|
Re: عناوين الميدان العدد 2004 - يوليو 2005 (Re: Aymen Tabir)
|
رد على نداء الأحزاب الشيوعية العربية الى الحزب الشيوعي العراقي
النداء يتضمَّن مواقف ملتبسة من المقاومة العراقية:
وجَّهت بعض الأحزاب الشيوعية العربية التالية: الحزب الشيوعي السوري - الحزب الشيوعي الفلسطيني - الحزب الشيوعي المصري - حزب الشغيلة الأردني - الماركسيون اللينييون اللبنانيون - الشبيبة الشيوعية اللبنانية، نداء الى الحزب الشيوعي العراقي. ونشرت النداء بعض مواقع الأنترنت ومنها (التجديد العربي) و(الكادر).
ولأن مواقف بعض التيارات الشيوعية العربية من المقاومة العراقية لا تزال مشوبة أو مغلَّفة ببعض الالتباسات جئنا بهذا المقال / الرد لكي نبدي رأينا حولها. وهذا نص المقال:
لقد نصحَنا بعض المخلصين بأن لا نقوم بتفريع المعركة الإعلامية لنوجِّه جزءًا منها لنقد أداء التيارات الشيوعية المناوئة للمقاومة العراقية، أو من الذين يريدونها على مقاييسهم الخاصة، تحت ذريعة منع تشتيت الجهد الذي علينا أن نحصره في مقاومة الاحتلال الأميركي والصهيوني وليس بغيره. ولكننا بعد طول صبر وأناة –آخذين النصيحة بعين القناعة والتفهم والحرص- لم نجد في أسلوب ومواقف تلك التيارات ما يغري بطول صبر أكثر. فكان لا بُدَّ من الدخول في حوار وليس في نزاع مع تلك التيارات والهدف منه المساعدة في تصويب مسارات خاطئة تصر تلك التيارات على سلوكها. وهي تغطي مواقفها العدائية بستائر من الحرص على المقاومة العراقية، وبدلاً من أن تسهم في عمل إيجابي لتعزيز الحالة الجبهوية التي تشق طريقها بكل ثبات بين الفصائل العراقية المقاومة، نرى أنها تصر على ممارسة ما لا تستفيد منه المقاومة العراقية بشكل عام وبما لا يفيد الحالة الجبهوية الراهنة في داخل المقاومة العراقية بشكل خاص، ومن أجل تصويب المسارات الخاطئة، جئنا بهذه المقالة.
بعد أن غابت المرجعية الأممية للحركة الشيوعية العالمية عن المسرح السياسي العالمي، طبعاً كان هذا مع دواعي الأسف الحقيقية التي أعلنتها التيارات القومية، تشرذمت الحركة الشيوعية العربية فضاعت بوصلتها عن الاتجاه الصحيح في غياب من كان يصوِّب لها الاتجاه –على الأقل- فيما له علاقة بمصلحة الأممية العالمية.
لقد نظرت التيارات الأممية العالمية اليوم، على الرغم من غياب الجاذب الوحدوي الأممي، إلى القضايا القومية العربية بشكل بعيد عن الغرضية والهوى، بينما ظلَّت الأهواء والأغراض تمثِّل الجاذب الأساس للتيارات الشيوعية العربية، فهي لم تستطع بعد -كما فعلت شقيقاتها من التيارات العالمية- التخلص من النظر للقضايا العربية من منطلق الحقد التاريخي الذي راكمته مرحلة التنافس والتسابق على قيادة حركة التحرر العربية. وهذا ما هو حاصل حول القضية العراقية.
بعد أن ضاعت فلسطين في العام 1948م كان الشيوعيون العرب يتلهون بتأييد الاستيطان الصهيوني على قاعدة أن اليهود القادمين سينشرون الديموقراطية في العالم العربي. فانتصروا للحركة العمالية الصهيونية في وجه من كانوا يصفونهم بالبورجوازيين العرب الذين يمارسون الديكتاتورية. فكانت لعبة النزاع بين إيديولوجيا الديموقراطية القادمة على دبابة صهيونية وإيديولوجيا الديكتاتورية القابعة في قصور البورجوازية العربية قد أضاعت الحدود الفاصلة بين الخيانة للوطن والدفاع عن الطبقة حتى لو كانت من دون هوية وطنية. وهذا هو حال الأمميات الغارقة في أحلامها النظرية. فاختار الشيوعيون العرب درب الدفاع عن الطبقة على حساب الدفاع عن الوطن تحت ذريعة جلب الغنائم الديموقراطية، فهم خسروا الاثنين معاً الديموقراطية والوطن.
باستثناء من وعوا طبيعة الصراع بين الوطن والاستعمار من الشيوعيين العرب، وعلى رأسهم قطاع واسع من الشيوعيين العراقيين، غرقت شتى أطياف الحركة الشيوعية العربية وألوانها في حالة من الضياع، حاولوا من خلالها أن يؤيدوا المقاومة العراقية ولكن على طريقة الواهم بحلول مستحيلة قائمة على تجاهل اللاعب الرئيسي في تلك المقاومة.
فإذا كانت الحركة الشيوعية العربية قد منَّت النفس، في العام 1948م، بتحصيل الديموقراطية على حصان صهيوني فأثبتت التجربة والتاريخ استحالة ما كانت تعمل لأجله فأضاعت على حركة التحرر العربية الكثير من الوقت وفرص النضال حتى اقتنعت باستحالة إيصال اتجاهاتها النظرية إلى سكة النجاح، فهي اليوم تمارس اللعبة ذاتها في مواقفها من القضية العراقية بشكل عام ومن المقاومة العراقية بشكل خاص.
لقد ربطت تلك الاتجاهات بداية بين كيان الوطن العراقي والنظام الذي كان يحكمه. ولأنها تنظر إلى النظام السياسي بعين الغرضية والهوى، وليس بعين الموضوعية، فقد تاهت في مواقفها وراحت تربط سقوط النظام بسبب من ديكتاتوريته، فلم تكن مواقفها من قضية النظام تنطلق من حرص على الوطن بقدر انطلاقها من حقد على نظام.
والشيء ذاته ينطبق على مواقف تلك التيارات من المقاومة العراقية الآن، فهي تؤيد المقاومة العراقية وتقوم بتجهيل هويتها وتعميم أوصافها. وكأنها بمثل ذلك التعميم ترتاح من الإشارة إلى دور أساسي يقوم به حزب البعث في العراق في العمل المقاوم. وصاغت اتجاهاتها المؤيدة للمقاومة والداعمة لها بمسائل مدقعة بالنظرية الغرضية من دون الجرأة على النظر إلى المقاومة العراقية بواقعها الحقيقي.
لا شك بأن اتجاهات تلك التيارات من حيث دعوتها إلى استراتيجية الكفاح الشعبي المسلح في كل من فلسطين والعراق هي اتجاهات سليمة، ولكن النظر شيء والواقع شيء آخر. فارتكبت خطأ أنها أيَّدت العمل المقاوم وعلى أساس نظري مفصَّل على مقاييسها الإيديولوجية، وأحياناً كثيرة على مقاييس أحقادها الماضية على نظام حزب البعث وأمينه العام صدام حسين. ولكي لا تتناقض مع نفسها راحت تدعو إلى الالتفاف حول المقاومة العراقية وانحرفت بأنظارها وغطت عيونها لكي لا ترى لحزب البعث أو صدام حسين بصمة ولو واحدة في العمل المقاوم.
ماذا يتولَّد من تأثيرات إذا ما انتصرت المقاومة، وهي حتماً ستنتصر، ورأت تلك التيارات أن لحزب البعث –في الافتراض الأقل احتمالاً- أكثر من بصمة وتأثير من حيث الفعل اليومي والتخطيط الاستراتيجي والقيادة الاستراتيجية. ففي تلك اللحظة سيصيب التيارات الشيوعية ذات النظرة الغرضية ضياع آخر، وسيترتب عليها أن تجد إجابات جديدة لمناصريها التي تقوم اليوم بتضليلهم. وهي ستقف حائرة أمام النتائج: إما أن ترفض نتائج الصراع لأن حزب البعث سيكون شريكاً في نظام ما بعد الاحتلال فتقف مرة أخرى خارج صياغة استراتيجية لنظام عربي سيقود حركة التحرر العربية. أو أنها ستشارك –ومن واجبها أن تشارك- في نظام سياسي لن يكون البعثيون إلاَّ من صانعيه بالدم والسجن والاعتقال والتشريد… وساعتئذٍ ستقوم بتبرير مواقفها السابقة، ولا نرضى لأي مساهم في مقاومة الاحتلال إلاَّ أن يكون واضحاً ومتصالحاً مع نفسه ومع شركائه الآخرين بدون تردد مرحلي أو أحقاد عفى عليها الزمن.
وكي لا تبقى الحركة الشيوعية العربية، بمعظم تياراتها تائهة وضائعة، منذ العام 1948م وحتى اليوم في تركيب استراتيجية واضحة للصراع مع قوى الخارج وأخرى للحوار مع قوى الداخل فسوف تبقى في مواقفها النظرية والعملية على هامش التاريخ السياسي للأمة العربية. وستبقى في الموقع الذي يضيِّع على الأمة فرصة نضالية وراء فرصة، رافضة للعمل الجبهوي الصحيح والسليم من خلال لقاء كل أطياف حركة التحرر العربية وألوانها بعيداً عن تجارب الماضي المؤلمة. ونحن هنا، ولسنا من منطلق النطق باسم المقاومة العراقية ولكن من منطلق الحرص القومي على تلك المقاومة ندعو التيارات الشيوعية العربية بشكل خاص إلى ترك أحقاد الماضي وراءها لكي تفتح صفحة جديدة مع قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق وفي غيره، ونؤكد على حزب البعث في العراق لخصوصيات دوره الكبير في المقاومة العراقية.
وكي لا نطبِّق المثل العامي القائل »لا تسرح ولا تعير الجراب«، نخاطب الصادقين من الشيوعيين في مواقفهم الموضوعية من المقاومة: بوركتم فأنتم تشقون طريقاً موضوعياً لعلاقات سليمة بين تيارات الحركة العربية الثورية قائمة على الانتصار للوطن قبل الانتصار على أي شيء آخر، لأن أي نضال مطلبي في ظل احتلال الوطن لا طعم له ولا رائحة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|