السلام عليكم هذه قصة حقيقية حدثت بتفاصيلها وأود ان استرجعها وأعيد قراءتها مجددا مع الأخوة المكان : مدينة جدة – المملكة العربية السعودية الزمان : 3مارس الموافق 28 رمضان الساعة 10 مساء الخميس
تلفت يمنة ويسرة لا يدري ماذا يفعل، وصدى إجابة الموظف يتردد في أذنه : لا يمكنك صرف هذه الشيكات إلا بعد مراجعة البنك يوم السبت وربما الثلاثاء اذا كان السبت عيدا... يومان كاملان وربما خمس..أين يقضيهما وماذا يفعل وهو لا يحمل الا ريالات معدنية معدودة كادت كابينة التلفون أن تبتلعها مع محاولاته الملحة للتواصل مع أقربائه في هذا المكان وفشله المتكرر، فأرقام التلفونات التي سجلها على عجل حين مغادرته السودان إما خاطئة وإما أرقام لتلفونات عمل لم ولن تستجيب قبل السبت الذي حدده الموظف وهو أول أيام العمل الأسبوعي في المملكة. أحس بنظرات أمه وأخته ألقلقي وكأنهما أحستا بما يحدث رغم حرصه أن يظل متماسكا إمامهما وكأنهما شعرتا بأن سؤاله سيزيد متاعبه فلاذتا بالصمت. استرجع شريط اليوم الحافل بالأحداث عندما استيقظ لم يكن يخطر بباله انه وبنهاية يومه سيكون في بلدٍ آخر ولكن الأحداث تتابعت وبسرعة وكأنها خرزات سبحة محبوكة لتزج به في هذا الموقف . كان يستعد للذهاب للعمل عندما اتصلت به بنت أخته لتبشره إنها استطاعت أن تستخرج له تأشيرة العمرة -وما أصعبها تلك الآيام- كمرافق لأمه وأخته وعليه أن يكمل الأوراق بأذن خاص من وزارة الصحة ليسمح له بالمغادرة . ..لم يستطع الحصول على الأذن المطلوب ، رجع متعبا ، جائعاً، عطشاً و غضباً على هذه القوانين التي تٌفصّل ما بين يومٍ وليلة لتحرمه من حقه في السفر لا لشيء إلا لان احدهم يرى أن مصلحة الدولة وربما مصلحته الشخصية في منعه من السفر.. وتتابعت المشاهد ...بعد مداولات عائلية سريعة قرروا المحاولة فلن تضيرهم المحاولة شيئا وقبل الإفطار كان موعد الطائرة . لم يأخذ معه حقيبة فقد سمع الكثير عن تشدد الضباط الصارم في منع الناس من السفر وكأن لهم ثأرا قديماً معهم فلم يتعب نفسه بتجهيز حقيبة او تسجيل تلفونات بل اوصي مرافقيه بالانتظار حتى يرجع معهم عما قليل ليلحقوا إفطار اليوم الثامن والعشرين من رمضان ..... ربما الصيام ربما مواعيد الطائرة (المشاتر) ربما ما قاله للضابط المناوب -الحريص على الأفطار اكثر من حرصه على التقيد بالقوانين- من كلام لم يفهم الضابط منه شيئا وهو نفسه لم يفهم شيئا مما قاله وربماالآية التي ظلت اخته ترددها ( وَجَعلَنا مِن بَينِ أَيديهم سَدَاً وَمِن خَلفِهِم سَدَّاً فَأَغشَِيناهُم فَهُم لَا يُبصِروُن ) ولكنه لم يصدق نفسه عندما وجد نفسه و أمه وأخته جلوساً على مقاعد الطائرة يتلفتون خشية أن يغير الضابط رأيه بعد أن اشبع جوعه وابتلت عروقه بالماء.
يتبع
وما الناس إلا هالك وأبن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة