|
برغم ' اللوثة ' ..ففنانكم الأول يتأرجح صحيا..وأنتم حياري مابين الوفاء والإمتعاض !
|
حسن ساتي محمد وردي .. كفارة للفرعون قال الأديب العقاد ممجداً الموسيقار الموهوب سيد درويش ، أن أثر الفن الراقي لا يكون هناك في لحظة
الطرب وتداعياته العارضة فقط ، وإنما يمتد ليصبح مخزونا وطاقة يمكن أن تصاحب ذراع المزارع مثلا
وهو يضرب الأرض أو الشجرة بفأس أو آلة ، أو العامل وهو يتصبب عرقاً في عمل شاق. وذلك الترميز يريد
أن يقول لك أن الفن الراقي في قلب عملية الإنتاج المادي ، وهو كذلك ، حتى في أزمنة غناء الوجبات
السريعة والهومديلفري ، و(بكاسي) هذا الزمان الأشتر.
إنكفئوا قليلا على دواخلكم إذن ، ونقبوا فيها عن أثر العملاق محمد وردي في وجدان وذاكرة الشعب
السوداني ، وعن منتوج مادي من الأرض بأيدي مزارعين تغنوا بغنائه ، أو عمال مسحوا عرق جباهم
ليحسنوا الإستماع اليه ، منذ '' الليلة يا سمراء ''العام 1956 ، والى الحزن القديم واكتوبر الأخضر
وحتى 17 نوفمبر ، تجدون أنكم أمام تسونامي وجداني يبني ويهيئ لقادمين معنى أن يعيشوا وينتصروا ،
يعايش الأزمنة والحقب ''بعين خاصة '' ، تتقلب حينا ، وتثبت حينا ، ولكنها في كل الأحوال تبقى لصيقة
بالإنسان ، تشخصن لك معنى جماليا أحيانا كما في '' بشوف في شخصك أحلامي '' ، لتقفز بعده الى متاهة
ذلك البحث الأبدي عنها ، أعني الثورة والتغيير ، فنجد: '' لما تغيب عن الميعاد .. أفتش ليها في
التاريخ .. وأسأل عنها الأجداد '' .
فاجأني صديقي كمال بخيت بدخول محمد وردي لمستشفى الشرطة بأزمة ، لم أنزعج ، فـ (الفرعون) ، وأرجو
أن لا يغضب هذا اللقب الجديد صديقي محمد وردي ، وذلك لقب خلعته عليه مؤخرا في أحاديث بيني وبين
كمال ، ووجدته يستهوي كمال أيضاً ، خلعته عليه تجاوزا لمسميات الهرم الرابع أو الخامس أو فنان
أفريقيا الأول ، لأنه أكبر بكثير من كل تلك المسميات ، فالفرعون محمد عثمان وردي كما يبدو لي مسكون
بـ '' جينات '' تبدو مو######## من أولئك العظماء الذين غنى لهم في '' هام ذاك النهر '' ، مثلما فيه
جينات من بعدهم تلبست الإسلام والمسيحية ، وربما الوثنية ، ولم لا .. ومن يدري ؟ ، ومحمد نفسه قال
لي أن في شجرة عائلته قساوسة ، مثلما قال لتلفزيون السودان أن شجرة عائلته تلامس في فروع منها
دارفور وعلي دينار .
هو '' فرعون'' ، فيه من شباب إخناتون قوة مقاومة للشيخوخة ، حتى شيخوخة الحبال الصوتية ، استمعت
اليه يصدح من استاد الهلال الذي يحبه ، فطربت وضحكت حين ذهبت لمقارنة أدائه وصوته وهو في السبعين
مع شبان في عداد أبنائه ، وربما حفدته ، يغني الواحد منهم ، فتحس أن صوته كما لو أنه يأتيك من
بئر عميقة ، دعك عن المضامين والمعاني .
لم اشفق على محمد وردي ، ولكني ربما أحزن قليلاً على هذه الوعكة الطارئة ، ومعها على تعاطينا
كسودانيين مع '' النجومية '' هذا المصطلح الذي لم يتأسس بعد في السودان ، وللمسألة علاقة بـ ''
العقل السوداني '' ، هذا المتسرع دوما في الأحكام ، والحامل دوما لجاهزية غريبة نحو التحيز .
أكاد أحس أن الشوارع ستضيق حول مستشفى الشرطة ، ولكن هل سيكون من بين المزاحمين لتوصيل ''
كفارة '' للفرعون كبار من مسؤولينا ؟ وهل تدارس أمر وعكته أكبر عدد من الإخصائيين والأطباء ؟ وهل
فتحت مثلاً خيارات نقله لمراكز طبية متقدمة في الخارج ، لا بسبب خطورة الحالة ، وإنما لتثبيت أو قل
تثمين '' نجم '' له مداراته الخاصة خارج مدارات الكواكب والنجوم ؟ و...و ... ؟
أسئلة أطرحها ، ولا تستغربوا إن قلت أنني لا أنتظر عليها إجابة ، لأنني أريد أن أمد يدي من على
البعد بـ '' كفارة البيك يزول '' ، لأخي وصديقي محمد.
|
|
|
|
|
|