|
سعدي يوسف:"الليلة، أُقلِّدُ بازوليني"
|
لستَ <<المتصوِّف>>... لست <<السريالي>> ولستَ النادمَ عمّا أحببتَ: النخلَ ، ورايتَكَ الحمراء؛ ولستَ المتوسِّلَ بالصحفِ الصفراءِ (أكُلُّ الصحفِ الآنَ تسمِّيها صفراءَ ؟) إذاً... كيف ستمضي في هذي المَذأبةِ الكبرى... ؟ مَن سيترجمُ أشعارَكَ عبرَ لغاتِ السوقِ الأوربيّة؟ مَن سَيُرَشِّحُكَ، الليلة، في المطعمِ، للجائزةِ الألمانية، أو تلكَ الكَرواتيةِ؟ مَن سيُسجِّلُ عنوانَك والهاتفَ والإيميل، على قائمةِ المدعوِّينَ إلى كل جهاتِ الأرضِ؟ وأيّ امرأةٍ سوف تُمَسِّدُ خُصلةَ شَعرِكَ ، هذا الأشيب، من عينٍ في هاتفها النقّالِ؟ ومُؤصدةً، ستكونُ البابُ أمامَكَ مُؤصَدة، وحديداً؛ ولَسوفَ يكونُ الظُّهرُ كما كان الليلُ شديداً يبدو أنكَ تعرفُ هذا من زمنٍ ! ألهذا كانت دعوتُكَ اليومَ إلى الحانة؟ أرجوكَ، اسمَعْني! أنا مثلكَ، أرتاحُ إلى البارِ الإيرلنديِّ ومثلكَ، لا أعرفُ أن أتوقّفَ ... مثل قطارات تروتسكي في ثورة أكتوبر، كم قلتُ لك: انتبه! الدنيا ما عادت تُقرأُ مثلَ الكَفِّ ... ولكنكَ، ما زلتَ المأخوذَ بما أتوهَّمُ أنكَ لم تَعُدِ المأخوذَ به: مثلاً، بعراقٍ مركونٍ في زاويةٍ من ميثولوجيا وشيوعيين! إذاً سأصدِّقُ: لستَ المتصوِّفَ لستَ السّرياليَّ ولستَ النادمَ عمّا أحببتَ: النخلَ، ورايتَكَ الحمراء... [/BOLD ] استحضارُ أرواح سعدي يوسف
ما مُقامي بأرضِ لندنَ إلاّ ... يا هَلا ، يا أبا مُحَسَّدٍ ، الشّهْمَ ، رفيقي وقائدي في فلاةِ العُمْرِ يا طالعَ الثنايا ، ويا راكزَ أرماحهِ ليعلنَ عن ضوءِ المعسكرِ ... الليلُ يلتزُّ بطيئاً ودابقاً ، مطرٌ في غير عاداتهِ ، وبردٌ تمشّى في عروق النباتِ . ليس لنا في قرية الإنجليزِ غير ما تهَبُ القريةُ : هذا السكونُ ، هذا السكونُ ... ما مُقامي بأرضِ لندنَ إلاّ ... يا هَلا ، يا مُحَيِّري ، يا أبا تمّام: الإستعارةُ انتزعتْ أثوابَها عندنا ، وصار المغَنِّي لا يغنِّي إلاّ على ليلاهُ ...لا بأسَ ؛ لكنّ ليلى لم تعُدْ كالتي عرفْنا زماناً . إن ليلى تُطَوِّفُ الليلَ ، مَسْعىً بين خمّارةٍ وأخرى ، ومَلهىً بينَ حِلْسٍ وآخرَ . الليلُ يمضي ، والإستعارةُ تمضي ، والسراويلُ أينعتْ لا الغصونُ ... ما مُقامي بأرضِ لندنَ إلاّ ... يا هَلا ، أيها النُواسِيُّ : هل جئتَ لتحيا القصيدةَ ؟ الليلَ والموكبَ المنادي ببابِ الدَّيرِ ، والراهبَ العجيبَ ... ورَيحانَكَ ضِغْثاً من بعدِ ضِغْثٍ ؛ لقد أسرفتَ يا سيِّدي ! النهارُ هنا خمرٌ وأمرٌ ، والليلُ خمرٌ وأمرٌ . خَلِّنا من حديث رُهبانكَ ! الأحجارُ ما مَسّتْ سوى وابِلٍ ، فهل مَسَّتْكَ سَرّاءُ ، أيّهذا القرينُ ؟ ما مُقامي بأرضِ لندنَ إلاّ ... يا هَلا ، أيها المُطَوَّبُ ، يا سعدي ! سلاماً ... لقد أتيتَ ، فخُذْني معكَ ، اليومَ : سوف نمضي سراعاً ، لنغَنِّي ؛ وسوف نمضي بِطاءً ، لنرى أيَّ مَذْأبةٍ كنا بها . الليلُ درعٌ ( لا تخفْ ) . والنهارُ حُلْمٌ طويلٌ ( لا تُفِقْ ) . أيها المطوَّبُ ، دعنا لا نكلِّمْ في دربنا أحداً ... دعْنا نُقِمْ في الغناءِ ، حيثُ الجنونُ ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|