|
لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1)
|
العدالة الانتقالية كطريق الى مستقبل أكثر عدالة وديمقراطية
تدل التجارب على أن لكل حالة وضعها الخاص وأن ليس ثمة نماذج عالمية حول كيفية مواجهة انتهاكات حقوق الإنسان الماضية أو حتى ضرورة مواجهتها. وفي الوقت نفسه، توجد مخاوف متشابهة يعبر عنها الضحايا واهلهم بعد الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان ، و فى حالة السودان بينما ترتفع اصوات المصالحة الوطنية ويتردد صداها كالعادة فى جنبات التسوية السياسية لازمة الحكم بالبلاد تطالب بعض الأصوات باهمية مواجهة الماضي ويأتى هذا المقال ليؤكد على هذه الاهمية ويدعو للعدالة الانتقالية فى عملية السلام والتحول الديمقراطى و مواجهة الانتهاكات السابقة لحقوق الإنسان ، وتشمل مبررات هذه الدعوة ضرورة السعى لتقوية الديمقراطية حيث أن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على أساس أكاذيب وافتراضات مفروضة ، وأن وجود جهودا مستمرة ومنظمة ومتسقة لمواجهة الماضي يمكن أن تؤدي إلى ديمقراطية أكثر قوة. ويتم ذلك بشكل كبير من خلال إرساء مبدأ المحاسبة ومن خلال بناء ثقافة ديمقراطية كما أن هناك واجبا أخلاقيا في التذكر، ولقبول الضحايا والاعتراف بهم كضحايا ، فنسيان الضحايا يعتبر شكلا من أشكال إعادة الإحساس بالظلم والإهانة و,ثمة مبرر آخر وهو أنه من المستحيل تجاهل الماضي أو نسيانه – فهو دائما سيطفو على السطح – لذلك من الأفضل إظهاره بطريقة بناءة وشافية ، و ما من شك أن وقف حرب جنوب السودان والتوجه نحو الحل السلمي للقضية هو عملية تدعو للارتياح والتفاؤل وخطوة صحيحة لوقف الحرب والاقتتال والآثار المدمرة في كافة مجالات الحياة وفى جميع بقاع البلاد ، ومع ذلك فان حقيقة الواقع السياسي بالبلاد و انفراد الحكومة والحركة الشعبية بحسم قضايا الحكم والثروة في ظل المناخات الإقليمية والدولية البالغة التأثير فى عملية التسوية الثنائية بين أقوياء الصراع السياسي المسلح بجنوب السودان باعتبار أن التسوية هي أولى متطلبات عملية السلام تثير الهموم حول مدى ارتباط التطورات المرتقبة بالعدالة ففي التجربة التاريخية ببلادنا كما في الوقت الراهن ظلت عقلية التجزئة هي التي تحكم مسارات الممارسة السياسية وتؤكد الكثير من الشواهد على ان القوى السياسية فى السودان لم تبلور محتوى حقوقي وعدلي متماسك في ممارستها ومواقفها التاريخية مما اسهم بدوره بشكل أو بآخر في استمرار الدوران في الحلقة الشريرة ما بين ديمقراطية قصيرة العمر وانقلاب طويل المدى عليها ونود هنا ان نثير مدى اهمية العدالة الانتقالية فى عملية التحول الديمقراطى و مدي أهمية ارتباط عملية السلام بالعدالة ، ونتساءل هل التسوية و(المصالحة ) تعني بالضرورة تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة أم هي رغبة في وقف القتال والانتقال بالصراع إلى ساحة مؤسسية في الحياة المدنية ؟ ؟ وهل اطراف التسوية المرتقبة لسلام السودان واتفاقيات الحل السياسي مع حكومة الإنقاذ كمصالحة وطي لصفحات تلك التكلفة الباهظة لمشروع الدولة الدينية للجبهة الإسلامية دون حساب ودون معرفة الحقائق ،، والتعبير عن الغضب أو الذنب، روح القصاص المتوازن أو الصفح ؟ وننطلق فى تساؤلاتنا هنا من قناعتنا بأن ليس هناك من ينكر أن السنوات الماضية من عهد حكومة الإنقاذ ملئيه بالأحداث الجديرة بعدم تجاوزها دون الوقوف عندها ودراستها ومعالجتها من منظور حقوق الانسان وحق الضحايا في رد المظالم وكشف الحقائق ، وعلي الرغم من أن تحليل خلفية ما حدث قد يتداخل فى مجالات السياسة والاجتماع والاقتصاد إلا أن معالجة تداعياته ونتائجه الراهنة فى حاجة لحركة حقوق وعدالة شعبية المطالب و المنابر مع بذل الجهد فى مختلف الجبهات ، ومازال من المتوقع من المنظمات المهتمة بحقوق الانسان والقانون والنشطاء المستقلين فى بلادنا والذين تراكم لديهم الكثير من الخبرات خلال الفترات السابقة المساهمة فى نهوض عميق واداء دورهم فى المرحلة القادمة بصورة أكثر فاعلية وذلك عبر اقتراح وتفعيل اليات كشف الحقائق و العدالة والمصالحة ، من منطلق ان من حق الشعب معرفة ما الذي حدث ومن سيسامح من ؟ ولاشك أن الصفح والرغبة فى الانتقام هما عنصران يمثلان جزءاً مشروعاً من عملية المصالحة التى ينبغى ان تقوم علي حرية الاختيار لا على التوقعات المفروضة ، وافضل ما يمكن أن تقدمه مثل هذه الدعوة للعدالة من هذا المنطلق هو العمل علي تحقيق العدالة الشاملة فى ظل سيادة القانون واستقلال السلطة القضائية واحترام حقوق الانسان مع صون كرامة الجناة والضحايا علي السواء ، فمعرفة الحقائق حول جرائم حقوق الانسان بقدر ما تهيئ أرضية لاحترام تجارب الآخرين فأنها من الأهمية بمكان لمعرفة العناصر البنيوية فى تركيبة اجهزة الدولة التى أدت لحدوث مثل هذه الاخطاء والمساعدة في عدم تكرار نفس الاخطاء فى المستقبل ، فكما تؤكد الدراسات المستندة لتجارب الماضي وطرق المعاملة الحالية في الحاضر كأساس نحو حلول مستقبلية أن الاختلاف في فهم المعاملة المنصفة يؤثر على تشكيل مفهوم الانسان عن العدالة فالكيفية التي ينظر بها الأفراد أو الجماعات للطرق التي يعاملون بها تؤثر بالضرورة على تشكيل سلوك يتسم بروح التعاون أو المقاومة الأمر الذي يؤثر تأثيرا قويا على أي عملية لبناء واستقرار السلام والديمقراطية بالبلاد .
وللمقال بقية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | عبدالعظيم محمد أحمد | 07-03-05, 07:23 AM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | الواثق تاج السر عبدالله | 07-03-05, 07:56 AM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | عبدالعظيم محمد أحمد | 07-03-05, 08:22 AM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | hanadi yousif | 07-03-05, 08:57 AM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | الواثق تاج السر عبدالله | 07-04-05, 04:26 PM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | Imad El amin | 07-04-05, 04:48 PM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | الواثق تاج السر عبدالله | 07-04-05, 05:52 PM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | الواثق تاج السر عبدالله | 07-04-05, 05:55 PM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | الواثق تاج السر عبدالله | 07-04-05, 05:58 PM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | عبدالعظيم محمد أحمد | 07-05-05, 07:34 AM |
Re: لماذا يجب علينا أن نواجه الماضي؟ (1) | عبدالعظيم محمد أحمد | 07-18-05, 08:41 AM |
|
|
|