|
الخرطوم تستجيب للضغوط الدولية وتقبل حظر الطيران العسكري فوق دارفور
|
الخرطوم تستجيب للضغوط الدولية وتقبل حظر الطيران العسكري فوق دارفور
لندن: عيدروس عبد العزيز
نيروبي: مصطفى سري في خطوة كبرى نحو تحقيق الاستقرار في اقليم دارفور السوداني المضطرب، وقعت الحكومة السودانية مع حركتين مسلحتين في المنطقة على اتفاقيتين تاريخيتين للسلام تفرض احداهما حظرا على الطائرات العسكرية الحكومية فوق أجواء دارفور، الإقليم السوداني المضطرب الذي يشهد معارك منذ فبراير (شباط) 2003. واستجاب السودان بذلك للضغوط الدولية التي طالبته بشدة ومنذ اسبوع بتوقيع الاتفاقيتين لكن الخرطوم كانت ترفض محتجة على البند الذي يخص حظر الطيران فوق دارفور. ويتعلق الاتفاق الاول بتوصيل المساعدات الانسانية الى المتضررين، والثاني بالقضايا الامنية المثير للجدل (نشرت «الشرق الأوسط» نصه الاحد الماضي) وينص على حظر القيام برحلات بطائرات عسكرية في منطقة دارفور، ويدعو الحكومة الى نزع سلاح وتحييد ميليشيات الجنجويد، والامتناع عن كل الأعمال العدائية والعسكرية. ويدعو ايضا الى الافراج الفوري وغير المشروط عن جميع الاشخاص المعتقلين لعلاقتهم بالاعمال العدائية في الاقليم. ووقعت الاتفاقيتان بعد محادثات استمرت اسبوعين استضافتها العاصمة النيجيرية ابوجا، وشهد وقائعها في القصر الرئاسي، الرئيس النيجيري اوليساغون اوباسانجو، بالاضافة الى عدد كبير من الوسطاء الافارقة والغربيين. ويسعى الوسطاء الى تمديد الجولة الحالية التي انتهت أمس، لعدة ايام أخر حتى يتم انجاز الاتفاق السياسي (اعلان المبادئ الرئيسي) الذي يتضمن اجراءات اقتسام الثروات والمشاركة العادلة في السلطة. من جهة ثانية، جددت الحكومة السودانية اتهاماتها للحركة الشعبية لتحرير السودان وزعيمها الدكتور جون قرنق بدعم الحرب في دارفور مؤكدة انها تمتلك حيثيات قوية في هذا الشأن. وقال وزير الشؤون الانسانية السوداني ابراهيم محمود حامد في مؤتمر صحافي عقده امس في نيروبي «اننا نملك الحيثيات والأدلة عن دعم قرنق لحركة تحرير السودان التي تحارب الحكومة في دارفور». وأضاف «لقد زار رئيس تلك الحركة عبد الواحد محمد احمد نور مناطق الحركة الشعبية بجنوب السودان الى جانب أوغندا واريتريا بصحبة قيادات من حركة قرنق». مع ذلك أكد حامد قرب توقيع السلام بين حكومته والحركة الشعبية بنيروبي قبل نهاية العام، وقال «اتفاق السلام بالجنوب لا علاقة له بدارفور ويمكننا ان نصل الى اتفاق آخر مع متمردي دارفور بأبوجا ونعمل كذلك للوصول الى اتفاق مع المعارضة الشمالية في اجتماعات القاهرة». واضاف «السودانيون يريدون السلام ونحن كحكومة وحزب حاكم جاهزون للتنافس الديمقراطي الحر مع القوى السياسية الأخرى». واتهم المسؤول السوداني متمردي دارفور بنيتهم خلق حرب قبلية في دارفور وقال «لقد قام المتمردون بنقل مجموعات من احدى القبائل الى مناطق قبيلة اخرى وهذا يخلق مشاكل جديدة»، وأضاف ان «المتمردين يتحملون المسؤولية الكاملة للحرب التي بدارفور». ورفض حامد اتهام حركة تحرير السودان لحكومته بالاشتراك مع ميليشيات الجنجويد بالعمل على اخفاء المقابر الجماعية بمناطق دارفور وقال «هناك اكثر من (70) منظمة دولية وبعثة الامم المتحدة وفريق المراقبة من الاتحاد الافريقي وما يصل الى نحو 6 آلاف موظف دولي يعملون في دارفور فكيف لنا ان نخدع كل هؤلاء». وأضاف «لا يوجد لدينا ما نخفيه عن العالم ونحن لا نخاف من أي تحقيق نزيه ومحايد باستثناء الذين لديهم اجندة خاصة بهم« مشيرا الى ان الحكومة لا تعتبر حركات التمرد في دارفور حركات سياسية. وقال «على المجتمع الدولي ان يعلم ذلك لأن المتمردين لا يحترمون اتفاق وقف اطلاق النار الذي وقعناه معهم في انجامينا العام الماضي وذلك بشهادة مبعوث الامين العام للأمم المتحدة يان برونك». ووصف حامد الحديث عن الادعاءات بهجوم قوات الحكومة على معسكرات النازحين بنيالا جنوب دارفور بانه عار من الصحة. وقال ان «النازحين دخلوا المدينة التي يسكنها مليون نسمة وهذا يخلق مشاكل اخرى»، واضاف «نحن مسؤولون عن حماية النازحين وليس الاعتداء عليهم وقمنا بتجهيز معسكرات مريحة بدعم من المنظمات الدولية والامم المتحدة». الى ذلك عقدت لجنة مشتركة من الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بمشاركة الامم المتحدة اجتماعا امس بنيروبي حول عمل خطة للعام 2005 عقب توقيع السلام. وقال وزير الشؤون الانسانية ابراهيم محمود حامد في مؤتمره الصحافي في نيروبي ان الخطة تركز على عودة النازحين واللاجئين الى مناطقهم واعادة البنى التحتية التي دمرتها الحرب في الجنوب ودارفور وشرق السودان والمناطق الأخرى التي تأثرت بالحرب. واضاف «نحن عازمون على تنفيذ هذه الخطة سواء تم توقيع اتفاق السلام النهائي ام لم يتم« لكنه استدرك قائلا «نتمنى ان نصل الى اتفاق في الجنوب قبل نهاية هذا العام خاصة ان القضايا المتبقية لا تأخذ وقتا طويلا». من جهته قال السفير الاميركي لدى الامم المتحدة جون دانفورث ان الولايات المتحدة تعتزم الاسبوع المقبل ابلاغ السودان والمعارضين في الجنوب ان عروض تقديم المعونات قد تسحب اذا لم يتم التوصل لاتفاق سريع. ويعقد مجلس الامن الدولي جلسة رسمية نادرة من نوعها في نيروبي عاصمة كينيا يومي 18 و19 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري للضغط على جميع الاطراف لتوقيع اتفاق يخص الجنوب بحلول نهاية هذا العام وحل أزمة دارفور في غرب السودان. ورغم تركز الاضواء على دارفور يشعر أعضاء المجلس بالقلق من أن الاتفاقات الاولية في الجنوب قد تتفكك. وعلقت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وعودا بالتمويل لجميع الاطراف حتى يوقعوا اتفاق السلام. و«تشجع» مسودة قرار لمجلس الأمن سيتم التصديق عليها في نيروبي البنك الدولي وغيره على تطوير خطة اعادة اعمار وتنمية تشمل اعفاءات من الديون فور التوصل الى اتفاق في الجنوب. ومضى السفير الاميركي الذي يتولى حاليا رئاسة مجلس الامن والذي ينظم الرحلة لنيروبي الى أبعد من ذلك قائلا ان بعض العروض لن تظل قائمة للابد. لكن سيكون من غير اللائق، بل أعتقد أنه من الخطأ أن أقول إن أي عرض يطرح على الطاولة من جانب المجتمع الدولي سيظل مطروحا لفترة طويلة». ووقعت ستة بروتوكولات بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان لكن لم يبدأ العمل بها. وتشمل الاتفاقات اقتسام السلطة واقتسام الثروة النفطية فضلا عن الترتيبات الامنية لقوات الامن في جنوب السودان ومنطقة جبال النوبة وجنوب النيل الازرق والخرطوم. وفي غضون ست سنوات سيجرى استفتاء بين الجنوبيين لتحديد ما اذا كانوا يرغبون في تأسيس دولتهم المستقلة. وأبلغ يان برونك مبعوث الامم المتحدة في السودان مجلس الامن ان الاتفاق الخاص بالجنوب الذي يشمل دستورا جديدا وهيكلا اتحاديا للسودان يمكن أن يكون نموذجا لدارفور. وأضاف أن العقبة الاساسية هي تمويل جيش الحركة الشعبية في الجنوب «والاطراف تبدو محجمة عن التحرك». وتابع برونك «هناك حاجة للغة سياسية قوية. سيستمعون اذا قالت ذلك القوى الكبرى»، مشيرا الى الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا.
|
|
|
|
|
|