مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 10:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-21-2005, 03:02 AM

Hassan Abdoun Mohamed Ahmed


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك (Re: Hassan Abdoun Mohamed Ahmed)

    مفهوم التهميش

    خلفية المصطلح

    نشير إلى أن إدخال مصطلحي "المركز" و"الهامش"، الذي تولّد داخل أروقة الفكر الماركسي المحدث بعيد منتصف القرن العشرين، وذلك في تحليل أوجه الصراع الثقافي والسلطوي في السودان بدأت عام 1968م، عندما استخدم علي مزروعي [1971] المصطلحين في معالجته النقدية للصراع الثقافي بين مستعربي السودان وما شاكله من دول ذات شعوب مستعربة أسماها الهامش (السودان، الصومال، موريتانيا، جيبوتي)، وبين العرب العاربة الذين أسماهم المركز. في عام 1986م قام كاتب هذه السطور في الإصدارة الشعبية الأولى لكتابه منهج التحليل الثقافي بتوطين هذه المصطلحين في تحليله للصراع الثقافي في السودان بالنظر إليه على أنه بين مركز إسلاموعروبي وهامش أفريقي؛ وقد استصحب مع مصطلحي "المركز" و"الهامش" مصطلحي "الوسط" و"الأطراف"، ليركن بعدها في الطبعات الثلاث اللاحقة (1988؛ 1996؛ و1999) إلى مصطلحي "المركز" و"الهامش". بعد ذلك قام عبد الغفار محمد أحمد [1988]، متبنّياً رؤية علي مزروعي بخصوص الحزام الهامشي للدول العربية ، بمعالجة قضايا الصفوة والطبقة المثقفة في هذه الدول الهامشية من حيث تحامل رصيفاتها في باقي الدول العربية العاربة عليها. كما استخدم منصور خالد (1993) مصطلح "المركز" دون "الهامش" بمحمولات جغرافية ديموغرافية ("أهل الحضر والريف"؛ "المركز والتّخوم"). فيما بعد تمّ تكريس هذا المصطلح عبر كتاب أبّكر آدم إسماعيل جدلية المركز والهامش [1997] بأجزائه الثلاثة.

    التهميش قديم

    إن فهمنا ينهض على أن أصول التهميش ترجع إلى قرون وليست عدة عقود كما يرى البعض. كما يذهب فهمنا إلى أن عمليات التمركز والتهميش ليست مرتبطة بعرقٍ ما، أو جهةٍ ما، وما تصويرها على أنها كذلك إلا مجرد خدعة. فالمركز مركز صفوي يحتكر السلطة والثروة، وفي سبيل تأمين مصالحه يسخّر الثقافة والعرق والدين والجغرافيا [محمد جلال هاشم، تحت الطبع]. بهذا أصبح هناك طريق واضحة للطامحين بالسلطة إذا ركبوها وصلوا إليها: الأسلمة والاستعراب، أي تبنّي الأيديولوجيا الإسلاموعروبية. وهكذا تكوّن المركز من صفوة متباينة الأعراق والثقافات، متلاقية في الأهداف المتمثّلة في الثروة والسلطة. هنا لا يهمّ من أي مجموعة ثقافية أو عرقية ترجع أصولك، طالما كنت مستعدّاً للتضحية بأهلك تحت شعار الإسلام أو العروبة، وكلاهما بريئ من ذلك. في الواقع فإن أغلب الرموز القيادية التي قام عليها المركز من أبناء المجموعات الموغلة في التهميش إلى حد التعريض بها ثقافياً وعرقياً. هذا هو المركز الذي يسيطر على مؤسسة الدولة في السودان، مهمّشاً في ذلك جميع السودانيين [أبّكر آدم إسماعيل، 1997].

    تشتكي كل المجموعات المهمّشة من قلة حظّها في السلطة وانعدام نصيبها في الثروة. ولكن في الأمر لبساً لا بدّ من إجلائه. إن إحالة المتنفّذين في أجهزة الدّولة والسلطة الحاكمة إلى خلفياتهم الثقافية والإثنية من حيث قيمتهم العددية وليس الأيديولوجية، لا ينبغي الأخذ به كمؤشّر ودليل على النسبة التي حازتها المجموعة من حيث السّلطة والثروة. فالمركز يجتذب العديد من أبناء المجموعات المهمّشة والتي نالت حظّاً وفيراً أو متوسّطاً من العلم كيما يصبحوا جزءً منه، مقابل أن يمنحوا السلطة والثّروة تعميةً لواقع حرمان أهلهم من كليهما. فعلى سبيل المثال لم تخلُ حكومة منذ الاستقلال وحتى الآن من المثقفين الجنوبيين، في الوقت الذي لا يغالط فيه إثنان أن نصيب الجنوب من السلطة والثّروة لم يتغير البتّة عبر كل هذه السنين. حتّى إنقلاب الإنقاذ في عام 1989م شارك فيه ثلاثةٌ منهم. ومثال آخر يوضّح المسألة ما عليه إقليم النوبيين في الشمال و إقليم أهلنا البجا في الشرق؛ فكلاهما يعاني من التهميش المزدوج. فبينما قبع البجا بأرضهم، اضطُّرّ النوبيون إلى هجرة بلادهم إلى درجة خلوّ الإقليم في بعض قراه من السّكان. وكلا المجموعتين مهددة في تراثهما وهويتهما من حيث احتمال زوال لغتيهما، إضافةً إلى فقر إقليميهما. من جانب آخر، إذا أحصينا عدد النوبيين الذين شاركوا في الحكومات منذ الاستقلال وحتى اليوم، مقارنةً مع ما عليه حال البجا، فإن الصورة ستعكس مفارقة ضخمة في ظاهرها، واحدة في جوهرها. إذ قلّما نجد نظام حكمٍ لم يشارك فيه وبصورة أساسية أشخاص يعودون في جذورهم العرقية و/أو الثقافية إلى النوبيين، فضلاً عن بعض رؤوس الحكومات مثل عبدالله خليل والنميري والصادق المهدي والزبير، ناهيك عن الوزراء الذين ربما لا حصر لهم، الظاهر منهم والخافي. بخصوص البجا، فإن العدد قد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، والمتّفق عليه بينهم عامةً هو عدد ستّة وزراء منذ الاستقلال وحتّى اليوم. لكن يبقى السؤال: بماذا انتفع النوبيون من كثرة عدد الوزراء والرؤساء ممن يعودون في خلفياتهم العرقية والثقافية إليهم؟ هل قامت تنمية في بلاد النوبة؟ لا! فقد حازت تلك الصفوة النوبية كلا السلطة والثروة، فهل تقاسمتها مع عامة الشعب النوبي؟ الإجابة لا أيضاً! من الملاحظ أن تلك الصفوة فيما تنزّلت من أجيال تنشّأتها وربتها، قد ابتعدت عن أهلها ثقافةً وموطناً، فقد استعربت وتأسلمت تماماً، فلا أبناؤهم يتكلمون النوبية ولا هم يعرفون في غالبيتهم شيئاً عن بلادهم وعن التهميش المزري الذي ترزح تحته. هذه الصفوة كما لو كانت قد باعت أهلها وبلادها من أجل السلطة والثّروة. فليت الأمر وقف عند ذلك، فقد وجد النوبيون المهمّشون أنفسهم في موقع الدّفاع عن أنفسهم باعتبار أنهم جزء من المركز الذي احتكر السلطة والثّروة، لا لشيئ إلاّ لأن بعضاً من أبنائهم الذين صرفوا عليهم من عرقهم ودمائهم قد باعوهم في سوق النخاسة السياسية. إن ما أفاد منه النوبيون من ذلك العدد الضخم من الرؤساء والوزراء يساوي ما أفاد منه البجا من ذلك العدد القليل من الوزراء، وهو لا شيئ. ولو انعكست الآية، لما تغيّر حال كليهما تهميشاً تنمويّاً وثقافياً.

    إن المحتكم في هذه المسألة هو أن من تسلّم السلطة ينبغي محاسبتهم على ضوء البرامج الأيديولوجية التي بمقتضاها فعلوا ذلك، لا بمقتضى خلفياتهم الإثنية التي لا دخل لها فيما جرى. فحتّى الآن لم يتسلّم أيٌّ من أبناء البجا أو المناصير أو جبال النوبة أو النوبيين موقعاً سلطوياً باسم المجموعات التي يصدرون منها باعتبار أن ذلك الموقع يمثل جزءً من قسمة السلطة والثروة الخاصّة بالمجموعة. فمثلاً إذا استلم السلطة شخصٌ من الفور باعتباره عضواً في الجبهة الإسلامية انطلاقاً من أيديولوجية تمكين الدين وإعلاء راية الجهاد، ثمّ أثرى بعد ذلك عن فسادٍ زاخم، فضلاً عن بعض عمليات إبادة وتقتيل هنا وهناك، في الجنوب والأنقسنا إلخ، فكيف بالله نحمّل أهلنا في دارفور مسئولية هذا المارق؟

    التهميش نوعان: تنموي وثقافي

    إن الهامش ليس في جهة جغرافية بعينها (شمالاً كانت أو جنوباً، شرقاً أو غرباً أو وسطاً) دون غيرها، بل هو في كل مكان، ومن يغالط في هذا عليه أن يخرج مما يسمّى بالمناطق الحضرية عدة كيلومترات فقط ليرى التهميش بأم عينه. كما لا يصبح الهامش وقفاً على مجموعات إثنية بعينها دون أخرى. وهذا هو مناط القول بأن الهامش ليس جغرافياً كما ليس عرقياً، بل هو سلطوي [محمد جلال هاشم، تحت الطبع]. إلاّ أن التهميش يجري على نوعين: بسيط ومركّب. التهميش البسيط ذلك الذي ينحصر في الحرمان التنموي والاقتصادي. في هذا يتساوى جميع السودانيين بمختلف ثقافاتهم وأقاليمهم باستثناء صفوةٍ منهم يشكلون المركز وينتمون إليه. أمّا التهميش المركّب، فذلك الذي يجمع بين الحرمان التنموي والحرمان الثقافي ممثّلاً في توجّهات الدولة الأيديولوجية لمحق الهويات غير العربية وقتل لغاتها. في هذا كان التهميش الثقافي مدخلاً للتهميش التنموي، إذ جعلت مؤسسة الدولة الاستعراب مقابلاً للأفرقة، ومن ثمّ قامت بإعلاء الهوية العربية وإزراء الهوية الأفريقية. وقد كان من أثر هذه التكتيكات الأيديولوجية أن وجدت المجموعات الأفريقية (التي تعاني من التهميش المزدوج تنموياً وثقافياً) نفسها في الدرك الأسفل عرقياً، وثقافياً، واجتماعياً وسياسياً، الأمر الذي يستوجب منها عملاً موحداً، ولو تفاوتت درجات تهميشهم وتعرّضهم للاضطهاد.

    التقسيم الخطي: تكتيكات الخداع

    في سبيل تأمين تحكّمه على مؤسسة الدولة وعلى رقاب العباد، اتّبعت الصفوة المهيمنة على المركز العديد من الحيل. من ذلك تقسيم السودانيين إلى مجموعات خطية متقابلة: الأفارقة السود العبيد مقابل العرب الشرفاء؛ ثم العرب نفسهم يتم تقسيمهم إلى عدة مجموعات متقابلة، مثل الأشراف وأبناء القبائل العاربة مقابل الأعراب البدو. هذه التقسيمات الخطية القائمة على العرق تقابلها تقسيمات أخرى قائمة على الجغرافيا بتحميلات عرقية لا تخفى: الشمال (عربي، مسلم) ضد الجنوب (أفريقي، مسيحي)، أولاد الغرب (الغرّابة) ضد أولاد البحر (أولاد البلد، أي أولاد العرب). روّج المركز الذي سيطر على مؤسسة الدولة لهذه التقسيمات حتى أصبحت بمثابة مفاهيم نمطية فشت في ثقافة وسط السودان النيلي وشماله. إن الغرض من هذه التقسيمات هو تحييد أكبر قدر من المجموعات المهمّشة، ريثما يتمكن المركز من احتواء مجموعات بعينها تشكّل تهديداً مباشراً. إن التقسيم الأيديولوجي الحقيقي الذي يعكس هذا الوضع هو تقسيم دائري: مركز يحيط به هامش، وليس التقسيم الخطي [لمزيد من التفاصيل، يراجع: محمد جلال هاشم، 1999].

    الحرب الأهلية: حرب الهامش ضد المركز

    لقد استمرت هذه العملية لزمن طويل حتى وصلت في النهاية حد التمييز العنصري والاضطهاد، ولهذا نهضت المناطق التي وصلت حدّاً لم يمكنها معه تحمّل المزيد من هذا الاضطهاد بوجهيه الثقافي والتنموي، فقاومت بضراوة بلغت الآن مستوى الحرب الأهلية. إن وتيرة اندلاع الحرب الأهلية تتساوق طرديّاً مع درجة التهميش والاضطهاد، فقد بدأت في الجنوب فجبال النّوبة والإنقسنا، فالشرق ثم دارفور و عموم الغرب. ولنلاحظ أن الحرب في الجنوب بدأت عام 1955م، بينما لحقتها جبال النوبة والأنقسنا بعد ذلك بأكثر من ثلاثة عقود. هذا لأن جبال النوبة والإنقسنا كانتا لا تزالان تحت التحييد، فالتقسيم الخطي (شمال ضد جنوب) كان لا يزال تأثيره عليهما سارياً؛ ثم بعد ذلك جاء أهلنا في جبهة الشرق ثم في دارفور ... وهكذا إلخ. والآن هاهم النوبيون، وهاهم أهلنا المناصير قد بدأوا في حراكهم، وحتماً سيلحق بهم آخرون إلى أن يكتمل تفكيك ماكينة التمركز والتهميش.
    __________________
                  

العنوان الكاتب Date
مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك Hassan Abdoun Mohamed Ahmed09-21-05, 02:58 AM
  Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك Hassan Abdoun Mohamed Ahmed09-21-05, 03:02 AM
    Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك Hassan Abdoun Mohamed Ahmed09-21-05, 03:04 AM
    Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك Hassan Abdoun Mohamed Ahmed09-21-05, 03:07 AM
      Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك Hassan Abdoun Mohamed Ahmed09-21-05, 03:16 AM
  Re: مفهوم التهميش وتحديّات العمل المشترك AMNA MUKHTAR09-27-05, 09:56 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de