|
أيامٌ قبل وقوع الفجيعة وأنا افكر بالطائرات
|
أيام قبل وقوع الفجيعة وأنا افكر بالطائرات
لا أدري ما الذي جلب تلك الافكار الى رأسي , ولكنها كانت تعج بالطائرات ,, الارق المزمن هو صديقي الدائم ,, ولكن هنالك داءٌ ألدّ ظل يلازمني منذ نشأتي الاولى وهو الاحساس المبكر بوقوع فجيعةٍ ما ,, عندما لازمني ذلك الاحساس قبل أيام مضت , فكرت في تلك الليله , وتلك الطائره التي ظلت (تزنّ) في رأسي ذات مساءٍ قاتم , كنت ماضيا في طريقي الى بيت صديق , في ليلة متربه كثيفة الظلام وبينما انا كذلك , تناهى الى سمعي جئير مكتوم قادم من مكانٍ ما , رفعت بصري صوب سماء ام درمان فلمحت شبح طائره تخفى وتظهر وسط الظلام , لقد كان صوتاً حزينا جداً ذلك الصادر من جوف تلك الطائره , وكأنه ينعي الدنيا والناس والوجود ,, كان ذلك الصوت الحزين المنهزم يتباعد شيئا فشيئا ثم يعود أكثر قوة ,, وكأنها تتحرك في دائره واسعة تلك الطائره المنكوبه ,, مضيت في طريقي وبعدها لم ار اثرا لها . بعد قليل سمعت من خلال الراديو ان هنالك طائره قد سقطت في مكان ما بالقرب من الحاج يوسف , وعندها عرفت انها هي نفسها طائرتي التي كانت تحلق من فوق رأسي منذ قليل وذلك بعد ان تعذّر عليها الهبوط من شدة الغبار الذي كان يلفّ المدينه .
في الصباح كانت تنتظرني مفاجأه اخري , فقد تردد ان من ضمن ركاب الطائره أحد أقاربي , عجلت بالذهاب الى مشرحة مستشفى الخرطوم حيث نقل ضحايا الطائره المنكوبه ,, وعندما وصلت المشرحه , لم أقوى على الدخول فغفلت راجعا ,,, كانت هنالك حاوية قمامة بالقرب من المشرحه ومجموعه ممن نسميهم بالشماشه كانت تتقاتل على ما تحتويه من ملابس أظنها كانت لضحايا الطائره ,,, عندها فكرت وسط حزني ,, من الذي قدّ قلبه من صخر ؟ نحن أم الشماشه ؟ . في طريق عودتي توقفت عند أحد اكشاك الجرائد بالقرب من سينما كلوزيوم واشتريت جريده رياضيه نشرت عليها اسماء الضحايا ,, ويا للهول وجدت اسم قريبي بينهم,, وطفقت أردد ( لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ) كنت احوقل وأنا امشي مسرعا وأطالع الجريده غير مصدق ,, وفجأه انتبهت انّ هنالك من يسير خلفي ويطالع ما اقرأ من فوق اكتافي ,, التفتّ وعندها التقت عيناي بعيني شماشي ,, كان يطالعني في شفقه .
(عدل بواسطة Marouf Sanad on 08-11-2005, 01:16 AM)
|
|
|
|
|
|