثقافة الوطن وإبداعه، ومن ثم انداحت لتكون ذلك المركز.
حتى الآن وبرغم حداثة انشائه، أقام المركز عشرات الندوات الثقافية والفكرية، استضاف أهل العود والرق، أهل الشعر والقصة، وأضاف إلى مكتبات الوطن كتبا لا ترتدي «السروال والعراقي» وتندس خجلة في معارض الكتب، كما كانت كتبنا القديمة تفعل، لكنها ترتدي البدلة ورباط العنق، وتطل بوجه صبوح في أي معرض تزوره. انها «نيو لوك» في صناعة الكتب، تلك التي أحدثها ذلك المركز، ولدرجة انها أغرتني بالنشر هناك.. كأنني أنشر في بيروت والقاهرة. ولعل كتبا مثل «وين يا حبايب» للراحل زهاء الطاهر.. والمجموعة الشعرية لسيد أحمد الحردلو، وجهان معبران عن تلك «النيو لوك».
أيضا تبنى المركز جائزة دورية باسم مبدعنا الكبير «الطيب صالح» في مجال الرواية، ولعلها المرة الأولى التي تنشأ فيها مثل تلك الجائزة في بلادنا.. انه تحليق معنوي في عظمة الكتابة وحافز كبير لأولئك الأصيلين أن يكتبوا.. أن يتنافسوا، وأن يحصلوا على مكافأة باسم كاتب هو نفسه مكافأة للوطن.. وقد صدرت أخيراً، وبنفس الأناقة المتوقعة رواية الحسن بكري الفائزة بالجائزة.. رواية «أحول المحارب القديم».
أحيي حقيقة مركز عبدالكريم ميرغني الإبداعي.. أحييه لوجاهته التي هي وجاهة لنا، ولإصراره على الوقوف صلبا مرتكزا على عظام من إبداع، وغضاريف من هم كبير.. هو هم الثقافة الأصيلة، ولا أنسى أن اذكر النابضين في قلبه مثل أستاذنا الياس فتح الرحمن، بمبدعين كثيرين.. لا تعرفهم المطابع، ولا يستطيعون الاقتراب من الضوء.. لا لجفاف في نتاجهم ولكن لظروف قاسية تمنع ذلك النتاج من التنفس.
كتابات أخرى:
http://www.al-sharq.com/site/topics/index.asp?cu_no=1&..._id=193&temp_type=42
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست