الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى
|
" من عاشر الناس بالمسامحة , دام استمتاعه بهم " ابو حيان التوحيدى " إن العصبية هى أن يرى الرجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين" احمد بن الطيب
ما ان يعتلى الإمام المنبر و تبدأ خطبة الجمعة المعهودة وبعد الصلاة على النبى و صحبه حتى يصب الخطيب جام غضبه على بلاد الكفر و اصفا اياهم باقذع النعوت و محرضا جموع المصلين على قتالهم اينما ولوا و حلوا. فهم أس البلاء و مكمن كل داء و سبب ما يعيشه المسلمون من ضياع وتيه وهم الذين يحيكون الدسائس و المؤامرات أناء الليل و كل النهار. وبعد أن ينال الكفار الغربيين ما قسم الله لهم من سباب تدور الدائرة على اليهود فينالوا حظهم من الكراهية و شحنات البغضاء ثم يختم خطبته بالدعاء عليهم وآخرين ثم الدعاء بالنصر و التمكين للمجاهدين فى كل مكان افغانستان, الشيشان, العراق وفلسطين. والدعاء التمكينى هذا قابل للتعديل حسب متطلبات السياسة و تقلب احوال الزمان و المكان متوجها صوب ما تحمله نشرات الاخبار اليومية من تفجير و احزمة ناسفة وعبوات وسيارات مفخخة. مرة الدعاء للبوسنة والهرسك ثم الشيشان و كشميرو احيانا المجاهدين فى السودان _ يا حليلهم. وهكذا تصبح بلاد المسلمين منابع لانتاج ثقافة الكراهية و استعداء الغير, هذه الثقافة التى اصبحت الخطاب الاسلامى البديل عن التسامح والمحبة والإخاء والتعايش السلمى بين الشعوب. هذه الثقافة الناسفة_ إن جاز لنا تسميتها كذلك_ ليست وليدة الصدفة او هى مجرد افكار شريرة تروج لها فئة شاذة كما يصور البعض. وانما هى انعكاس لحالة الخلل البنيوى و العطب الذى اصاب خطاب الشعوب المسلمة و مؤسساتها, وشل حركة التفاعل الفكرى داخلها وخارجها واصبحت هناك مؤسسات رسمية وشعبية لا شاغل لها سوى انتاج و اعادة انتاج و تسويق ذهنية الذبح و القتل والانتقام, واستحسان كل فعل تدميرى من شأنه ان يباعد الشقة بين البشر و يمنع تواصل الشعوب الانسانى. قلنا ان ثقافة الانتقام و كراهية الأخر اضحت بلغة العلم النفسى الحديث ما يعرف بالزينوفوبيا( xenophobia) وهى منظومة فكرية متسقة ومتكاملة تسهم فيها اجهزة الدولة بوعى تام منها و اتقاء لصدام سياسى يمكن ان يسببه الاسلام ( التفجيرى) لجهاز الدولة نفسه. فتقوم الدولة بدعمه و تمويله ماديا من دافعى الضرائب عامة الشعب وبتوفير وسائل الاعلام الضرورية لبث الافكار و انتشارها. هذا التواطؤ يضمن بقاء جهاز الدولة دون اذى طالما ان الطاقات الانتقامية الغاضبة تم توجيهها نحو الخارج_ الاخر. فتؤسس الدولة المنظمات الطوعية والجمعيات الخيرية و الدعوية لا لأجل نشر الفضيلة و الخير والسلم العالمي, بل لإزكاء نار التعصب الدينى وهدم قيم الانسانية. الأخر يتم الدعاء عليه و لنسله بالهلاك بقوة إلهية لأننا عجزنا عن هزيمته ثقافيا وفكريا وتكنولوجيا او على اقل تقدير اللحاق بركب حضارته الانسانية. فلا سبيل للتمكين سوى الدعاء عليه بالفناء حتى نرث منجزاته العلمية و الحضارية هكذا دون عناء, لان العناية الالهية دوما فى صفنا نحن العجزة. ولاننا خير الاقوام وكأن هذه الدنيا لا تحتمل ان يظل على بسيتطها الا قوم دون قوم وعقيدة دون عقيدة. هكذا تتأسس لغة الاستعلاء الدينى و العرقى وتستشرى كفرضية جديدة تحل محل العقيدة النقية التى تدعو الى التسامح و التعايش السلمى.
الغرب و امريكا ظل الغرب هدفا لسهام الاصولية الاسلامية لفترة طويلة واصبح اليوم التحدث عن ايجاد صيغة للتعايش مع الغرب هو المرادف للكفر و الخروج عن الملة بموالاة غير المؤمنين. فهذا الغرب فى نظر الخطاب الاسلامى هو منبع الشرور او الشيطان فى نسخته الحديثة . وفى ذات الوقت نجد ان أواخر ثمانينات و تسعينيات القرن الماضى شهدت هجرات من كل بلاد المسلمين نحو بؤرة الشرور_ الغرب. فكل اسلامى ضيقت الانظمة السياسية الخناق عليه وجد فى الغرب ملتجأ. ولان الغرب علمانى التوجه لم يدرك خطورة الهجرات الاسلامية الوافدة ولم يدرك خطر الاسلام السياسى على مؤسساته المدنية والحقوقية التى ارسى قواعدها على مدى قرون من الصراع مع الكنيسة. توافدت جموع الاسلام السياسى حاملة امال واحلام باقامة مشروع يفوق حدود الكون سعة وعاشت فى مجتمع قدم لها كل شى و لم تقدم له سوى احتقار ثقافته وازدراء عقيدته. انتفع الاسلام السياسى بكل شى لجؤ , اعانات شهرية, ديمقراطية تكفل لهم ممارسة شعائرهم الدينية _ هذه الحرية التى منعوا غيرهم من ممارستها فى بلدانهم. إن ازدواجية النظرة والمعيار التى يعيشها كادر الاسلام السياسى فى الغرب يمكن وصفها بأنها ميكافيلية بكل ما يحمل المصطلح من دلالات. الرغبة فى الانتفاع من الاخر و احتقار ثقافته ودينه فى ذات الوقت.
اليهود هم الدسيسة تمشى على ساقين بين الناس كما يعتقد الاسلام السياسى وكما هو مدون فى الكتاب منذ الازل. فلا تصالح. ويكفى ان يكون الفرد يهوديا لتحل عليه كل اللعنات السماوية . انها لعنة اوديب التى طاردته حتى الممات و طاردت نسله من بعده. لعنة باختيار الالهة لا بيد اوديب.ولا يكفى اليهودى ان يؤمن بالتعايش السلمى مع الاخرين وان يدين الدولة الاسرائيلية وان يقر بحق الفلسطينيين فى ارضهم . صورة اليهودى فى مسرحية شكسبير ( تاجر البندقية) يجب ان تكون حاضرة على مدى التاريخ لاننا لا يمكن ان نعيش دون هذه الاسطورة ولا يمكننا صياغة ذاتنا و ثقافتنا بمعزل عن تجدد حضورها فى مخيلتنا. فلكى نكون خير امة, يجب ان يظل الاخر هو اسوأ امة على الدوام. و لكن التناقض فى الخطاب الاسلامى الذى يرتكز على العداء المتأصل لليهود كجنس يقع فى نفس الشراك التى نصبها للاخر. كان رفض الاستعلاء الدينى و العرقى لليهود تاريخيا قائما على رفض و استهجان فكرة شعب الله المختار الذى اصطفاه الاله دون غيرهم بمحبته و مكن لهم فى الارض من خيراتها و نعمها. يعود اليوم الخطاب الاسلامى لاستهلاك هذه الفرضية التى رفضها عند الاخر مما اوقع هذا الخطاب فى تناقض مفضوح. لا بديل لمثل هذه الخطابات و المشاريع الفكرية اللامتوازنة غير الاعتراف بحق الاخرين فى الاعتقاد دون استعلاء دين على اخر, وتأكيد التعايش الذى يؤمن الانسجام لهذه الاديان دون صراع فتاك يودى بإحداهما . فهذا الكون ليس ضروريا فيه ان تحل الصراعات بفناء طرف من الاطراف. وللوصول لمثل هذه الصيغة التسامحية , يجب انتاج بدائل خطابية جديدة تدعو الى قيام مؤسسات ثقافية تنبنى على قيم وافكار جديدة تضمن حقوق الكل فى الحياة الكريمة.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-01-05, 05:58 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | خالد العبيد | 07-01-05, 06:21 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | هاشم نوريت | 07-01-05, 06:43 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-02-05, 07:03 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-02-05, 06:45 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | Murtada Gafar | 07-02-05, 07:05 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-02-05, 07:38 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-03-05, 05:10 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | صلاح شعيب | 07-03-05, 08:07 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-04-05, 07:55 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-09-05, 06:06 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمود الدقم | 07-09-05, 06:41 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-17-05, 04:55 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | اميري باراكا | 07-17-05, 05:22 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | اميري باراكا | 07-17-05, 01:45 PM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-20-05, 00:14 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-20-05, 00:10 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | Mustafa Mustafa | 07-20-05, 01:12 AM |
Re: الأخر, التعايش, التسامح..... كلمات مفقودة فى خطاب الاسلام السياسى | محمد اشرف | 07-21-05, 05:54 PM |
|
|
|