صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-24-2024, 08:46 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-08-2004, 06:10 AM

sympatico

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات

    اهله يدفنون أحلامهم والمصطلح ضاع وسط محاولات تعريفه

    الفقر.. ثوب فرعون الوهمي في السودان


    ملف أعده من الخرطوم: محمد عبد الرحيم

    الخرطوم.. مدينة المتناقضات

    "1"

    الغنى والفقر والمعمار.. ثلاثية العاصمة السمراء


    تجمع مدينة الخرطوم بين المتناقضات وعلى رأسها الثراء الفاحش والفقر المدقع، فهناك أناس ينافسون “بيل جيتس” ثراء ويكفي أن يسعد الحظ أحدنا ويحضر ولو من بعيد حفل زفاف أو مناسبة عيد ميلاد في إحدى القلاع السودانية التي يطلق عليها مجازا منزلا اوحتى فيلا ليقف مذهولا بفعل ما يراه من ثراء فاحش وانفاق ببذخ . ويتميز أثرياء السودان بتقاليدهم الخاصة واهتماماتهم التي تدور في مجملها حول الإصرار على الصرف التفاخري. وإذا كان الفقر هو الفقر في أي مكان في العالم فإن معانيه تختلف في العاصمة السودانية حيث يحاول البعض تزيين واقع الفقراء بإطلاق أسماء رنانة عليهم منها على سبيل المثال “الشرائح غير القادرة” أو “المحرومة” أو “الضعيفة” وفقراء الخرطوم قد لا يعانون من مشكلة بعينها ولكن حياتهم سلسلة من المعاناة . فكل ما يتعلق بالطعام والشراب والتعليم والنوم والطب والتغذية ورعاية الأبناء مشكلات يعانون منها أضف إلى ذلك مشكلات قد لا تخطر على بال مثل الزواج والحب وحتى الموت يكون في أحيان كثيرة معضلة يتوقف عندها السوداني بسبب تكاليفه المادية والمعنوية وتبعاته المتوارثة. ولك أن تتخيل أن أسرة متوسطة يعمل جميع أفرادها بمن فيهم الأطفال لكن ثمرة عملهم هذا لاتغطي ضروريات الحياة، ورغم ذلك تظل مستترة بالتعفف ورافضة اللجوء الى طلب المعونة

    وفقر الخرطوم وغناها لا يظهر فقط في وجوه البشر أو المناسبات بل توثقه مزاجية البناء في المدينة التي يؤرخ لنشأتها في منتصف القرن الثامن عشر. فقد امتدت الخرطوم ونمت بعشوائية هندسية موغلة في اللاعقلانية وتحولت في غفوة من أولي الآمر إلى جبال اسمنتية تفتقد رئتها التي تتنفس بها ليمثل الفقر والثراء والمعمار ثلاثية خاصة تميز العاصمة السمراء عن غيرها من العواصم.





    اهله يدفنون أحلامهم والمصطلح ضاع وسط محاولات تعريفه

    الفقر.. ثوب فرعون الوهمي في السودان



    ملف أعده من الخرطوم: محمد عبد الرحيم



    للخرطوم وجهان متناقضان اشد التناقض، الأول مكتنز شاب نضر لم يعرف شيئا اسمه المعاناة والشقاء والبحث عن لقمة العيش وأساسيات الحياة، والثاني وجه عبوس كالح أرّقه التعب، وهدته المحن والخطايا، ورسمت المعاناة تجاعيدا عليه فتحول إلى خرائط متجعدة من الآثار المحفورة على تفاصيله، غاب الإحساس بالحياة ومتعتها حتى كاد أن يختفي ويتوارى عن الأنظار إلى الأبد. وفي محاولة لتجميل وتزيين واقع الفقراء في الخرطوم يصر الكل على إطلاق أسماء رنانة عليهم فيطلق البعض عليهم “الشرائح الضعيفة” والآخر “الشرائح غير القادرة” أو “المحرومة” لكن النتيجة في كل

    الأحوال وتحت أي من المسميات واحدة عنوانها المعاناة في نواحي الحياة المختلفة، وتفاصيلها ممتدة لتشمل المألوف وغير المألوف، المحسوس وغير المحسوس، المرئي وغير المرئي إلى الدرجة التي لا يمكن الإمساك فيها بطرف قضية أو مشكلة وتصنيفها كمشكلة تعاني منها الشرائح الضعيفة فكل ما يتعلق بالحياة وطريقة العيش فيها يشكل مشكلة لهذه الطبقة الأكل (الشرب، النوم، العلاج، التعليم، التغذية، رعاية الأبناء، الزواج، الحب) وحتى الموت يمثل في أحايين كثيرة مشكلة كبيرة بسبب الحاجة إلى مقابلة تكاليفه المادية والمعنوية وتبعاته الاجتماعية المتوارثة في المجتمع السوداني بصفة عامة.







    بيد أن القاسم المشترك الأعظم بين هذه الطبقة هو تساقط أحلامها كما يتساقط ويشهدون بأنفسهم مواكب دفن أحلامهم، حتى صاروا لا أموات ولا أحياء، بسبب كثرة إبحارهم في مراكب الحزن انتظارا للوصول إلى غد مجهول، يحملون معهم الحاضر البائس والأمس العسير، وحتى مراكبهم تلك لم تسلم قوافلها من الهموم القاتلة الثقيلة، حتى صاروا يتمنون أن يأتي يوم يستغنون فيه من ظلال أشجار الرحمة والإحسان ليرتحل الهم بعيدا عنهم وتمتد مواسم الأفراح لتعود البسمة لشفاه الصغار وتنطفئ شموع الظنون والشك والريبة تجاه المجتمع والناس.

    لكن المشكلة الحقيقية تكمن في إيجاد تعريف بسيط متفق عليه يمكن إطلاقه على الفقير، ثم ما هي العوامل التي تتداخل لتكون الواقع الذي يفضي إلى تكوين ما يطلق عليه اصطلاحا مجتمع الفقراء أو المعدمين، مع محاولة الإجابة على أسئلة من شاكلة كيف ينشأ الفقر ويستمر؟ وكيف يمكن الخروج من دائرته الشريرة؟ وما هي الضمانات المتوفرة لعدم العودة إلى دائرته إذا قدر للإنسان أن يخرج منها؟

    انطلاقا من الرؤية العالمية لتحديد مفهوم الفقر في الخصوص، وبالتحديد تقارير البنك الدولي الصادرة عام 2001 التي اعتبرت أن الفقر حالة لا تشمل فقط الحرمان المادي الذي يقاس بمفهوم مناسب للدخل أو الاستهلاك بل يشمل أيضا التحصيل المنخفض في التعليم والصحة، ويتوسع التقرير في تحديد نطاق مفهوم الفقر بحيث يشمل التعرض للمعاناة والمخاطر وعدم القدرة على إسماع الصوت وانعدام الحيلة.

    وفي محاولة لتحديد رؤية سودانية لمفهوم الفقر، تناول أخصائيون اجتماعيون المفهوم انطلاقا من طرح مجموعة أسئلة لمحاولة تحديد المفهوم عبر دراسات اجتماعية متوالية في ولاية الخرطوم وتبدأ المجموعة بسؤال: هل كنت مالكا لقطيع من الأبقار هلك لعدم هطول الأمطار؟ هل ذقت مرارة أن تتحول إلى فقير معدم يعيش عشوائيا في أطراف المدن وعلى هامش الحياة؟ هل شردتك الحرب فهجرت منزلك وسرت على قدميك لأسابيع للسير حتى متابع الدنيا إلا “كيسا” على رأسك والخوف يدفعك للسير حتى لو تورمت قدماك؟ هل جربت وأنت تسكن عشوائيا أن تبني منزلا بالليل فهدمته السلطات نهارا فتعود لبنائه ليلا؟ وهل مات عائل أسرتك الوحيد “أو مرض مرضا شديدا” فتحولت حياتك جحيما وطردت من المنزل الذي تسكنه بالإيجار؟

    ولا يتوقف سيل الأسئلة عند هذا الحد، فيضيف عليها الأخصائيون: هل فصل أبناؤك من المدرسة لعدم سداد الرسوم؟ هل مرضت أو مرض طفلك فلم تجد قيمة الدواء ولا شخصا يقرضك مالا تشتريه به وهل مات طفلك نتيجة لذلك.. وهل..وهل؟

    حتى تمتد قائمة الأسئلة لتشمل فقدان الثقة بالنفس والأمل والإحساس بالعجز الكامل عن تغيير الواقع، وطبقا للأخصائيين الاجتماعيين المذكورين فإن الإحساس بالفقراء يتعمق إذا ما مر الفرد بتجربة الفقر على المستوى الشخصي مع تأكيدهم على أن الاحتكاك اليومي الدائم مع القضية يمثل أيضا بعدا مهما في فهمها، والإحساس بها ولذلك توصل العاملون في مجال العمل الاجتماعي وتخفيف حدة الفقر بولاية الخرطوم إلى أن كلمة فقر تعني معاني مختلفة باختلاف الزمان والمكان وأن تعابير “العوز” و”انعدام القدرة” و”الحرمان” و”الضعف” فضلا عن تعبير “الاستعباد الاجتماعي” المستخدم حديثا كلها تعابير شاع استعمالها فوصف الفقر لدرجة اختفت معها الفروقات بين هذه المفاهيم والفقر بحيث أن التوصل إلى إجماع حول مفهوم واحد لم يعد أمرا ممكنا وضروريا، فالفقر موجود والفقراء موجودون ويعانون والمحرومون ملأوا الأرض وامتدت سلسلة الفقر وقائمته خلال السنوات الأخيرة لتشمل قطاعات مختلفة من شرائح المجتمع السوداني بصورة عامة وولاية الخرطوم بصورة أكثر خصوصية، وبعيدا عن المفاهيم المطروحة وتعميماتها فقد أصبح الفقر ظاهرة ملازمة للحياة في الخرطوم وإن تناقضت في أحايين كثيرة مع ضدها وصار الفقر مرتبطا حتى ببعض الأشخاص الذين يقطنون قريبا من منازل الأثرياء ويعيشون على فتات موائدهم ينتظرون إحسانهم الشخصي أو العطاء الرباني الخالص عند إخراج زكاتهم السنوية.


    الدائرة الشريرة

    دائرة الفقر تتسع كلما نظر للقضية من زوايا مختلفة في ولاية الخرطوم التي تقع في الجزء الشمالي الشرقي من أواسط السودان بمساحة كلية تبلغ 20736 كيلومترا مترا مربعا وامتدت حدودها من مركز المدينة في دائرة قطرها 50 كلم بتعداد سكان يتراوح بين 5-7 ملايين نسمة “حوالي ربع سكان السودان” طبقا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء مع احتفاظ جغرافيتها بحركة تغيير مستمرة بزيادة سنوية في عدد السكان بمعدل 6% لا ترجع إلى زيادة أعداد المواليد فحسب بل ترجع كذلك للزيادة الناجمة عن الهجرة من الأرياف وباقي مدن السودان لأسباب مختلفة.

    ومجتمع ولاية الخرطوم مجتمع متباين تغطي عليه الفوارق الاجتماعية بصورة تتطابق النظرية المشاعة في أن الفقر شيء نسبي “الغني في منطقة قد يعتبر فقيرا في منطقة أخرى” ولهذا فإن الغني في منطقة ما قد يكون فقيرا ويحتاج إلى مساعدة، ولكن وضعه الإجمالي يكون أفضل من الأطراف إذا ما تم إخضاعهم لنفس المقاييس.

    لكن متابعة قضية الفقر في ولاية الخرطوم تستلزم العودة إلى دراسات وزارة التنمية الاجتماعية بالولاية التي قسمت العاصمة إلى ثلاثة أقسام رئيسية أولها المركز القديم الذي يتميز بوجوده في قلب العاصمة ويتمتع بالخدمات الأساسية فضلا عن وضعه السكني وقدرته الاقتصادية وتمثله نماذج الأحياء الراقية التي يتميز سكانها في الغالب بارتفاع مستواهم التعليمي النسبي وانقطاع جذورهم الريفية بقدر كبير مع وجود قدرة اقتصادية معقولة.

    والثاني الأحياء الشعبية القديمة في وسط العواصم الثلاث والتي تشكلت من موجات النزوح الريفية الأولى منذ عهد الاستعمار وما بعده ورغم أن هذا النزح ريفي الجذور، إلا أن ارتباطه بجذوره أصبح هامشيا، ويتميز سكان هذا النموذج بوجود عال للخدمات الأساسية غير أن سكانه بدأوا يتعرضون في الآونة الأخيرة إلى انخفاض المداخيل الاقتصادية وتتمثل حاجتهم الأساسية في معالجات تتصل برفع مستوى الدخل الاقتصادي عن طريق إعادة التدريب أو خلق وظائف أو تمليكهم مشروعات مدرة للدخل وإدخالهم ضمن دائرة التأمين الصحي.

    والجزء الثالث هو الطرف القديم ويتمثل في الحزام الطرفي المخطط حديثا والذي يحيط بالمدن الثلاث، وغالبا ما يعود هذا الحزام إلى موجات النزوح الأخيرة والتي بدأت نحو الخرطوم منذ منتصف الثمانينات نتيجة للحرب في الجنوب والجفاف والتصحر في الغرب والشرق والشمال يتميز هذا الحزام بافتقاره للخدمات الأساسية وتدني مستوى السكن والبيئة ويحتاج هذا النموذج إلى إدخال الخدمات الأساسية وإصلاح أحوال السكن والبيئة فضلا عن تدريب السكان على أنماط جديدة من المهن “إذ أن تدني المداخيل الاقتصادية يرجع إلى سيادة الأمية وتدني مهاراتهم”.

    أما الطرف الحديث فيتمثل في الحزام الطرفي غير المخطط حاليا “العشوائي” وتشكل معسكرات اللاجئين والنازحين العمود الفقري لهذا الحزام وطبيعة السكان ريفية جدا ومعظم قدراتهم وخبراتهم مرتبطة بالرعي والزراعة والصيد البدائي كما أن بعضهم لا يتقن اللغة العربية مما يصعب دمجهم في المجتمع ويتميز بأن الخدمات الأساسية ضعيفة جدا وتتمثل في آبار المياه اليدوية والمدارس الابتدائية والمراكز الصحية

    وعلى الرغم من أن التوزيع الجغرافي للعاصمة بهذه الطريقة يفي ببعض الأغراض عند مناقشة قضية الفقر، إلا أن الفقر في حد ذاته لم يرتبط بمنطقة دون سواها فقد طرق كل أبواب المجتمعات الصغيرة في ولاية الخرطوم وصارت مسألة تحديده بمكان أو زمان أبعد ما تكون عن القراءة الحقيقية لواقعه كظاهرة يجب الوقوف عندها بترو.

    واستنادا إلى تعريفات الأخصائيين الاجتماعيين، فإن وصف الفقر يمكن أن يطلق على أكثر من 75% من سكان ولاية الخرطوم حتى في الأحياء الراقية المتناقضة التي ضربها الفقر بطريقة غير مباشرة عندما توحدت مجموعة ظروف متداخلة وأوجدت مجتمعا هامشيا فقيرا في الأحياء الراقية يتمثل في بعض العمال والأسر التي اتخذت من تلك الأحياء مسكنا لها وتعيش وتمارس حياتها على هامش هذه المجتمعات في تناقض مثير للانتباه.

    وسواء كان الأمر متعلقا بمركز الخرطوم في أحيائها الراقية أو أحيائها الشعبية القديمة، فالمعاناة واحدة وتتخذ أشكالا عدة وصورا مختلفة طبقا لنوع الحاجة مع قاسم مشترك هو “تدني الدخل” الأمر الذي يمنع سكان هذه المناطق من الحصول على احتياجاتهم الأساسية وبعض الخدمات الرخيصة المتاحة.


    الصورة المتطابقة


    وإذا استثنينا التوزيع الجغرافي مرة أخرى وحاولنا ملاحقة بعض صور الفقر اليومية، فسنجد أنها تتطابق في الكثير من ملامحها من منطقة وأخرى وكنموذج مثالي لقياس حجم الفقر يمكن ملاحظته بوضوح في مجموعات من الصبية يتحركون باكرا يوميا إلى مركز المدينة أو على أماكن تجمعات الأسواق للحصول على نصيب من الطعام ليس في مطاعم الدرجة الأولى أو حتى الشعبية لكن في مطاعمهم الخاصة في أماكن تجميع “الأوساخ” أو أماكن تفريغ بقايا المطاعم والتي استغل بعض ضعاف النفوس وجودهم في المطاعم وصاروا يبيعون بقايا الأكل للمحتاجين وصار مألوفا أن ترى مجموعة من الصبية تتراوح أعمارهم بين العاشرة والخامسة عشرة وهم يتناولون طعامهم تحت ظل “محل تجاري” أو منزل وأحيانا تحت هجير الشمس في أوراق مفروشة على الأرض في أبشع صورة من صور الإنسانية المهدرة بسبب عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت هؤلاء الصبية للبحث عن مصادر رزق لهم أو لأسرهم بطرق مختلفة.

    ولا تختلف الصورة كثيرا في بعض المناطق الطرفية عن هذا الحال وأن اختلفت في أن بعض الأسر تمتلك فقط مكانا يأويهم وحريصة على تجميع أبنائها وعدم تركهم للتشرد والضياع وهم يعلمون فداحة الثمن الذي يدفعونه في سبيل تحقيق هذا الهدف فتوفير لقمة العيش أقرب للمستحيل منه إلى الممكن وتضطر هذه الأسر في بعض الأحيان إلى الاكتفاء بوجبة واحدة في اليوم أو وجبتين على أكثر تقدير أو بقية متطلبات الحياة فلا مكان لها في اجندة الآباء والأمهات فالتعليم مشكلة لا سبيل لحلها والعلاج كارثة لا يمكن تفاديها إلا باللجوء إلى سؤال الآخرين.

    ولا تختلف الصورة في نموذج ثالث في اسرة متوسطة استطاعت بجهد جهيد توفير مصادر دخل عن طريق عمل جميع أفرادها بما فيهم الأطفال، لكن مجهودهم لا يغطي نفقات الأكل والشرب لكنهم يصرون على البقاء يستترون بالتعفف ويقنعون بالمقسوم ويسألون الله ألا ينزل عليهم أمرا أو مصيبة تدفعهم للجوء إلى طلب المعونة والإحسان من الآخرين وأن يقيهم شر الأمراض ويبعد عنهم شبح الانكسار والذلة.

    والمشهد قد يتكرر في مشفى حكومي أو مركزي صحي في الحي عندما لا يجد المريض ثمن حقنة فارغة لازمة لإجراء فحص معملي أو قيمة دواء لا يزيد مبلغه على بضعة دينارات لكن المعاناة الحقيقية والمشهد المؤثر يشاهد في مناطق التي لا تتوفر فيها الخدمات الأساسية وبخاصة المياه التي يدفع الفقراء أكثر من 45% من دخولهم لشرائها عن طريق “الكارو” بمبلغ يتراوح بين 150 و3000 دينار سوداني حسب تقديرات دراسات رسمية صادرة عن وزارة الرعاية الاجتماعية بولاية الخرطوم ويمثل عدم توفر المياه الصحية النظيفة واحدة من المشكلات التي تزيد معاناة الفقراء فمعظم أمراض الأطفال وغيرها من الأمراض تأتي نتيجة المياه الملوثة كما أن قلتها تؤثر سلبا في البيئة وصحة الإنسان الأمر الذي يزيد من حجم المعاناة.


    مجهودات مقدرة

    في محاولة لتخفيف حدة الفقر بولاية الخرطوم سعت الجهات المختصة إلى تنفيذ برامج تفي ببعض الأغراض ولكنها لا تلبي الاحتياجات المطلوبة فالصرف على برامج التنمية الاجتماعية مازال قاصرا على الوفاء باحتياجات الأجندة والبرامج المطروحة وهو في أفضل صوره لا يتناسب مع حجم المشكلات المطلوب مواجهتها، بيد أن مجهودات المؤسسات والهيئات العاملة في مجال التنمية الاجتماعية ومكافحة الفقر في ولاية الخرطوم لا يجب انكارها بعد قيامها ببعض الأنشطة التي تم تنفيذها، بالإضافة إلى عدد المستفيدين وتكلفة التنفيذ ونسبة لكثرة الجهات التي تعمل في مجال المساعدات الإنسانية والفقر فإن أي رصد للإنجازات يتطلب جهدا في توفير المعلومات الخاصة بالأنشطة التي تنفذها المؤسسات التي تعمل بصورة مباشرة وغير مباشرة.

    لكن المجهودات في مجال المياه كانت هي الأبرز والاهم من خلال برنامج طموح يهدف إلى إمداد فقراء الولاية “والقاطنين في أطرافها بالمياه الصحية والنظيفة واستند تنفيذ هذا البرنامج على قاعدة التمويل المسترد وكمحاولة لربط مفهوم التمويلات الصغيرة بتنفيذ مشروعات الخدمات الأساسية واستهدف المشروع في مرحلته الأولى (من أغسطس/آب 2002 الى ديسمبر/كانون الأول 2003/ عدد 12 ألف أسرة بتكلفة تتجاوز 550 مليون دينار واشتمل على تشييد الشبكات وعمل التوصيلات للمنازل حتى مستوى صنابير المياه “الحنفيات”.

    واعتمد البرنامج على التنسيق الكامل مع كل الكيانات الولائية والمحلية وارتكز في تنفيذه على كيانات المؤسسة القاعدية “جمعيات الائتمان والادخار” والتي تم من خلالها تحريك قطاعات المجتمع المختلفة.

    وهنالك مجهودات من جهات مختلفة للتخفيف من حدة الفقر أملا في تحقيق التنمية المستدامة التي تحقق بدورها التقدم الاجتماعي والاقتصادي دون استنفاد الموارد الطبيعية في آخر تحقيق حاجات وطموح الحاضر دون التضحية بقدرة الأجيال القادمة على مواجهة احتياجاتهم، الأمر الذي يستلزم اشتراك وتعاون جميع الفئات في المجتمع من دون استثناء ويستوجب أهمية التوازن بين حقوق الفرد وحقوق الجماعة، خاصة فيما يتعلق بحقوق الفئات الفقيرة والمحرومة وإتاحة الفرصة لها للتعبير والمساهمة بقدراتها في إحداث التغيير.

    http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=90596
                  

العنوان الكاتب Date
صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات sympatico07-08-04, 06:10 AM
  Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات sympatico07-08-04, 06:15 AM
    Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات sympatico07-08-04, 06:17 AM
  Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات Alsadig Alraady07-08-04, 06:24 AM
    Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات sympatico07-08-04, 06:35 AM
      Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات Alsadig Alraady07-08-04, 07:01 AM
        Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات خضر عطا المنان07-08-04, 07:24 AM
          Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات almulaomar12-22-04, 05:07 AM
            Re: صحيفة الخليج تنشر ملفا عن الخرطوم: الخرطوم.. مدينة المتناقضات فتحي البحيري12-22-04, 05:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de