|
حــرب بــوش الجــديــدة
|
حرب بوش الجديدة 2005/10/07 عبد الباري عطوان الرئيس الامريكي جورج بوش عاد الي قرع طبول الحرب مجددا، ويريد حشد العالم بأسره حول عدو جديد اسمه التطرف الاسلامي ، الذي حل محل العقيدة الشيوعية كمصدر خطر علي الانسانية جمعاء. هدف الحرب الجديدة هو ايران وسورية لانهما تعاونتا مع الارهاب طويلا، وتتربعان علي قمة الانظمة الخارجة علي القانون، مثلما قال الرئيس بوش في خطابه الذي ألقاه امس امام الهيئة الوطنية لدعم الديمقراطية في واشنطن. الرئيس الامريكي المأزوم عاد مجددا الي شعار الحرب علي الارهاب، وتوظيفه في اطار سياسة التخويف التي بات يلجأ اليها بشكل يائس من اجل انقاذ شعبيته المتناقصة، وكسب بعض الانصار في الكونغرس الامريكي، في ظل الحملات الاعلامية التي يواجهها وتتهمه بافلاس امريكا وتهديد امنها واستقرارها بسبب مغامراته العسكرية الفاشلة في افغانستان والعراق. واستهداف سورية وايران ليس من قبيل الصدفة، وانما يتم في اطار تحركات محمومة محورها اكثر من عاصمة عربية وعالمية تهدف الي تهيئة الرأي العام الغربي لحرب جديدة تطيح بنظامي البلدين. ففي لندن اتهم توني بلير حليف بوش الاوثق ايران بتزويد الجماعات المتطرفة في جنوب العراق بقنابل متطورة ادي استخدامها الي مقتل عشرة بريطانيين بينهم ثمانية جنود، وامتلأت الصحف الامريكية بمقالات تتهم سورية بدعم الارهاب، وتتحدث عن تورطها في اغتيال الراحل رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الاسبق، ووجود سيناريوهات لاطاحة النظام فيها. وليس من قبيل الصدفة ايضا ان يأتي هذا التحريض السافر علي الحرب ضد ايران وسورية بعد ايام معدودة من موافقة الدول الاوروبية علي فتح مفاوضات مع تركيا بشأن انضمامها الي عضوية الاتحاد الاوروبي، ومن المفارقة ان بعض الدول الاوروبية تراجعت عن معارضتها الشديدة لهذه الخطوة بضغط مباشر من الولايات المتحدة وبريطانيا. تركيا ستكون اللاعب الرئيسي في اي حرب مقبلة ضد البلدين، وجري تسريب العديد من الانباء عن طلب امريكا مجددا من الحكومة التركية استخدام قاعدة انجرليك الجوية، ومن غير المنطقي ان تسمح هذه الحكومة باستخدام قواعدها ضد بلدين جارين ومسلمين وهي ممنوعة من دخول النادي الاوروبي، بسبب عقيدتها الاسلامية! الرئيس بوش يكشف عن عدائه السافر للاسلام والمسلمين عندما يعتبر التطرف الاسلامي مثل العقيدة الشيوعية ويساوي بينهما في العداء للاانسانية، ويطالب باتحاد العالم بأسره في مواجهة الخطر الاسلامي الاصولي. ان هذه المقارنة البائسة تكشف عن جهل فاضح بالتاريخ والجغرافيا، فالاصولية الاسلامية التي يقول الرئيس بوش انها تريد هزيمة العالم واقامة امبراطوريتها الخاصة بها لا تملك ثلاثين الف رأس نووية، مثلما كان حال العقيدة الشيوعية، وقد عجزت عن قلب نظام اسلامي واحد، وفي اضعف الدول واكثرها فقرا مثل مالي او تشاد او حتي باكستان، فكيف ستهزم العالم بأسره؟ وحتي افغانستان التي وصلت الي سدة الحكم فيها الاصولية الاسلامية، فان هذا جاء بمساعدة واشنطن ودعمها! ايران وسورية لم تتعاونا مع الارهاب، وانما في الحرب ضده، فقد لعبت ايران الدور الاكبر في مساعدة الولايات المتحدة للتخلص من نظام طالبان الاصولي، وقدمت الحكومة السورية اكثر من ستة وعشرين الف وثيقة الي الادارة الامريكية حول المنظمات الاسلامية الارهابية، وكانت محط مديح هذه الادارة، وهي الوثائق التي حمت ارواح امريكيين، مثلما قال الرئيس بشار الاسد في اكثر من مناسبة. الرئيس بوش يعيش مأزقا مزدوجا، الاول في الداخل بسبب افلاس ادارته نتيجة لديونها المتعاظمة بفعل اعصاري كاترينا وريتا والحرب ضد الارهاب، والثاني في الخارج وفي العراق وافغانستان تحديدا بسبب فشل هذه الحرب في القضاء علي الارهاب وتكريس الديمقراطية المزعومة، رغم خسارة 300 مليار دولار ومقتل الفي جندي امريكي حتي الان. الرئيس الامريكي جورج بوش هو الخطر الاكبر الذي يهدد الانسانية، ومصدر خطورته انه يتصرف الان مثل النمر الجريح نتيجة فشل حروبه وانهيار شعبيته، وانفضاض الحلفاء من حوله. العالم بأسره يجب ان يتوحد في مواجهته اولا، ثم في مواجهة الارهاب ثانيا، لان سياساته هي التي تغذي الارهاب وتقويه وتوسع دائرته. هناك مثل انكليزي شهير يقول: اذا وقعت في حفرة فان اول شيء يجب ان تفعله هو التوقف عن الحفر ، ولكن الرئيس بوش لم يستوعب الحكمة من هذا المثل، فقد وقع في حفرة العراق وما زال يواصل الحفر. القدس العربي
|
|
|
|
|
|