|
|
 الجبهة الإسلامية: العدو المشترك
|
منذ بداية أحداث الإنفلات الأمني الأخيرة في مختلف بقاع السودان صباح الاثنين الأول من أغسطس وحتى تاريخه، لم يمنّ الله على سلطة حكومة الخزي والعار والخيانة بأي مبادرة للسيطرة على الأوضاع إلا من خلال الظهور الدرامي المحبوك لقوّات النجدة والعمليات وخلافها من مجموعات القوات النظامية الأخرى.
كما،
لم يمنّ الله على قادة الحركة الشعبية بما يؤكّد التزامهم تجاه الوطن وتجاه تعزيز الثقة وإرساء دائم السلام كشعار ظلّوا دوماً يؤكدون تمسكّهم به وتعهّدهم بمواصلة السير في دربه، سوى بالإنشغال الكامل والإنغماس التام في اجتماعات اقتسام التركة واعادة توزيع المناصب والأدوار.
الجبهة الإسلامية تتعمّد الصمت وتتلذّذ بلعب دور المتفرّج في انتظار تحقيق غاياتها وطموحاتها المريضة البغيضة المتمثّلة -على سبيل المثال لا الحصر- في تفشّي وباء الكراهية والبغضاء والإحباط بين ابناء وطن تثخن جسده جراح الهزيمة ومرارات اقتتال ابنائه وارتفاع مؤشر حصيلة الموتى بشكل رهيب؛ وطن لا يجد وجيعاً في فجيعته العظيمة بفقدان أحد أبنائه المخلصين الصادقين الفاضلين الأصيلين الدكتور جون قرنق الرقم صعب التجاوز في السياسة السودانية والأفريقية على السواء. البطل الذي انسحب من حياتنا في هدوء رهيب لا يتناسب وتاريخ مناضل أمضى أنضر سني حياته مقاتلاً جسوراً مدافعاً عن قضيته العادلة وهو لما يضع سلاحه بعد ولم يهنأ بطعم ثمرة نضاله المديد وفي توقيت لا نملك إلا أن نحمد الله على مكروه لا يحمد عليه سواه.
المستفيد الوحيد من تداعيات الأوضاع في وطننا الغالي هم الإنفصاليون.
وجميعنا نعلم بأن سلطة الجبهة الإسلامية الرعناء ليست حريصة على وحدة السودان ولا مصلحة مواطنيه وهي لا ترى بأساً في سيلان أنهر الدماء وإزهاق أرواح الأبرياء وانفلات الأمن مقابل تحقيق مقاصدها وأهدافها الرخيصة البغيضة المتمثلة في السعي الحثيث لتفتيت وحدة السودان وتهيئة البيئة المثلى لنمو طفيليات الإنفصال ودعاة الفرقة والظلام.
وموقف قيادة الحركة الشعبية ليس بأفضل ولا أجدى من موقف السلطة، فهي أيضاً لا تعر اهتماماً لما يحدث من انفلات وانفراط لعقد الأمن في البلاد وازهاق للأرواح وضياع للمتلكات.
لم يفتح الله على أياً من الطرفين بما يهدئ من روع الساخطين الغاضبين في الشارع ولا حتى بمجرّد الدعوة إلى اجتماع مشترك أو تكوين غرفة عمليات مشتركة تنزل من عليائها إلى الشارع وتبحث عن الحلول بين الجماعات المقتتلة والمحتربة في معركة الخاسر الوحيد فيها هو السودان.
ليس كافياً أن يكون دور سلطة الجبهة الشاذة هو فقط الإنتظار لاستلام بلاغ أو اخبارية بحدوث شغب –كما يحلو لهم تسميته- أو اشتباك بين المواطنين لتوجيه مجموعة من شرطة النجدة والعمليات إلى موقع الحدث وخلافها من القوى النظامية الأخرى لفضّ المشكل القائم والعودة إلى قواعدها في انتظار تحرّك آخر، فهذا دور يستطيع القيام به نفر قليل من مسئولي وزارة الداخلية، إنّه لأمر مخزي ومقرف وغير قابل للتصديق أن لا يكون لسلطة دولة تجثو على قلب الوطن كل هذا الزمان قدرة على اتخاذ فعل أكثر جديّة من هذا الموقف، وأنه في ذات لكنه أمر متعمّد ومقصود ويؤكّد تمسكها بمبدأ عدم التدخل في أمر يسير بشكل عفوي وتلقائي في اتجاه أهداف برامج الجبهة الإسلامية ضيّقة الأفق.
كما،
انه ليس كافياً أن يقتصر دور قيادة الحركة الشعبية على الإجتهاد بقدر الإمكان في عزل نفسها والابتعاد عن جماهيرها وقواعدها العريضة التي احتشدت بالأمس القريب بشكل دراماتيكي وفي جموع هادرة وغفيرة للترحيب بمقدمها إلى الخرطوم لتكملة مشوارها التاريخي بممارسة حقّها الذي انتزعته عبر تاريخ ملئ بالتضحيات الجسام وأرواح الكثيرين من خيرة أبناء هذا الوطن في سبيل مشروع السودان الجديد؛ فقط من أجل تعيين من يحلّ محل القائد العظيم الدكتور قرنق وإعادة توزيع المناصب والمقاعد والإكتفاء باصدار المناشدات الهزيلة للشارع السوداني بوقف العنف وضبط النفس وما إلى ذلك من الشعارات.
أقلّ ما يستحقه منّا الزعيم الثائر المناضل الأصيل الدكتور قرنق، هو أن نودعه بالشكل الذي يليق به وبما تركه فينا من إرث مبادئ وأسس إن تمسكنا بها لن نضلّ أبداً.. أن نودعه مثواه الأخير في ملحمة شعبية تاريخية تنصهر وتذوب بداخلها الأعراق والأديان والألوان في وحدة ظلّ همها يؤرّق منامه وبذل حياته الغالية ثمناً لتحقيقها.
فقط أود هنا التركيز على تقاعس كلا الطرفين، سلطة الجبهة الإسلامية الرعناء -وهو أمر ليس بمستغرب ولا جديد عليها- وقيادة الحركة الشعبية الجديدة التي ترغب في تعريفنا بنفسها بهذا الأسلوب.
لا أملك أخيراً إلا المناداة بأن يعلو صوت الحكمة والمنطق وتفويت الفرصة على أعداء الديمقراطية والسلام والإنتباه للدور القذر الذي تلعبه سلطة الجبهة الإسلامية الإنقلابية التي لم تكن يوماً حريصة على مصلحة ووحدة السودان وسيادة السلام وشيوع الديمقراطية بين أرجائه. والضغط على قيادة الحركة الشعبية ومطالبتها بإبداء ما يلزم من الجديّة والمصداقية تجاه مشروع السودان الجديد.
وختاماً.. نختلف ونتفق في التفاصيل لكن تظلً الطغمة الحاكمة في السودان هي المسئول الأول والأخير في كل ما يدور من أحداث وبكل تداعياتها المؤسفة وهذا أمر نحمد لله أنه لا يحتاج إلى لجان تحقيق دولية كانت أو اقليمية أو خلافه، فهو أمر واضح وجليّ.. وأن لا شيء يعفيها من مسئولياتها تجاه أمن وسلامة وصحة كافة المواطنين.. فانتبهوا أيها السادة ولا تدعوا البقر يتشابه عليكم ولا تسمحوا للجبهة الإسلامية بالإحتفال بتمرير أجندتها البغيضة عليكم وكفُّوا عن إثارة النعرات العنصرية والإنتقامية والإقتتال والإحتراب واعلموا أن عدوُّكم واحد مشترك، و..
اتحدوا في مجابهته وهزيمته.الجبهة الإسلامية: العدو المشترك
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست