جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-22-2024, 09:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بدرالدين محمد الأمير بلول (بدر الدين الأمير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2008, 06:00 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23076

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصـــــــــل الاول

    زبــــدة الكتـــاب في بدايتــــــــــه




    إن اعتبار الذكر الحكيم موحى ومقدساً لا يعني أبداً أن فهم آياته مقدس منزه ، فالفهم مجهود انساني خاضع لعدة عوامل مؤثرة محيطة مرتبطة بالزمان والمكان والارضية المعرفية والبيئية و المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية الشخصية المختلفة ، وان المعضلة الاساسية اليوم تكمن في الخلط بين الموحى المنزل المقدس والفهم الانساني المقيد المحدد الذى يمثله ما يسمى بالفقة الاسلامي ، والفصل بينهما يشكل الجوهر الرئيسي اللازم لنهضة الامة الاسلامية اذا اردات البقاء والاستمرار بين امم العالم المعاصرة .


    ولايمكن البحث في الفقة الاسلامي من دون ان نقف عند علم من اعلامه او مؤسسيه الا وهو الامام الشافعي مع أئمة اتباعه على اختلاف الزمان والمكان ، ولن تتعرض الابحاث القادمة الى احوال الشافعي كالمولد والنشأة والصفات والمحاسن ... ألخ ... بل سيتم البحث في جهده ونتاجه الفقهي الذى كان له أثر كبير ما زال مستمرا في الامة العربية الاسلامية حتى أيامنا هذه .

    وقبل بدء الدخول في فصول و موضوعات الكتاب القادمة تطرح على مائدة البحث الاسئلة التالية :

    السؤال الاول : هل يمكن اعتبار الفقة الاسلامي مصدر تشريع ؟

    السؤال الثاني : هل الادلة المعتمدة في الفقة الاسلامي صحيحة وملائمة لوقتنا الحاضر ؟

    السؤال الثالث : هل يصلح الفقة الاسلامي ليكون منطلقا عالميا معاصرا ؟

    السؤال الرابع : هل الفقة الاسلامي مقدس ؟

    السؤال الخامس : هل الفقة الاسلامي قابل للتطور ؟

    السؤال السادس : هل وحد الفقة الاسلامي الامة ؟

    السؤال السابع : لماذا الوقوف عند الامام الشافعي ؟

    السؤال الثامن : هل وفق الامام الشافعي في نتاجه ؟

    السؤال التاسع : لماذا نخاف من الخوض في امور الدين المختلفة ؟


    وسأقوم في الاجابة على الاسئلة السابقة بشكل موجز مركز حيث سيجدها القارئ موضحة مبسطة بعد قراءته لفصول الكتاب المختلفة التى آمل ان تتم قراءتها بكل موضوعية وحياد بعيدا عن العواطف و الانفعالات الموروثة .

    السؤال الاول : هل يمكن اعتبار الفقة الاسلامي مصدر تشريع ؟

    ذكرت سابقا ان الفقة يمثل فهماً انسانياً خاضعاً لزمن محدد ومكان معين وعليه لا يمكن ان يعتمد كمصدر تشريع ملزم للآخرين ، وهنا علينا ان نميز بين الاحكام والانظمة الانسانية السائدة وبين التشريع الالهي ، فمثلاً عندما نخضع الاشارة الضوئية في المرور الى احكام الفقة يصبح فاعلها آثما معرضاً للحساب في الدنيا و الاخرة ، في حين ان ذلك حسب الانظمة السائدة يخضع لمخالفة مرورية اعتمدت عالمياً ، وشتان بين الاعتبارين .


    والمشكلة بل الكارثة تأتي عندما يتولى الفقة قضايا انسانية اجتماعية كحرية التفكير والرأي و الانتماء ، والدخول حتى في تفاصيل الانسان الشخصية الخاصة كاستعمال الحمام او النوم او الطعام او الشراب وصولاً الى العلاقات العاطفية و الزوجية ، وكل ذلك باسم الله وباسم الشرع وباسم الدين ، فمثلاً تحت عنوان ( باب في اتيان النساء قبل احداث غسل ) .

    يقول الامام الشافعي : " فإذا كان للرجل إماء فلا بأس ان يأتيهن معاً قبل ان يغتسل ولو احدث وضوءا كلما اراد اتيان واحدة كان احب الى المعنيين احدهما انه قد روي فيه حديث وان كان مما لايثبت مثله و الاخر انه انظف وليس عندي بواجب عليه واحب الى لو غسل فرجه قبل اتيان التى يريد اتيان التى يريد ابتداء اتيانها واتيانهن معاً واحدة بعد واحدة كإتيان الواحدة مرة بعد مرة وان كن حرائر فحللنه فكذلك وان لم يحللنه لم ار ان يأتي واحدة في ليلة الاخرى التى يقسم لها فإن قيل فهل في هذا حديث ؟ قيل انه يستغنى فيه عن الحديث بما قد يعرف الناس وقد روي فيه شيء ا. هـ " ( الام ) / 5 / 179 .

    ان استعرضاً بسيطاً للرأي السابق يوضح تماماً ما تك ذكره سابقاً حيث نرى ان رأي الشافعي محدد بزمانه ومكانه ، فلا الاماء ( الجواري ) موجودة اليوم ، وقواعد النظافة الشخصية تجاوزت ذلك بمراحل طويلة ، اضافة ان قوله يمثل رأياً شخصياً خاليا من الادلة الفقهية التى اعتمدها الشافعي نفسه في اصول الفقه كما سنرى ذلك لاحقاً .

    السؤال الثاني : هل الادلة المعتمدة في الفقة الاسلامي صحيحة وملائمة لوقتنا الحاضر ؟

    تتمثل الادلة الفقهية المتبعة في الفقة الاسلامي في خمسة مراتب لها التسلسل التالي :

    1_ القرآن 2_ السنـــة 3 _ الاجماع 4_ اقوال الصحابة 5_ القياس

    وتعتبر هذه قاعدة يعتمدها معظم أئمة المسلمين وعلى رأسهم الامام الشافعي الذى يذكر اكثر تلك الادلة بقوله : " الكتاب والسنة والاجماع والآثار وما وضعت من القياس . ا . هـ " ( الرساله ) .

    وكثيرا مايضع الشافعي السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة .
    وعند استعراض تلك الادلة فإننا سنجد فيها وبإيجاز مايلي :

    1- في القرآن الكريم :

    يربط كثير من الائمة فهم آيات الذكر الحكيم بمناسبات نزولها ( اسباب النزول ) التى تتبع آراء وأقوال الصحابة المنقولة ، وقد رأينا سابقاً – يراجع كتابي " جناية البخاري " – تناقضها وتضاربها اضافة الى انها تمثل فهماً انسانياً محدوداً لا نص فيه من الله او رسوله .

    2- في السنــــــــة :

    وينطبق عليها القول السابق نفسه ، علما ان مصطلح السنة وتعريفها يمثل جهداً شخصياً لا قدسية له كما سنرى في ابحاثنا القادمة ، ناهيك عن التضارب و الاختلاف في مختلف تصنيفات كتب السنة ، فمثلا نجد ان الامام أحمد بن حنبل – تلميذ الشافعي – يقول في مصنفه المشهور : " ان هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من اكثر من سبعمائة و خمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله (ص) فارجعوا اليه فما كان فيه ، والا ليس حجة . ا. هـ " .

    ومع ذلك فقد فاته كثير من صحيح السنة – كما نعلم – يضاف الى ذلك اختلاف الاخوة في تراجمهم ومصادرهم وثقاتهم .

    3- الاجماع :

    وهو – حسب الشافعي – " ان يجتمع علماء العصر على امر فيكون اجماعهم حجة فيما اجمعوا عليه . ا. هـ " (ر) .

    وان نظرة واقعية موضوعية حيادية الى واقع العالم الاسلامي اليوم تدحض ذلك الدليل وتبين مقتله ، فقد أجمع مثلا علماء الكويت الافاضل على حرمة غزو الكويت من قبل جارته العراق في حين سارق علماء العراق ليؤكدوا حرمة قتال الجيش العراقي الفاتح .

    وفي كل دولة مسلمة مجاورة للعراق كان اجماع علمائها الافاضل منطبقاً وتابعاً لاجماع ساستها المختلف . ومااكثر الامثلة التى لا مجال لذكرها الان ! لكن ثمة امر هام وخطير جدا في قضية الاجماع هذه يجب ايضاحه هنا ، فمثلا عندما يجمع معظم ائمة السنة في وقتنا الحاضر على حرمة التدخين – وهو ما حدث حيث صدرت فتاوي مختلفة في ذلك اهمها الصادرة عن دار الافتاء في السعودية زمن الشيخ الراحل ابن باز – فإن ذلك يعني امرين رئيسين :

    اولهما : فرض عقوبة من الخالق على المدخن لان مرتكب الحرام آثم وقد توعد الرحمن بعقوبته ، وهنا علينا ان نلاحظ ان المخلوق – الائمة – يفرض على الخالق – الله عزوجل – معاقبة المدخنين .

    والثاني : ان المدخن قبل تاريخ اجماع التحريم قد نجا من تلك العقوبة وذلك الاثم .

    كل ذلك يبين لنا ضرورة اعادة النظر في ذلك المصطلح من حيث التعريف والتطبيق .

    4- اقوال الصحابة :

    وهنا الامر لا يقل سوءا عما سبقه ، فكيف يحكم الاحياء بأقوال و آاراء اناس قضوا وعاشوا في القرون الغابرة ؟ ومتى كانت اقوال الناس و افعالهم تحدد اسس الحلال و الحرام التى تؤدي الى الجنة و النار ؟ وهنا اذكر بواقع الصحابة الاليم من اقتتالهم فيما بينهم وحبهم للجاه والسلطة و المال وسعيهم للوصول اليه ، وان حاول الكثير من رجال الدين اليوم اقناعنا بغير ذلك في التغطية على بعض المعطيات والحقائق و الوقائع التاريخية الموثقة التى اعد القارئ بقراءة حقيقتها له في كتاب قادم بإذن الله .

    وان المرء ليستغرب من الامام الشافعي ايراده في كتبه احكاما و حدوداً تتعلق بأهم الامور الانسانية عامة ، كحق الحياة و الحرية والعبودية ، باعتماده على قول او فعل خليفة سابق . وسيتم الاشارة الى ذلك في ابحاث الكتاب اللاحقة ، حيث نجده يقول في دية المعاهد :
    " قضى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في دية اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم وقضى عمر في دية المجوس بثمانمائة درهم وذلك ثلثا عشر دية المسلم . ا. هـ " ( الام ) – 6/ 105

    4- القياس :

    يعتبر الامام الشافعي مؤسس مبدأ القياس في الفقة على الرغم من انه – كعادته كما سنرى – لم يضع تعريفاً واضحاً له و قد تضارب فيه بين مفهوم الحكم وهو قديم ، والفرع و الاصل وهما حادثان ، والجامع الذى هو العلة . ومهما يكن من امر القياس فإن مؤسسه لم يتوسع فيه مالم يعتمد على نص واضح من الكتاب والسنة ، الامر الذى ادى بالبعض – وخاصة الظاهرية – للقول بإبطال القياس اصلا .

    اخيرا فإن مصطلحاً أوجده انسان – كائناً من كان – لا يمكنه ان يصبح ملزماً للناس في العمل و الاجتهاد و التطور .

    وهنا اقول : ان معرفة المصطلحات الفقية لا يزيد في علم المرء شيئاً وان جهلها لا ينقص من علمه شيئاً .

    السؤال الثالث : هل يصلح الفقة الاسلامي ليكون منطلقاً عالمياً معاصراً ؟

    كثرت في الاونة الاخيرة – نتيجة لإفلاس المسلمين على كافة الاصعدة – طلبات ودعاوى داخل المجتمعات العربية و الاسلامية تنادي بتطبيق الشريعة الاسلامية في حكم البلاد و احوال العباد ، من دون ان توضح لأبناء تلك المجتمعات ماذا يعنى تطبيق الشريعة الاسلامية التى تعتبر نتاجاً للفقة الاسلامي ، وليسمح لي القارئ هنا ان ابين ذلك عبر سرد يرتكز على معطيات الفقة المعتمدة التى سأطبقها على بلد من اهم البلاد العربية المسلمة كمصر مثلاً ، ومن ثم سأترك عنان الاستنتاج في محاولة إسقاط ذلك على بلد اخر كالهند او بريطانيا او ربما الولايات المتحدة الامريكية فأحلام و آمال المسلمين كبيرة وعظيمة تتعاظم مع تخلفهم و كسلهم و بعدهم عن معطيات التطور بكافة جوانبها .
    فهو موال ذمي أي انه مباشرة مواطن منالدرجة الثالثة ، اما الحاكم او الامير فيجب ان يكون عربياً قرشياً اذ يبقى الحكم في قريش ما بقى منها اثنان ، ويجب ان يبايعه كافة الرجال في مصر ، ولكن اين ؟ في ميدان غير ميدان رمسيس بشكل مؤكد لان فيه اصناماً وتماثيل وهي ملعونة مرفوضة محرمة في الشرع .


    وسيحمل الحاكم لقب الخليفة وسيتصرف بالبلاد وشؤون العباد كما يحلو له ، فإن عدل حمد اهل مصر وان ظلم شكوه الى الله ، او ربما عليهم ان يحمدوا الله دائما لان ظلم الحاكم يمثل ذنوبهم التى يحاسبهم الله عليها في الارض ، اما بيت المال ( الخزينة ) فيهب منها من يشاء ويمنع عنها من يشاء فالله يزرع في السلطان ما لا نعلمه ، وعلى الخليفة ان يفتح بابه لتلقي شكاوي الازواج تأسياً بالفاروق و افعاله . ولكي نزيد من نسل الخليفة العربي القرشي علينا ان نزوجه بأقصى ماسمح به الشرع ، اربع فتيات حسان ولود ابكار ، وزيادة في الحرص على استمرار النسل المأمول نؤمن له ملك اليمين ( الإماء) ولكن كيف نجد له امة ونحن عصر لا رق فيه ؟ سنفكر في غزو اقرب بلدة كافرة لنشر الاسلام فيها ، وماهي اقرب البلاد قد تكون جزيرة قبرص الا ان الخليفة عمر كره ركوب البحر ، لذا نأخذ بفعل معاوية ونغزو عبر البحر وننتبه ففي الجزيرة اتراك مسلمون يصبحون من الموالي فلا نقاتلهم ، اما البقية فنهزمهم بعون الله شر هزيمة ونسبي نساءهم ، واطفالهم يصبحون عبيداً لنا ، ومايدرينا قد يفضل الخليفة الغلمان وحسبنا الوليد بن يزيد و الواثق و الامين مثلاً .

    وتقام الولائم و الانتهالات بنصر الخليفة ويقدم الشراب على الطريقة الشرعية فيسمح بالنبيذ من التمر او الزبيب .

    ولمن يعارض عليه ان يراجع صحيح مسلم – كتاب الاشرية – ورأي الامام ابي حنيفة . وقد تبرز مشكلة اللحوم ، عندها ستقتل كل الخنازير المحرمة و سيكتفى بالخراف الاكباش علماً ان طعام اهل الكتاب حل لنا ولكن جزارهم يجب ان يكون مختوناً حسب ابن عباس ، اذ لا تؤكل ذبيحة الاقلف ولا تقبل شهادته .

    وهنا اتوقف و اترك للقارئ المتابعة و حرية الخيال و التصور لما هو اكثر من ذلك بكثير ....


    قد يعترض البعض على ذلك العرض الذى يبدو ساخراً في شكله لكنه عميق في مضمونه ،عميق لانه في كل جملة ذكرتها يوجد دليل و سند شرعي فقهي يعرفه اصحاب الاختصاص تماماً ولكنهم يغضون الطرف عنه او يغيرون معطياته او يلوون نصه وينارون ، يبتعدون و يقتربون يصيحون ويهمسون ولكنهم لا يمكنهم الا ان يقدسوا الماضي و يلبسوه هالة آن لنا ان نكسرها ونبددها .

    نعم سيداتي وسادتي ان عرضي السابق قد يصلح لعمل مسرحي او تلفزيوني لكنه يخرج من قلب مكسور ، قلب كسرته الذلة والهوان و التخلف و الجهل و الفقر و الالم الذى تعانيه شعوبنا ، قلب كسره خوف المستقبل ويأس الشباب و ضياعه في اوهام صكوك الجنان ، ولعل بيت الشعر التالي أفضل ما أختم به هنا :

    لا تحسبوا رقصـــاتي بينكـــــم طــــــرباً
    فــالـــطير يرقــــص مذبوحــــــــــاً من الالـم

    السؤال الرابع : هل الفقة الاسلامي مقدس ؟

    يتضح تماماً من خلال المحاكمات و الاجابات عن الاسئلة السابقة ان الفقة الاسلامي لا وحي فيه ولا تنزيل ، اضافة الى اخطائه ، وهو يمثل جهداً انسانياً – فردياً او مشتركاً – يصلح لزمان معين في مكان محدد ، لذلك لا قدسية له ابداً .

    السؤال الخامس : هل الفقة الاسلامي قابل للتطور ؟

    الفقة الاسلامي غير قابل للتطور لان اسسه الرئيسية التى بني عليها اعتبرت ثابتة ولاتطور او تقدم او ابداع مع الثوابت ، وعلينا اذا اردنا التقدم او التطور في اي حقل او مجال في الحياة – سواء كان علمياً او انسانياً – التخلص من الثوابت و الادراك في ان الثابت الوحيد انه لايوجد شيء ثابت في البحث و الاستقرار فكل هالك الا وجهه .

    وهنا نأمل ان لايعلق احدهم بالقول :
    قد نتفق معك على معظم ادلة الفقة الشرعية باستثناء الذكر الحكيم ، أليس ثابتاً في قدسيته ونصوصه ؟

    وتأتي الاجابة :
    بأن النص ثابت في متنه لكنه متبدل مختلف في فهمه وادراكه واسقاطه ، مع الاشارة الى ان الاعتقاد بقدسيه النص تستند الى دليل إيماني اعتقادي لا يمكن البرهان العلمي الموضوعي عليه دوماً .

    السؤال السادس : هل وحد الفقة الاسلامي الامة ؟

    ان نظرة متأملة الى حاضرنا وماضينا تبين لنا بوضوح ان الفقة الاسلامي لم ولن يوحد الامة ابداً ، وما وجود الفرق الاسلامية المختلفة اليوم و تناحرها الا دليل على ذلك ، فضمن اهل السنة ظهر المعتزلة ( العدلية ) والحشوية الاثرية بقسميها و الاشاعرة و الماتريدية ومن ثم المذاهب الاربعة ( حنفية - مالكية – شافعية – حنبلية ) ثم المتصوفة و السلفية ، ومن الخوارج نجد الاباضية ثم الشيعة وظهر منها الزيدية و الامامية الاثني عشرية الجعفرية و الاسماعيلية مع من خرج عنها قرامطة و حوشبية و خلفية و فاطمية و صليحية و مستعلية و نزارية و درزية ( موحدة ) مع بعض الفرق حديثة المنشأ كالآغاخانية و الشيخية و القاديانية إلخ .

    وهناك خلافات اساسية بين معظم تلك الفرق وان حاول بعضهم اقناعنا بمقولة الاتفاق في الاصول و الاختلاف في الفروع ، فأركان الاسلام مثلاً عند السنة مخالفة للاخوة الشيعة ( الجعفرية ) ، ناهيك عن الخلافات ضمن الفرقة الواحدة كالجارودية و اليحيوية المنقسمة عن الشيعة الزيدية التى تتعلق في الاصول و الفروع حتماً ، اما الموحدون ( الدروز ) والاسماعيلية المعاصرة فحدث في الخلاف ولا حرج .

    الا ان معظم – ان لم يكن كل – هذه الفرق متفق على حديث مشهور بين المسلمين ينص آخره على ان امة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ستنقسم الى ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وكل فرقة أو طائفة تعتبر نفسها هي الناجية وهي صاحبة الجنة و الاخرون في النار حتماً !!


    وهنا يطرح السؤال التالي : كيف يمكن لهذه الفرق ان تتعايش مع بعضها بهذه الاعتقادات و المفاهيم ؟


    بل كيف يمكنها ان تتعايش مع اهل الارض قاطبة ؟ ان الوحدة و المحبة و التعايش بين كل الناس مهما اختلفت معتقداتهم و اجناسهم يمكنها ان تنطلق من مبدأ : كلنا عيال الله وخيرنا عند الله أنفعنا لعياله ، لا من التهديد و الوعيد بجهنم و النظر الى الآخر على انه مارق مطرود من رحمة الله التى وسعت كل شيء لكنها لم تسع قلوب معظم طوائف و فرق المسلمين .


    اخيراً فإن الامة الاسلامية لم تكن في يوم من الايام موحدة تحت ظل إسلامي واحد – وان ادعى الكثير غير ذلك – وذلك بعد وفاة الرسول الكريم ، بدءاً من سقيفة بني ساعدة و حروب الردة مروراً بموقعة الجمل وصفين و العهد الاموي و ابناء الزبير و العهد العباسي و الخوارج حتى تفرقت البلاد في بداية القرن الثالث الهجري و اصبحت بلاد الشام و مصر في يد الاخشيدي ، والمغرب العربي بيد الفاطميين ، اما في شرق البلاد فكانت فارس و الري و اصبهان و الجبل في ايدي بني بويه ، والموصل و ديار بكر و ربيعة و مضر في ايدي بني حمدان و كرمان في يد ابن الياس وطبرستان و جرجان في يد الديلم و خراسان في يد الساساني و الاهواز و البصرة في يد البريديين و البحرين و اليمامة في يد القرامطة ، وفي الغرب كانت الاندلس في يد ملوك الطوائف ، ولم يبق في يد الخليفة العباسي ووزرائه الا بغداد و أعمالها .

    السؤال السابع : لماذا الوقوف عند الامام الشافعي ؟

    يعتبر الامام الشافعي واضع الاصول في نظر البعض ، او اول من دون هذا العلم في نظر الاخرين و ذلك عبر مؤلفيه الشهيرين " الرسالة " و " الام " اللذين سنعتمدهما في ابحاث فصول كتابنا القادمة ، وسنرمز لكتاب الرسالة بالرمز ( ر) و الام بالرمز ( م ).


    ويشهد للأمام الشافعي الكثير من الفقهاء ورجال الدين في تأسيسه لأصول الفقة الاسلامي ، حيث يقول الامام أحمد بن حنبل : ( الشافعي فيلسوف في اربعة أشياء ، في اللغة ، و اختلاف الناس و المعاني و الفقة ) ويقول ايضاً : ( ماعرفت ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالست الشافعي ) . اما الرازي فيقول : ( ثبت ان نسبة الشافعي الى علم الاصول كنسبة ارسطو الى علم المنطق فكذا ها هنا وجب ان يعترفوا للشافعي رضي الله عنه بسبب وضع هذا العلم الشريف بالرفعة و الجلالة و التمييز على سائر المجتهدين بسبب هذه الرفعة الشريفة ) .

    اما الشيخ الجويني فيقول في شرح كتاب الرسالة : ( لم يسبق الشافعي احد في تصانيف الاصول و معرفتها ) وبمثل ذلك يقول الزركشي .

    ومع فائق التبجيل و التقدير لأقوال الأئمة السابقين و اتباعهم اللاحقين فإن دراستي الموضوعية الحيادية للإمام الشافعي اوصلتني الى تحديد السمات الرئيسية في نتاجه الفقهي و التى سيتم ايضاحها و تفصيل بعضها للقارئ بشكل موسع من خلال ابحاث الكتاب اللاحقة ، هذه السمات يمكن تلخيصها بما يلي :

    1- عدم اعتماد الاسلوب المترابط و المتكامل في عرض الافكار ، وغياب التسلسل و الربط فيما يلي بينها في كثير من الاحيان ، اضافة الى التكرار و الاعادة فيها .

    2- قلة التعريف الموضوعي الدقيق لمعظم المصطلحات المستخدمة من قبله في التأسيس لعلم الاصول ، لذلك نرى اتباعه يتبارون في بركة تعريف مصطلحاته كالعام و الخاص و البيان و النسخ و القياس ...... الخ .


    علماً ان دقة تعريف المصطلح هي الركيزة الاساسية لشرح و ايضاح و تسلسل الافكار للوصول الى النتائج المطلوبة ، وقد صدق من قال : حددوا مصطلحاتكم تستو اموركم ، ولنأخذ مثلاً من مطلع كتاب الرسالة باب ( كيف البيان ) حيث يعرفه الشافعي بقوله :

    " البيان اسم جامع لمعان مجتمعة الاصول متشعبة الفروع ، فأقل مافي تلك المعاني المجتمعة المتشعبة انها بيان لمن خوطب بها ممن نزل القرآن بلسانه متقاربة الاستواء عنده وان كان بعضها اشد تأكيد بيان من بعض و مختلفة عند من يجهل لسان العرب . ا. هـ "

    وكما نلاحظ فإن ذلك التعريف يعرف البيان بنفسه ، فالمعاني المجتمعة المتشعبة هي البيان وهو اسم جامع لمعان مجتمعة الاصول ، وكما نرى عموميات متداخلة ومجال الاخ1 و الرد فيها غير محدود ..

    3- ايمانه بالترادف في معاني الكلمات ، فهو يعتبر كلمة ( النبي ) تعني الرسول و ( الكتاب ) تعني القرآن و ( الحكمة ) هي السنة ، ويرى ان مصطلحاته و مفاهيمه حقائق و قوانين كونية ثابتة ( كقوانين الحركة و السرعة ....... ) يبني عليها استنتاجاته .

    4- اعتماده على احاديث الآحاد و المرسلة في احكام هامة ( كحديث لا وصية لوارث ) وعلى اقوال اهل العلم او من نثق بعلمه من دون تحديدهم أو ذكر اسمائهم ، اضافة لاستخدامه أسلوب قال و قلت الذى غالباً ماتضيع فيه الحجة بين القائل و المقول و السائل و المسؤول .


    اخيراً اذا قلت : ان اسلوب الشافعي متداخل مضطرب و ممل ، فإن السادة العلماء الافاضل سيحتجون ويطلقون صيحات الاستنكار و الاستعلاء المتكررة و المتسائلة : من انت ؟ او من انت لتحكم ؟ فهم لا يستطيعون بل لا يجرؤون ان يصححوا كتابة كلمة وردت عند الشافعي بل يسارعون الى ايجاد التبرير و التخريجة لها و قد يعتبرونها قانوناً فردياً ، فمثلاً يكتبون كلمة ( القرآن ) بدون المدة التى اصطلحنا عليها اليوم (قران) وكلمة ( ناساً ) بدون ألف تنوين النصب (ناسٌ ) ويعتبرون جمع ريح أرواح لانها وردت هكذا في كتابه ...... والى غير ذلك من الامثلة التى تظهر تقديسهم لآثار الشافعي و هروبهم و نكرانهم لاي نقد موضوعي لنتاجه و افكاره .

    السؤال الثامـــن : هل وفق الامام الشافعي في نتاجه ؟

    وهو مااترك للقارئ الحكم عليه بشكل علمي موضوعي بعيداً عن التعصب و التزمت و الانحياز .

    السؤال التاســع : لماذا يخاف المرء المسلم نقد امور الدين ؟

    نجح معظم رجال الدين على اختلاف طوائفهم و مللهم في خلق هالة حول بعض الائمة ليضمنوا انتقالها اليهم ، فعندما يحترم و يقدس رجل الدين الامام و يعظمه و يرضى ان يكون غباراً على نعليه فإنه يطالب الاخرين من عامة الناس – بشكل غير مباشر – المعاملة بالمثل من حيث تأمين المكانة المرموقة وكل الاحترام و التبجيل له ، ويصبح نقد رجل الدين مرتبطاً بنقد الامام الذى يرتبط مباشرة في التعدي على المقدسات و التطاول على المعتقدات الذى غالباً ما تكون نهايته صيحات التكفير و الخروج عن الملة ، تلك الصيحات التى تزداد مع ازدياد تخلف المسلمين و ابتعادهم عن ركب الحضارة فلا نجد رداً و حواراً ودحضاً هادئاً بل سيوفاً تسل و تلمع لتهدد و تقتل كل معارض ناقد .

    وهنا اقول : لا يهمني أبداً اذا خالفت الآخرين وان كثروا ، ولا يهمني أبداً اذا كنت سأدفع حياتي ثمناً لأفكاري و آرائي ومبادئي ، ولكن مايهمني فعلا هو ان اضيء لأجيال المستقبل التغيير و الامل في ظلام الجمود و اليأس و الاحباط .



    نواصل...
                  

العنوان الكاتب Date
جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-01-08, 05:55 PM
  Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-01-08, 06:00 PM
    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-02-08, 08:51 AM
      Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-02-08, 05:23 PM
        Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-03-08, 10:25 AM
          Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) احمد الامين احمد01-03-08, 01:37 PM
            Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-03-08, 06:42 PM
              Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) احمد الامين احمد01-03-08, 08:41 PM
                Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-05-08, 10:32 AM
                  Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-06-08, 10:37 AM
                    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-07-08, 08:16 AM
                      Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-07-08, 10:26 AM
                        Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-07-08, 05:23 PM
                          Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-08-08, 04:58 PM
                            Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-09-08, 10:42 AM
                              Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-09-08, 04:44 PM
                                Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-10-08, 10:35 AM
  Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) عزالدين محمد عثمان01-12-08, 02:18 AM
    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-12-08, 10:40 AM
    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-12-08, 11:26 AM
      Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) Mohamed E. Seliaman01-12-08, 12:04 PM
        Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-12-08, 04:04 PM
          Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-12-08, 04:08 PM
  Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) عزالدين محمد عثمان01-12-08, 05:12 PM
    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير01-13-08, 06:05 AM
      Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) Mohamed E. Seliaman01-13-08, 06:21 AM
  Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) Elbagir Osman01-13-08, 06:38 AM
    Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير02-02-08, 06:24 PM
      Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) بدر الدين الأمير02-05-08, 07:59 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de