|
Re: كتاب عثمان محمد صالح (Re: Frankly)
|
Quote: قـصة قـصيرة
مـاجـد لـينا : سـاقـية الـبار الجـبـلي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يـتـذ كـرُ الآن، جـيّداً، ويـسـتدعـي تـفـاصـيـل ما وقع قـبـل سـنوات ٍ بعـيـدة :
في تـلك الأمـسـية الـقـارسـة الـبـرودة ( عـلى غـير العـادة)، في أواخـر شهـر فـبرايـر ،
كان صـوت المطر المـتسـاقـط بغـزارةٍ وعـنفٍ وهـو يـتغـلغـل في صـبر ٍ وعـنادٍ بين
ذرات الـتـراب و يجـلـد ـ في قـسـوةٍ لم تـلـن طـوال اللـيـل ـ أحجـار الجـبـل، يـشكّـل
الموسـيقى الخـلفـية لكـلمات" مـاجـد لـينا" ساقـية الـبار، ذات اللكـنة الريـفـية الألـيـفـة
المـمـيّـزة لفـلاحي الضواحي المحـيطة بمدينة "رُوسي" الواقـعة عـلى نهـر الدانوب*،
وهـي تـشـق الطريـق المـسـدود، وتـخـتـصـر المـسافـات السـحـيقة إلى قـلـبه ثـم تـفـلـقـه
الى نصـفـيـن!
حـدث كل ذلك عـندما جـلسا يثرثران، طويلاً، بصحـبة قـنـّيـنةٍ مُـتـرعـةٍ بالفـود كا، وقـد
خلا البارالصـغـير مـن الروّاد، عـلى مـقـربةٍ من مـدفـأةٍ عـتـيـقـةٍ تعـمل عـلى تـدفـئة
المكـان المـتواضع بالنار المـشـتعـلة في قـطع الأخـشاب ، وذلك بعـد مُـضيّ نصـف
الـساعة عـلى وصـولهـما، مُـبـللي الـثـياب ، مُـرتعـدي الأجـساد مـن شـدّة الـبرد، إلى
مـنـتجع " بَـور" الجـبـلي ، الرابـض مـثـل كائـن ٍ مُـوشِـكٍ عـلى الطـيـران، عـلى قـمة
جـبل" فـيتوشا" بإرتـفـاع يـبـلغ ال 1650 متر فـوق سطح الـبحـر*.
كان قـد وصـل إلى المـنتجع الهاديء، بـرفـقـة صديقـته البلغارية " تاتـيانا"، بعـد أن
قـذفـهـما الباص الجـبلي ـ كما كان يُسـمّى، لأنـه يـربط مدينة" صـوفـيا" بالـقـرى
المـنـتـشـرة عـلى صفـحة الجـبـل ـ مـن جـوفـه ، عـند آخـر محـطة لـه تـدعى
" زلاتـنـي مـوسـتوفـي" * تبعـد عـن المـنـتجع قـرابـة الأربعة كـيلومـترات في
حال إتخاذهـما السـكّـة الرئيسـية المعـبـّدة و الثلاثة كـيلومترات ــ إذا ما إسـتـقـلاّ
الطرقات الحجـرية المـتعـرّجـة ــ حـسـبما أخـبرتهـما لاحـقـاً، ماجـد لـيناــ لكـنهـما
ولجـهـلٍ مـطبـق ٍ بتضاريـس المكان الجـديد، لـبـثـا يـدوران بلا هـدي، تحـت د فـقـات
المطر ، الأمـرالذي إقـتضى مـنهـما قـرابة الساعـة لحـيـن العـثـورعـلى المـنـتجع .
وحـيـن عـثـرا سـويّـاً عـلى المـنـتجع ، عـثـر هـو ــ لوحـده ــ عـلى ماجـد لـيـنا، لأنّ
صـديقـته رفـضـت الخـروج من الحجـرة وأخـلـد ت للنوم فـور إسـتـلقـائها عـلى
الفـراش الدافيء.
غـمـره العـثور عـليها بسعادة ٍ، غامـضةِ الأسـباب ِ،لا توصـفُ، وكأنه كان يـنـقــّب
عـنها طيلة السـنوات التي إنصـرمـت من عـمـره دون أن يُـدرك ذلك. تـرى ما
الذي دفع بماجـدلينا إلى فـلك إهـتمامه وهـو الذي كان يصـطحـب صـديـقـته
لقـضاء عـطلة نهـاية الأسـبوع مـعـاً؟ ــ ظـلّ يتسائـل ، في حيرةٍ طوال السنوات التي
أعـقـبت الأحـداث. أيّ ماءٍ ساكن ٍ، في بحـيرة دواخـلـه، حـركـته عـصاة فـتاة مـسـتوحـدةٍ،
ذات مَلاحـةٍ عاديّةٍ، وضحكةٍ خـفـيـتةِ الصوتِ، خجـلى، فـيّـاضة بالـتأسـّي، وتخـلو
تماماً من ذلك الرنـيـن الباعـث للإهـتمام، وشـفـتـيـن شاحـبـتـين تـفـتـقـران للجاذ بـية
ولا تغـريان بالـُقــبـّل، و جـسـدٍ مائـل ٍ للسُـمـنة بعـض الشيء، وقـامـةٍ قـصـيرةٍ
وخـصلاتِ شـعـر ٍ لا هي بالحـمـراء ولا الشـقـراء؟!. إمـرأة بهـذا الوصـف لـو
رأى وجـهـها مُـطِـلاً عـلـيه من أحـد بورتريتات" حـد يقـة الـفـنانـيـن" في"سـنـتـر"
صـوفـيا لمـا إسـتوقـفه ولـفـت إنـتـباهـه عـلى الإطلاق، لكـنهـا هـنـاك في ذلك
المـنـتجع المسـتوحـش، وهي تجـلـس في هـدوءٍ واثـق ٍ ومُـعـدٍ داخـل الـبار
المُـصـمّـم من أخـشـاب الصـنـوبـر، هـناك حـيث الأشـياء، كل الأشـياء، تـنطق
بالعـراقة والقـِـد م ، مُحـيـلةً إلى ذلك الإرتـباط الحـمـيـميّ بأسـرار الطبيـعـة
وكـنوزها المـد سـوسـة في بـطن الجـبـل. إنـهـا هـناك شيء آخـر يـكـتـسـب
لـونه و ملـمـسـه و رائحـته و نكهـته و فـتـنة أنـوثـته الآسـرة مـن شـاعـريـةِ
الطقـس المحـيـط. ربماهـو الصمـت الكـثـيـف يـطوّق أرجـاءَ المكان ِ، يـطـّوف ــ
كـغـمامةٍ قـوامـها أريـج الصـند لـية وبـخـار الأنفـاس المـضـطربة و أدعـيّة الـنـظرات
المـلـتـحـمـة والـند الـمحـروق ــ فـوق ظلال الرؤوس المـتـقـاربـة والكؤوس
المـتـقـارعة والسـكوت البلـيغ، يدغـدغ الأعـصاب التي أنـهـكها الـتـوتـر
وإسـتهـلكـتـها حُـمى الصـراع ، مُـضـفـياً عـلى الأشـياء طابعه الخاص.
ربما هي عـزلة ماجد لينا والتي هي قـطعة من عـزلة الجـبـل. أوهي الرغـبة
في التغـيـير مُــلـخـّصةً في الـتعـرّ ف عـلى فـتاةٍ أمضـت تسعة أعـوام من
سـني شـبابهـاـ بـلا إنـقـطاع ـ بـين جـدران المـنتـجع السابـح في السـكـينة
بـين " ممالك" الأشـجـار المـُعـمـّرة و الطيور والوعـول والثـعـالب
وأنـواع أخـرى من الكائنات الصغـيرة المخـتـبـئة، جـُل الوقـت، بـيـن
الأحـجار والـبـصـل الـمـتوّحـش والأزهـارالغـريبة الأشكال والشـذى
و التـوت و الـفـراولة البـرّيـة التي تسـقـيها و تـرعـاهـا أيـادي الرب.
ربما هـي رهـبـة الـجـبل الخـالي من البشـر ، في ذلك الوقـت من السـنة ،
إلاّ إذا إسـتـثـنـيـنا قـلة من الشـباب يمضون فـيه ليلة أو ليلتين ثم يـنحـدرون
سـراعـاً إلى صـخـب الحـياة الـفـوّارة في حـدائق ومـقـاهي وحـانات ومراقـص
صوفـيا، وإذا إسـتثـنـينا أيضاً حـفـنة من الكـهـول يـأتـونـه طـلـبـاً للهـدوء
و راحـة البال و الهـواء النظيف والمـزيـد من العـمـر.أو ربما كان الدافع
الباطني المحـرّك لإهـتمامه هـو مـحاولة إكـتناه سـر المكان الجـديد
بـتـواريخ أفـراحـه وأتـراحـه من خـلال السـرد الحـيّ عـلى لسـان فـتاة
ضـاقـت بـهـا سُـبـُل الـعـيـش في المـدينة المـذ دحـمة فـأسـلمـت قـدمـيـها
الغـضـتـيـن لـطـريـق الـجـبـل!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هـامـش :ـ
* رُوسي : ميناء بلغاري ، يقع عـلى الحـدود مع رومانيا
* فـيتوشا : أحـد الجـبال المحـيطة بـمـدينة صوفـيا عاصمة بلغاريا
* زلاتـني موسـتوفي : تعـبـير باللغة البلغارية يمكن ترجـمته الى: الجـسـور الذهـبـيـة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عـثمان محمد صالح
|
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 10:16 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | nada ali | 06-07-05, 10:41 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 11:56 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Osman M Salih | 06-07-05, 10:54 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | ولياب | 06-07-05, 10:59 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 12:10 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Osman M Salih | 06-07-05, 10:59 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | newbie | 06-07-05, 11:17 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 12:11 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 12:01 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Osman M Salih | 06-07-05, 12:17 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Osman M Salih | 06-07-05, 01:58 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 11:56 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | waleedi399 | 06-07-05, 11:27 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-07-05, 12:13 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | معتز تروتسكى | 06-07-05, 12:15 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Osman M Salih | 06-07-05, 02:01 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 11:58 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | عمر ادريس محمد | 06-07-05, 11:02 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | banadieha | 06-07-05, 11:27 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Sidig Rahama Elnour | 06-08-05, 00:43 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Sidig Rahama Elnour | 06-08-05, 02:13 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 05:24 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 12:07 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 12:04 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 11:59 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | alfazia3 | 06-08-05, 08:59 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 12:11 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | هشام مدنى | 06-08-05, 12:07 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-08-05, 12:13 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | محمدين محمد اسحق | 06-08-05, 12:16 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | خالد عويس | 06-08-05, 12:25 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-09-05, 00:11 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-09-05, 00:10 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Elnasri Amin | 06-08-05, 12:22 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | محمدين محمد اسحق | 06-08-05, 12:50 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-09-05, 00:12 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | alfazia3 | 06-09-05, 06:05 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-09-05, 10:43 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-10-05, 04:00 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-10-05, 02:17 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | alfazia3 | 06-10-05, 05:19 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | banadieha | 06-10-05, 11:38 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | محمد عبدالقادر سبيل | 06-11-05, 00:06 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | jini | 06-11-05, 00:21 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 03:10 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 03:09 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 03:05 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 03:02 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | نهال كرار | 06-11-05, 03:21 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 04:22 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-11-05, 05:52 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Elawad Eltayeb | 06-11-05, 08:01 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Faisal Taha | 06-11-05, 01:46 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-12-05, 06:35 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-12-05, 04:11 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | alfazia3 | 06-11-05, 11:38 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-13-05, 01:12 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | قرشـــو | 06-12-05, 01:12 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Elawad Eltayeb | 06-12-05, 09:27 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Faisal Taha | 06-12-05, 01:24 PM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-13-05, 02:08 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-13-05, 02:05 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-13-05, 01:18 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | alfazia3 | 06-13-05, 00:18 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-13-05, 02:10 AM |
Re: كتاب عثمان محمد صالح | Frankly | 06-20-05, 03:05 AM |
|
|
|