|
Re: الحياد الاعلامى بين الحقيقه و الخيال (Re: Elsadiq)
|
شح الاعلام..الاغراق الاعلامى..الزيف الاعلامى
طبعا ممكن كلّنا نتفهّم اشكاليّة شح الاعلام...ولكن هناك ممكن تستغرب من امكانيّة تشكيل زيادة الاعلام المفرطة (الاغراق الاعلامى) لمشكلة تؤدّى الى طمس الحقائق وتضليل المتلقّى
أنا معاكم طبعا أنها حاجه غريبه وغير مستساغه للوهلة الأولى أن يشكو المتلقّى من الوفرة الزائدة فى المعلومات.... لكن اذا نظرنا الى هذه الجزئيّة بتعمّق فسنجد أن الاسراف المعلوماتى يخنق كلاّ من الاعلام والمتلقّى للاعلام... لأننا عندما نكون خاضعين لتدفّق طوفانى متواصل من الأخبار والأحداث فاننا لانستطيع أن نأخذ الوقت الكافى للتأمّل فيها اذ سرعان ما يتم طردها وازاحتها واستبدالها بواسطة اخبار وأحداث جديدة... وبالتالى فاننا لانجد الامكانيّة الحقيقيّة لادراك حدود ومغزى ومعنى تلك الأخبار والأحداث لأننا سنجد انفسنا قد عمينا فى غيمة اعلاميّة كثيفة.. وبالتالى فان الاعلام فى هذه الحالة يغوص بنا فى ما لاشكل له بدلا من أن يعطى للأشياء شكلا.
من ناحية أخرى فان نقص الاعلام وشحّه (وأعتقد أن آثاره السلبيّة معروفة للدرجة التى لامعنى لتكرارها) يزامله أحيانا وجود مايسمّى بمناطق الظلام الاعلامى أو هلاميّة الاعلام والتى تشحّ فيها الحقيقة رغم الوفرة الظاهريّة للتغطية الاعلامية لحدث ما (وأكبر مثال على ذلك هو ماحدث فى غزو العراق حيث أنه رغم التغطية المتواصلة والمكثّفة لأحداث ذلك الغزو الاّ ان جميع المتلقّين والمتتبّعين لهذه التغطية خرجوا فى النهاية من تلك الغيمة الاعلاميّة الهائلة وهم متّفقون على أنهم غير مستوعبين الحدث بل بالعكس وجدوا انفسهم مع كل هذه التغطية الهائلة فى حالة جهالة "أو تجهيل متعمّد لهم" لحقيقة الأحداث)
وهذا يقودنا بالطبع الى الاعلام المغذّى للوهم والمكرّس لطمس الحقائق والزائف أو المزيّف (سواء بفتح الياء المشدّدة أو بكسرها) من أجل تعضيد أيديولوجيّات يتبنّاها ذلك الاعلام أو من أجل تحطيم أيديولوجيّات مناوئة لها.
خلاصة
كل ما أريد قوله فى النهاية هو أن الاعلام ليس الاّ تمثيلا مسرحيّا للواقع , وأننا لابد أن نبحث عن الحقائق حتّى ولو صدمتنا فى ما كنّا نعتقد بأنه هو الصواب المطلق , ومع ذلك فاننا اذا قرّرنا أن نمضى للبحث عن الحقائق وسط لجج الاعلام المليئة بجانب الصدق بالشائعات والأكاذيب والأوهام والأغراض والمغرضات فاننا ليس لدينا وسيلة اختبار مسبقة للتعرّف على الاعلام الجيّد والصادق وتمييزه عن الاعلام السيّئ المضلل أو المغرض , ولهذا فان الاستقراء والرؤية والتمييز والادراك الصحيح تحتاج مننا الى تؤدة و أمانة مع النفس وجهدا صعبا وغير اعتيادى من أجل حل ألغاز الاعلام وكشف الغث من السمين فيه وهو الشيئ الذى لن يتوفّر لنا فى صورة تماثل تلك الآلات البنكيّة التى تكشف الأوراق النقديّة المزيّفة وتميّزها عن تلك الأوراق الحقيقية .
|
|
|
|
|
|