الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
فليرحل هذا المستشار الى "اندلسه"! : الحاج وراق
|
مسارب الضي فليرحل هذا المستشار الى "اندلسه"! الحاج وراق * كنتُ عزمتُ أن اكتب اليوم عن مرحلة ما بعد التوقيع على اتفاقات السلام باعتبارها "أهم فرصة وأخطر مرحلة"..أهم فرصة تلوح للبلاد في تاريخها الحديث لإعادة بنائها واستقرارها وتوحيدها على أسس جديدة ولنهضتها، لاحت الآن بعد أن أزهقت الحرب اكثر من مليوني نفس، وبددت موارد البلاد وفرص تنميتها. وبعد أكثر من ثلاثة عقود من الحرب، وبعد عقدين متصلين من انفجارها الأخير فإن طرفي الحرب الأساسيين قد ارهقا، وغض النظر عن خطاباتهما التعبوية- فقد سلما الآن بان السلام أفضل من خيار الحرب.. وهكذا التقت الإرادة المحلية لاجل السلام مع الإرادة الاقليمية والدولية، وتوفرت للبلاد موارد اضافية هائلة اذا احسن توظيفها يمكن ان تغير من وجه الحياة فيها.
وكذلك هي أخطر مرحلة في تاريخ البلاد، لأنه ليس من "وراء" نرجع اليه، فإما التقدم الى الامام او السقوط النهائي في مستنقع الفوضى والخراب الشاملين. ولذا فهي مرحلة معقدة، مشحونة بالتحديات والمخاطر. وكنت أود البدء في مناقشة هذه المخاطر والتحديات، واولها السلوك السياسي للانقاذ- فاذا اعتقدت الانقاذ انها تستطيع مواصلة نهجها القديم في الظروف المتغيرة الجديدة فانها لن تضير البلاد وحدها وانما ستضير نفسها كذلك.. ولكني وقبل ان اشرع في ذلك، قرأت تصريح المستشار السياسي لرئيس الجمهورية د. قطبي المهدي أمس والذي يحذر فيه من خطر "اندلس جديدة" في السودان"!" ويعني حدوث مذابح واسعة للعرب والمسلمين في البلاد بدفع من الحركة الشعبية لتحرير السودان وبدعم من القوى الأجنبية!! وهكذا تأكدت اطروحتي الأساسية بان العديد من قيادات وكوادر الانقاذ ما تزال تريد مواصلة نهجها القديم في الظروف الجديدة!
* والسؤال الطبيعي هنا للسيد المستشار السياسي: اذا كانت تصريحاتك تعبر عن موقف حكومتك الرسمي، فلماذا وقعت حكومتكم اتفاقات تعرض البلاد لمخاطر تحولها الى اندلس جديدة؟! ولماذا لم تحرص حكومتكم- وهي الحريصة بحسب تصريحكم على العرب والمسلمين- على توفير الضمانات اللازمة لعدم تكرار الاندلس في السودان؟! إن الاجابة على هذين السؤالين تقود الى احد احتمالين: إما ان حكومتكم غافلة، وبهذا لا تستحق قيادة البلاد، او انها وقعت على اتفاقيات وهي تعلم بانها اتفاقات خطرة- لأسباب لا نعلمها- وبالتالي تضمر هذه الحكومة عدم التقيد بتنفيذ هذه الاتفاقات لاحقاً، مما يعني بأنها حكومة منافقة ومخاتلة تعاهد على ما لا تنوي تنفيذه وتعلن خلاف ما تبطن! وبالتالي فهي غير مؤهلة اخلاقياً لقيادة البلاد! وفي كلا الاحتمالين يثور السؤال: فلماذا تستمر سيدي المستشار مستشاراً سياسياً لحكومة من هذه الشاكلة؟!
* وأما اذا دافع المستشار السياسي بأنه يعبر في تصريحاته عن مواقفه الشخصية ولا يعبر عن مواقف حكومته، فإننا نجيبه بأن الأجدر به- وهو في هذا المنصب الرفيع- اذا كان يؤمن حقاً بما قال، ان يتنحى عن منصبه الرسمي ليصد عن البلاد المخاطر التي ورطتها فيها حكومته الحالية، أو على الأقل ليتسق أخلاقياً، فهو حينها يتحول الى مثقف طليق او معلق سياسي حر يطلق الأحاديث على عواهنها ويلقى بالتصريحات كما يرغب ويشتهي!
وأما اذا كان مطلوباً منه بحكم المنصب ان يصرح بما صرح من باب "توزيع الأدوار"، أي يختص جناح في الانقاذ بدور توقيع السلام وبث هديل الحمام، بينما يختص جناح آخر في التخريب والنعيق بنعيق البوم، فهذه مأساة، لا تقدح في مصداقية الانقاذ وحسب- وهي مصداقية مجروحة أصلاً كما تؤكد تجربة الاتفاقات السياسية السابقة مع الانقاذ وكما تؤكد تجربة اهل السودان معها طيلة الخمسة عشر عاماً السابقة- وانما الأهم من جرح المصداقية ان مثل هذا المسلك ليؤكد بان نخبة الانقاذ لم تنس شيئاً ولم تتعلم شيئاً، والأنكى انها لا تعلم مقدار التغير في البيئة السياسية التي سيتم فيها تنفيذ الاتفاقات الحالية! حيث ان هذه الاتفاقات لا تتم مع اغرار او اقزام، وانما مع حركة مقتدرة، سياسياً وعسكرياً، لها سياسيوها ذوو القدرات والخبرة، ولها جيشها المستقل، وبالتالي فان الاخلال بالاتفاقات لن يعني سوى اندلاع الحرب من جديد! هذا اضافة الى ان وراء الاتفاقات الحالية قوى دولية عاتية، تملك تقديم الحوافز اللازمة للتقيد بالتنفيذ وفي ذات الوقت تملك ايقاع العقوبات الرادعة لنقض العهود! ولذا فان اي كلمة في هذه الاتفاقات ستعني معناها الحرفي وليس المجازي، وايما محاولة للتأويل أو التنصل أو الالتواء سترتب اكلافاً باهظة على مرتكبها!
* إن تصريحات السيد المستشار السياسي لا تتخوف على اندلس غمار العرب والمسلمين وانما على اندلس المحتكرين والشموليين. وهي اندلس قائمة على الإقصاء والتهميش والاستبعاد، واذ تنافق باسم العروبة والاسلام، فانها في الحقيقة تتخوف على غروب شمس القمع والنهب! ولانه لا يمكن ارجاع عقارب الساعة الى الوراء فان الانقاذ لا تملك-وان رغبت- الرجوع الى مربع اندلسها الأول! هي اذاً تصريحات بلا أفق، ولكنها في ذات الوقت تصريحات غير بناءة، مضادة لمطلوبات الاتفاقيات الموقعة والتي تنص على ضرورة تنمية ونشر ثقافة السلام، ومضادة لمقتضيات بناء الثقة، ومضادة لمقتضيات المنصب الرسمي- مستشار سياسي لرئيس الجمهورية "!"-، ولذا فالمطلوب إما أن يستقيل المستشار او يقال!
|
|
|
|
|
|
|
|
|